Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد 25 عاما على أوكلاهوما التهديد اليميني ما زال قائماً

"الأيديولوجيا التي وضعت تيموثي ماكفيغ ذات مرة على الهامش العنيف في التفكير السياسي الأميركي باتت اليوم أكثر قرباً إلى التيار السائد في الحزب الجمهوري"

الواجهة الشمالية للمبنى الفيدرالي بمدينة أوكلاهوما الأميركية بعد الهجوم الذي أودى بحياة 168 شخصا (أ.ب.)

يقول خبراء إن التهديد الذي يمثله الجناح اليميني المتطرف هو اليوم قائم بالدرجة نفسها التي كان عليها حين وقعت تفجيرات مدينة أوكلاهوما، ومن المرجح أن تقع هجمات عنيفة أخرى، خصوصا إذا فشل دونالد ترمب في الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

فبعد مرور 25 سنة على مقتل 168 شخصاً وإصابة أكثر من 680 آخرين في التفجير الذي تعرض له مبنى ألفريد بي موراه الفيدرالي، وهي حادثة لا تزال الأكثر دموية على الصعيد المحلي في تاريخ الهجمات الإرهابية داخل الولايات المتحدة، تواجه البلاد مرة أخرى موجة من التطرف اليميني.

وإذ تتهيأ مدينة أوكلاهوما لتحيي الذكرى الـ 25 لهذا الهجوم، فقد فرض تفشي فيروس كوفيد-19 نقل مراسم التأبين السنوية عبر الإنترنت بدلاً من أدائها أمام الحضور الحاشد عادة وقراءة أسماء الضحايا. وفي هذه المناسبة، أصدر خبراء تحذيراً شديد اللهجة من أن اليمينيين المتطرفين كتيموثي ماكفيغ وتيري نيكلوس اللذين دبرا تفجيرات مدينة أوكلاهوما ما زالوا نشطين وفعالين.

ففي السنة الماضية وحدها، كان اليمينيون المتطرفون مسؤولين عن الغالبية الساحقة للهجمات العنيفة في البلاد، لا بل كلها باستثناء عدد قليل نفذه إرهابيون مسلمون ناشئون داخل الولايات المتحدة أو يساريون متطرفون. وتلك الحوادث تشمل إطلاق النار على عدد من الأفراد معاً في بلدة "إل باسو".

وعلى الرغم من أن محاولات دونالد ترمب للتقليل من أهمية التهديد الذي يمثله أقصى اليمين، فإن كريستوفر راي، مدير "مكتب التحقيقات الفيدرالي"، قال أمام الكونغرس في نوفمبر(تشرين الثاني) الماضي، "سأقول إن غالبية حالات الإرهاب المحلية التي نحقق فيها مستوحاة من واحدة من نماذج السلوك الذي يمكن تسميته بعنف التفوق العرقي".

وفي هذا السياق قال مارك بيتكافاج، الخبير في حركات أقصى اليمين الأميركية، والمستشار لـ "رابطة مكافحة التشهير" التي ترصد جرائم الكراهية، لصحيفة "اندبندنت"، إن "تفجيرات عام 1995 جاءت في خضّم مدّ تطرف الجناح اليميني، وفي عام 2020 نحن نشهد مدّاً لتطرف الجناح اليميني".

وأضاف بيتكافاج أن المتطرفين ينقسمون إلى مجموعتين رئيستين، إحداهما مؤمنة بتفوق العرق الأبيض، ومعادية للحكومة. فبعد فوز باراك أوباما عام 2008، كأول رئيس أميركي من أصل أفريقي، لاحظ الخبراء زيادة في النشاطات المناهضة للحكومة.

وأعطت حملة ترمب الانتخابية وفوزه بالرئاسة زخماً جديداً  للبيض المؤمنين بتفوقهم العرقي، خصوصا أنه طرح نفسه كسياسي معادٍ للمؤسسة ومتشددٍ في معارضته للهجرة. كما أن مجموعات مناهضة للحكومة، مثل حركة الميليشيات، دعمت أيضاً ترمب وهدد العديد منها باستخدام العنف إن هو  خسر أمام هيلاري كلينتون منافسته في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حافظت هذه التنظيمات على هدوئها بشكل عام خلال السنوات الثلاث الأولى من حكم ترمب، لكنها أصبحت خلال السنة الماضية أكثر نشاطاً. وتعود هذه الحيوية جزئياً إلى صدور قوانين، سُميت بالراية الحمراء، وسعت للسيطرة على العنف الناجم عن استعمال الأسلحة النارية. وهناك سبب آخر مستجدّ لفورة المجموعات المتطرفة وهو التعبير عن الغضب حيال النُظم التي وضعتها الولايات الأميركية موضع تنفيذ في إطار مكافحتها تفشي فيروس كورونا.

ولدى سؤال بيتكافاج عن إمكانية اندلاع موجة أخرى من العنف الموجه ضد الحكومة وأهداف أخرى في حال فوز جو بايدن أو أي مرشح ديمقراطي بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، قال "من المؤكد أن ذلك مرجح".

من جانبها، كانت جَي جَي ماكناب، الاستاذة في جامعة جورج واشنطن، والخبيرة في المتطرفين، تراقب الاحتجاجات التي وقعت هذا الأسبوع ضد الحكومة في ميشيغان، وأوهايو وولايات أخرى. وقالت إنها كانت مزيجاً من احتجاجات أشخاص عاديين وأخرى يقف وراءها متطرفون، لذلك كان بين آلاف المحتجين الذين تجمعوا أمام المباني التشريعية في مدينة لانسينغ، أعضاء في ميليشيات مسلحة وآخرون كانوا يرفعون لافتات مكتوب عليها جملة ترمب الشهيرة: "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

ولفتت ماكناب إلى أن التهديد المتأتي من متطرفي جناح يميني كان حقيقياً للغاية، وأشارت إلى الخطة الإرهابية الفاشلة في مدينة كنساس، التي كُشف عنها من خلال رفع غطاء السرية عن وثائق المحكمة التي أظهرت أن تيموثي ويلسون، 36 سنة، وهو عسكري سابق رزق بأربعة أطفال، كان يدبر لاستهداف مستشفى.

وأُفيد بأن ويلسون كان يخطط لهجوم ما لفترة لا تقل عن ستة أشهر، بحسب ما قال عميل سري تابع لـ "مكتب التحقيقات الفيدرالي" (أف بي آي)، ويبدو أن غضبه من إقفال المدينة بسبب فيروس كورونا، بلغ درجة دفعته إلى  شنّ هجوم على "مركز بلتون الطبي الإقليمي".

وجاء في إفادة الـ "أف بي آي" بأن ويلسون، الذي قُتل برصاص عملاء "المكتب"  في سياق تبادل إطلاق النار بين الطرفين، كان يريد "خلق فوضى كافية للشروع في ثورة".

وحين دُعيت ماكناب للمقارنة بين التهديد الذي يشكله متطرفو الجناح اليميني اليوم وبين ما كانوا يشكلونه قبل 25 سنة، قالت "أظن أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلته أكبر من حيث العدد، لكن وسائل التواصل هذه تسمح بظهور شعور بالانتماء إلى كيان مجتمعي... وهذا لأن هؤلاء الأشخاص يستطيعون تخفيف توتر بعضهم بعضاً بدلاً من الانطلاق بمفردهم لتنفيذ شيء ما بشيء. لذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي سيف ذو حدين". وأضافت "التهديد حي وحقيقي والشكر لله على ما قام به مكتب التحقيقات الفيدرالي والمخبرون".

وفي حفل التأبين المقرر إجراؤه خلال عطلة نهاية الأسبوع  المقبلة، سيسعى الناجون والمسؤولون في المدينة إلى التطلع إلى الأمام، بدلاً من الالتفات إلى الوراء.

وفي هذا السياق قال بوب روس، وهو رئيس "مؤسسة المتحف والنصب التذكاري الوطنيين لمدينة أوكلاهوما" لشبكة "أيه بي سي نيوز" التلفزيونية، إن "مشاهدة العرض، ستلقي ضوءاً على التفجيرات، وستنظر في الوقت نفسه بحماسة إلى المستقبل لجهة ما يمكننا القيام به ككيان مجتمعي لضمان عدم حدوثه مرة أخرى أبداً".

وردّد آخرون  الكلام نفسه عن الحاجة للقيام بذلك. وهم يتهمون السلطات ليس فقط بالفشل في إجراء تحقيق مناسب يذهب أبعد من الأشخاص الثلاثة الذين تمت إدانتهم، ليطاول آخرين ربما لعبوا دوراً ما في الاعتداء نفسه وأيضاً في بلورة طبيعة التهديد القائم آنذاك وحالياً.

كان الكاتب والصحافي أندرو غامبيل، مراسلاً لصحيفة "اندبندنت" في الولايات المتحدة. وهو أيضاً مؤلف كتاب "مدينة أوكلاهوما: ما الذي فوّته التحقيق – ولماذا ما زال ذلك مهماً"، حيث رسم  صورة مفصلة مثيرة للقلق عن الخلل الوظيفي للحكومة والمنافسة المهيمنة على عمل الأجهزة المعنية، وهو أمر ستكشف عنه أيضاً هجمات 11 سبتمبر(أيلول) الإرهابية.

وأشار غامبيل إلى أن "أكثر الدروس أهمية للتفجيرات لم يتعلموها أبداً لأن الحكومة الأميركية كانت مهتمة فقط بإدانة ماكفيغ ونيكلوس، وليس في اعتراف نزيه بخطواتها الخاطئة والفرص التي أهدرتها... تمكنت منظومة تنفيذ القانون الفيدرالي حينذاك من أن تسقط في مطب التقليل من التهديد الصادر عن أقصى اليمين المتطرف، وأن تكون أيضاً مشلولة بالخوف عشية ما حدث في روبي ريدج وواكو- وهي مصادمات مع متطرفين معادين للحكومة خرجت عن السيطرة".

وأضاف غامبيل" حالياً، يجري التقليل من شأن التهديد، بشكل محزن، لكن لأسباب مختلفة. فما يثير الدهشة اليوم هو أن الأيديولوجيا التي وضعت تيم ماكفيغ  ذات مرة على الهامش العنيف في التفكير السياسي الأميركي باتت اليوم أكثر قرباً إلى التيار السائد في الحزب الجمهوري. علينا أن  نأمل بألا تكون هناك كارثة كبيرة كي يفهم البلد مخاطر تضخيم وتشجيع المتعصبين البيض تحت يافطة المنفعة السياسية".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير