Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على حكومة جونسون تحمل مسؤولية أخطاء أزمة كورونا عوض لوم العلماء

واجه السياسيون كما المجتمع العلمي مهمة شاقة لكن حان وقت التحلي بالشفافية في طريقة مقاربة الأزمة

بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني يسعى إلى تقليص مساحة التباعد الاجتماعي (غيتي)

تغيرت العلاقة كثيراً بين السياسيين والعلماء خلال أزمة فيروس كورونا. في البداية، أصر الوزراء على أنهم "يتبعون النصيحة العلمية". ثم قالوا إنهم "يسترشدون" بها. أما الآن، فهم يقرون في النهاية أن بعض المسائل مثل قاعدة التباعد الاجتماعي التي تنص على ترك مسافة مترين بين الأشخاص هي قرارات سياسية فيما يتحضرون لتخطي خبرائهم العلميين والطبيين.

"راقبوا هذه المساحة (مسافة التباعد الاجتماعية)"، هذا ما قاله بوريس جونسون خلال مؤتمره الصحافي في مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت. وهو يأمل بأن يسانده المستشارون العلميون والطبيون بعض الشيء في حال أدى تقليص مسافة التباعد الاجتماعي إلى مترٍ أو متر ونصف إلى ارتفاع حالات كوفيد-19. لكن من الواضح جداً أنه سيغير هذه القاعدة الناظمة قبل أن تفتح الحانات والمطاعم والمقاهي أبوابها يوم 4 يوليو (تموز) حتى لو لم يعطه خبراؤه الضوء الأخضر للمضي قدماً بالتغيير.

ويتعرض جونسون لضغط هائل من المؤسسات التجارية ومن نواب حزب المحافظين بهذا الصدد. ويُرجح أن يُطمئن أعضاء اللجنة التنفيذية التابع للجنة 1922 البرلمانية لحزب المحافظين عندما يلتقي بهم اليوم. فكبار أعضاء حزب المحافظين يتحرقون من أجل تغيير قاعدة مسافة المترين. وما يشكل مصدر قلق أكبر بالنسبة لجونسون هو تعالي أصواتهم المتذمرة من "ضعف سيطرته".

 ومع أن مجلس الوزراء توافق على لازمة "أعددنا خطة وسوف نلتزم بها"، لا يملك القدرة على الإقناع في حين تتخبط الحكومة في مواجهة الحوادث. فهي لم "تلتزم بخطة" إعادة فتح أبواب المدارس، وبدت بعيدة عن الواقع كثيراً في موضوع وجبات الغداء المجانية في المدارس قبل أن يفرض عليها لاعب كرة القدم في فريق مانشستر يونايتد أن تتراجع ذليلة عن موقفها (وهذه جملة لم أتوقع يوماً أن أكتبها).

كما تذمر نواب حزب المحافظين من منح جونسون شطراً كبيراً من النفوذ لعلمائه وأطبائه، فهم ضاقوا ذرعاً بالخبراء مرة جديدة. وحثوه على استدعاء خبراء الاقتصاد كي يتمكن من احتساب الكلفة التي ترتبت على الإغلاق (الحجر). وهو يقوم بذلك ضمن مراجعته لقاعدة مسافة المترين.

ووصل الأمر بأحد النواب المحافظين إلى التذمر بأن جونسون "بدا كالرهينة" خلال المؤتمر الصحافي اليومي حين توسط كريس ويتي، كبير الأطباء، وباتريك فالانس، كبير المستشارين العلميين. وفي بداية هذه الأزمة، تمتع الثنائي بالشعبية والثقة وبعثا الطمأنينة في نفوس شعب قلق. لكن غريزة القيادة والتحكم في مقر رئاسة الوزراء دخلت على الخط حين رفض المستشارون التزام موقف الحكومة كما سبق أن كشفت "اندبندنت". ثم تراجع ظهور الشخصيات غير السياسية في المؤتمرات الصحافية إلى أكثر من النصف منذ بداية الشهر الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن دور العلماء أنفسهم كان موضع تشكيك وتساؤل في كتاب يحمل عنوان كارثة كوفيد-19: الأخطاء التي وقعت وطريقة تفادي تكرارها الذي ينشره غداً ريتشارد هورتون، رئيس تحرير المجلة العلمية "ذا لانست" The Lancet. ولا يتردد هورتون في تسديد ضرباته. وهو يتهم الدول الغربية بما فيها المملكة المتحدة بـ "الإهمال على مستوى الدولة" و"التقصير الجسيم" اللذين أُزهقت جراءهما عشرات آلاف الأرواح، وقال "كان بوسع الحكومات الحؤول دون وقوع هذه الأزمة الإنسانية".

وتمتد قائمة "الفرص الضائعة والأحكام الخاطئة" التي وضعها إلى إغفال المستشارين البريطانيين مؤشرات مهمة صدرت من الصين في يناير (كانون الثاني) تدل على أن هذه الجائحة ليست إنفلونزا. وسعى المستشارون والسياسيون إلى التكلم بصوت موحد، كما يقول، ولم يرفع العلماء أصواتهم حين ساءت الأمور في مجال معدات الوقاية الشخصية والفحوصات. وينتقد أشد انتقاد ما حل بالقاطنين في دور الرعاية من "دمار إنساني صامت".

وقد يتذرع بعض الخبراء بأنهم حصلوا على نفوذ أكبر من خلال بقائهم على مقربة من الوزراء. لكن هورتون يتهم المجموعة الاستشارية العلمية لحالات الطوارئ (سايج) Sage بـ"التكتم على نطاق واسع والإذعان للوزراء"، ويزعم أنها "عانت من شوائب إجماع الجماعة المُعطل".

وانتقد كذلك "صمت" المؤسسة الطبية الواسعة، مشيراً إلى أن بعض الشخصيات ربما قرأت الإشارات الواردة من الصين لكن "لم ترغب بانتقاد الحكومة علناً خوفاً من فقدان نفوذها في الحكومة". وفي المملكة المتحدة وغيرها من الدول الغربية، يعد مثل هذا التصرف "لطخة على سجل أصحاب المراتب القيادية في مهنة بذل العاملون على خطوطها الأمامية الكثير".

كما يعتقد هورتون أن السياسيين يستحقون اللوم بدورهم، فيصف الحكومة بأنها "بطيئة وراضية عن نفسها وخرقاء" وغير مستعدة بشكل صارخ في ظل التعجرف و"ثقافة الإعتداد بأنها استثناء". ويتهم جونسون بتضليل البلاد عبر قوله إنها "على أهبة الاستعداد" لمواجهة الجائحة وزعمه "بالنجاح الجلي" لجهود حماية هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي "لا شك في أنها لم تتكيف مع الوضع" بسبب تأجيل الكثير من العمل غير المتعلق بفيروس كورونا.

وحين تبدأ المساءلة العامة، سوف يكون حكم هورتون جزءاً من المحاسبة. ويجب أن يُقنع انتقاده اللاذع بوريس جونسون بالاعتراف بارتكاب بعض الأخطاء الآن، وإظهار أن الحكومة تعلمت بعض الدروس. هذا ما سيعطي الشعب مزيداً من الثقة بالمراحل المقبلة في مسار الجائحة ويحد من الضرر السياسي حين يفضح التحقيق الأخطاء بلا شك.

وقد يحصل جونسون على بعض التقدير من الناخبين إن كان صريحاً الآن. وليس الاعتراف بالحقيقة الواضحة جريمة خلال أزمة غير مسبوقة كهذه: حقيقة أن الحكومة كانت لتتصرف بشكل مغاير لو علمت وقتها ما تعلمه الآن.

مع أن التلاعب من أجل كسب الوقت أسلوب مغرٍ بالنسبة للسياسيين، ليس على الدوام التصرف المناسب.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات