Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحذيرات من مضاعفات سلبية على اقتصاد بريطانيا في حالة بريكست دون اتفاق

قطاعات مختلفة ستتعرض للرسوم الجمركية الأوروبية وتوقعات بانخفاض التصدير للمنتجات

رغم محاولة حزب المحافظين طمأنة أنصار البقاء في أوروبا فإن الأضرار لا يمكن التهوين من تأثيرها (أ ف ب) 

حذرت مؤسسة التصنيف الائتماني "موديز" من أن احتمال عدم التوصل إلى اتفاق بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لترتيب العلاقات بعد خروج بريطانيا من أوروبا (بريكست) سيضاعف من المخاطر التي يتعرّض لها الاقتصاد البريطاني بالفعل نتيجة تبعات أزمة وباء فيروس كورونا (كوفيد-19).

وذكرت "موديز"، في تقرير لها الأربعاء، أن ذلك الاحتمال لم يحسب بعد ضمن معايير التصنيف الائتماني لبريطانيا، لكنه الآن أصبح متوقعاً. وقدّر تقرير المؤسسة أن الاقتصاد البريطاني سينهي العام في وضع صعب من ناحية تضاؤل حجمه وارتفاع العجز والدين والبطالة بسبب تبعات أزمة وباء كورونا. ومن شأن بريكست من دون اتفاق نهاية العام أن يضاعف من تلك التبعات السلبية.

وطالب بعض الدول الأوروبية الأكثر تضرراً من البريكست من دون اتفاق المفوضية الأوروبية بضرورة احتساب ذلك الاحتمال في خططها للدعم المالي لدول الاتحاد لمواجهة أعباء أزمة وباء كورونا. وذكرت الـ"فاينانشيال تايمز" أن إيرلندا وبلجيكا انتقدتا اعتبار أن البريكست من دون اتفاق لا يدخل ضمن حزمة الدعم الأوروبية المقدّرة بنحو 852 مليار دولار (750 مليار يورو). واشتكت هولندا والدنمارك والنمسا وليتوانيا والمجر كذلك من عدم تعويض خسائرها المتوقعة من بريكست من دون اتفاق. وتظلّ إيرلندا وبلجيكا الأكثر تضرراً منه.

مفاوضات متعثرة

وزادت المخاوف من البريكست من دون اتفاق بعد فشل الجولة الرابعة من المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي التي انتهت الجمعة في إحراز أي تقدم على صعيد القضايا التي جرى مناقشتها. وترفض بريطانيا التعهد بما يسمى "اتفاق مساواة"، أي التزام إجراءات ولوائح مثل تلك الأوروبية في ما يتعلق بقوانين ومعايير البيئة وسوق العمل والدعم الحكومي، مقابل أن تحصل على اتفاق تجارة من دون تحديد حصص أو فرض رسوم وتعريفة جمركية.

وتصرّ حكومة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، على أن اتفاق المساواة يتعارض مع الهدف الأساسي للبريكست باعتبار تلك "أموراً سيادية" لبريطانيا. في المقابل لا ترغب المفوضية الأوروبية في إعطاء ميزة لبريطانيا يمكن من خلالها أن تغيّر تلك اللوائح والإجراءات بما يعطيها ميزة تنافسية استثنائية على الأسواق الأوروبية.

وحسب إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد، الذي تم رسمياً بنهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، هناك مدة تفاوض تستمر حتى نهاية العام للتوصّل لاتفاق شامل يحكم العلاقة بينها وبين الاتحاد الأوروبي. وهناك مهلة لطلب تمديد فترة التفاوض تنتهي آخر يونيو (حزيران) الحالي. وتكرّر حكومة جونسون أنها لن تطلب تمديد فترة التفاوض. ويعني ذلك أنه بنهاية الشهر، ومع استمرار جمود المفاوضات، سيكون على بريطانيا الاستعداد لبريكست من دون اتفاق.

 قطاعات متضررة

ومنذ استفتاء البريكست في 2016، قدّرت أكثر من دراسة، ومنها دراسات حكومية بريطانية، القطاعات الأكثر تضرراً من البريكست من دون اتفاق، وحصرتها في قطاع صناعة السيارات والصناعات الجوية والكيماويات. ذلك على أساس تعطّل سلاسل التوريد لتلك القطاعات المعتمدة على السوق الأوروبية.

لكن بما أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الرئيس لبريطانيا، فمن المتوقع أن يتأثر أغلب قطاعات الاقتصاد البريطاني نتيجة بريكست من دون اتفاق. ورغم محاولة المتحمسين للبريكست في حزب المحافظين الحاكم طمأنة أنصار البقاء في أوروبا في حزبهم، فإن الأضرار لا يمكن التهوين من تأثيرها الهائل على الاقتصاد. ففي العام الماضي بلغ نصيب أوروبا من تجارة بريطانيا (صادرات وواردات) نحو 557 مليار دولار (436 مليار جنيه إسترليني).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن كارولين فيربرن، مدير اتحاد الصناعات البريطاني، قولها تعليقاً على احتمال بريكست من دون اتفاق "ستكون تلك نتيجة صادمة للأعمال والوظائف والثقة في الاقتصاد، بخاصة في سنوات التحديات تلك.. بالنسبة إلى كثير من الشركات التي تكافح للاستمرار خلال الأزمة فإن مسألة تغيير فوضوي في العلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي في غضون سبعة أشهر يصعب تحملها".

بالطبع تأتي صناعة السيارات في مقدمة القطاعات المتضررة من بريكست من دون اتفاق. فمصنع شركة نيسان اليابانية في سندرلاند، ويعمل به 6 آلاف بريطاني، قد لا يستطيع الاستمرار لأن الصادرات للاتحاد الأوروبي ستخضع لرسوم جمركية تصل إلى 10 في المئة.

وينسحب ذلك على بقية الشركات التي لها مصانع في بريطانيا التي تنتج مئات آلاف السيارات سنوياً. ينتج مصنع نيسان 347 ألف سيارة، وتويوتا في برناستون ينتج 148 ألف سيارة، أما فوكسهول في اليسمير بورت فينتج 62 ألف، بينما ينتج مصنع "بي ام دبليو- ميني" في أوكسفورد 222 ألف سيارة، وتنتج مصانع جاكوار لاند روفر 385 ألف سيارة. أما هوندا في سويندون فينتج 109 آلاف سيارة، سيتوقف إنتاجها العام المقبل إذ سيغلق المصنع أبوابه في 2021.

وهناك أيضاً مجموعة أيرباص، التي ينتج مصنعها في ويلز أجنحة الطائرات ويوظف 13500 عامل، وستتعرض أيضاً للخسائر في حالة بريكست من دون اتفاق.

أما في قطاع التجزئة، فستعاني سلاسل محلات بريطانية، مثل تيسكو وموريسون وسينزبري، من زيادة أسعار المنتجات التي تبيعها للمستهلك البريطاني. فحسب أرقام رابطة التجزئة البريطانية، فإن 80 في المئة من الأغذية في محلات السوبرماركت في بريطانيا مستوردة من أوروبا. وفي حال بريكست من دون اتفاق ستفرض رسوم وتعريفات على منتجات مثل الزيتون والفطر والبرتقال تصل إلى 16 في المئة.

ومن أمثلة المنتجات الغذائية التي ستتعرض للرسوم والتعريفة الجمركية الأوروبية في حالة بريكست من دون اتفاق: عصير البرتقال بنسبة 30 في المئة، والجمبري 20 في المئة، والشوكولاتة 8 في المئة، وعسل النحل الطبيعي 16 في المئة.

وبالنسبة إلى قطاع الزراعة البريطاني فإنه يصدّر ثلثي إنتاجه تقريباً للاتحاد الأوروبي، وسيخضع هذا الإنتاج للرسوم والتعريفة في حالة بريكست من دون اتفاق. قد يعني ذلك انخفاض صادرات اللحوم والضأن بنسبة 40 في المئة، و15 في المئة في صادرات لحم الخنزير، ما يجعلها أقل تنافسية للمستهلك الأوروبي مع إغراق الفائض للسوق المحلية.

بالإضافة إلى الرسوم والتعريفة على المنتجات الزراعية، وسيكون على المزارعين البريطانيين استخراج شهادات صحية لصادراتهم، فضلاً عن التكلفة، مما سيعني تأخيراً إضافياً. والتأخير بالنسبة إلى منتجات تفقد صلاحيتها بسرعة يعني خسائر إضافية.

أيضاً، يشكّل قطاع الخدمات نحو 80 في المئة من الاقتصاد البريطاني، ويشمل صناعات مختلفة من التكنولوجيا إلى المحاسبة والخدمات القانونية والتأمين والاستشارات والتصميم المعماري إلى تصفيف الشعر. وفي حالة بريكست من دون اتفاق، سيصبح تقديم تلك الخدمات البريطانية في دول الاتحاد الأوروبي صعباً نتيجة الحاجة لالتزام لوائح وإجراءات مختلفة عما كان عليه الوضع وبريطانيا عضو في الاتحاد.

كما أن الخدمات التي تحتاج شهادات ومؤهلات مثل المحاماة والتصميم المعماري لن يعترف بمؤهلاتها البريطانية في أوروبا، ما يجعل من الصعب على المهنيين في تلك الصناعات الخدمية العمل في دول الاتحاد من دون ترخيص جديد لمؤهلاتهم.

أما القيود على انتقال العمالة ستجعل من الصعب على بريطانيا استقدام العمالة في موسم حصاد الإنتاج الزراعي مثلاً. وقد شهد موسم جمع الفراولة أخيراً أزمة بسبب قيود الانتقال نتيجة إجراءات الوقاية من انتشار وباء كورونا. وستتضاعف تلك الأزمات مع بريكست من دون اتفاق.

منذ نتيجة استفتاء 2016، بدأت بنوك ومؤسسات مالية كبرى مثل "اتش اس بي سي" و"جيه بي مورغان تشيس" في الاستعداد لاحتمال خسارة ميزة العمل ضمن الاتحاد الأوروبي وبدأت نقل مكاتب ووظائف من لندن إلى فرانكفورت وباريس وغيرها من المدن الرئيسة في أوروبا.

ما زالت تلك البنوك والمؤسسات المالية الدولية، التي تتخذ من حي المال والأعمال في العاصمة البريطانية (سيتي أوف لندن) مقراً لها، تضغط من أجل اتفاق "معادلة" يسمح بتجارة المشتقات الاستثمارية المقدرة بتريليونات الدولارات بين بريطانيا وأوروبا تحت قواعد موحدة.

وفي حال بريكست من دون اتفاق، وعدم التوصل حتى لاتفاق محدود للتجارة والخدمات المالية قبل نهاية العام ستنقل تلك البنوك والمؤسسات المالية المزيد من الوظائف والأعمال من بريطانيا إلى مدن أوروبية كي لا تخسر مزايا السوق الأوروبية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد