Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تدعم أوروبا عمالها؟ وهل تقوم بريطانيا بما يكفي؟

يقدم السياسيون في مختلف أرجاء القارة الأوروبية دعماً للعاملين لكن وزير المالية البريطاني يؤكد أن برنامج الإجازات (التسريح المؤقت) في بلاده سيقلص وصولاً إلى التوقف الكامل بحلول نوفمبر مهما كانت المستجدات

تتمتع ألمانيا ببرنامج ضمان اجتماعي يطبق في مراحل الركود الاقتصادي (أ ف ب)

أكدت الحكومة الألمانية، الأربعاء، أنها ستمدد العمل ببرنامجها الطارئ المخصص لتقديم الدعم إلى العاملين في ظل فيروس كورونا إلى نهاية العام المقبل. وتُعد السلطات الفرنسية للقيام بخطوة مماثلة.

وتتناقض هذه القرارات السياسية المتخذة في القارة الأوروبية والقاضية بتقديم الدعم للعاملين تناقضاً بارزاً مع ما يجري في المملكة المتحدة، حيث يصر وزير المالية ريتشي سوناك على أن برنامج الاحتفاظ بالوظائف في ظل فيروس كورونا سيقلص وصولاً إلى التوقف التام بحلول نوفمبر (تشرين الثاني) مهما كانت الظروف، في خطوة تخيب آمال الشركات.

فما النهج الأكثر منطقية في مجال دعم الوظائف؟ هل هو تمديد البرامج أم تقليصها وصولاً إلى وقفها؟

وهل يجب أن يحفز السياق الأوروبي الأوسع الحكومة البريطانية على إعادة النظر في موقفها؟

ما الإجراءات الألمانية؟

تملك ألمانيا برنامجاً رائداً لتقصير ساعات العمل يطبق خلال حالات الركود الاقتصادي، ويُدعى "Kurzarbeit" (العمل لوقت قصير). وهذا برنامج للضمان الاجتماعي تغطي خلاله الحكومة الفيدرالية ثلثي أجور العاملين الذين لا يتوفر لهم عمل.

وهو يهدف إلى مساعدة الشركات أثناء حالات الركود المؤقتة وخفض اضطرارها إلى صرف هؤلاء العاملين. وهو برنامج قصير الأجل، وكان من المفترض أن يستمر حتى مارس (آذار) 2021. وقررت الحكومة الألمانية هذا الأسبوع تمديد العمل به حتى نهاية عام 2021.

وقال وزير المالية أولاف شولتز للتلفزيون الألماني، إن تمديد الدعم للوظائف، إلى جانب الدعم المالي الإضافي للشركات الصغيرة، قد يكلف ما يصل إلى 10 مليارات يورو (نحو 11.81 مليار دولار).

وقدَّر معهد المعلومات والبحوث (إيفو) في ألمانيا أن ما مجمله 5.6 مليون عامل كانوا يعملون لساعات أقل خلال يوليو (تموز)، بتراجع عن ذروة بلغت 7.3 مليون عامل في مايو (أيار)، لكن هذا التراجع كان أقل من المأمول. ويبدو أن هذا التعافي البطيء هو ما أقنع الحكومة الألمانية بالالتزام بتمديد العمل ببرنامج الحماية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما الإجراءات الفرنسية؟

طبقت فرنسا أيضاً برنامجاً مؤقتاً لدعم الوظائف خلال الأزمة، تمول في ضوئه الدولة رواتب الممنوعين من العمل، ويسمى "activité partielle" (النشاط الجزئي). ويغطي نحو 70 في المئة من الراتب الإجمالي للعامل الموضوع في إجازة.

وقالت وزيرة العمل في البلاد، مورييل بينيكو، في يونيو (حزيران)، إن "برنامجاً بعيد الأجل للنشاط الجزئي من المرجح أن يستمر سنة أو سنتين" سيحل محل البرنامج الحالي.

ما الإجراءات في بلدان أخرى؟

في ضوء برنامج "Expediente de Regulacion Temporal de Empleo" (إجراءات ناظمة للعمل المؤقت) الإسباني، يمكن للشركات أن تُرسل العاملين إلى منازلهم في غياب العمل، لكن العاملين يبقون تقنياً موظفين في شركاتهم. ويمكنهم المطالبة بمنافع مخصصة للعاطلين عن العمل تصل إلى 70 في المئة من رواتبهم الأصلية.

ومن المقرر انتهاء العمل بالبرنامج في نهاية سبتمبر (أيلول) لكن العمل به مدد بالفعل مرتين.

ومددت الحكومة الإيطالية في وقت سابق من هذا الشهر برنامج الإجازات الخاص بها، واسمه "cassa integrazione guadagni" (صندوق المصروفين من العمل)، لـ18 أسبوعاً.

وفي مختلف أرجاء القارة يقدر أن أكثر من 40 مليون عامل تقدموا بطلبات للحصول على أجزاء كبيرة من رواتبهم من الدول خلال هذه الأزمة. وهذا ساعد في الحؤول دون ارتفاع معدل البطالة في القارة ارتفاعاً كبيراً خلال هذه الأزمة.

ولم تطبق الولايات المتحدة برنامجاً رسمياً للإجازات وقفز معدل البطالة لديها إلى مستويات أعلى بكثير، لكن الفوارق بين الاستجابات الأميركية والأوروبية لم تكن صارخة كما تشير الأرقام الأساسية لأن الملايين من العاملين الأميركيين، العاطلين عن العمل تقنياً، لا يزالون يتوقعون العودة إلى وظائفهم في نهاية المطاف ويتمكنون من الحصول على منافع طارئة سخية جداً (وفق المعايير الأميركية) مخصصة للعاطلين عن العمل.

ما الحجج المؤيدة لتمديد العمل بالدعم؟

تتلخص الحجة الأساسية لصالح هذه البرامج في أن هذه الأخيرة تمنع حصول بطالة غير ضرورية. فهي تسمح للشركات بتجاوز الأزمة مع الاحتفاظ بالمهارات والمعرفة القيمة التي كونتها قواها العاملة من خلال العمل لديها.

والبرامج مكلفة للدولة، لكن البعض يقولون إن هذا الاستثمار سليم في الأجل البعيد. وفي المملكة المتحدة، يحض المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (Niesr) على تمديد العمل ببرنامج التسريح المؤقت ويقول إن الخطوة ستكون أقل تكلفة من وقف العمل لأنها ستؤدي إلى "ندوب" أقل لدى الشركات والعاملين.

ما السلبيات؟

يتمثل الخطر الأكبر في تأخير مواصلة تطبيق برامج الإجازات بكل بساطة عمليات الصرف الحتمية للعاملين في مقابل تكلفة ضخمة.

وحذر محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي أخيراً من أن وظائف كثيرة قد تندثر بعد الأزمة.

ونبهت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأوروبية (OECD) أخيراً من أن "برامج العمل لساعات أقل فاعلة في الحفاظ على الوظائف الموجودة، لكنها قد تكون أقل فاعلية في تسهيل تكيف القطاعات بعد الأزمة".

ومن المنطقي القول إن احتمال عدم عودة وظائف إلى حيز الوجود يجعل من الأفضل مواجهة الواقع الآن والتأقلم معه.

ويقول الاقتصادي جوناثان بورتيس "من المعروف أن البطالة البعيدة الأجل قد تضعف مهارات الفرد، ويصح الأمر نفسه على الغياب المطول للنشاط، حتى ولو أن الفرد لا يزال اسمياً موظفاً ويتقاضى راتباً".

ومن الواجب التأكيد أن هذا الموقف لا يعني عدم القيام بأي إجراء في وقت تقفز فيه البطالة. فبورتيس يؤيد إنفاق الحكومة مبالغ كبيرة للحفاظ على الموظفين أو توفير الدعم للتوظيف.

ما العمل؟

إنه سؤال صعب جداً لأن من المستحيل توقع تطور الجائحة بأي مقدار من الثقة. فلو توفر لقاح فاعل في الأشهر المقبلة، سيظل من الممكن إعادة إطلاق جزء كبير من الاقتصاد القديم. وهذا مما يوفر حجة لتمديد الدعم المقدم إلى الموظفين الموضوعين في إجازات، لكن من المحتمل أيضاً، حتى في هذا السيناريو الحميد، أن يغير الناس أنماط استهلاكهم وتنقلهم - فيعملون ربما من المنزل في شكل دائم أو يتبضعون من المنزل في شكل رئيس في المستقبل - فيجعلون كثيراً من الوظائف الحالية في قطاعات البيع بالتجزئة والنقل والضيافة وظائف عفا عليها الزمن، لكن المرء يجب ألا يقلل من أثر ما يجري في الخارج. فقرار بلدان مثل فرنسا وألمانيا في مارس بإغلاق اقتصاداتها ساهم في إقناع الحكومة البريطانية بالقيام بالأمر نفسه، ولو متأخراً.

وقد يكون من الأصعب بالقدر نفسه على وزارة المالية البريطانية التمسك بتصلبها إزاء إنهاء دعم الوظائف إذا كانت بقية أوروبا تطبق نهجاً مختلفاً في شكل بارز.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد