Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة الوفاق تدير ظهرها للهدنة العسكرية غرب ليبيا

مؤشرات مقلقة عن فرص التقارب والتوافق وإحلال سلام ولو بشكل مؤقت

مشهد دمار في أحد أحياء العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

رفضت حكومة الوفاق الليبية، الهدنة التي أعلنها الجيش الوطني غرب البلاد، مستمرةً في مواقفها المتصلبة من كل المقترحات الأخيرة للتهدئة، من داخل ليبيا وخارجها، ومرسلةً مؤشرات مقلقة عن فرص التقارب والتوافق وإحلال سلام ولو بشكل مؤقت في البلاد.

وكانت حكومة الوفاق رفضت قبل أيام مقترحاً لهدنة إنسانية في شهر رمضان، تقدم به الاتحاد الأوروبي، كما أعلنت عدم قبولها بعملية إيريني الأوروبية لمراقبة حظر السلاح في ليبيا، واصفةً إيّاها بالمتحيّزة للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.

رفض الهدنة

في أول ردّ له على الهدنة التي أعلنها الجيش الليبي، في مواقع القتال غرب البلاد، رفض المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، في بيان الالتزام بها، قائلاً إنه "قبِلَ بالهدنة أكثر من مرة، من دون أن يجد استجابة من الطرف الآخر، الذي واصل هجومه على أحياء طرابلس".

ولاقى رفض حكومة الوفاق، ترحيباً في الأوساط المقربة منها، التي أبدت إصراراً على التصعيد ومواصلة العمل العسكري، إذ أعلنت وزارة خارجيتها في بيان لافت أن الوزير محمد الطاهر سيالة، أجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لمناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا.

تجدد المعارك

رفض الوفاق للهدنة لم يكن على الورق فقط، بل جسّدته قواتها بهجوم على عدد من مواقع الجيش جنوب طرابلس، حيث صرح اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الليبي، أن "المدفعية التركية قصفت من قاعدة معيتيقة مواقع للجيش، على الرغم من الهدنة التي أعلنتها القوات المسلحة الليبية".

وأضاف في تصريحات صحافية أن "ميليشيات الوفاق لم تتوقف عن قصف مواقع الجيش منذ إعلان الهدنة"، موضحاً أن "الجيش ردّ على عمليات الاختراق من قبل ميليشيات الوفاق"، ومؤكداً أن "هناك قصفاً مدفعياً متبادلاً بين الجيش والميليشيات، في إطار التصدّي للانتهاك المتواصل للهدنة".

وكان المسماري أعلن "وقف العمليات العسكرية في شهر رمضان، استجابةً لمطالب المجتمع الدولي"، قائلاً إنّ "أي خرق من ميليشيات الوفاق، سيتصدّى له الجيش بشكل فوري وصارم".

وأوضح المسماري أن "الجيش بصدد إصدار إعلان دستوري خلال أيام، يشمل خريطة طريق جديدة لتحقيق أحلام الشعب الليبي".

سجال وتصعيد

أدى رفض حكومة الوفاق، القبول بهدنة الجيش، إلى أجواء مشحونة في الأوساط السياسية المقربة من المعسكَرَيْن، وحالة من السجال على مواقع التواصل وشاشات الفضائيات في ليبيا، حيث قال جمعة القماطي، مبعوث الوفاق إلى دول المغرب العربي ورئيس حزب التغيير، إنّ "قرار حكومة الوفاق برفض هدنة حفتر هو الصواب".

وأضاف أن "حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية في ليبيا، ويجب أن تستمر في استهداف كل أماكن التهديد"، معتبراً أنه "ليس أمام حفتر إلّا الانسحاب من الغرب والجنوب والموانئ النفطية، أو هزيمة ساحقة في الميدان".

واستهجن الصحافي الليبي خالد طلوبة هذه التصريحات، معتبراً إيّاها "دعوة صريحة إلى التصعيد، تظهر من هو الطرف المتعنّت في مسار الأزمة الليبية".

وقال في حديث لـ"اندبندنت عربية" إنه "بعد هذه الهدنة المعلنة من الجيش، وما تبعها من رفض حكومة الوفاق لها، رفع الحرج عن الجيش في مواصلة تطهير وتحرير البلاد من الميليشيات والعدوان التركي، بعد استنفاذ كل محاولات الحلول السلمية للأزمة".

ترحيب وتحذير

في سياق متصل، طلبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، استثمار فرصة الهدنة لإحياء الحوار السياسي المتعثر، قائلةً إنها "تدعو الطرفين إلى اغتنام هذه الفرصة، لوقف جميع العمليات العسكرية على الفور واستئناف محادثات اللجنة العسكرية المشتركة، عبر الاتصال المرئي، إذا لزم الأمر، للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، استناداً إلى مسودة الاتفاق الذي اقترحته في 23 فبراير (شباط) الماضي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت البعثة في بيان أنها "ترحب بالمبادرات التي من شأنها أن تسمح للشعب الليبي الذي يرزح تحت وطأة هذا النزاع، بالاحتفاء بشهر رمضان المبارك بسلام"، مطالبةً "جميع الأطراف بالامتناع عن أي أعمال أو تصريحات استفزازية، تهدّد احتمالات تحقيق هدنة حقيقية واستدامتها".

ودعا البيان "الدول التي تغذّي النزاع بشكل مباشر، من خلال توفيرها الأسلحة والمرتزقة، إلى الالتزام بحظر التسليح وإنفاذه، على النحو الذي نصّت عليه خلاصات مؤتمر برلين والقرار رقم 2510، الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

البحث عن بديل سلامة

في هذه الأثناء وفي إطار الجهود الدولية لاحتواء الأزمة الليبية، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنه "يأمل في تعيين مبعوث أممي في ليبيا قريباً، خلفاً لغسان سلامة المستقيل في مارس الماضي"، مؤكداً "دراسته لأسماء عدد من المرشحين لمنصب المبعوث الخاص ورئيس البعثة".

وأضاف في تصريحات صحافية "نأمل في أن يكون ذلك ممكناً في المستقبل القريب. لن أعطي أسماء، لكننا نشارك بنشاط في مشاورات مع بعض الأسماء، وأتمنى أن يسمح لنا ذلك بحلّ هذه المشكلة بسرعة كبيرة".

واعتبر أن "الأمم المتحدة تأخرت في تعيين مرشح، بسبب الصعوبات في التوصّل إلى إجماع ضروري حول اسم بعينه".

تصريحات غوتيريش، خصوصاً المتعلّقة بصعوبة اختيار اسم لخلافة غسان سلامة، على رأس بعثة الدعم الدولية، تكشف عن الدور الذي تلعبه الخلافات الدولية وتقاطع مصالح دول كبرى في ليبيا، في تعميق الأزمة وتأخير وربما استحالة حلحلتها، بحسب أستاذ العلوم السياسية جمال الشطشاط، في حديث لـ"اندبندنت عربية".

واعتبر الشطشاط أنه "لا مفر من الاعتراف بأن حلّ العقدة الليبية يكمن في التوصل إلى تفاهمات بين هذه الدول المؤثرة في المشهد الليبي والمتدخلة في سياق الأزمة، وغير ذلك هو ذر للرماد في العيون وإضاعة للوقت، لن يفضي إلى معالجات حقيقية وشافية".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي