Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبون "يصحح" خطأ التلفزيون الجزائري في حق "الزاوية التيجانية"

تصرف الرئاسة يعطي انطباعاً باستمرار "حُظوتها" كمؤسسة دينية غير رسمية

مسجد التيجانية في بلدة عين ماضي بمحافظة الأغواط الجزائرية (وسائل التواصل)

سارعت الرئاسة الجزائرية نهاية الأسبوع الماضي إلى احتواء "غضب" الزاوية التيجانية بعد احتجاج الأخيرة على نص خبر بثه التلفزيون الحكومي يخصّ وفاة "خليفة الطريقة" في السنغال، أحمد التيجاني أنياس عن عمر 88 سنة، وأعطى تصرف الرئاسة انطباعاً باستمرار "حُظوة" الزاوية كمؤسسة دينية غير رسمية لطالما راهنت عليها السلطات لـ"تشكيل حزام أمني ثقافي وسياسي".

وورد في بيان تعزية رئاسي عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "على إثر وفاة الشيخ التيجاني إبراهيم أنياس خليفة الطريقة التيجانية لمدينة باي بالسنغال، طيب الله ثراه، بعث الرئيس رسالة تعزية ومواساة إلى عائلة الفقيد، وأتباع ومريدي التيجانية، نوّه فيها بخدماته الجليلة في نشر الإسلام وقيم التسامح والوسطية".

وعلى الرغم من أنه من النادر وغير المتوقع تماماً توجيه نقد إلى مؤسسة "التلفزيون الحكومي"، لا سيما من مؤسسات رسمية أو مرتبطة بالمصالح الرسمية، إلّا أنّ سلطة ضبط السمعي البصري، أصدرت بدورها بياناً تنقل فيه "احتجاجاً من الزاوية التيجانية الكبرى وتتأسف فيه على الكيفية التي بث بها التلفزيون خبر الوفاة وطريقة تداوله من قبل بعض القنوات الأخرى التي اعتبرت هذا الأخير الخليفة العام للطريقة التيجانية وأن والده المرحوم الشيخ إبراهيم أنياس هو مؤسسها".

طائرة رئاسية

وخصّص تبون طائرة مدنية نقلت وفداً موسّعاً للزاوية التيجانية إلى السنغال، وقاد وفد الزاوية الخليفة العام سيدي علي بلعرابي الذي شارك في جنازة فقيد الطريقة وبارك "الخليفة الجديد للفيضة التيجانية فضيلة الشيخ محمد الماحي إبراهيم أنياس"، وفق بيان عن الزاوية.

عن هذا الفعل الرئاسي، يشير الباحث في التصوّف الإسلامي عبد الحق محياوي لـ"اندبندنت عربية" إلى أنه "أولاً: رئيس الدولة الحالي ابن الزاوية التيجانية في بوسمغون في ولاية البيض، وثانياً: هو تصحيح من أعلى مستوى لخطأ لا تسمح به الدولة الجزائرية حتى لخصومها وهي التي ترافع منذ عقود لمسألة خلافة الطريقة"، ومعلوم أن وفاة شيخ الطريقة ومؤسسها، كانت في مدينة فاس المغربية عام 1815، واستطاع المغرب أن يستغلّ هذا الأمر على أكثر من صعيد ما يثير سجالات من حين إلى آخر بين الدولتين.

محور نفوذ

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تُنسب تسمية الزاوية إلى مؤسسها الشيخ أبي العباس أحمد التيجاني الجزائري، وهي واحدة من أهم الزوايا ذات الصيت العالمي، إذ تُعتبر ذات نفوذ في بلاد كثيرة من بلاد المسلمين، فقد وصلت قوّتها إلى بلاد السودان جنوب الصحراء ولها امتداد بارز في شمال أفريقيا من الجزائر إلى السنغال حتى مصر، وأتباع هذه الطريقة وفق بعض المتابعين يفوق الـ250 مليوناً ويُسمّون بـ"التيجانيين".

لذلك جاء توضيح سلطة السمعي البصري كأنه بيان من وزارة الخارجية أو إحدى الهيئات الرسمية التي تتولّى مصالح الجزائر الدبلوماسية، لا سيما في القارة السمراء. فقد ورد في بيانها أن "الزاوية التيجانية الكبرى تؤكد أن منصب الخليفة العام للطريقة التيجانية من دون أي تخصيص هو لقب الخليفة العام للطريقة التيجانية في العالم وشيخ جميع الزوايا وهو منصب ومرتبة روحية يختصّ بها أحفاد الشيخ أحمد التيجاني، مؤسس الطريقة التيجانية وهو حالياً السيد علي بلعرابي التيجاني الذي ينحدر من نسل الشيخ أحمد التيجاني مؤسس الطريقة التيجانية والذي أوصى بأن يكون موطن ذرّيته من بعده الجزائر".

كما أعربت الزاوية عن "امتعاضها الشديد وإدانتها البالغة  لهذه الأخبار غير المسؤولة التي تضرّ بالمرجعية الوطنية".

اهتمام ديني

في فترة حكم الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، استعادت مؤسسة الزاوية "حُظوتها" بشكل واضح، فقد أغدق بوتفليقة على أتباعها المساعدات المالية وتشييد مقرّات رسمية عصرية، وناقض بوتفليقة وهو يتعامل مع الزاوية، مَن سبقه في الحكم سيما فترة الرئيس السابق هواري بومدين.

لكن مؤسسات الزوايا تحوّلت في فترة ليست بعيدة إلى "مؤسسة سياسية" تثير امتعاض الجزائريين، ويمكن التذكير بما خلّفه تصريح لرئيس منظمة الزوايا قبل ثلاث سنوات عندما قال إن "التفكير في ترشيح غير بوتفليقة حرام".

يوضح الباحث عبد الحق محياوي، قائلاً "وقعت انحرافات حقيقية في خطاب بعض المنتسبين إلى الزوايا في فترة ماضية، أعتقد أن رجال السياسة والمال هم مَن ورّطوا الزاوية وتقرّبوا منها وليس العكس. كان الهدف تحصيل دعم صرح ديني له أتباعه الكُثر، بالمقابل تقدم إلى هذا الدور منتسبون لا يمثّلون الزاوية وقد استفادوا مادياً وازدادوا نفوذاً، ما شوّه صورة هذه المؤسسة".

ويلفت إلى محاولات للاهتمام بإرث الزاوية بعيداً من الانخراط السياسي، فـ"الزاوية صرح موجود ومؤثر ويحتاج إلى استراتيجية ثقافية واقتصادية وأمنية تهتمّ بحواضر الجنوب الجزائري وتعيد الريادة الحضارية لعواصم المشيخة الصوفية في عين ماضي وتوات وغرداية وبسكرة"، خاتماً "الزاوية يمكنها تشكيل حزام أمني ثقافي وسياسي واستباقي ضدّ التطرّف الديني والثقافي والعرقي واللّغوي".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير