Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوصلتنا أزمة كورونا وسباق صنع لقاحه إلى زمن علمي جديد

أصبحت الوقاية من الفيروس أو علاجه محطّ التركيز الأساسي في البحوث الطبية، مع مستوىً "غير مسبوق" من التعاون الدولي

لم يسبق للعلماء أن تعاونوا عالمياً كما يفعلون الآن في مواجهة كورونا (وايردماغ.أورغ)

بالنسبة إلى معظم من كرّسوا حياتهم للعلم من أمثالنا، ليس مجرد توسّع المعارف ما فتننا [في سياق أزمة كورونا]، بل أيضاً كيف يستطيع إدراك جديد أن يغيير حياتنا.

إذ يشكّل ذلك دعامة تستند إليها مفاهيمنا الأساسية بشأن طريقة عمل العالم، وكيف نشأ الكون من انفجار منذ حوالي 14 مليار سنة، وكيف تشكّلت النجوم والكواكب، وكيف تكوّن 92 عنصراً طبيعياً في تلك النجوم، وكيف بدأت الحياة على كوكب الأرض قبل 3.8 مليار سنة. ندين للعلم بكلّ ما نعرفه.

في المقابل، شرع الاهتمام بالعلم في التضاؤل منذ فترة طويلة. في مارس (آذار) 2020، نشرت مؤسّسة "ويلكوم ترست" تقريرها حول تعليم العلوم في إنجلترا للعام 2019، فجاءت نتائجه صادمة. فقد وجد الاستطلاع الذي يتضمنه التقرير، بعد رصد آراء 6 آلاف طالب تتراوح أعمارهم بين 11 و18، أنّ ما لا يزيد على 41 في المئة منهم يعتقدون أنّ فهم العلوم مسألة مهمّة في حياتهم اليوميّة. ولكن، كل مناحي حياتنا اليومية الحديثة، من التكنولوجيا والهندسة إلى الثورات الطبية، مستندة إلى العلم.

ويبدو للأسف أنّ العلوم لم تشغل تفكير الرأي العام منذ بلوغها تلك الذروة المذهلة أثناء فترة سباق الفضاء الذي شكّل المُقابل العلمي لسباق التسليح. وتخلّل تلك الفترة من القرن العشرين المفعمة بالأحداث اختراقات علمية عدّة. إذ شهدت أثناء عقد ونيّف من الزمن، تقدّماً علميّاً وتكنولوجيّاً يساوي قرناً كاملاً من التقدّم، وقد شمل تطوير الهواتف اللاسلكية ولوحات مفاتيح [الكومبيتر] وإطلاق الأقمار الصناعية التي لاتزال تضيء ليالينا حتّى اليوم.

وخلّفت تلك الفترة أثراً بالغاً في العلوم. ففي المدارس الثانوية الأميركية، "قفز (تعليم العلوم) خلال سنوات قليلة، من القرن الثامن عشر إلى القرن العشرين"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز". ونشأ عديدٌ من الأطفال ملتصقين بشاشات التلفاز، على غرار ما فعلته أنا أيضاً، ويتابعون تطوّر العلم بحماسة وشوق. وشمل ذلك عودة الكلبة "بيلكا" من الفضاء في 1960 إلى اللحظة التي وطئت فيها قدما نيل أرمسترونغ سطح القمر في 1969. وقد حلم أولئك الأطفال بأن يصبحوا علماء فضاء أو روّاد فضاء.

واليوم، وبسبب مرض لم يسع إليه أحد منا، اختلّ مسار حياتنا بالكامل ودُفعنا نحو حقبة جديدة من التطور العلمي. نستحق جميعاً الغفران لأننا أغفلنا بسبب عزلتنا داخل منازلنا، حجم التغيير الذي يحدث أمام عيوننا.

وفيما يتزايد فهمنا لنموّ هذا المرض، تُسلّط كل الأضواء على العلم، وأكاديميونا وخبراؤنا الذين يرتقون إلى مستوى التحديات ويحلّلون البيانات الجديدة فور ظهورها يومياً، ليس في المملكة المتّحدة فحسب بل في العالم كله.

ولقد نهضوا [العلماء] بالدور المُناط بهم، وارتقوا إلى مستوى التحدي. وخلال مسيرتي المهنيّة التي مرّ عليها نحو 20 عاماً في هذا المجال، لم يسبق لي أن رأيت مستوى التعاون والإلحاح الذي يظهره حاضراً العلماء والمهندسون وخبراء الصحة العامة ممن يعملون في الخطوط الأمامية لهذا المرض.

لقد اندفع مجتمعنا العلمي بسرعة الصاروخ. إذ يعمل طلاب الدكتوراه والأساتذة والمستشارون العلميون وخبراء النمذجة [بتقنيات الكومبيوتر] والأكاديميون والمهندسون الرائدون والمتخصصون في الطب السريري من أرجاء المملكة المتحدة، في إيقاع موحّد. وكذلك يجمعهم هدف مشترك يتمثّل في توفير أفضل نصيحة علمية يمكن تطبيقها من أجل إنقاذ الأرواح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

واستطراداً، أصبح العثور على طرق لعلاج "كوفيد 19" أو الوقاية منه، محطّ التركيز الأساسي في منشآت البحوث الطبية حول العالم، ومن شبه المستحيل احتساب مستوى التطوّر الحاصل حاضراً. فلنأخذ مثل اللقاحات. يعمل العالم الآن على حوالي 200 مشروع في تطوير اللقاحات. وتعتبر سرعة التطوير والتعاون الدولي تعريفاً حرفياً لكلمة "غير مسبوق".

وبالاسترجاع، لقد تمثلّت أسرع الطرق في تطوير لقاح معتمد ومرخّص، مع تفاوت زمني يعتمد على طريقة احتسابكم له، في تلك التي سلكها لقاح النكاف الذي لم يتطب تطويره سوى أربع سنوات، خلال ستينيات القرن العشرين. وحاضراً، يعمل عدد من أفضل العقول بأقصى سرعة ممكنة، بالتعاون مع نظرائها حول العالم، أثناء الوقت الذي تقرؤون فيها هذه الكلمات، من أجل كسر ذلك الرقم القياسي.

فيما تواصل المملكة المتحدة تخفيف حدة قيود الإغلاق، تتّضح بشكل أكبر درجة الإلحاح في هذه المهمة العلمية. إذ تشهد بلدان حول العالم، منها ألمانيا والولايات المتحدة، ارتفاعاً جديداً في أعداد الإصابة بـ"كوفيد 19"، بينما ينبّه بعض قادة القطاع الصحي من أنه على المملكة المتحدة أن تتنبّه إلى إمكانية حصول موجة ثانية.

وفي السياق نفسه، يتواصل البحث عن علاج بسرعة قياسية. ويبحث علماء ومتخصصون في الطب السريري، عن خيارات علاجية من أجل تقليص عدد الأشخاص الذين يبلغون مرحلة خطرة من المرض ويموتون. كذلك بُنيت مستشفيات ضخمة حول البلاد خلال فترة لا تزيد على الأسبوع إلا قليلاً. ولقد شهدنا على قدرة المؤسسات في الابتكار والريادة بعد أن طُلب منها صناعة أجهزة من أجل القطاع الصحي.

وفي الوقت نفسه، جمعت منظمات هندسيّة متفاوتة الحجم، وآتية من قطاعات متنوعة، خبراتها من أجل تصميم وتطوير وإنتاج أجهزة طبية أساسية لمصلحة هيئة "الخدمات الصحية الوطنية".

وكخلاصة، لقد شرعت هذه الفترة من الزمالة العلمية العالمية في إماطة اللثام فعلاً عن تقنيات جديدة مذهلة وأساليب علمية سوف تظل جزءاً من مجتمعنا للأجيال القادمة.
ويتمثّل ما بيّنته الأزمة في الأهمية الهائلة والإلحاح الشديد، وطبعاً الحماسة الفائقة، التي تشكّل حقيقة العلم.

الدكتور شون فيتزجيرالد عضو في فريق العمل المعني بالشؤون البيئية التابع لـ"المجموعة الاستشارية العلمية لحالات الطوارئ" ("سايج")

© The Independent

المزيد من متابعات