Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يعصف باقتصاد أميركا وسط تحذيرات من كارثة تهدد محركات النمو

مصارف عالمية تدعو إلى الاستعداد للأسوأ وترسم سيناريو الخسائر في 2020

الحياة شبه متوقفة في أميركا بسبب فيروس كورونا (أ.ف.ب)

بدأ حجم الكارثة الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة يظهر مع تعاقب المؤشرات المقلقة التي تشير إلى تراجع النشاط وتدني عائدات الشركات في أكبر قوة اقتصادية في العالم. وتعثر الاستهلاك الذي يشكل محرك النمو الأميركي منذ مارس (آذار) الماضي، مع بدء انتشار وباء "كوفيد-19" في الولايات المتحدة ودعوة السكان تدريجياً إلى لزوم منازلهم سعياً لاحتوائه.

وأعلنت وزارة التجارة أمس، تراجع مبيعات التجزئة بنسبة 8.7 في المئة عن فبراير (شباط) الماضي. وهبطت مبيعات محال الملابس واللوازم إلى النصف، في وقت بات قسم كبير من الناس يعمل من المنازل وأُغلِقت متاجر عديدة، كما طالت الأزمة المطاعم والحانات التي اضطر العديد منها إلى إغلاق أبوابه في مارس، فتراجعت عائداتها بنسبة 26.5 في المئة.

أما متاجر الأغذية والمشروبات التي واصلت العمل لاعتبارها أساسية، فقد زادت مبيعاتها 26.5 في المئة، بينما القطاعات الأكثر تضرراً هي الترفيه والفنادق فضلاً عن البيع بالتجزئة (باستثناء المنتجات الأساسية)، وفق الدراسة التي أجريت لدى شركات أميركية تم استطلاعها قبل أبريل.

النشاط يعود لكن تدريجياً

إلى ذلك حذّر كبير الخبراء الاقتصاديين في الاتحاد الوطني لبيع التجزئة، جاك كلاينهنز، من أنه "حتى إذا عاود الاقتصاد العمل في مايو (أيار) المقبل، فإن المستهلكين سيحتاجون إلى وقتٍ لتكييف سلوكهم، فطريق معاودة النشاط قد يكون طويلاً وبطيئاً".

ويتوقع المحللون في معهد "أوكسفورد إيكونوميكس"، أن يتراجع إنفاق العائلات في الفصل الثاني من السنة بمرتين عن ما كان عليه في الربع ذاته من العام الماضي، في حين يمثل استهلاك الأسر 70 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي الأميركي. أما المصانع أيضاَ فقد أغلقت تدريجياً أو بطّأت وتيرة عملها الشهر الماضي، وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 5.4 في المئة عن مستوى فبراير، بحسب بيانات الاحتياطي الفيدرالي. وفي نيويورك، بؤرة الوباء في الولايات المتحدة، تراجع النشاط الصناعي في مطلع أبريل إلى أدنى مستوياته التاريخية، بحسب ما أعلن فرع الاحتياطي الفيدرالي في المدينة الأميركية أخيراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البطالة في تصاعد

وتزيد البطالة بشكل متواصل في الولايات المتحدة منذ منتصف مارس، ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة، فبعدما كان سوق العمل يسجل أفضل مؤشرات منذ 50 عاماً، انهار في ثلاثة أسابيع فقط مع اضطرار 16.7 مليون شخص إلى تقديم طلبات للحصول على مساعدات بطالة. وجاءت توقعات مصرفيه لتؤكد أن البطالة تواصل ارتفاعها.

والوضع سيء في جميع المناطق، وتلجأ الشركات إلى تدابير "تسريح مؤقت" ومنح عطل، وهي تأمل العودة إلى ظروف طبيعية حين يُستأنف النشاط. في وقت حذّرت المصارف الأميركية الكبرى من أنها تتوقع تخلف أعداد من الأشخاص والشركات عن سداد أقساط قروض. ومن المفترض أن تساعد خطة المساعدة الفيدرالية الضخمة البالغة قيمتها 2200 مليار دولار، الاقتصاد الأول في العالم على تخطي هذه الأزمة غير المسبوقة.

وبدأت الأسر تتلقى شيكات من الحكومة بقيمة 3400 دولار، كما هو حال عائلة من بالغين وولدين. كما وضعت سيولة على شكل قروض في تصرف الشركات لا سيما المتوسطة والصغرى من خلال عدة آليات، حتى تتمكن من الاستمرار في دفع رواتب موظفيها وتتفادى تسريحهم. وبلغت الحصيلة اليومية لفيروس كورونا المستجد أمس في الولايات المتحدة 27085 وفاة و614482 إصابة، وفق تعداد رسمي أعلنته جامعة جونز هوبكينز الأميركية.

مصارف ترسم مشهداً قاتماً للاقتصاد

ورسمت مصارف "بنك أوف أميركا" و"سيتي غروب" و"غولدمان ساكس"، صورة قاتمة للاقتصاد الأميركي المتضرر جراء تفشي وباء "كوفيد-19"، وخصصت مليارات الدولارات لتغطية مبالغ كبيرة لقروضٍ لأفراد وشركات تتوقع تعثرها. وبعثت المصارف الثلاثة رسالة مماثلة لتلك التي وزعها سابقاً مصرفا "جاي بي مورغان تشايس" و"ويلز فارغو" للتذكير بأن الأسوأ آتٍ.

وأعلن ديفيد سولومون رئيس مجلس إدارة "غولدمان ساكس"، لعملاء المصرف خلال مؤتمر عبر الهاتف مع محللين ماليين، أنه "يأمل في أن يتحسن الوضع لكن يجب الاستعداد للأسوأ".

وبعد 12 عاماً على الأزمة المالية العالمية، أكدت المصارف أن لديها سيولة كافية للصمود أمام الأزمة الصحية الحالية. وخصص "بنك أوف أميركا" 4.8 مليار دولار، وهو أعلى مبلغ منذ 2010 ما يسهم في تراجع أرباحها الصافية 48.4 في المئة إلى 3.5 مليار دولار في الفصل الأول من السنة، ويشمل المبلغ 1.1 مليار دولار لقروض الشركات غير المسددة.

وتراجعت أرباح "سيتي غروب" 46.6 في المئة إلى 2.5 مليار دولار بعد اعتماد بقيمة سبعة مليارات دولار لتغطية حالات التخلف عن السداد المستقبلية للعملاء. وأعلن مديره العام مايكل كوربات، "نتائجنا خلال الفصل الأول تأثرت كثيراً جراء فيروس كورونا المستجد".

ويضع المصرف سيناريوهات داخلية مختلفة لتدهور الاقتصاد مع معدل بطالة مفترض يصل إلى 15 في المئة وانكماش لإجمالي الناتج الداخلي بنسبة 40 في المئة، وينوي خفض نفقات التسويق لمواجهة الأزمة بعد تراجع استخدام العملاء لبطاقات الائتمان بمعدل 30 في المئة.

والدليل على فداحة الأضرار اضطرار "غولدمان ساكس" لتخصيص 937 مليون دولار أي أكثر بأربعة مرات من المبلغ الذي اعتبره ضرورياً قبل عام تحسباً لتخلف بعض العملاء عن السداد.

الدولار يتعزز

وعزز الدولار مكاسبه مقابل عملات أخرى قبل صدور بيانات البطالة الأميركية الأسبوعية، والتي من المرجح أن تقدم مزيداً من الأدلة على ركودٍ شديدٍ في أكبر اقتصاد في العالم، حيث صعدت العملة الأميركية 0.1 في المئة إلى 99.774 دولار أمام سلة من العملات الرئيسة، بعدما أنهى خسائر استمرت أربعة أيام في اليوم السابق مع توقف مكاسب سوق الأسهم. لكن استقرار أسعار النفط وبعض التحسن في شهية المخاطرة بسوق الأسهم ساعدا في الحد من مكاسب الدولار.

واستأنف اليورو هبوطه مقابل الدولار، حيث انخفض 0.25 في المئة إلى 1.0882 دولار، ونزل الين أيضاً 0.25 في المئة أمام الدولار بعدما أشارت تقارير إعلامية إلى أن اليابان تستعد لتوسيع نطاق حالة الطوارئ لتشمل كل أرجاء الدولة وليس المدن الرئيسة فقط.

وحقق الدولار مكاسب أمام عملات تعتبر رهانات أعلى مخاطرة، إذ صعد أمام الجنيه الإسترليني والدولارين الأسترالي والنيوزيلندي، في حين تعافت العملات المرتبطة بالنفط بعد عمليات بيع كبيرة أمس الأربعاء، بسبب استقرار سعر النفط، حيث صعدت الكرونة النرويجية والدولار الكندي بنحو 0.1 في المئة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد