Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الديمقراطية "الحلال"

تعيش وتعشش هذه الصفة في بلاد قائمة على فكر "يجب ولا يجب"

"الديمقراطية الحلال" هي تقية وقناع الأنظمة القائمة على الإسلام السياسي (مواقع التواصل)

كل شيء قابل للتسويق والاستهلاك والهلاك، أَضِفْ كلمة "حلال" إلى أي شيء، ولكل شيء، كي يسوَّق في بلاد ثنائية "الحلال" و"الحرام"!

شركات مواد التجميل والعطور ومعجون وفرشاة الأسنان والعجائن، وأشهر شركات الموضة التي تصنع الألبسة الداخلية والخارجية والرياضية والأحذية للنساء والرجال على حد سواء، وشركات المشروبات الكحولية مثل الويسكي والبيرة والنبيذ والريكارد والعرق وغيرها وحتى الماء المعدني، كل أشياء البازار هذه وغيرها كثير، لقد أضافت هذه الشركات كلمة "حلال" إلى منتجاتها، كي تسوقها إلى بلدان قسَّمت عالم شعوبها إلى قسمين لا ثالث لهما: "حلال" و"حرام"، ويستهلكها شعوب بني "حلال" بضمير "حي" جدّاً!

يوجد مفهومان أساسيان ومركزيان في الخطاب السياسي المستعمل في بلاد بني ثنائية "الحلال" و"الحرام"، هما "الشعب" و"الديمقراطية"، وقد عمل فقهاء السياسة المتتلمذون على فقهاء الدين المتطرفين على تحليلهما، أي من حلال، كالتالي: ملكية "الشعب" للحاكم وترويض الديمقراطية حسب رؤية الإسلام السياسي، لتصبح "حلالاً"، قابلة للاستهلاك السياسي.

فباسم مِلْكية الحاكم لـ"الشعب الحلال"، أي الشعب الذي يحقّ التصرف فيه كما يريد الحاكم ويهوى، يُلغى كل تنوّع ويحارب الاختلاف، ويقبر الاجتهاد، ويتحوّل "الشعب الحلال" إلى شعب "قطيع"، بيد أنظمة ثنائية "الحرام والحلال". وفي بلاد "الشعب الحلال" تحرَّم ممارسة العقائد الأخرى، وتُقمع "الأقليات"، وتسحب منها حقوقها في العيش المختلف.

ولا وجود لـ"شعب حلال" من دون "ديمقراطية حلال"، لأن هذه الأخيرة هي الأسمنت الأيديولوجي الذي "يحلل" ظهْر القطيع لسياط "الأنظمة" باسم الإسلام السياسي، وفي ظلها ورعايتها يُنظّر للقمع "الحلال"، و"السجن الحلال"، و"النفي الحلال"، و"القتل الحلال"، و"السحل الحلال"، و"الإعدام الحلال".

وفي ظل "الديمقراطية الحلال" يصفّق "الشعب الحلال" لممارسات أنظمة نظرية ثنائية "الحلال والحرام"، وهي تستهلك المشروبات الكحولية الحلال، واللحم الحلال، والنساء الحلال، والقمار الحلال، وكرة القدم الحلال.

بمجرد أن تدخل كلمة "حلال" على "الشيء" يتحوَّل بموجب الإسلام السياسي الذي ترعاه منظمات مدرّبة على الدجل منذ قرون، خصوصاً منذ تأسيس حزب الإخوان المسلمين في عشرينيات القرن الماضي، إلى أمر "مقبول" من دون نقاش، من قِبل القطيع أو "الشعب الحلال".

ما معنى الديمقراطية الحلال؟

تعيش وتعشش وتفرخ وتترعرع "الديمقراطية الحلال" في بلاد، يقوم نظامها على ثنائية "الحلال والحرام"، في بلاد قائمة على فكر "يجب ولا يجب"، في بلاد فيها فقط لونان سياسيان لا ثالث لهما "الأسود" و"الأبيض". أمّا الألوان الأخرى فهي ممنوعة، لأنها تثير فتنة، وترفع الطاعة، وتقلل من هيبة الحاكم الذي هو ظلّ الله على الأرض.

"الديمقراطية الحلال" هي تقية، وقناع الأنظمة القائمة على الإسلام السياسي، الذي يريد أن يتسلل إلى ملعب الأنظمة العالمية الديمقراطية الليبرالية، فيستعمل مفردة "الديمقراطية" التي لها تفسيرها الفلسفي والسياسي المعروف والمُتفق عليه، لكنه يضيف إليها "الحلال"، لتنسجم مع "فكرة الاستيراد" الحلال، فالمجتمع الذي يستورد القهوة الحلال والويسكي الحلال والدمية الجنسية الحلال والدواء الحلال والعطور الحلال والماكياج الحلال والنساء الحلال، ألا يحق له أن يستورد "الديمقراطية الحلال"؟

"الديمقراطية الحلال" هي محاربة مفهوم "المواطنة" ومناهضته، لأن المواطنة مرجعيتها من "الديمقراطية الحرام"، ديمقراطية الكفار، التي علينا أن لا نستوردها كما لا نستورد لحم الخنزير والويسكي بكحوله والبيرة بكحولها ومواد التجميل بمكوناتها المحرّمة شرعاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

و"الديمقراطية الحلال" هي أن يصل تنظيم باسم الإسلام السياسي إلى السلطة عن طريق "الديمقراطية الحرام"، أي بالصندوق، اعتماداً على التزوير والتهديد والبهتان، لكن بعد أن يصل إلى سُدة الحكم يُكفِّر الديمقراطية، لأنها من أخلاق الغرب الكافر، المدافع عن حرية التفكير والحياة للمثليين والشيوعيين والملحدين واللا دينيين والمرأة. تُلعَن "الديمقراطية الكافرة" التي باسمها وصل الإسلام السياسي إلى السلطة، لأنها ديمقراطية تدعو إلى تداول السلطة، وتُعوَّض بـ"الديمقراطية الحلال" التي تدعو إلى "الخلافة الأبدية".

"الديمقراطية الحلال" هي تلك التي تكفر بما تؤمن به الديمقراطية الكافرة "الديمقراطية الحرام"، من احترام تعدد اللغات والقوميات والعقائد والديانات في البلد الواحد، فهذا كله بهتان وشطط فكري وسلوكي، يتعارض مع مفهوم "الدين الإسلامي".

"الديمقراطية الحلال" هي تلك الوسيلة المستعملة لتبرير إنكار ما تؤمن به الديمقراطية الكافرة، "الديمقراطية الحرام"، من دفاعها عن حقوق الإنسان، في السلوك والمدرسة والعقيدة والسياسة والمؤسسة.

"الديمقراطية الحلال" هي الطريق الديني، لتبرير وتحليل قمع الحريات الفردية والتوجهات الجنسية والاختيارات الدينية، بحجة أن هذه هي من أعمال إبليس، ومن خبث وشرور الديمقراطية الكافرة، الديمقراطية الحرام التي تبيت لهدم معالم الدين السياسي، كما تدّعي "الديمقراطية الحلال".

"الديمقراطية الحلال" أنّ الفرد حرٌ في الطاعة فقط، ولا يحق له الخروج عن طاعة الحاكم، كما تحرّض على ذلك الديمقراطية الكافرة، القائمة على "النقد" و"المراجعة" و"المعارضة" و"الاختلاف".

"الديمقراطية الحلال" أن يكون دمك حلال للحاكم الذي هو ظلّ الله على الأرض، لا كما تدعيه الديمقراطية الكافرة من قيم احترام الإنسان وكرامته وفكره. 

"الديمقراطية الحلال" هي الإيمان بأن لا مساواة بين الرجل والمرأة، وأن كل مساواة بينهما في الحقوق والإرث والسياسة وفرص المعرفة والتعليم، هي من شرور الديمقراطية الكافرة، "الديمقراطية الحرام" التي هي مؤامرة خارجية على الإسلام السياسي.

"الديمقراطية الحلال" هي الدعوة إلى نفي العقل الخلاّق ومحاربته، لأنه العامل الذي يقوم عليه غرب الديمقراطية الكافرة، لأن العقل هو سبب المهالك، وهو الذي يحارب "الإيمان"، ويبعد المواطن عن "الله"، وعن حب الحزب السياسي الإسلامي. 

"الديمقراطية الحلال" هي أسلمة "الديمقراطية الكافرة"، وإدخالها بيت الطاعة. إنها صورة "الديمقراطية الكافرة" مذبوحة على طريقة الإسلام السياسي.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء