Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السلطة الفلسطينية عاجزة عن دفع رواتب موظفيها بعد وقف العلاقات مع إسرائيل

صورة اقتصادية قاتمة والأمل في ظهور وسيط يتولى الأمور التقنية الخاصة بتحويل الأموال

يخوض الفلسطينيون والإسرائيليون معركة عضّ أصابع، بانتظار مَن يصرخ من الألم ويتراجع عن مواقفه أولاً، وذلك بسبب خطة إسرائيل ضم أجزاءٍ من الضفة الغربية من شانها أن تؤدي إلى منع إقامة دولة فلسطينية. ومع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه تنفيذ خطته للضم، قررت منظمة التحرير الفلسطينية الانسحاب من كل الاتفاقات مع إسرائيل ووقف كل أشكال التنسيق معها.
وكانت "اتفاقية أوسلو" التي كرّست ولادة السلطة الفلسطينية على رأس تلك الاتفاقات، وذلك بعد وصول عملية السلام إلى نهايتها، من دون تحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967.

علاقة حيوية معلقة

وتستند السلطة الفلسطينية في تأدية دروها ومسؤولياتها و"البقاء على قيد الحياة" عموماً، إلى التنسيق مع إسرائيل في الأمور المدنية والأمنية.
وأدى وقف تلك العلاقات منذ 19 مايو (أيار) الماضي، إلى عجز السلطة الفلسطينية عن دفع رواتب موظفيها بسبب رفضها التنسيق مع إسرائيل بهدف تحويل أموال المقاصة الفلسطينية والتي تجبيها تل أبيب نيابةً عنهم وتشكّل أكثر من نصف الإيرادات المالية.
ومع انتصاف الشهر الحالي من دون صرف رواتب الموظفين والمساعدات للأسر الفقيرة، دعت الحكومة الفلسطينية المواطنين إلى "الصبر وتفهم المعركة التي تخوضها ضد خطة الضم" بحسب الناطق باسمها إبراهيم ملحم، مضيفاً أن "كل معركة تنطوي على خسائر، ولن يخضع الفلسطينيون للابتزاز السياسي ويتراجعوا عن وقف العلاقات مع إسرائيل".

ويؤكد المسؤلوون الفلسطينيون أن الضم يشكل تهديداً وجودياً لهم، مطالبين المجتمع الدولي بفرض عقوبات على إسرائيل، والاعتراف بدولة فلسطين لمنعها من تنفيذه المقرر أن يبدأ الشهر المقبل.


تدمير السلطة

وفي هذا السياق، صرح أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" صائب عريقات في حوار مع "اندبندنت عربية" أن "السلطة الفلسطينية ولِدت عام 1993 لتنقل الشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، ولن نقبل أن تتحول إلى سلطة خدمية وظيفية"، مشيراً إلى أن تنفيذ نتنياهو خطة الضم يعني "تدمير السلطة الفلسطينية، وبالتالي عليه تحمل كل مسؤولياته كقوة احتلال وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949".
وقال عريقات إن "الضم سيمنع الشعب الفلسطيني من الاستقلال وإقامة دولة مستقلة، وبالتالي يعني أن نتنياهو يدمر السلطة الفلسطينية".

وشدد عريقات على أن الفلسطينيين لا يتحدثون عن حلِ السلطة، لكنه أشار إلى أن "نتنياهو بتنفيذه عملية الضم يكون قد تحلل من كل الاتفاقات والالتزامات"، مؤكداً أن "الشعب الفلسطيني باقٍ وصامدٍ على أرضه".


بين الاحتلال والاستقلال

ولم يكن إنشاء السلطة الفلسطينية إلا أداة تقود إلى إقامة دولة فلسطينية مع انتهاء المرحلة الانتقالية عام 1999، لكن بعد أكثر من ربع قرن أصبح ذلك بعيد المنال.
من جهة أخرى، طالب عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" أحمد مجدلاني إسرائيل بالاختيار "بين قيام دولة فلسطينية تنهي المرحلة الانتقالية أو اجتياح الأراضي الفلسطينية وإعادة احتلالها، وتحمل مسؤولياتها كقوة احتلال"، مضيفاً أن "السلطة الفلسطينية كانت أداة لنقل الفلسطينيين من الاحتلال إلى الاستقلال".
ورفض مجدلاني أن تتحول السلطة الفلسطينية إلى "وكيل لخدمة الاحتلال الإسرائيلي، وأن تكون ملحقة به كسلطة سعد حداد في جنوب لبنان" سابقاً، مضيفاً أن "انتهاء مرحلة أوسلو لا يعني تخلي الشعب الفلسطيني عن حقه في بناء دولته وإنهاء الاحتلال".
ورجح مجدلاني أن تستمر الأزمة الحالية مع إسرائيل حتى نهاية العام الجاري بعد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، واحتمال بقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض لولاية ثانية أو خروجه من الحكم.
وتستند إسرائيل في خطة الضم إلى رؤية ترمب للسلام التي طرحها مطلع العام الجاري ورفضها الفلسطينيون ومعظم دول العالم بشدة.
ورأى مجدلاني أن "الثمن السياسي والأمني والمالي، على ارتفاعه، سيكون أقل ضرراً من القبول أو الصمت على خطة إسرائيل للضم"، مشيراً إلى أن الأوضاع تتجه إلى الصدام مع إسرائيل وأنه "لم تعد هناك خيارات، فليتحمل الاحتلال مسؤولياته كاملة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


فشل التحول إلى دولة

أما الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب فرأى أن عدم قدرة السلطة الفلسطينية على تقديم خدماتها الصحية والتعليمية ودفع الرواتب سيؤدي إلى "تحللها" لكن من دون قرار من منظمة التحرير بحلها، مضيفاً أن "معظم الفلسطينيين بحسب استطلاعات الرأي يعتبرون أن السلطة تحولت إلى عبء عليهم بعد ربع قرن من فشلها في التحول إلى دولة وإنهاء الاحتلال".
وقال حرب إن "السلطة الفلسطينية ستتحلل خلال أشهر إذا عجزت عن تقديم خدماتها"، مضيفاً أن "الشعب الفلسطيني سيكون مضطراً حينها إلى البحث عن بديل لها لتوفير احتياجاته الرئيسة".
وأشار حرب إلى أن أزمة السلطة الفلسطينية الحالية مختلفة عن الأزمات السابقة، إذ أن "هذه المرة لم يعد هناك أفق سياسي بعكس الماضي"، مشيراً إلى أن "القيادة الفلسطينية لا تستطيع التراجع عن قرارها بوقف العلاقات مع إسرائيل إذا ضمت أجزاء من الضفة وما يشكله ذلك من قتل لحل الدولتين".
وأبدى حرب تخوفه من الوصول إلى مرحلة لا تستطيع فيها القيادة الفلسطينية ولا نتنياهو التراجع عن مواقفهما وما ينتج من ذلك من "مقامرة تقود إلى تحلل السلطة الفلسطينية ذاتياً".

الأمل في الوسيط

إلا أن الأستاذ الجامعي نصر عبد الكريم تحدث عن إمكانية تحويل أموال المقاصة إلى الفلسطينيين من دون استئناف الاتصالات الفلسطينية – الإسرائيلية، وذلك عبر طرف ثالث يتوسط لإتمام الأمور التقنية الخاصة بتحويل الأموال.
وقال نصر إن "الأزمة المالية الحالية سببها سياسي وجودي للفلسطينيين، كونها ناتجة من قرار فلسطيني سياسي إستراتيجي بوقف كل العلاقات مع إسرائيل حفاظاً على إمكانية قيام دولة فلسطينية"، مضيفاً أن "ذلك القرار سيكون له ثمن اقتصادي".

المزيد من العالم العربي