Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمات والركود يلاحقان الأسهم العالمية مع اضطراب الأسواق

المستثمرون يتمسكون بصناديق التحوط رغم ضبابية الاقتصاد العالمي

لم يعد سراً أن صناديق التحوط العاملة في سوق الأسهم (equity hedge funds) قد مرت بـ10 سنوات عجاف. لكن المثير في الأمر أن 955 مليار دولار تم استثمارها في هذه الصناديق نهاية سبتمبر (أيلول) 2018، مما يثير التساؤل البديهي لماذا ما زال الكثير من المستثمرين ينجذبون لهذه الصناديق؟ فعلى الرغم من الأداء المخيب للآمال، فإن الأصول المستثمرة في صناديق التحوط في الأسهم قريبة من مستوياتها القياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اعطنا أموالك وسنجعلك ثرياً

فخلال عقد التسعينيات من القرن الماضي التي شهدت الطفرة في شركات الإنترنت (dot-com)، ثم الطفرة في سوق العقارات في بداية سنوات الألفية، كان الاستثمار في صناديق التحوط مثيراً ومربحاً. فكانت هذه الصناديق تعلن "اعطنا أموالك وسنجعلك ثرياً". ورغم أن الرسوم كانت مرتفعة بدرجة كبيرة، فإنهم على أية حال كانوا يكسبون الكثير من المال بحيث لم تعد تهمهم نسبة الرسوم.

وكان لدى المستثمرين سببٌ وجيهٌ للثقة في تلك الصناديق. ففي عام 1990 تم استثمار 14 مليار دولار في صناديق التحوط الخاصة بالأسهم التي كانت عائداتها كبيرة، إذ بلغ ارتفاع مؤشر هذه السوق (HFRI Equity Hedge Total ) 16.6% سنوياً من عام 1991 إلى عام 2007 ، متجاوزاً مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" (لقياس أسهم 500 شركة أميركية كبرى) بنسبة 5.2 نقطة مئوية، بما في ذلك توزيعات الأرباح.

تدفق المستثمرين

وبالطبع، تدفق المستثمرون على هذه الصناديق حتى ارتفعت قيمة الأصول فيها إلى 685 مليار دولار بحلول نهاية عام 2007، وهو ما يفوق قدرة صناديق التحوط في الأسهم على إدارتها بشكل واقعي إذا أرادوا الاستمرار في توسع سوقها. ثم حدثت الأزمة المالية العالمية الضخمة في عام 2008 والتي بالطبع زادت الطين بلة. فقد ضربت الأزمة صناديق التحوط، مثلما ضربت العديد من الاستثمارات الأخرى، بينما كافح المديرون لاستعادة لمستهم الذهبية دون جدوى. لكنهم رغم ذلك لم يكونوا حريصين على إعادة الأموال إلى المستثمرين والتخلي عن رسومهم المربحة، لذلك فعلوا الشيء الوحيد الذي كان في استطاعتهم تحت وطأة العاصفة، وهو التحول من كسب المال إلى الحرص على عدم فقدانه.

وجادلوا بأن الهدف الجديد كان إدارة المخاطر عن طريق حماية المستثمرين خلال فترات الركود، بالإضافة إلى تقديم عوائد محدودة غير مرتبطة بسوق الأوراق المالية المنهارة بفعل الأزمة. وأضافوا أن هذا الوضع، رغم بؤسه مقارنة بسنوات الأرباح الكبيرة، فهو ما زال يحقق أرباحاً أفضل من السندات خصوصاً بعد خفض أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية متدنية في أعقاب الأزمة المالية.

مؤشر التحوط يتراجع

لكن الحقيقة كانت أن صناديق التحوط في الأسهم باتت أقل استقراراً من بقية السوق منذ الأزمة المالية، إذ سجل مؤشر التحوط في الأسهم عائداً سلبياً شهرياً 26 مرة منذ عام 2010، مع متوسط انخفاض ​​نسبته 4.4%. وبالمقارنة، انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز" (S&P 500) خمس مرات فقط، بمتوسط انخفاض نسبته 2.5%. وفي العام الماضي، ربما الأكثر اضطراباً منذ الأزمة المالية، انخفض مؤشر التحوط في الأسهم بنسبة 7%، مقارنة بانخفاض نسبته 4.4% لمؤشر S&P 500.

كما أن أرباح (أو خسائر) صناديق التحوط في الأسهم اقتربت كثيراً من مثيلاتها في سوق الأسهم العادية خلال السنوات العشر الماضية، بعدما كانت في الماضي تتفوق عليها كثيراً. وبلغ معدل التقارب بين السوقين، أي بين مؤشر التحوط في الأسهم ومؤشر "ستاندرد آند بورز" 0.68 في الفترة من 1992 إلى 2007. لكن هذا التقارب ارتفع إلى نسبة ​​0.88 منذ عام 2008، وهو ارتباط شبه كامل، مما يسحب الميزة من تحت أقدام صناديق التحوط.

وفي الوقت نفسه، أثبتت السندات صعوبة التغلب عليها مقارنة بما كانت تتوقعه صناديق التحوط. صحيح أن مؤشر التحوط تفوق على مؤشر "بلومبرغ-باركليز" الأميركي للسندات، بمقدار 2.2 نقطة مئوية في الأعوام من 2009 إلى 2018،  لكن على مؤشر "معدل المخاطر"، هو مؤشر  يهتم به كثيراً المستثمرون في صناديق التحوط، فإن السندات تتفوق بسهولة، لأن معدل المخاطر فيها محدود للغاية، على عكس مخاطر صناديق التحوط.

 

إذن ما هو سر جاذبية الصناديق؟

هناك تفسيران لسبب تمسك المستثمرين بصناديق التحوط. الأول هو أن المستثمرين من المؤسسات (وهم في الواقع يمثلون معظم الأموال المستثمرة في صناديق التحوط) قد استسلموا للقصور الذاتي. فعادة ما تشرف ما يُعرف بـ" لجان الاستثمار" في أي مؤسسة مالية على قرارات وطريقة استثمار أموال تلك المؤسسة. وتشتهر هذه اللجان بحبها للمخاطرة وأيضاً بالبطء في اتخاذ القرار بحكم إجراءاتها المطوّلة، مما جعلها أهدفاً مثالية لصناديق التحوط في السنوات الأخيرة.

والسبب الثاني هو أن العديد من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة، (والذين يشكلون المجموعة الكبيرة الأخرى من المستثمرين في صناديق التحوط) هم مقامرون بطبيعتهم، فضلاً عن أن ثرواتهم الضخمة تسمح لهم بالمغامرة. فعلى الرغم من الأداء الضعيف بشكل عام لصناديق التحوط في الأسهم، فقد كانت هناك بعض الاستثناءات حيث نجحت صناديق قليلة في تحقيق عوائد مغرية، الأمر الذي جعل هؤلاء المستثمرين الأثرياء يطمحون في أن يكون صندوقهم من بين الفائزين في السنة المقبلة. فقد كان متوسط ​​العائد السنوي للربع الأعلى بين صناديق التحوط 17% من عام 2008 إلى عام 2018، مقارنة بـ 6% فقط لمتوسط سوق الصناديق عموماً. كما تفوقت المجموعة الرباعية على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، خلال 9 أعوام من أصل 11 عاماً، منذ 2008، بمتوسط ​​7.9 نقطة مئوية.

إذن هناك فرق كبير بين صناديق التحوط الأفضل والأسوأ أداءً، ولكن هنا تقع المقامرة. فقد سجل الربع السفلي ​​متوسط خسائر بنسبة 3.4% خلال نفس الفترة، بينما تفوّق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" عليها سنوياً بـ 12.4 نقطة مئوية. وبما أن أداء هذه الصناديق يتأرجح بين صعود وهبوط كل عام، يجد المستثمرون صعوبة في اختيار التمييز بين الصناديق الرابحة والخاسرة، لذلك يغامرون.

ومع مرور الوقت فإن العديد من المستثمرين المؤسسيين سيجدون في النهاية طرقاً أرخص لإدارة المخاطر، كما أن المستثمرين الأفراد من ذوي الثروات الكبيرة سوف يـُرهَقون من الرهانات والتقلبات العالية في سوق صناديق التحوط. وهناك بالفعل مؤشرات على أن صناديق التحوط باتت حالياً تكافح للعثور على مستثمرين جدد، فيما راحت بعض الصناديق تبحث عن إستراتيجيات جدية لأداء أفضل، مثل رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة. لكن إلى أن يتخلى المستثمرون بأعداد كبيرة عن صناديق التحوط في الأسهم، فعليهم ألا يتوقعوا نتائج أفضل.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد