Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"هدية للسخرية"... فكاهي روسي بارز يردّ على قانون جديد يحظّر انتقاد الكرملين

"غداً سيجعلون المدح إلزامياً" قال أندري بيلزو لـموقع الإندبندنت:

يقول بيلزو "أن القانون سيكون له تأثير فوري ومريع على أي شخص يعمل في مجال السخرية" (ويكيميديا)

في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وبعد 10 سنوات من ممارسة الطب، استبدل الفكاهيّ الروسيّ أندريه بيلزو معطفَ طبِّ الأمراض النفسية الأبيض بما سيصبح لاحقاً مهنةً ناجحة للغاية في الكاريكاتير السياسيّ.

وعلى مدار السنوات الماضية، وبينما كانت روسيا تتخبّط وسط اضطرابات جيوسياسية هائلة، كانت رسومات بيلزو اللاذعة تستوحي الكثير من معرفته بمهنته السابقة. لكن مجموعة أدواته المستمدة من الطبّ النفسيّ كانت أكثر استشرافاً في السنوات الأخيرة، وفق قوله.

يقول بيلزو: "ببساطة، فرانس كافكا سيجد صعوبة في الاستيقاظ في روسيا اليوم".

في غضون الأسبوع المقبل، يبدو أن السلطات الروسية ستصدر قانوناً جديداً مثيراً للجدل يفرض غرامات كبيرة وأحكاماً بالسجن جزاء "إهانة" الدولة ومسؤوليها عبر الإنترنت. وهذه آخر حلقة في سلسلة من المبادرات التشريعية التي تحدّ في شكل كبيرٍ من الحريات على الإنترنت، ومن المرجّح أن يحوز مشروع القانون توقيع فلاديمير بوتين بعد وقت قصيرٍ من انعقاد مجلس الاتحاد في 13 مارس (آذار). بعدها ستصبح كتابة مقالات مشاكسة عن الرئيس مسألة بالغة الخطورة.

وبالنسبة إلى بيلزو، فإن القانون الجديد لا يمثل إهانة لحرية التعبير فحسب، بل هو ارتكاس "نفسيّ" لحكومة "منفصلة عن الواقع". ويقول بيلزو إن الرئيس بوتين، على غرار "الإمبراطور العاري" صار يصدّق ما يخبره به أشخاص من حاشيته الضيقة. لكن الشيء المثير للاهتمام هو ما يحدث بعد ذلك: "اليوم أنت تتحدّث عن قانون يمنع أي نقدٍ لمن هم في السلطة. غداً ستجعل مدحهم إلزامياً".

وعلى الرغم من أن مشروع القانون حصل، على ما يبدو، على موافقةٍ ضمنية من الكرملين والأجهزة الأمنية - وهذا واضحٌ لأن من قدّموه هم من النواب الأوفياء - أعربت بعض الهيئات الحكومية عن مخاوفها إزاء الصياغة الغامضة. على سبيل المثل، حذرت هيئة مراقبة الاتصالات الحكومية من "القيود غير المعقولة على الحقوق الدستورية لحرية التعبير". وقال ميخائيل فيدوتوف، رئيس مجلس حقوق الإنسان الخاص بالرئيس، إن غياب الموضوعية في مشروع القانون كانت علامةً على "تعسّفه". ويعتقد بعضهم، طبعاً، أن هذا الغموض مقصودٌ وسيُستخدم للضغط على معارضي النظام.

ولكن كما هو الحال مع العديد من القوانين الروسية الأكثر صرامة، فمن المرجّح ألا تطبّق القيود إلا على نحو انتقائي. ويتّفق بيلزو على أن المدن الكبيرة مثل موسكو وسان بطرسبرغ ويكاترينبورغ قد تستمر في توفير هامشاً نسبياً للتعبير الحر. لكن في المدن الصغيرة، من المحتمل أن يكون الوضع أسوأ بكثير.

يقول بيلزو: "فقط تخيّل أنك طفل في بلدة من البلدات، حيث تعرف أن رئيس البلدية أو العمدة يكذب ويسرق، لكن المدرسة والسلطات على العكس من ذلك تطلب منك أن تمدحه. هذه هي النقطة التي لم يعد فيها العبث مضحكاً. إنه يحرّف البنية النفسية لجيل كامل، وهذا ما يجعله فظيعاً للغاية".

ويضيف بيلزو أن القانون سيكون له تأثير فوريّ ومريعٌ على أيّ شخصٍ يعمل في مجال السخرية. هو لا يعتبر نفسه في مأمن ويقول إن محاكمة المخرج المسرحي كيريل سيريبرينيكوف، وهو تحت الإقامة الجبرية منذ أغسطس (آب) 2017، "يظهر أن الشهرة لا توفر الحماية". ويضيف أن ثلثَي العمل الذي نشره في التسعينيات قد لا يكون قابلاً للنشر اليوم.

لكن السخرية نادراً ما تموت، وفقاً لبيزو. إذا أمكن القياس على التجربة السوفياتية، فإن حملة القمع قد تكون هديّة لهذا النوع من الفن.

ويشير إلى أنه "ربما الآن هو الوقت المناسب لأخذ عبثية القانون والتعامل معها. ربما من الآن فصاعداً يجب أن نقول إن السلطات نزيهة للغاية، وتهتم بالشعب، ولا تختلس أرباح الموارد الطبيعية لبناء قصور ضخمة على البحر الأسود ليستمتع بها الناس. فالأمة سترى الكذب على حقيقته".

وبالفعل، أدى القانون المثير للجدل إلى ظهور موضوع جديد للمزاح والتنكيت. فأحد الأشخاص أشار إلى أن مبادرة حظر إهانة الحكومة "منطقية تاماً". وأضاف بسخرية: "لا يجب أن تتحدث أبداً بسوء عن أولئك الذين غادرونا".

© The Independent

المزيد من دوليات