Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمتا كورونا والامتحانات تفضحان قلة كفاءة الحكومة

مهمة الحكم تتجاوز جدارة المسؤولين حاليا وهذه حقيقة خطيرة للغاية

يتعرض رئيس الوزراء بوريس جونسون وحكومته لانتقادات كثيرة بسبب السياسات المتذبذبة في التعامل مع كورونا والتعليم والاقتصاد (رويترز) 

صباح الخير ومرحباً بكم في عرض لأخبار المدارس من ألمانيا. سأحاول ترجمة هذه المعرفة، ونقلها بالنبرة ذاتها التي توردها بها نشرة أخبار صباح يوم الاثنين. ولا تترددوا، إنْ أردتم، أن تتخيّلوا أنني مقدم أخبار، وفي الخلفية صور خرائط وأطفال ومعلمين وسياسيين...

"يعود الأطفال اليوم إلى المدارس في ثلاث ولايات أخرى من أصل ولايات البلاد الـ 16. وهذا يعني أن أكثر من نصف سكان ألمانيا رجعوا الآن إلى المدارس، في الموعد المحدد إجمالاً حسب أوقات العودة المعتادة بعد العطلة... واليوم، جاء دور (ولايات) هيسن وراينلاند بفالز وسارلاند لإعادة شبابها إلى الفصول الدراسية. وقد عقدت المستشارة أنجيلا ميركل، ووزيرة التعليم في حكومتها، لقاءً بالفيديو مع وزراء التعليم في حكومات الولايات كلها لمناقشة العودة، والاتفاق على الخطوات التالية لتوسيع رقمَنة التعلم... كما ناقشوا الدروس التي يجب استخلاصُها من مكلنبورغ فوربومرن، التي كانت أول ولاية تعيد فتح المدارس في أواخر الشهر الماضي، واضطر عدد صغير من المدارس فيها للإغلاق، بسبب العدوى... غير أن هناك أخباراً سارة من مدرسة غوتي-جيمناسيوم في لودفيغسلوست، التي أُغلقت بالكامل قبل أسبوعين، عندما اكتُشفت إصابة ثلاثة مدرسين، وبإمكانها الآن استئناف الدراسة، بعد اجتياز 205 تلاميذ، و55 معلماً، الذين كانوا ربما على اتصال بالمدرسين الثلاثة، جميعهم اجتازوا اختبارين لفيروس كورونا أثناء وجودهم في الحجر الصحي".

انتهت النشرة. لم تحظَ هذه القصة باهتمام رئيس في أي مكان، ويبدو أن مؤتمر الحزب الديمقراطي الأميركي، ومحاولة دونالد ترمب الأخيرة لتزوير الانتخابات، بمساعدة داعميه في خدمة البريد الأميركي، هي القصص التي بدت كأنها تستأثر باهتمام الأخبار. وهناك قائمة من المفردات التي لم يظهر أي منها في التقارير الألمانية ومنها: فشل ذريع، مهزلة، فوضى، انقسام، احتجاجات، ضغط، غضب، خوارزمية.

أنتقل الآن من هذا الهدوء والكفاءة التيوتونية (الألمانية)، لأغوص في النقاش حول التعليم في بلادنا (بريطانيا)، حيث تَظهر هذه الكلمات بكثرة، حتى في الصحف التي تبذل عادة قصارى جهدها لدعم مصنع بوريس جونسون لسوء إدارة الأخبار، كما ينبغي أن تُسمى حكومة المملكة المتحدة. ومع ذلك، لاحظت أن صحيفة "ديلي إكسبريس" لا تزال تتبع بشكل سليم توجيهات الحكومة، إذ أشارت إلى نشوب "معركة جديدة لتحرير المملكة المتحدة من قيود الاتحاد الأوروبي". كنت أفكر أننا انتهينا من البريكست، وأن الصفقة (التجارية مع الاتحاد الأوروبي) باتت جاهزة، وأنّ الأجانب المزعجين قد أدركوا أنهم يحتاجوننا أكثر مما نحتاجهم.

ولنأخذ في الاعتبار أيضاً الأساليب المختلفة لكل من ميركل وجونسون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أمرين. يتمثل الأول في أن المستشارة الألمانية ترى وظيفتها في توحيد أجزاء مختلفة من النظام وقيادتها، بغض النظر عن سياساتها. بينما يمكن لجونسون أن يمضي أشهراً من دون إجراء مكالمة هاتفية مع قادة اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية، ناهيك عن قادة الحكومات المحلية، ما لم يكونوا من مؤيديه الملتزمين تماماً من أعضاء حزب المحافظين المناصرين للبريكست. في المقابل، يعتبر تفويض السلطة في ألمانيا أمراً حقيقياً، ويجري التعامل مع القادة والأنظمة المحلية بثقة واحترام.

ويتعلق الأمر الثاني بالتعلم الرقمي. في ألمانيا، جرى النقاش مع الحكومات المحلية في سياق إحدى الأولويات الإستراتيجية الرئيسة لميركل. وبالفعل، كانت الرقمنة إحدى أولويات الرئاسة الألمانية الحالية للاتحاد الأوروبي، التي أعلنت عنها المستشارة، إلى جانب التعامل مع جائحة كورونا، وتوفير حلٍّ على مستوى أوروبا للأزمة الاقتصادية الهائلة التي تسببت فيها. ولقد أُحرِز بعض التقدم  الكبير بالفعل في هذا الشأن.

من الصعب المبالغة في تقدير الاختلاف بين الحكومتين، سواء على صعيد الكفاءة أو القيم. لكن بصراحة، يمكنك مقارنة حكومة المملكة المتحدة بأي دولة في الاتحاد الأوروبي وستجد أن جونسون وفريقه من وزراء الدرجة الثانية (وأنا كريم في هذا الوصف) تعاملوا بشكل أسوأ من الجميع مع أزمة كوفيد-19 في جميع جوانبها تقريباً.

إنه ليس بمستوى ميركل أو ماكرون. وعندما تناولت "دير شبيغل" جونسون أخيراً، كان عنوان مقالها "القادة الأربعة للعالم المصاب،" في إشارة إلى ترمب، وفلاديمير بوتين، وجاير بولسونارو في البرازيل، وجونسون. هذا هو الحضيض الذي أوصلنا إليه هو وشعبويته.

إن ما أظهره البريكست وفيروس كوفيد-19، وما تظهره الامتحانات، التي كانت مهزلة أوفشلاً ذريعاً أوفوضى، هو أن الحكومة تتطلب أكثر من مصنع للدعاية ينشر شعارات من ثلاث مفردات. هناك كثير من المشكلات المعقدة، التي تسللت من الفيروس إلى النظام التعليمي، وقد أدرك قادة مثل ميركل ذلك، وتأكدوا من السيطرة على هذه المشكلات في الوقت المناسب وبطريقة جيدة. أما جونسون، فإنه بدلاً من أن يحذو حذو هؤلاء القادة، يتابع القفز من فوضى إلى أخرى، ويُحرّض ضد النقابات ويُثرثر حول "المسؤولية الأخلاقية"، وهو ليس مؤهلاً للحديث عن هذا الموضوع، تماماً كما أنّ غافين ويليامسون وزير التعليم ليس مؤهلاً للحديث عن مساعدة الأطفال في تفعيل قدراتهم الكاملة.

في خضم الغضب الذي شعرت به أثناء قراءتي عن الفوضى المتواصلة، جاء قليل من الارتياح من روث ديفيدسون، الزعيمة السابقة لحزب المحافظين في اسكتلندا، التي ستحظى قريباً بلقب شرف، عندما قالت "إن وزير التعليم بحاجة إلى الظهور على التلفزيون وإخبار الناس بما يحدث." لكن، يُعد انتظار سيطرة ويليامسون على الوضع خطوة لاتقل حكمة عن انتظار مرور يوم واحد على جونسون من دون أن يكذب فيه.

عندما تنظر إلى ألمانيا، وترى المواصفات والأشخاص المطلوبين للتعامل مع وضع بهذا التعقيد، تخلص إلى رأي مفاده أن مهمة الحكم تتجاوز كفاءة المسؤولين حالياً. وهذه حقيقة خطيرة للغاية

هذا يعني أنه حتى الطبقات الوسطى البريطانية، التي تعرضت للتهدئة، و يبدو أنها استطاعت تحمُّل موت عشرات الآلاف، وأعمق ركود في أوروبا وأكثر من ذلك بكثير، قد تقرر بأن افتقار الحكومة للكفاءة وعدم اكتراثها بالظلم الاجتماعي، كما اتضح في الأيام الأخيرة، وتأثيرها في أبنائهم وأحفادهم، كافية معاً لجعل اللحظة مناسبة للتعبير عن الغضب بصورة صحيحة.

لقد اجتاز أطفالي الثلاثة جميعهم مرحلة الامتحان من حياتهم، حمداً لله. لذلك كانت إجازتنا العائلية أقل توتراً هذا العام مقارنة بالعديد من الأعوام في الماضي. لكن لو كان لدي أطفال تضرروا من هذه المهزلة أوالفشل الذريع أو الفوضى، لكانت استجابتي بذيئة للغاية، إذ إن زمن الغضب المهذب والهادئ والمكتوم قد ولى.

© The Independent

المزيد من آراء