Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إنه تسطيح لذا لزم التوضيح!

دول الخليج تحتاج إلى ارتفاع أسعار الغاز والغاز المسال والمنتجات النفطية وليس النفط فقط

لن يستفيد الخليج من ارتفاع أسعار النفط إلا إذا ارتفعت معه أسعار الغاز والغازات السائلة في أميركا (أ ف ب)

لا شكّ في أن السعودية ستستفيد لاحقاً من فترة انخفاض أسعار النفط في الأشهر الثلاثة الماضية، حيث ستزيد حصتها الإنتاجية وسترتفع أسعار النفط، ولكن هناك مبالغة من قبل البعض في هذا الموضوع، خصوصاً الذين يركزون على النِسب بدلاً من الأرقام، فالنسب لا معنى لها، ما فائدة ارتفاع نسبة إنتاج السعودية في الإنتاج العالمي للنفط إذا بقي هو نفسه مع انخفاض إنتاج النفط العالمي بسبب تقلص الاستثمار في الصناعة؟

بغض النظر، فإن هذه التوقعات تتجاهل أموراً كثيرة وتفترض نهاية نمو النفط الصخري، وهذا غير صحيح إذ إن إنتاج النفط الصخري سينمو مرة أخرى ولكن بمعدلات أقل من ذي قبل، وتتجاهل هذه التوقعات عودة ليبيا وإيران وفنزويلا إلى أسواق النفط العالمية خلال السنوات المقبلة، والأهم من هذا كله، تتجاهل التغيرات التي سببتها ثورة النفط والغاز الصخريين الأميركية، والتي قلبت كل الموازين رأساً على عقب.

مثلاً، تجاهلت هذه التقارير نوعية النفط، وبالتالي فإن المستفيد الأول من انخفاض إنتاج النفط الأميركي هو نيجيريا والجزائر وليبيا، وليس دول الخليج، هذا يعني أن الولايات المتحدة ستزيد وارداتها من نيجيريا والجزائر، وستقوم هاتان الدولتان بالتصدير إلى بعض زبائن الولايات المتحدة في آسيا وأوروبا، والحقيقة أن السبب الرئيس للارتفاع المستمر في صادرات النفط الأميركية سببه العقوبات على إيران وتوقف النفط الليبي، كل هذا يدل إلى أن استخدام "النسب" بدلاً من الأرقام مضلل ولا معنى له.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلا أن مشكلة دول الخليج لا تقتصر على أسعار النفط وحصصها الإنتاجية، هي في أسعار الغاز والغاز المسال والغازات السائلة وأسواق المنتجات النفطية، وهذا أمر تجاهلته هذه التقارير، ولن تستفيد هذه الدول من ارتفاع أسعار النفط إلا إذا ارتفعت معه أسعار الغاز والغازات السائلة في الولايات المتحدة بشكل كبير، وتحسنت أرباح المصافي بشكل ملحوظ، لماذا؟ لأن ثورة الصخري الأميركي أثرت سلباً في صناعات البتروكيماويات الخليجية بسبب توافر الميثان والإيثان بكميات ضخمة وأسعار رخيصة، وتوافر الغازات السائلة الأخرى اللازمة لصناعة البلاستيك وغيرها، كما أثرت سلباً في صادرات دول الخليج من الغازات السائلة والغاز المسال، وأثرت في أرباح المصافي بسبب الزيادة المستمرة في صادرات المنتجات النفطية الأميركية، لهذا فإن دول الخليج لن تستفيد من انخفاض أسعار النفط مستقبلاً إلا إذا أسهمت في رفع أسعار النفط الخام والغاز والغازات السائلة والغاز المسال والمنتجات النفطية.

المشكلة أن أسعار الغاز والغازات السائلة لا يتوقع لها أن ترتفع كثيراً في الولايات المتحدة، على الرغم من انخفاض الاستثمار في الصناعة لأسباب عدة أهمها:

1-ارتفاع أسعار الغاز في الولايات المتحدة فوق حدّ معين يجعل شركات الكهرباء تزيد من نسبة تشغيل معامل التوليد من الفحم والطاقة النووية وتخفض نسبة التشغيل في معامل التوليد التي تعمل بالغاز، هذا يعني أن قطاع الكهرباء وحده يستطيع التخلص من حوالي أربعة أو ستة مليارات قدم مكعبة من الغاز خلال يومين أو ثلاثة بحيث يمنع استمرار ارتفاع أسعار الغاز، وربما يخفضها، وهذه المرونة في استخدام مصادر الطاقة لدى شركات الكهرباء الأميركية تمنع أسعار الغاز من الارتفاع إلى مستويات تستفيد منها دول الخليج.

2-تاريخياً، كانت كندا تصدر كميات كبيرة من الغاز إلى الولايات المتحدة، ولكن خسرت أكثر حصتها السوقية في الولايات المتحدة بسبب ثورة الصخري الأميركية، هذا يعني أن البنية التحتية موجودة، وبفرض استمرار أسعار الغاز بالارتفاع، فإن ولاية ألبرتا الكندية تستطيع تصدير مليارين إلى ثلاثة مليارات قدم مكعبة من الغاز يومياً، ومباشرة خلال أيام، وهذا سيمنع أسعار الغاز من الاستمرار بالارتفاع.

3-ولكن لنفترض، ولسبب ما، استمرار أسعار الغاز بالارتفاع، فإن بعض صادرات الغاز المسال الأميركي سيتوقف لعدم جدواه الاقتصادية، وبذلك سيزيد المعروض في الولايات المتحدة وينخفض الطلب، وتنخفض معه الأسعار، ولا شك في أن الولايات المتحدة، حتى في ظل هذه الأسعار المرتفعة، ستظل تصدر الغاز المسال بسبب عقود "خذ أو ادفع" التي تلزم المشتري بدفع ثمن الغاز في كل الحالات حتى لو لم يأخذه، ولكن هناك كميات لا تخضع لهذه العقود ستتأثر سلبياً بارتفاع الأسعار.

4-انخفاض الاستثمار في عمليات التنقيب والإنتاج في حقول الصخري يعني زيادة إنتاج الغاز والغازات السائلة في بعض حقول النفط الصخري، وهذا يعود إلى طبيعية آبار الصخري نفسها.

5-الانتشار الكبير لعنفات الرياح التي تنافس الغاز في توليد الكهرباء، وعندما تعصف الرياح بشكل جيد فإن أسعار الكهرباء المولدة تصبح بالسالب أحياناً، ولا يمكن الغاز أن ينافس في هذه الظروف، خصوصاً أن بعض الولايات مثل ولاية تكساس تعطي أفضلية للكهرباء المولدة من الرياح. مثلاً، تقوم الهيئة المنظمة للكهرباء (أركَت) في تكساس بسؤال كل شركة كهرباء عن كمية الكهرباء التي ستقدمها للسوق في الأسبوع المقبل، فإذا فشلت إحدى الشركات لسبب ما في توريد تلك الكميات، فإن عليها أن تشتري من الأسواق الفورية للكهرباء، ربما بأسعار خيالية أحياناً، أو تقوم الهيئة المنظمة بشرائها وتغريم الشركة التي لم تفِ بالتزاماتها، هذا القانون تستثنى منه شركات طاقة الرياح، لهذا تقوم شركات الكهرباء التي تولد الطاقة من الرياح بتقديم أكبر أرقام ممكنة، وبما أن لها أولوية، فيتم تقليص التوليد من الوقود الأحفوري، فإذا لم تعصف الرياح، ولم تفِ شركات الرياح بالتزاماتها، فإنها غير ملزمة بأي شيء. باختصار، وجود طاقة الرياح يحجّم من نمو الطلب على الغاز وبالتالي رفع أسعاره.

6-بما أن شركات النفط الكبيرة متكاملة رأسياً وأفقياً، وبالتالي فإنها تملك مصانع البتروكيماويات أيضاً، فإن انخفاض استثمار هذه الشركات يعني أيضاً انخفاض الاستثمار في البتروكيماويات، الأمر الذي يؤثر سلبياً في الطلب على الغاز والغاز السائل، ويمنع رفع الأسعار، والمشكلة أنه حتى شركات البتروكيماويات التي لا علاقة لها بإنتاج النفط تتأثر أيضاً لأن البنوك الممولة لكلا القطاعين هي نفسها.

خلاصة القول، لا يمكن فصل النفط الخام وأسعاره عن بقية المنتجات النفطية وأسعارها، ولن تستفيد دول الخليج إذا ارتفعت حصتها نسبياً في سوق النفط الخام إذا بقيت بقية القطاعات تعاني بسبب انخفاض الطلب والأسعار، والرسالة هنا هي: قطاع النفط قطاع معقد، ورسم سياساته معقد أيضاً، لهذا فإن تسطيح الأمور وقصره على نسبة من أسواق النفط كما فعلت بعض البنوك، ليس إلا مجرد تسطيح!

اقرأ المزيد

المزيد من آراء