Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل بدأت بوادر الموجة الثانية لوباء كورونا؟

فيروسات مماثلة سجلت موجات أخرى ولم تنته وتوقعات بإصابة 70 في المئة من العالم

أشخاص يشاهدون نافورة دبي بعد رفع الحظر (أ.ف.ب)

لم تنتظر دول عديدة حول العالم نهاية فيروس كورونا حتى تخطط أو تبدأ في رفع القيود التي فرضت لاحتوائه، ذلك أن عجلة الاقتصاد يجب أن تدور والإنتاج يجب أن يستأنف، لكن هناك قلقاً يمكن التعبير عنه بكلمتين: الموجة الثانية والثالثة.

فبعد أن بدأت المطاعم والمتنزهات في الفتح مجدداً، وعاد بعض الموظفين إلى أعمالهم في أجزاء من أوروبا والعالم، فيما تشهد دول أخرى معدلات إصابة ووفيات مرتفعة، مثل أميركا، والهند، ودول أميركا الجنوبية، يقول خبراء إنه على الرغم من عدم انتهاء الموجة الأولى من كورونا، فإن الموجة الثانية المنتظرة ستحدد شكلها سلوكيات الناس، ووسائل التباعد الاجتماعي، وكثافة الفحوصات، ووسائل احتواء المرض الأخرى.

 

تحذيرات جادة

وأطلقت وكالات أميركية وبريطانية وألمانية تحذيرات جادة من حدوث موجة ثانية فاتكة أكثر من الأولى. وقالوا إن ظهور كابوس كورونا قد يتسبب في وقوع إصابات ضخمة، الأمر الذي قد يغرِق الأنظمة الصحية، ويعيد العالم إلى المربع الأول "الإغلاق".

وبين مصدق ومكذب وخائف ومطمئن، لا يخفى على أحد أن أحد السيناريوهات المطروحة، هو أن نسبة الإصابات ستستمر في الصعود والهبوط، حتى يتم تطعيم معظم السكان أو تطوير مناعة جماعية ضد المرض. وذكر معهد "روبرت كوخ" الألماني المتخصص في أبحاث الأمراض المعدية والفيروسات، أنه ستكون هناك موجات أخرى من وباء كورونا وسيتسبب هذا الفيروس في مزيد من الإصابات حتى يُصاب ما يتراوح بين 60 و70 في المئة من السكان".

 

لم ننتهِ بعد

بداية، تردد استشاري الأمراض الباطنية والأمراض المعدية، نزار باهبري، في الحديث عن حدوث موجة أخرى للمرض، مشيراً إلى أننا لم ننته بعد من الموجة الأولى، ومثله لم يجزم استشاري الأمراض التنفسية النشمي العنزي بإمكانية حدوث موجة ثانية أو ثالثة، مشيراً إلى أنه إذا أزيلت جميع الإجراءات الاحترازية تماماً وبعد اختفاء المرض فإذا عاد في الشتاء المقبل حينها نطلق عليه موجة ثانية. وقال "دائماً ما تقاس إحصائيات المرض بالحالات الحرجة، فإذا انتهت هذه الحالات ثم عاودت الظهور مع زيادة أعداد الإصابة والوفيات تباعاً هنا نطلق على ذلك الموجة الثانية.

بينما نفى أستاذ مساعد علم الوبائيات والإحصاء الحيوي، إبراهيم الغامدي، حدوث موجة أخرى لفيروس كورونا المستجد، مستشهداً بإحصائيات الدول الأوروبية التي بدأت الحالات فيها تتراجع.

وعلى النقيض، أطلق الأستاذ المشارك واستشاري جراحة الكلى والمناظير، خالد العتيبي، تحذيراً من حدوث موجة ثانية من الوباء، محذراً بشدة من التصرف العشوائي وداعياً إلى الحظر الكلي.

 

هل بدأت البوادر؟

ضربة قوية أصابت الهند بعد تخفيف القيود، حيث تدهور الوضع الصحي في البلاد، فقد سجلت أعداداً مرتفعة للإصابة بكورونا بعد إعلانها السيطرة على المرض والانخفاض التدريجي في عدد الحالات، لكن ارتفعت معدلات الوفاة خلال اليومين الماضيين لتصبح الأعلى في العالم.

وبين انخفاض وارتفاع في دول الخليج إثر تطبيق إجراءات صارمة في الحظر الكلي ثم فتحه ثم إعادته، وصل عدد الإصابات بها اليوم إلى 7193 مصاباً و51 وفاة جديدة، حيث سجلت العدد الأكبر منذ بدأ الوباء فيها.

وفي إيران أثار ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المخاوف من تفشي موجة ثانية في البلد الذي عرف أوسع انتشار للفيروس في منطقة الشرق الأوسط. وتعهدت الحكومة الإيرانية بـ"التصدي لأي موجات تفشٍّ جديدة لـ(كوفيد-19("، لكنها لا ترى أفقاً لنهاية وشيكة للوباء، فيما أعادت ارتفاع عدد المصابين إلى تسارع عمليات التحري، معلنة دخول الوفيات المسار التنازلي.

ما هي الموجة الثانية؟

تحدث الأوبئة الواسعة الانتشار نتيجة مسببات لا تتمتع غالبية البشر بمناعة ضدها، الأمر الذي يسمح لها بأن تصبح جائحة، أي الوباء الذي ينتشر في مساحة ضخمة مثل قارة، وربما يمتد إلى العالم كله، كما في حالة فيروس كورونا، ويصيب عدداً كبيراً من البشر بسرعة فائقة.

وما يحدث غالباً في الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي أنها تنتشر على نطاق واسع ثم تتراجع، تماماً مثل موجات البحر الزلزالية "تسونامي"، وبعد بضعة أشهر تعاود الظهور مجدداً وتنتشر في العالم أو في أجزاء منه فيما يعرف بـ"الموجة الثانية."

 

مناعة القطيع

يمكن أن تتراجع أوبئة الجهاز التنفسي مثل جائحة الإنفلونزاً مؤقتاً بسبب الطقس، وربما يكون الفيروس قد أصاب عدداً كبيراً من الناس في معظم المناطق، ما يمنحهم مناعة، وربما يكتسبون مناعة القطيع، الأمر الذي يحمي أولئك الذين لم يصابوا بالعدوى، عبر الحد من تفشي الفيروس.

وفي حالة فيروس كورونا، عملت غالبية الدول على فرض قيود على حركة البشر، كما تبنى كثير من الناس طواعية أو قسراً تدابير التباعد الاجتماعي، بحيث يصعب انتشار العدوى أمر صعبا.

 

عود الفيروس

هناك عددٌ من الاحتمالات، كأن تحدث طفرة جينية في الفيروس، بحيث يصعب على أجهزة المناعة البشرية أن تتعرف عليه، ففي خريف عام 1918، حدثت الموجة الثانية من الإنفلونزا الإسبانية، وتسببت في وفيات كانت بالملايين. ويعتقد بعض الباحثين أن الموجة الثانية كانت ناتجة عن طفرة جعلت الفيروس غير معروف أبداً بالنسبة إلى مناعة البشر، وهناك احتمال آخر يتعلق بحركة الفيروس نحو السكان الذين لم يتعرضوا له وتتسم مناعتهم بالضعف.

ثلاث موجات للإنفلونزا الإسبانية

انتشرت الإنفلونزا الإسبانية على ثلاث موجات قبل اختفائها، فالموجة الأولى ظهرت في النصف الشمالي من الكرة الأرضية في ربيع عام 1918، وتسببت في عدد قليل من الضحايا وبدت إلى حد كبير مثل الإنفلونزا الموسمية.

لاحقاً اندلعت موجة ثانية في أواخر أغسطس (آب) من العام نفسه، وهذه المرة كانت أكثر ضراوة وحدثت خلالها غالبية الوفيات البالغ عددها 50 مليوناً في الأسابيع الـ13 بين منتصف سبتمبر (أيلول) ومنتصف ديسمبر (كانون الأول).

أما الموجة الثالثة والأخيرة فقد وقعت في الأشهر الأولى من عام 1919 واستمرت حتى الربيع، وكانت أقل شدة من الثانية. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن عدد الموجات وتسلسلها الزمني يختلف بين نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.

 

تحذيرات وكالات الأنباء الأجنبية

سلطت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، الجمعة الماضي، الضوء على المخاوف التي بدأت تخرج إلى العلن بشأن احتمال حدوث موجة ثانية من الفيروس، وقالت إن ظهور كابوس كورونا مجدداً قد يتسبب في وقوع إصابات ضخمة، الأمر الذي قد يغرق الأنظمة الصحية، ويعيد العالم إلى المربع الأول: الإغلاق.

وتوقع معهد "روبرت كوخ" الألماني لأبحاث الأمراض المعدية، أن تكون هناك موجات أخرى من وباء كورونا. وقال رئيس المعهد، لوتار فيلر، "هذه جائحة. وفي الجائحة سيتسبب هذا الفيروس في مزيد من الإصابات حتى يُصاب ما يتراوح بين 60 و70% من السكان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوقع فيلر موجات ثانية وثالثه من الإصابات بفيروس كورونا، مؤكداً أن بلاده مستعدة بشكل جيد للتعامل معها. وأضاف الخبير الألماني "من الواضح أنه، اعتمادا على مدى قوة الموجة الثانية، سيتعين اتخاذ إجراءات معينة مرة أخرى إذا أردنا إبطاء الموجة، ولا أعرف كيف يمكن التعامل معها بشكل مختلف".

وأشار تقرير لصحيفة "غارديان" البريطانية، إلى اختبارات الأجسام المضادة في معظم الأماكن، إلى أن إجراءات الحجر الصحي كانت مؤثرة للغاية في إبطاء انتشار المرض. وقد تمكنت نسبة 10 في المئة من تعداد سكان في دول فرنسا، وإسبانيا، والسويد من تطوير هذه الأجسام المضادة.

ويعتبر خلق الأجسام المضادة دليلاً على الإصابة سابقاً بالفيروس، ما يعني نظرياً وجود مناعة تقي الإصابة من المرض، ولو على المدى القصير، إلا أن هذا يعني أن الغالبية العظمى من الشعب لم تصب بالمرض.

وتقول عالمة الأوبئة في جامعة كولومبيا، أنجيلا راسموسن، إنه في حال ما فتحت المجتمعات الحياة العامة مرة أخرى قبل أن يتم القضاء على المرض بالشكل الكافي، فإن هذا يعني أن الموجة الأولى من المرض لم تنته بشكل كبير.

وأضافت "لقد رفعنا إجراءات الغلق العام في الولايات المتحدة رغم تزايد أعداد الإصابات في بعض الولايات، ربما يكون لدينا فقط ذروات إصابة وبؤر تحدث من وقت إلى آخر مجدداً، وذلك مع تغير سلوكيات الناس".

ويمكن تقليص نسبة الإصابة من خلال ارتداء الأقنعة، واستخدام وسائل النقل العام بتدرج، وتجنب الفعاليات الاجتماعية المزدحمة، إذ إن الأخيرة هي أحد أكبر أسباب انتشار المرض، وهي ضمن الأسباب الرئيسة لتفشي الموجة الأولى من المرض، وفقا لتقرير "غارديان".

وترى راسموسن أنه ربما تلجأ الحكومات إلى الحجر العام مجدداً في حال تفشى المرض بشكل كبير، كمحاولة لاحتواء سرعة انتشاره.

 

موجات مستقبلية

تتشابه أوبئة الإنفلونزا من حيث أنماط اندلاع موجاتها، فالموجة الثانية عادة تأتي بعد ستة أشهر من اندلاع الأولى، إلا أنه لا ضمانة بأن يسير فيروس كورونا المستجد على النمط نفسه. وسيكون التباعد الاجتماعي والفحوصات من الأمور الحاسمة في مستقبل الجائحة التي نعيشها، إلا أن شكلها سيختلف وفقاً لعوامل خارجية هذه المرة بعيداً عن سيطرتنا، كمناعتنا تجاه المرض، وطول المدة التي يمكن لهذه الحماية أن تصمد.

ويمكن لبعض المناعات المكتسبة أن تستمر لعقود، فخلال جائحة إنفلونزا الخنازير عام 2009، كانت السلطات الصحية العامة في حيرة من أمرها بشأن حصانة المسنين. وقد اكتشف الباحثون لاحقاً أن الفيروس كان مشابهاً هيكلياً للفيروس الذي انتشر خلال جائحة عام 1918. وقد تعاملت أجهزة المناعة لدى العديد من كبار السن مع هذا المرض قبل 92 عاماً.

ويقول تقرير من جامعة هارفارد الأميركية، أن مقاومة بعض الفيروسات التاجية المكتشفة سابقا تتلاشى في غضون عام، وفي حال لم تكن الحصانة ضد فيروس كورونا دائمة، فمن المحتمل أن يأتي المرض في موجات سنوية أو كل سنتين أو نوبات متفرقة.

وقد تتأثر موجات تفشي الفيروس بالطقس، حيث تنتشر معظم فيروسات الإنفلونزا بشكل أسهل وأكبر في فصل الشتاء، حيث يعتقد العلماء أن الفيروس يفضل الهواء الجاف على الرطوبة، ولأن الأشخاص في البيئات الباردة يقضون مزيداً من الوقت في الأماكن المغلقة ويقتربون من بعضهم البعض.

أمر آخر يقلق العلماء، وهو تحور الفيروس ما قد يؤدي إلى موجة جديدة من الإصابات، إلا أنه لا يوجد دليل حتى الآن على أي تغيير محوري يمثل خطراً على الجهاز المناعي عند الإنسان.

لكن راسموسن نوهت إلى أن هذا لا يعني انعدام احتمالية تحور المرض بشكل كبير، فقد تظهر سلالات جديدة من الفيروس في المستقبل، رغم عدم وجود دليل على ذلك الآن.

أما بالنسبة إلى بعض الدول التي طورت نظاماً صحياً قائماً على الفحص المكثف وتتبع الحالات، فلحسن حظهم قد تكون الموجة الأولى للمرض هي الأخيرة التي يشهدونها.

ويقول نيك ويلسون، أستاذ الصحة العامة في جامعة أوتاغو في نيوزيلندا، إن الدول التي تمكنت من القضاء فعلياً على الفيروس من خلال إنشاء أنظمة رصد قوية لأي سلسلة تفش جديدة، قد لا تشهد موجات تفش جديدة أو موجات مستقبلية على الإطلاق. وقد لا ينتشر المرض للأسباب نفسها في دول أخرى مثل كوريا الجنوبية وأستراليا، إلا أن هذا الخيار قد لا يكون متاحاً عند معظم الدول، خصوصاً التي لديها كثافة سكانية مرتفعة.

 

أكثر فتكاً

وفي بريطانيا، طالب ما يقرب من 30 خبيراً علمياً بارزا في حكومة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ببدء تحقيق عام لإعداد البلاد لمواجهة موجة ثانية من فيروس كورونا المستجد.

وتقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، إن هذه المطالبة تعد علامة أخرى على وجود فجوة متنامية في التعامل مع فيروس كورونا بين وزراء الحكومة ومستشاريها العلميين.

وقالت مجموعة الخبراء إن الموجة الثانية "محتملة" هذا الشتاء، وحذرت من أنها "ستكون أكثر فتكاً إذا لم تعالج الحكومة إخفاقاتها من تفشي المرض السابق".

وذكرت الصحيفة أن رسالة حادة اللهجة بعث بها الخبراء إلى الحكومة نُشرت الجمعة الماضي، وانتقد الموقعون عليها نهج الحكومة في السيطرة على الاختبار، وعدم الرغبة في جعل المسؤولية من مهام مؤسسة الصحة العامة. ومن بين الموقعين أساتذة بارزون في علم الفيروسات والصحة العامة وعلماء في أفضل جامعات البلاد.

وقال 4 خبراء في المجموعة الاستشارية العلمية الحكومية، الأسبوع الماضي، إن "قرار تخفيف الإغلاق في إنجلترا سيعرض حياة الناس للخطر"، وحذر الخبراء من أنه "سيموت الكثيرون إلا إذا وجدنا حلولاً سريعة وعملية لبعض المشكلات الهيكلية التي جعلت تنفيذ الاستجابة الفعالة أمراً بالغ الصعوبة".

منظمة الصحة العالمية

لا تزال منظمة الصحة العالمية، كما العديد من الخبراء حول العالم تتوقع موجات أخرى لفيروس كورونا، وذلك بعدما أشار أحمد المنظري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط، إلى أن المنظمة تتوقع موجة ثانية وثالثة من الوباء، ناصحاً السلطات المعنية في كافة الدول بالفتح التدريجي والمدروس وليس رفع القيود بشكل كلي، كما نصح باستمرار عمل لجان لتقصي إصابات كورونا.

وسبق أن أكدت المنظمة أن فيروس كورونا المستجد سيبقى بين المجتمع البشري "لوقت طويل"، معتبرة أن موجة ثانية للجائحة على الأقل ستضرب العالم بسبب عدم وجود أي لقاح جاهز ضد المرض حتى الآن.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات