Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريوهات فرنسية يجري إعدادها لإنقاذ لبنان لكنها رهن إرادة اللبنانيين أنفسهم

"المعارضة اللبنانية كناية عن حالة فضفاضة وغير واضحة المعالم"

لا تستبعد أوساط فرنسية مُطَّلعة أن تكون هناك سيناريوهات واحتمالات يجري إعدادها حول كيفية إخراج لبنان من أزمته، لكنها تُجزم بأن كل ما يمكن إعداده رهنٌ بإرادة اللبنانيين أنفسهم.

المقصود هنا ليس الطاقم السياسي، بل المجتمع المدني والمواطنون المُنتفضون ضد حكمٍ فاسدٍ ومُرتشٍ، الذين استمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى احتجاجاتهم في الشارع، وأيضاً خلال لقاءٍ عقده مع عدد منهم في "قصر الصنوبر"، مقر السفارة الفرنسية في بيروت.

كان ماكرون قد توجَّه إلى العاصمة اللبنانية غداةَ الانفجار الكارثي الذي وقع في المرفأ ودمَّر أحياءً بكاملها في بيروت؛ للتعبير عن تضامنه مع سكانها في مأساتهم، والتأكيد أن بوسعهم الاعتماد على دعم فرنسا التام لهم، ولمطالبهم.

وخلال زيارته الخاطفة التي اقتصرت على بضع ساعات، ألحَّ ماكرون تكراراً على الموقف الذي بات معروفاً من الجميع، والمُوجَّه إلى المسؤولين اللبنانيين، ومفاده "ساعدونا لنُساعدكم". كما أقرن موقفه ببنود أخرى أبرزها "إعادة تأسيس نظام سياسي جديد"، و"بناء الوحدة الوطنية" الضرورية لتحقيق الإصلاح، مؤكداً أهمية اليقظة "الشاملة" التي أَمِلَ في أن تتبلور خلال الفترة الفاصلة عن زيارته الثانية إلى بيروت في 1 سبتمبر (أيلول) المقبل.


مهما كان الثمن

تُشير أوساط مُطَّلعة إلى أن هذه المهلة المُمتدَّة من اليوم حتى الأول من سبتمبر مفتوحة على كل الاحتمالات، وخصوصاً أن الوضع اللبناني يتأرجح بين زعامة مُصرَّة على البقاء في مواقعها مهما كان الثمن المُترتِّب على ذلك، وعلى الرغم من غضب الشارع.

وترى الأوساط أن الغضب المشروع الذي عاد ليُعبِّر عن نفسه في بيروت تأجَّج مُجدَّداً نتيجة فداحة ما خلَّفه انفجار المرفأ، لكنه أثبت حتى الآن عدم جدواه في أن يُثمرَ أيَّ شيء.

تُضيف المصادر ذاتها أن الغضب ليس مدخلاً لا إلى التغيير، ولا إلى الحل، خصوصاً في ظل هشاشة الساحة اللبنانية وحساسيتها حِيالَ تأثيرات خارجية مُتناقضة ومُتعدِّدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والمؤسف وفقاً للأوساط، هو أن المُعارضة في لبنان هي كناية عن حالة فضفاضة وغير واضحة المعالم، ما يحدُّ من فاعليّتها في مواجهة طبقة سياسية باتت تُدرك أن وجودها على المحكّ، ولن تتوانى عن اللجوء إلى شتَّى الوسائل دفاعاً عن بقائها.

هذا الوضع يُودي بالبلاد - برأي المصادر - إلى ما يُشبه الحرب الأهلية الباردة التي تستنزف مُقدَّرات المُحتجّين، وتضطرهم إلى الانكفاء.

كان ماكرون قد أكَّد خلال وجوده في بيروت أن فرنسا تُؤيّد الوحدة الوطنية في لبنان، لكن ليس بوسعها إنجازها، كما تُؤيّد إلغاء الطائفية والتغيير العميق في المؤسسات وأدائها، لكن ليس بوسع باريس القيام بأيٍّ من هذه المهمات، كونها شأناً عائداً إلى اللبنانيين وحدهم.

وأكد ماكرون أن فرنسا مُصغية لآلام اللبنانيين وشرعية مطالبهم، وهي قد بادرت على عجل إلى تنظيم "مؤتمر باريس" الذي أقرَّ مساعدات لتلبية الاحتياجات المُلحَّة للبنانيين المتضررين من الانفجار. إلا أنه ليس بوسع فرنسا أن تحلَّ محلَّ اللبنانيين لتعمل على تأطير صفوف المحتجين والمُعترضين، ولا إيجاد العناصر المُوحِّدة التي يُمكن أن تجمع بينهم وتُفعّل تحرُّكاتهم.

وهنا أيضاً، أكد ماكرون أن فرنسا تُواكب مطالب التغيير، وتُساندها، لكن تحقيقها لا يمكن أن يأتي سوى من اللبنانيين. وبالتالي فإن شعار "ساعدونا لنُساعدكم" يمكن أن ينطبق بدوره على المُعارضة والمجتمع المدني المدعوّين إلى إنشاء "نواة حدٍّ أدنى" تتحدَّث باسمهم، انطلاقاً من برنامج حد أدنى يحظى بتأييدهم.

المزيد من العالم العربي