Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتهامات بغياب "صادم" للشفافية تواجه شركة أميركية تطور لقاحا رائدا لكورونا

شكوك حول الطريقة التي أعلنت بها "موديرنا" توصلها إلى نتائج "إيجابية" في تجاربها البشرية الأولى

شركة "موديرنا" كشفت الأسبوع الماضي أن ثمانية مرضى تلقوا اللقاح في المرحلة الأولى من دراستها (غيتي)

تواجه "موديرنا"، الشركة الأميركية المتخصصة بالتكنولوجيا الحيوية التي تتقدم المسيرة نحو تطوير لقاح مضاد لـ"كوفيد- 19"، اتهامات بمحاولة رفع سعر أسهمها، وغياب "صادم" للشفافية في الاحتفاظ بأسهم معروضة بعد ساعات فقط من إعلانها النتائج "الإيجابية" لتجاربها البشرية الأولى على اللقاح المرشح.

كشفت "موديرنا"، التي تتخذ من ولاية ماساتشوستس الأميركية مقراً لها، الأسبوع الماضي أن ثمانية مرضى تلقوا اللقاح في المرحلة الأولى من دراستها قد طوروا استجابةً مناعيةً قادرةً على محاربة "كوفيد- 19".

"موديرنا"، وهي واحدة ضمن شركات عدة تخوض حاضراً تجارب بشرية للقاحاتها المرشحة، قالت إن مستويات الأجسام المضادة التي ظهرت لدى أولئك المرضى الثمانية تماثل في مستوياتها الأجسام المضادة التي حظي بها أشخاص تعافوا من الفيروس المميت.

يشير ذلك إلى أن اللقاح، واسمه "إم آر إن أي- 1273"، يُطلق درجة من الحصانة لدى البشر، بيد أنه لم يثبت ذلك بعد، ولم يؤكد فاعليته على المدى الطويل.

اللافت أن تجربة "موديرنا"، وهي الشركة الأولى التي قدمت أدلة مستمدة من تجارب بشرية، قادت إلى ارتفاع في قيمة السوق للشركة إلى 29 مليار دولار (ما يساوي 22 مليار جنيه إسترليني) في اليوم نفسه الذي أصدرت فيه النتائج الأولية لتجربتها، مع وصول سعر أسهمها إلى 80 دولاراً للسهم الواحد، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق، بزيادة نسبتها 20 في المئة تقريباً، ما يُقدر بأربعة أضعاف السعر الذي سجله في بداية العام الحالي.

ولكن أثيرت تساؤلات حول الطريقة التي كشفت بها الشركة الأميركية عن نتائجها وغياب معلومات جوهرية تتعلق بمدى نجاعة اللقاح المرشح وملاءمته.

معلومات "موديرنا"، التي نُشرت في بيان صحافي، لم تخضع بعد للتحكيم من قبل المجتمع العلمي الأوسع. في هذا الشأن، تحدثت إلى "اندبندنت" إلين تي هون، المتخصصة في السياسة الخاصة بالأدوية وقانون الملكية الفكريّة، فقالت، "المهم في الوقت الحالي التحقق من نتائج البحث من قبل طرف مستقل، وهو أمر متعذر على ما يبدو".

على هذا النحو، نبه عدد من المتخصصين إلى ضرورة توخي الحذر في التعامل مع النتيجة الأخيرة التي توصلت إليها الشركة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال ستيفن إيفانز، وهو بروفيسور في وبائيات الدواء في "كلية لندن للصحة والطب الإستوائي"، "يصعب جداً أن نتأكد من النتائج من بيان صحافي. لا بد من إيضاح أن تلك دراسة في المرحلة الأولى، الغرض منها تبيان أن اللقاح قادر على تحفيز استجابة للأجسام المضادة، وأن متوسط الجرعة منه مناسب".

أردف، "لن يتبين ما إذا كان اللقاح يقي فعلاً من داء كوفيد- 19 إلا بعد إنجاز المرحلة الثالثة من التجربة".

في الواقع، تُغفل المعلومات التي قدمتها "موديرنا" تفاصيلَ بالغة الأهمية. مثلاً، من بين 45 مريضاً شاركوا في المرحلة الأولى من التجارب، لم تُنشر إلا نتائج خاصة بثمانية أشخاص فقط.

في الوقت الراهن، من غير المعروف ما إذا كان الأشخاص الـ37 الآخرون الذين حُقنوا بلقاح "إم آر إن أي- 1273" قد تولّد لديهم ما يُسمى أجساماً مناعية مضادة معادِلة neutralising antibodies  قادرة على محاربة "سارس- كوف- 2"، الفيروس المسؤول عن "كوفيد- 19".

وفيما اشتملت المرحلة الأولى على متطوعين يتمتعون بصحة جيدة تتراوح أعمارهم بين 18 و55 عاماً، ليس معروفاً أيضاً العمر الدقيق للمرضى الثمانية الذين أظهروا استجابة مناعية "إيجابية". كذلك تختبر الدراسة اللقاح المرشح على بالغين تتراوح أعمارهم بين 56 و70 عاماً، وعلى أشخاص يبلغون من العمر 71 عاماً وما فوق.

قال البروفيسور إيفانز، "لا نعرف ما إذا كانت الفوائد نفسها (الناجمة عن "إم. آر. إن. أي-1273") تظهر لدى الفئات العمرية الأكبر سناً، ولكن ذلك مرده ربما أن تعيين أولئك (في التجربة) جاء في مرحلة لاحقة".

تبقى متانة الأجسام المضادة، بمعنى إلى أي مدى تبقى موجودة، غير واضحة. في وقت صدور البيان الصحافي لـ"موديرنا"، كانت التجربة في يومها الثالث والأربعين، فيما مر أسبوعان فقط على تلقي المرضى، الذين جاءوا بنتائج إيجابية، جرعتهم الثانية من اللقاح.

في هذا الصدد، قال البروفيسور إيفانز، "ربما يكون الحصول على بيانات في اليوم الأربعين (من التجربة) مهماً، ولكن كي يكون اللقاح نافعاً سيحتاج إلى استمرارية (للأجسام المضادة) لأشهر عدة، ولن يُعرف ذلك إلى حين إجراء تجارب المرحلة الثالثة".

دعا العلماء أيضاً إلى تقديم مزيد من التفاصيل بخصوص ادعاءات أطلقتها "موديرنا" تقول إن لقاحها رفع مستويات الأجسام المضادة المعادلة لتصبح مساوية لتلك الموجودة في بلازما الدم لدى مرضى "كوفيد- 19" المتعافين، وحث العلماء الشركة على تحديد عدد الأجسام المضادة التي تولّدت لدى الأشخاص المعنيين، وتبيان كيفية عقد المقارنات.

من ناحية أخرى، ذكر أشخاص من داخل القطاع أنه في اليوم نفسه الذي أصدرت فيه "موديرنا" بيانها الصحافي، نفذت عملية طرح للأسهم، إذ عُرضت أسهم الشركة للمستثمرين من القطاع العام.

وقالت الشركة إنها تخطط لاستخدام العائدات في المقام الأول لتمويل تصنيع لقاحها وتوزيعه.

ولكن "إيكولوجيا المعرفة الدولية"، وهي منظمة غير حكومية متخصصة في الحوكمة والملكية الفكرية والسياسة الصحية، قالت إن ثمة "اختلافاً صارخاً بين الشفافية التي يريدها الرأي العام وبين ما يصلنا".

تحدث في هذا الشأن المدير جيمس لوف، الذي يخوض حاضراً مشاورات مع وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية بشأن بحوث اللقاحات، وقال معلقاً على طرح أسهم الشركة، "يجدر بالشركات ألا تستغل مخاوف الناس الشديدة بشأن "كوفيد- 19"، ولا التغطية الإعلامية المكثفة للجائحة".

أردف، "يحصل اللقاح على تمويل من القطاع العام، وينبغي ألا يستغل ستيفان بانسل (الرئيس التنفيذي لموديرنا) وإدارة (موديرنا) الكشف الجزئي عن المعلومات حول نتائج التجارب في سبيل رفع قيمة الأسهم".

معروف أن الحكومة الأميركية تعهدت في أبريل (نيسان) الماضي تقديم ما يصل إلى 483 مليون دولار أميركي (ما يعادل 386 مليون جنيه إسترليني) من أجل تطوير لقاح "موديرنا".

وصف مصدر رفيع المستوى، شارك في تنسيق الجهود الدولية المبذولة في البحث عن لقاح مضاد لـ"كوفيد- 19" وتمويله، البيان الصحافي "لموديرنا" الذي صدر الأسبوع الماضي، وعرض الأسهم اللاحق الذي أعلنته الشركة، بـ"المشكوك فيهما للغاية".

قال المصدر، "صُدمت بما رأيت. كان تصرفهم موضع شك شديد. أصدروا فعلاً بضعة بيانات لم تخضع للتحكيم من قبل علماء نظراء وتُعتبر أولية جداً. تعدّ الطريقة التي تعتمدها في التعامل مع البيانات بالغة الأهمية في ما يتصل بالمصداقية".

أردف، "في الوقت نفسه نفذوا طرحاً للأسهم. تُصدر بياناً صحافياً فترتفع قيمة السهم، ثم تعرض السهم للبيع وتكسب الأموال. إنها أموال طائلة".

أضاف المصدر، "البيان الصحافي نهج نموذجي تعتمده شركات التكنولوجيا الحيوية عندما ترغب في تعزيز سعر أسهمها".

أما "موديرنا" من جانبها فلم ترد على أسئلة حول توقيت طرح أسهمها للبيع.

وأعرب المصدر نفسه عن "خوفه" من أنه مع وجود ما يربو على مئة لقاح مرشح، جارٍ العمل على تطويرها حاضراً، يمكن أن تنجر شركات الأدوية إلى حرب علاقات عامة، مع اندفاع كل شركة إلى إعلان أحدث إنجازاتها من دون توفير بيانات ومعلومات شفافة.

وأضاف، "إذا دخلنا في معركة بيانات صحافية، أعتقد أننا سنفقد ثقة الجمهور تماماً. أظن أن في حال تحول ذلك إلى تنافس على مَن يملك البيانات الأفضل ومَن حقق القدر الأكبر من التقدم، نحن بحاجة إلى نوع من طرف محايد في مقدوره النظر في البيانات وتوفير التدقيق".

وقالت تي هون، إن تناقل "مؤشرات التقدم" بين الناس يترك نتائج فورية في قيمة" أي شركة في سوق الأسهم.

وأضافت، "موديرنا شركة تستفيد من التمويل العام، وتقوم بتجارب، وتحظى بتمويل من "سيبي"Cepi  (تحالف ابتكارات التأهب للوباء)، من ثم ينبغي أن تتحلّى بقدر أكبر من الشفافية".

على الرغم من وجود "علامات مشجعة" بالنسبة إلى بيانات الشركة يمثل ذلك التقدم الخطوة الأولى من خطوات كثيرة في عملية طويلة لإنتاج لقاح فاعل وآمن، وفقاً لروبين شاتوك، بروفيسور العدوى المخاطية والمناعة في "إمبريال كوليدج لندن".

مع ذلك، تتقدم الشركة بوتيرة سريعة وتتطلع إلى تنفيذ المرحلة الثالثة من دراستها في يوليو (تموز) المقبل، التي قد تنطوي على تحصين واسع النطاق لآلاف الأشخاص عبر مواقع عدة من أجل تقييم الفاعلية والسلامة في حالات الأمراض الطبيعية.

قال تال زاكس، كبير الأطباء في "موديرنا"، "تدعم تلك البيانات قناعتنا بأن لدى "إم آر إن أي- 1273" القدرة على توفير الوقاية من داء "كوفيد- 19"، وتنهض بقدرتنا على تحديد جرعة للمرحلة الثالثة المحورية من التجارب".

ستيفان بانسل من جانبه دحض ادعاءات تقول إن الشركة لم تعلن بيانات كافية، وأخبر شبكة "فوكس نيوز" بأنه "سيُنشر معلومات إضافية في القريب العاجل".

يبقى أن صحيفة "اندبندنت" اتصلت بـ"موديرنا" للحصول على تعليقات إضافية.

© The Independent

المزيد من متابعات