Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبح كورونا يصل إلى أبواب المسنين العرب

رعايتهم صارت عبئاً أكبر مع تفشي الفيروس والأمم المتحدة: "أوضاعهم غير جيدة"

في ظل المساحات الضيقة للبيوت يصعب تطبيق التباعد الاجتماعي لحماية المسنين (أ.ف.ب)

الحاجة جميلة ابنة الـ78 عاماً تقيم في شقة ابنتها وزوجها وأبنائهما الثلاثة. الشقة غرفتان وصالة وحمّام واحد. وفكرة "التباعد الاجتماعي" أو حتى المعدل طبقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية باعتباره تباعداً جسدياً أمر غير وارد، نظراً لقيود جغرافية واستحالات توفير المساحة اللازمة للتباعد.

دور المسنين

وبعد سنوات من التنقل بين بيت الابنة وبيت الابن، وما نجم عن ذلك من مناوشات أسرية مع تدهور الصحة بحكم التقدم في العمر، استقر حسين البالغ حالياً من العمر 85 عاماً في دار للمسنين، حيث يشاركه الغرفة زميلٌ له في منتصف الثمانينيات أيضاً. وفي الدار نفسها يقيم نحو 40 مسناً ومسنة، بعضهم يتشارك في غرفة واحدة، والبعض الآخر يقيم في غرفة وَحدَه، وذلك بحسب القدرات المادية لسداد فاتورة الإقامة.

في الدار يطلقون على "العاملات" ممرضات، لكنهن في حقيقة الأمر "عاملات نظافة" يقمن بمهام تمريضية أحياناً، وهذا هو الحال في أغلب دور المسنين. الغالبية المطلقة من النزلاء والنزيلات تعاني أمراضاً تتراوح بين ارتفاع ضغط الدم، والسكري، والألزهايمر، والقلب وغيرها. مدير الدار حسين عبد العال، والذي يحمل درجة الدكتوراة في الهندسة وحالياً متقاعد عن العمل الهندسي، يقول إن الإدارة لم تشك بعد في إصابة أي من النزلاء بفيروس كورونا، والإجراءات المتبعة تتلخص في كمَّامات ترتديها العاملات، لكن كثيراً ما يتم إنزال الكمّامة أسفل الفم أثناء العمل، كما تم تعليق لافتة في مدخل الدار تطلب من أقارب النزلاء ارتداء كمّامات قبل الدخول مع تعقيم الأيدي بالمحلول الموجود على طاولة في المدخل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مدخل فيلا المحاسب عمر معتز وزوجته مهندسة الديكور سهى العلايلي، مقسوم نصفين، الأول يؤدي إلى محل إقامتهما مع أبنائهما الثلاثة، والآخر يؤدي إلى محل إقامة والدة معتز، حيث تم فرض إجراءات عزل حاسمة عليها. يقول معتز "منذ بداية أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد طبقتُ قواعد العزل على والدتي، فهي خضعت قبل سنوات لعملية قلبٍ مفتوح، ومريضة ضغط وسكري، وهو ما يجعلها بالإضافة لسنها من الفئات الأكثر عرضة للإصابة القاتلة، ويتم توفير كل طلباتها من خلال شخص واحد منا يتم تعقيم ملابسه بالكامل، ولا يقترب منها أبداً". ويضيف "في البداية كانت والدتي متضررة مما نتبعه من إجراءات احترازية، لكن بعد أسابيع من متابعتها للتلفزيون والأخبار الواردة من كل مكان حول الفيروس وإصاباته القاتلة تفهمت ما نقوم به من أجل حمايتها".

أخبار متواترة

التقارير الواردة عبر الشاشات العربية تنقل الكثير مما يجري في شأن كورونا في مشارق الأرض ومغاربها. مئات الأخبار تتواتر حول اكتشاف عشرات الإصابات بالفيروس في دور مسنين في إسبانيا، ونصف الوفيات بكورونا في كندا حدثت في دور المسنين، وباحثون بريطانيون يؤكدون أن نصف وفيات أوروبا حدث في دور المسنين. تقارير لا أول لها أو آخر عن مسنين في إيطاليا تنتابهم الرغبة في الانتحار لفرط الخوف من العدوى والموت من دون رفيق، وآخرين في ألمانيا لا يبدون هلعاً من الفيروس لكنهم على علم بما يمثله من خطورة على حياتهم، بخلاف قصص إنسانية عن مسنين مصابين بالفيروس طالبوا بفصل أجهزة التنفس عنهم لصالح آخرين أصغر سناً، والنتيجة "مشاهدة مقلقة" و"متابعة موترة" للملايين من أقرانهم في المنطقة العربية.

انتفاخة مسنين؟

في المنطقة العربية، وعلى الرغم من الانتفاخة الشبابية، فإن انتفاخة مسنين تلوح في الأفق أيضاً، فالفئة العمرية من 60 عاماً فأكثر تزيد بمرور الوقت، والفئة من 70 عاماً فأكثر، والتي تلقب بـ"أسن المسنين" تمثل 40 في المئة من المسنين عربياً في دول مثل الجزائر والأردن ولبنان والمغرب وتونس وليبيا، وذلك بحسب تقرير "فئة المسنين في المنطقة العربية: الاتجاهات الإحصائية ومنظور السياسات" (2017)، والصادر عن "صندوق الأمم المتحدة للسكان" في القاهرة. وبحلول عام 2050، كان يتوقع أن تتزايد فئة "أسن المسنين" بمعدل أعلى كثيراً مما سبق. وكان يُتوقع أن تمثل هذه الفئة 50 في المئة من المسنين في الجزائر وليبيا والمغرب وتونس.

وبحسب التقرير ذاته، الصادر قبل تفشي أزمة كورونا، فإن الأرقام تشير إلى تصاعد المرض في أوساط المسنين في المنطقة العربية، لا سيما الأمراض المزمنة. ويشير إلى انتشار ضغط الدم المرتفع في هذه الفئة بمعدلات تتراوح عربياً بين ربعها وخمسها، بالإضافة إلى السكري، والأمراض المتعلقة بالقلب والجهاز الهضمي، بالإضافة إلى الآثار السلبية للعادات الغذائية المستجدة وغير الصحية بين أبناء هذه الفئة.

شيخوخة السكان

زيادة أبناء هذه الفئة العمرية من السكان يفترض أن تكون ظاهرة إيجابية، إذ تعكس جودة نسبية في الأنظمة الصحية نجم عنها تسارع في التحول الديموغرافي بدأ في النصف الثاني من القرن العشرين، وتأثر بصفة خاصة بالانحدار السريع في معدلات الوفيات، فزاد عدد المسنين العرب. لكن "صندوق الأمم المتحدة للسكان" يشير إلى أن كل الدول العربية تمر بظاهرة "شيخوخة السكان"، وهو ما يتطلب استراتيجيات وخططاً مستقبلية عادلة لرعايتهم.

رعاية مسني ومسنات العالم العربي في زمن كورونا صارت ذات ثقل أعمق وعبء أكبر. أستاذ علم النفس في الجامعة الأميركية بالقاهرة، هاني هنري، يؤكد أن كل فئة من الفئات العمرية تحتاج إلى تعامل مختلف للحفاظ على هدوئها وصحتها النفسية في هذه الأوقات الصعبة، ولأن المسنين على رأس قائمة الفئات الأكثر عرضة للخطورة، فإن الضغط النفسي الذي يتعرضون له يحتاج إلى تعامل هادئ ويناسب أعمارهم، وكذلك مستوياتهم التعليمية والفكرية والنفسية، لأن هذه الفئة تكون بالغة الحساسية لما ومَنْ حولها.

ترشيد أخبار الوفيات

وعلى الرغم من النصيحة الموجهة لهم أو بالأحرى للمتعاملين معهم بتقليل مدة تعرضهم للأخبار وعدادات الإصابات وترشيد أخبار الوفيات، وقصص التنمر بالمرضى، والتحريض على عدم دفن الموتى وغيرها، فإن الواقع يشير إلى صعوبة هذا التطبيق، حيث شاشة التلفزيون هي الشريط والرفيق والصديق رقم واحد لنسبةٍ غالبةٍ من المسنين والمسنات في العالم العربي.

وإذا كان التحكم فيما تشاهده هذه الفئة العمرية أمراً وارداً في دور المسنين والرعاية، حيث تتحكم الإدارة في ما يتم عرضه على شاشة التلفزيون الرئيسة، أو حتى في الشاشات الموجودة في غرفهم حال وجودها، إلا أن التحكم فيما يتابعه المسنون والمسنات سواء الذين يقيمون وحدهم في بيوتهم، أو مع أبنائهم أو بناتهم أو أقاربهم أمر بالغ الصعوبة، لا سيما في مواصفات السكن الغالبة في العالم العربي.

في أغلب الدول العربية، باستثناء دول الخليج ذات الدخول ومستويات المعيشة المرتفعة، تتسم البيوت بمحدودية المساحات، كما أن المسنين والمسنات ينتقلون للعيش لدى الأبناء أو البنات المتزوجين أو ينتقل الأبناء للعيش مع آبائهم أو أمهاتهم المسنين حيث الغالبية المطلقة من رعاية الكبار تقدمها الأسرة.

قبضة كورونا

لكن الأسرة العربية باتت في قبضة كورونا، حيث شقي رحى يتناوبان عليها. فمن جهة، تضررت الأوضاع الاقتصادية لملايين الأسر، لا سيما تلك التي تعتمد في معيشتها على العمل الموسمي أو المهن والحرف في القطاع عير الرسمي. ومن جهة أخرى، ألقى هذا الثقل الاقتصادي بمزيد من الأعباء على الأسر التي ترعى الجدود والجدات، سواء بتواجدهم مع الأسرة في البيت نفسه، أو حتى في حال معيشة الكبار في بيوتهم مع الاعتماد المالي أو الاجتماعي أو كليهما على الأبناء والبنات.

أمير صادق، 34 عاماً، كان يعمل سائقاً لدى أسرة، متزوج وله ثلاثة أبناء أكبرهم في السادسة من العمر. وقت تزوج استأجر شقة صغيرة في العمارة التي تسكن فيها والدته حتى يسهل عليه رعايتها. يقول "بعد سبع سنوات من العمل كسائق لدى إحدى الأسر، أبلغوني بأنني في إجازة مفتوحة حتى انتهاء أزمة الفيروس، وهذا يعني أنني أصبحت من دون عمل أو مصدر دخل. أنا العائل الوحيد لأسرتي ووالدتي التي تحتاج أدوية بما لا يقل عن 300 جنيه (نحو 20 دولاراً أميركياً) في الشهر الواحد، الأمر صعب للغاية".

 

تشريف ومحبة

صعوبة الأمور الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا، والتي لم تلق بكل ظلالها الثقيلة والوخيمة بعد، تتحدث عن نفسها عربياً في تلك الأسر التي ترعى كبارها، فالغالبية المطلقة لن تتخلى عن آبائها أو أمهاتها بحكم الطبيعة البشرية من جهة، والعادات والتقاليد العربية من جهة أخرى، حيث تعتبر رعاية الأهل في كبرهم واجباً وتشريفاً محبباً للقلوب.

لكن القلوب المحبة لا تعني بالضرورة جيوباً قادرة. وبحسب "صندوق الأمم المتحدة للسكان" فإن أوضاع المسنين والمسنات في العالم العربي غير جيدة بشكل عام، كما أن المؤسسات المتخصصة في تقديم الخدمات لهم متواضعة من حيث العدد ونوعية الخدمات وانتظامها وإتاحتها. من جهة أخرى، فإن نسبة من يحصلون على معاشات تقاعد جيدة في العالم العربي قليلة، وهي من المؤشرات الدالة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكبار السن في الدول العربية، والتي تلقي الضوء على درجة استقلاليتهم المادية وقدراتهم على أن يكفوا احتياجاتهم ذاتياً. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من كبار السن يستمرون في العمل، لا سيما في الأعمال غير المندرجة تحت بند قطاع العمل الرسمي، بعد "سن التقاعد"، وذلك لأسباب الوطأة اقتصادية.

وطأة مضاعفة

وفي زمن كورونا تتضاعف الوطأة على الجميع. "العم أحمد" فرد أمن تعدى سن الـ67، يحتفظ بمظهر أقل من عمره، ويبذل جهداً خارقاً ليقوم بمهام عمله من دون أن يظهر أمارات التعب أو ملامح للإنهاك. يقول "أبنائي وجميعهم تزوجوا يطلبون مني أن أترك العمل لأنني عُرضة للإصابة بالفيروس، لكني أعلم جيداً قدراتهم المادية، وكل منهم يكفي بيته بالكاد، وليس من المعقول أن أحملهم عبئاً إضافياً في هذه الأوقات الصعبة، كما أن أصغر أبنائي من ذوي القدرات الخاصة، ورغم أنه يبلغ من العمر 28 عاماً، فإنه يعتمد عليّ وعلى والدته اعتماداً كاملاً في تفاصيل حياته، ولو تركتُ العمل اليوم، فلا معاش أو ضمان لي ولزوجتي وابني".

عمل وأخطار

وإذا كانت دراسات المسنين في العالم العربي قبل زمن كورونا حذرت خلال السنوات القليلة الماضية من أن استمرار عمل المسنين في قطاعات مختلفة، أبرزها القطاعات الهامشية يعرضهم لخطر الإصابات والأمراض أكثر من غيرهم، فإن هذا التحذير يتضاعف بفعل الفيروس الحالي. ليس هذا فقط، بل إن المسنين والمسنات ممن يتقاضون معاشات في الدول العربية، وفي ظل التضخم والأحوال الناجمة عن عدم الاستقرار السياسي ومن ثم الاقتصادي، يواجهون مخاطر الوقوع تحت طائلة الفقر مع التقدم في العمر. وإذا أضيف إلى تلك المخاطر التي كانت تلوح في الأفق قبل زمن كورونا الهبوط المفاجئ للفيروس، فإن الخطر يتضاعف والتحديات تتواتر.

مبادرات أهلية

مبادرات أهلية متناثرة تجري هنا وهناك لتقديم يد المساعدة لهذه الفئة في زمن الوباء. في مصر مثلاً، أعلن حزب "مستقبل وطن" عن مبادرة شبابية عنوانها "أهلنا غاليين علينا"، تهدف إلى تقديم المساعدات إلى كبار السن في ظل أزمة الوباء والخطورة التي يتعرضون لها إذا خرجوا من بيوتهم، وتشمل تقديم التوعية الصحية للمسنين والمسنات حول الوقاية من الفيروس، وتقديم المساعدة لهم في مختلف الاحتياجات اليومية بما في ذلك التسوق والحصول على المعاشات والأدوية، بالإضافة إلى الترفيه عنهم وتخفيف الضغوط النفسية الواقعة عليهم.

التعرض لفئة المسنين في العالم العربي يحتاج قاعدة بيانات ومعلومات حول أعدادهم، وأحوالهم الاقتصادية والمعيشية، ومواصفات البيوت التي يسكنون فيها، ونسبة من يقيمون وحدهم أو مع أفراد من الأسرة وغيرها، إلا أن أغلب الدول العربية لا تتوافر فيها نسب شافية أو إحصاءات موثقة يمكن الاعتماد عليها باعتبارها قاعدة بيانات علمية. و"كورونا" والوفيات الناجمة عنه ليست استثناءً. الإحصاءات العالمية تشير إلى أن النسبة الأكبر من وفيات كورونا تحدث بين كبار السن. عالمياً، يشير موقع "وورلدوميترز" المتخصص في القياسات أن الفئة العمرية 80 سنة وأكثر تشكل النسبة الأكبر من وفيات كورونا في العالم بنسبة 14.8 في المئة من مجموع الوفيات، تليها الفئة بين 70 و79 عاماً بنسبة 8 في المئة من مجموع الوفيات، ثم الفئة بين 60 إلى 69 عاماً بنسبة 3.6 في المئة، ثم الفئة بين 50 و59 عاماً مشكلة نسبة 1.3 في المئة من مجموع الوفيات.

 

تفنيد الوفيات

من جهة أخرى، فإن الدول العربية، ورغم إعلان أغلبها بصفة يومية عن معدلات الإصابة والوفيات، فإن تفنيد الوفيات وفئاتهم العمرية لا يتوافر في كل الدول. مصر من بين الدول التي تفند وفياتها. وقد أعلنت وزيرة الصحة والسكان هالة زايد، قبل أيام أن الفئة العمرية الأكثر تعرضاً للإصابة هي تلك المتراوحة أعمارها بين 50 و59 عاماً. وتشكل هذه الفئة 22 في المئة من إجمالي المصابين، وأن 94 في المئة من المتوفين في الفئة العمرية من 50 عاماً فأكثر، وأضافت أن مئة في المئة من المتوفين كانوا يعانون أمراضاً مزمنة أو أوراماً أو كليهما.

كل ما سبق من توافر إحصاءات المسنين، ودفء التواجد مع بقية أفراد الأسرة، وصعوبات تحقيق مبدأ التباعد الاجتماعي أو الجسدي في ضوء مساحات البيوت العربية الضيقة، ومخاطر الإقامة في دور المسنين حيث الرعاية ليست في أفضل حالاتها في كفة، والمسنين العرب من اللاجئين والنازحين في زمن كورونا في كفة أخرى.

لجوء ونزوح ووباء

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تقول إن اللاجئين المسنين يشكلون 8.5 في المئة من مجموع اللاجئين والنازحين الذين تُعنى بهم المفوضية، وتحذر من أن هذه الفئة تكون في الأحوال العادية، أي تلك التي سبقت وباء كورونا حيث الحروب والصراعات المسلحة فقط، أضعف من غيرها بسبب النزاعات أو الكوارث البيئية. وتشير إلى أن المسنين غالباً يكونون آخر من يفر من مناطق الخطر، وإن فروا يواجهون مخاطر العزلة الاجتماعية والانفصال عن عائلاتهم التي ترعاهم في الظروف العادية، وهو ما يفاقم ضعفهم.

رئيسة قسم الصحة العامة في المفوضية، آن بيرتون، تقول إن المخاطر التي يشكلها فيروس كورونا المستجد على اللاجئين والنازحين داخلياً مضاعفة، مشيرة إلى أن المفوضية تركز جهودها حالياً على إبطاء انتشار الفيروس والتقليل من تأثيره وإنقاذ الأرواح. ويشار إلى أن الدول النامية تستضيف معظم اللاجئين البالغ عددهم 25.9 مليون شخص حول العالم، بالإضافة إلى ما يزيد على 40 مليون مشرد داخل أوطانهم.

صحة اللاجئين

الأوضاع الصحية للاجئين والنازحين داخلياً غنية عن التعريف، لكنها تحتاج تعريفاً وتحركاً وتدخلاً بعد إضافة الوباء إلى قائمة التحديات والأخطار، فمن أنظمة صحية ضعيفة في الأصل لدى الدول المضيفة، وأغلبها دول نامية، إلى ظروف معيشية تفتقد في أغلبها بديهيات الصحة حيث المخيمات المكتظة ونوعية مياه الشرب وغيرها، ما يمثل أخطاراً داهمة للجميع، ولا سيما المسنين في وقت تفشي وباء كورونا. وقد حذرت المفوضية من الضغوط غير العادية على خدمات الرعاية الصحية المحلية الهشة والتي تتفاقم بسبب تفشي الوباء، لا سيما بين الفئات الأكثر ضعفاً. وتقول بيرتون "حتى لو لم يكن هناك سوى عدد قليل من حالات فيروس كورونا المستجد، فإن هناك محدودية في الوصول إلى مستوى عالٍ من الرعاية اللازمة للحالات الأكثر شدة".

اليمن وسوريا

يشار إلى أن اليمن أعلن عن حالة إصابة واحدة فقط بكورونا، لكن الإصابة الوحيدة على الأرجح لا تعني نجاته من الفيروس بقدر ما تعني شح إمكانات الكشف والترصد، ناهيك بالعلاج في دولة مزقتها الصراعات على مدار سنوات.

أما سوريا، حيث عدد الإصابات لم يتجاوز الـ40 بعد، إلا أن الأعين تتجه إليها والأيادي توضع على القلوب تخوفاً مما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، قبل أيام بـ"قمة جبل الثلج"، إذ توقع أن يكون لكورونا تأثير مدمر على المجتمعات الضعيفة، مشيراً إلى أن الجهود التي تهدف إلى الكشف عن حالات الإصابة بالفيروس في سوريا سيعرقلها النظام الصحي الهش، لافتاً إلى أن نصف مستشفيات الدولة ومرافقها الصحية فقط كان يعمل بكامل طاقته في نهاية عام 2019. كما أشار إلى أن معدلات الحركة الكبيرة للسكان بالإضافة إلى التحديات التي تواجه النظام الصحي السوري وضعف إمكانات الحصول على الإمدادات الصحية الحيوية مثل أجهزة التنفس الصناعي، مع الصعوبة القصوى لتنفيذ إجراءات العزل في مخيمات اللاجئين المكتظة بالسكان مع مستويات مرافق الصرف الصحي الضعيفة تجعل شبح الأزمة مؤكداً.

 

وعلى الوتر نفسه، دق أمين عام جامعة الدول العربية، السفير أحمد أبو الغيط، والذي حذر من كارثة تلوح في أفق مخيمات اللاجئين السوريين في خارج سوريا والنازحين في داخلها، حيث افتقار أبسط مقومات الصحة العامة.

نحو 40 في المئة من اللاجئين والنازحين في العالم من العرب، وإذا كان العدد عالمياً يُقدر بنحو 70 مليون  شخص، ونسبة العرب منهم نحو 40 في المئة بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ونسبة المسنين والمسنات بين اللاجئين تبلغ نحو 8 في المئة، فإن هذا يعني أن نحو 2.2 مليون مسن ومسنة من العرب عُرضة لخطر داهم ناجم عن وباء متفش في ظروف لا تسمح لهم برفاهية العزل أو رغد الحجر أو حتى بحبوحة البحث عن دعم نفسي أو البوح بضغط عصبي.

بطاقات توعية مصورة

وفي سياق صحي، تقول مسؤولة الإعلام في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية "إمرو" منى ياسين، إن المنظمة أصدرت توصيات لكيفية رعاية كبار السن وحمايتهم من "كوفيد-19"، وكذلك توعيتهم بسبل حماية أنفسهم، وذلك في شكل بطاقات توعية مصورة تحمل الرسائل التالية: احرص على أن يكون لديك جميع الأدوية التي تتناولها بانتظام بما يكفيك لمدة أسبوعين. وتأهب واعرف مسبقاً أين وكيف يمكن الحصول على المساعدة عند الحاجة، مثل الاتصال بسيارة أجرة، وطلب طعام جاهز، والتماس الرعاية الطبية. وحافظ على الأنشطة الروتينية والجداول الزمنية بقدر الإمكان، أو احرص على القيام بأنشطة جديدة في بيئة جديدة، مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والتنظيف والمهام اليومية والغناء والرسم وغيرها من الأنشطة.

وتوضح ياسين أن النصائح الموجهة لمقدمي الرعاية للمسنين هي تكرار المعلومات مع توضيحها بدقة والتحلي بالاحترام لهم والصبر عليهم.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات