تحسن واقع العملة السورية عقب مساعٍ استندت إلى ضخ المزيد من القطع الأجنبي في الأسواق، وسبقتها سلسلة انهيارات شهدتها البلاد الأسبوع المنصرم بلغت ذروتها في 7 يونيو (حزيران)، وتخطت معها عتبة ثلاثة آلاف ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد. مقابل ذلك، هلّل موالون للسلطة في سوريا بـ"الانتصار" على المضاربين و"السوق السوداء"، بعدما أخذت التطورات خلال الـ72 ساعة الماضية في الساحة المالية منحى سياسياً.
بين المعارضة والحكومة
في مواجهة هبوط الليرة وارتفاع الأسعار، برز الحراك الشعبي "بدنا نعيش" عبر تظاهرات في مدينة السويداء، جنوب البلاد.
واللافت في هذا الحراك المناوئ للحكومة رفعِه شعارات لم تُطرح منذ انتفاضة عام 2011، حيث نادت بإسقاط النظام وطرد القوى الأجنبية، الروسية والإيرانية.
مقابل ذلك، خرجت مسيرات مؤيدة في مدن الساحل السوري والعاصمة، نددت بالشعارات المعارضة وأعربت عن تضامنها مع الدولة السورية، مع ترجيح تسيير حشود متضامنة تعمّ البلاد.
إسعاف الأسواق
ويتفاءل سوريون من ضخ المزيد من الدولار في الأسواق، بعدما وصل سعر الصرف (غير الرسمي) إلى حدود 2300 ليرة للدولار، بينما السعر النظامي 450 ليرة والتفضيلي 720 ليرة في البنك المركزي.
ويرجح اقتصاديون أن يتحسن سعر الصرف، لأسباب متعددة ومتداخلة أهمها طرح كميات من الدولار في السوق عبر مضاربين في السوق السوداء، تابعين للحكومة والتجار المقربين منها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ترك هذا التحسن تأثيره في سعر الذهب، حيث سجل المعدن الأصفر 80 ألف ليرة في الغرام الواحد عيار 21، بعدما تخطى حاجز المئة ألف ليرة، مسجلاً رقماً قياسياً لم تشهده الأسواق.
ويشير الباحث السياسي والاقتصادي آدم خوري، في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن الدولارات المطروحة قد وصلت إلى الحكومة من إحدى الدول، لأسباب سياسية "لكن لا نستطيع تأكيد هذه المعلومة بشكل مطلق".
وعن المعلومات المتداولة عن وصول طائرة شحن إيرانية مساء أمس الثلاثاء، يقول خوري إنه يتوقع أنها "كانت تحمل كمية من الدولارات لتهدئة الأسواق، وباعتقادي فإنَّ المعلومتين صحيحتان، وهذا السبب الرئيس الذي ساعد على عكس اتجاه الأسواق والعودة إلى انخفاض سعر الصرف لصالح الليرة".
من جهته، لا يتوقع خوري أن يبقى هذا التحسن الاقتصادي، "إذا صحت تسميته تحسناً، لفترة طويلة. وغالباً سنشهد بعدها عودة الأسواق إلى الارتفاع لصالح الدولار، وربما نشهد كسر قيم وأرقام وحواجز أعلى من الارتفاع الأخير".
الصمود ورغيف الخبز
جملة من العوامل أسهمت في انهيار عملة السوريين، أبرزها دخول قانون العقوبات الأميركي "قيصر" حيّز التنفيذ أول الشهر الحالي، على أن يبدأ تطبيقه فعلياً في 17 يونيو، بهدف الضغط على دمشق.
ويرى خوري أن "هذا القانون لا يمكن إنكاره واستنفد أكثر من 80 في المئة من مفعوله الإعلامي حالياً، ولا أعتقد أنه سيأتي بشيء جديد، لكن ربما يضيّق الخناق ويحد من حرية الحركة بشكل أكبر".
فيديوهات مخلوف
ويضاف إلى تلك المشكلات السياسية الشرخ الحاصل بين الدولة والملياردير السوري، رامي مخلوف. وترجح مصادر اقتصادية "محاولة مخلوف الضغط على الاقتصاد لتحقيق ما تَنبأَ به أخيراً بسوداوية الوضع الاقتصادي من بعده وإظهار تأثيره الفعال والقوي في الساحة".
في هذا الوقت يتخوف الناس من هذا الخلاف، مما دفع المزيد منهم للاتجاه نحو الدولار مع شكوك حول طريقة عمل البنك المركزي، بخاصة بشأن قراره إيقاف الحوالات وتحديد أسعار بعضها على نحو غير منطقي. ويقول خوري "الاقتصاد السوري سيبقى ضمن هذه الدوامة التي تسير في خط متصاعد نحو الهاوية إلى أن يأتي الوقت الذي تُزاح فيه العقوبات الاقتصادية وتعود الصناعة والعملية الإنتاجية وتبدأ عملية إعادة الإعمار، على أن يترافق مع ذلك حل سياسي يضمن حق الجميع في سوريا المستقبل".