Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يصف التظاهرات العنيفة في ويسكونسن بأنها "إرهاب داخلي"

تشهد الولايات المتحدة انقساماً حاداً وسط توترات سياسية وجدل حول الأسلحة النارية

الرئيس ترمب خلال زيارته مدينة كينوشا في ولاية ويسكونسن الثلاثاء 1 سبتمبر الحالي (أ ف ب)

أوقعت المواجهات التي حدثت على هامش تظاهرات مناهضة للعنصرية ثلاثة قتلى في الولايات المتحدة، حيث يثير هذا الملف الشائك الانقسامات داخل المجتمع، وتؤججه أزمات صحية واقتصادية مترافقة مع انتشار كبير للأسلحة النارية، محدثة مخاوف من وقوع الأسوأ مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي الأميركي في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

"إرهاب داخلي"

وزار الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الثلاثاء، مدينة كينوشا في ولاية ويسكونسن، بعدما اتهمه منافسه الديمقراطي جو بايدن بـ "تأجيج" الاضطرابات العرقية والاجتماعية، التي تلت إصابة أميركي أسود يدعى جايكون بليك بجروح بالغة، إثر إطلاق شرطي أبيض سبع رصاصات على ظهره.

واعتبر الرئيس الأميركي خلال الزيارة أن التظاهرات العنيفة ضد الشرطة في المدينة أعمال "إرهاب داخلي" ارتكبتها عصابات عنيفة. وقال ترمب "هذه ليست احتجاجات سلمية بل هي في الواقع إرهاب داخلي".

وكان حاكم ولاية ويسكونسن الديمقراطي توني إيفرز، طالب ترمب بعدم المجيء، خوفاً من أن "تؤخر زيارته المصالحة" مع السكان الذين لا يزالون "تحت الصدمة".

جلطة دماغية

من جهة أخرى، نفى ترمب  أن يكون سبب الزيارة المفاجئة التي قام بها إلى المستشفى العام الماضي هو إصابته بسلسلة "جلطات دماغية صغيرة"، مؤكّداً أنّ هذه الادّعاءات "أنباء مضلّلة".

وكان ترامب قام بزيارة مفاجئة إلى مركز والتر ريد الطبي في نوفمبر 2019. ولأن الزيارة لم تكن مقرّرة مسبقاً فقد أثارت تكهّنات بشأن احتمال أن يكون واجه مشكلة صحية خطيرة، على الرغم من تأكيد البيت الأبيض يومها أنه كان يجري فقط فحوصاً طبية سنوية في وقت مبكر.

لكنّ شبكة "سي إن إن" ذكرت الثلاثاء أن كتاباً جديداً للكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز" مايكل شميدت أورد أن نائب الرئيس مايك بنس وُضع "على أهبّة الاستعداد لتولّي صلاحيات الرئاسة موقتاً" في حال اضطر ترمب للخضوع إلى تخدير طبي خلال الزيارة.

تكريم قوى الأمن

ويُفترض أن يكرم ترمب قوات الأمن مردداً خطابه الأمني المتصلب، في وقت بات شعار "القانون والنظام" يتصدر حملته الانتخابية قبل شهرين تقريباً من الاستحقاق الرئاسي.

وقال الرئيس خلال مؤتمر صحافي الإثنين، "علينا أن نعيد الكرامة والاحترام إلى شرطيينا"، مضيفاً "هناك أحياناً شرطيون سيئون... لكنهم أحياناً أخرى يتخذون قرارات سيئة وحسب"، في تصريحات بدت وكأنها تخفف خطورة تجاوزات الشرطة بل وتبررها.

وأوضح ترمب أنه لن يلتقي عائلة جايكوب بليك، قائلاً إنه رفض التعامل مع محاميهم. واكتفى بالقول "تحدثت إلى قس العائلة"، ووصفه بأنه "رجل رائع". ورداً على الذين يعتبرون أنه يصب الزيت على النار بزيارته، قال ترمب إن خطوته "تثير أيضاً الحماسة والحب والاحترام لبلدنا".

في المقابل، نفى والد جايكوب بليك كلام الرئيس، مؤكداً لشبكة "سي أن أن"، "ليس لدينا قس للعائلة، لا أدري من الذي تحدث إليه، وهذا لا يهمني". وقال إن عائلته تلقت تهديدات واضطرت للانتقال إلى فندق آخر. وقال محامي عائلة بليك، بين كرامب، "لا نريد أن يُعرف مكان سكنهم"، موضحاً أنهم "يتلقون اتصالات تهديد في غرفة الفندق، وعلينا أن نحميهم من ذلك لأن هذا غير مقبول".

بايدن يهاجم ترمب

وفي ظل اشتعال الأوضاع، يتقاذف ترمب وبايدن المسؤولية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية. وخلال تجمع في بيتسبورغ في ولاية بنسيلفانيا الأساسية في الانتخابات، قال بايدن الإثنين إن ترمب "يعتقد ربما أن إطلاق كلمتي قانون ونظام يجعله قوياً، لكن فشله في دعوة مناصريه إلى الكف عن التصرف كميليشيا مسلحة في البلاد يظهر لكم إلى أي حد هو ضعيف".

وتابع نائب الرئيس السابق في عهد باراك أوباما، أن ترمب "يؤجج النار" وهو "حضور سامّ في بلادنا منذ أربعة سنوات"، متهماً إياه بـ "تسميم قيم" الولايات المتحدة. وأكد أن ترمب "لا يستطيع وقف العنف لأنه تسبب به طوال سنوات".

وبعد تجميد نشاطاته الميدانية في مارس (آذار) الماضي، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، فعّل بايدن حملته بهذه الرحلة الأولى بالطائرة، مستأنفاً زيارة الولايات الأساسية التي تحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية.

التنديد بالصدامات

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واختار المرشح الديمقراطي مبارزة ترمب في أبرز عناوين حملته المنادية بـ "القانون والنظام"، في وقت يتهم الرئيس الأميركي منذ أسابيع خصمه والمسؤولين الديمقراطيين بالتساهل مع الشغب.

وحرص بايدن على التنديد بالصدامات العنيفة التي وقعت على هامش التظاهرات، قائلاً "النهب ليس تظاهراً. إضرام النار ليس تظاهراً. لا شيء من كل ذلك له صلة بالتظاهرات. إنها فوضى، نقطة على السطر". لكنه أكد في الوقت ذاته أن ترمب "لم يتمكن من حماية أميركا" التي تواجه وباء أودى بأكثر من 180 ألفاً من مواطنيها، وأزمة اقتصادية حادة نجمت عن الوضع الصحي، وموجة احتجاجات حاشدة ضد العنصرية.

وتابع بايدن الذي يتقدم على ترمب في استطلاعات الرأي، "والآن يحاول أن يخيف أميركا. كل حملته الانتخابية تختصر بكلمة واحدة: الخوف".

ورد المرشح المعتدل (77 سنة) على الرئيس الذي يتهمه بأنه "دمية" بأيدي اليسار المتطرف، قائلاً "تعلمون تاريخي، تاريخ عائلتي. اسألوا أنفسكم إذاً: هل يبدو عليّ أنني اشتراكي راديكالي يؤيد من يمارسون النهب؟ بجد؟".

إلا أن ذلك لم يمنع ترمب (74 سنة) من الرد باتهام خصمه الديمقراطي باتباع "البرنامج ذاته"، مثل "مثيري الشغب العنيفين"، و"باستخدام حجج المافيا بأن الغوغاء ستدعكم وشأنكم إن أعطيتموها ما تريد".

خطر الصدامات المتصاعد

وتعرض كل الشبكات التلفزيونية الأميركية بشكل متواصل مشاهد الحراك التاريخي ضد العنصرية وعنف الشرطة تجاه السود، الذي تتخلله أحياناً أعمال شغب، ومشاهد الفتى المسلح المناصر لترمب والمتهم بقتل شخصين في ويسكونسن، وصور قافلة من مئات السيارات لمؤيدي الرئيس الأميركي أثناء عبورها السبت مدينة بورتلاند، حيث قتل أحد أنصار ترمب.

ويشكل كل ذلك مزيجاً متفجراً في بلد يعاني انقساماً سياسياً حاداً، ويقر في دستوره الحق في حمل السلاح، فقد استخدمت الأسلحة مجدداً في نهاية الأسبوع في بورتلاند حيث تدور مواجهات بانتظام بين ناشطين من اليسار المتطرف وقوات الأمن، منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وهذه المرة وقعت الصدامات مع مجموعة من مناصري ترمب، وعلى هامشها قُتل رجل ينتمي إلى مجموعة محلية من اليمين المتطرف في ظروف لا تزال غامضة.

وأعلن المحلل المختص بشؤون اليمين المتطرف الأميركي سبنسر سانشاين، أنه ستكون هناك "حوادث إطلاق نار أخرى" حتى يحين موعد الاستحقاق الرئاسي. وأضاف "ستزيد الأمور سوءاً لأن أياً من الطرفين غير مستعد للانسحاب".

بروز استخدام الأسلحة

والمجموعات المتطرفة كانت دائماً جزءاً من المشهد الأميركي، وفق ما ذكر الخبير المستقل. وبعد انتخاب ترمب تواجه اليمين واليسار الراديكالي مراراً في سياتل وبورتلاند، والجديد في رأي سانشاين هو الانتشار الكبير للأسلحة في التظاهرات. وقال "قبل أربع سنوات لم نكن نرى الأسلحة سوى في أريزونا حيث القوانين حول الأسلحة أكثر مرونة".

وكانت الأسلحة ظاهرة خصوصاً في الأول من مايو (أيار) الماضي، عندما حاول مئات الرجال المسلحين ببنادق هجومية دخول مبنى الكابيتول في ولاية ميشيغن، احتجاجاً على تدابير العزل المتخذة للحد من تفشي فيروس كورونا.

ووفقاً لسانشاين، جسدت هذه التظاهرة الحاشدة أيضاً وصول مناصرين جدد من اليمين المتطرف، "لم نعد نرى فقط قوميين بيضاً، بل كل أشكال الشعبوية أو مناصرين لترمب ونظريات المؤامرة"، التي يقف وراءها "القلق الكبير" حول مستقبل الولايات المتحدة.

وكتب مركز "ساذرن بوفرتي لوو سنتر"، مرصد المجموعات المتطرفة في تقرير إن " اليمين المتطرف يستغل المناخ السياسي المتوتر جداً الذي أصبح أكثر هشاشة بسبب تفشي الوباء والتظاهرات المطالبة بالعدالة العرقية"، معتبراً أن "أخطار العنف السياسي قبل الانتخابات باتت حقيقية".

واختصر سانشاين ما ستواجهه الولايات المتحدة في ثلاثة مكونات، وهي "حماسة المؤيدين إضافة إلى انتشار الأسلحة وروايات تتضمن شيئاً من الهستيريا".

المزيد من دوليات