Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحوامل يتأرجحن بين الفرح والخوف في زمن كورونا

بعد وقت قصير من الفحص الأول خلال حمل إيما فينامور في فبراير أصبح فيروس كورونا يمثل تهديداً حقيقياً في المملكة المتحدة

الحوامل في المجتمع من الفئات التي تعتبر ضعيفة في مواجهة كورونا (غيتي )

"خطف الوباء الفرح الذي يرافق الأسابيع الأخيرة من حملي واستبدله بالإرهاب المطلق". هذا ما قالته ميغان، وهي سيدة من كامبريدج، 28 سنة، وهي في الأسبوع الثاني والثلاثين من حملها بطفلها الأول، وتعاني من اضطراب الشخصية الحدي. وتواجه، مثلها مثل العديد من النساء، صعوبة في التأقلم مع الحمل أثناء الوباء.

وجدتُ الآن، وأنا حامل في الأسبوع التاسع عشر، أيضاً أن مشاعر أخرى حلّت محل الإثارة. فبعد وقت قصير من أول تصوير بالأمواج الصوتية أجريته في فبراير (شباط)، أصبح  تهديداً حقيقياً في المملكة المتحدة، وانتشر عالمياً بينما كان بطني يكبر ببطء. ومع حلول عيد الأم، عندما كان ينبغي أن أكون مع والدتي المتحمسة لاستقبال أول حفيد لها، حُظر التواصل الاجتماعي غير الضروري للنساء الحوامل. وقد اضُطر الآن إلى حضور فحص الأسبوع العشرين من الحمل وحيدة، ومن يدري ماذا سيحدث في أغسطس (آب). هل سيكون عليّ أن أفعل ذلك وحدي مثل بعض النساء في الصين؟

تُفيد أحدث البيانات المتوافرة  بأن المملكة المتحدة شهدت 731 ألف حالة ولادة في عام 2018، أي بمعدل 2000 ولادة كل يوم. تحتاج النساء، عادة قبل موعد الولادة، إلى حوالى 10 مواعيد للقاء القابلات القانونيات شخصياً والخضوع لفحوص طبية. ويجري حالياً معظم هذه المواعيد عبر الهاتف بالنسبة لعشرات الآلاف من النساء الحوامل في المملكة المتحدة. كما تُفرض أشد القيود صرامة على الزيارات إلى أجنحة الولادة التي ربما خططت هؤلاء الحوامل لوضع مواليدهن فيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذه الأثناء، أفادت "الكلية الملكية للقابلات" (آر سي أم) أن خُمس وحدات الولادة المحلية التي تديرها القابلات القانونيات، قد أُغلق في حين طُبقت قيود على عمليات الولادة المنزلية أو مُنعت بالكامل في أكثر من ثلث المناطق. وتضاعفت نسبة وظائف القابلات الشاغرة في الأسابيع الثلاثة الماضية، إذ يجري تكليف بعضهن رعاية الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد - 19، فيما يُصاب بعضهن الآخر بالمرض أو تضطرهم إصابة أحد أفراد عائلاتهم إلى عزل أنفسهن. وتحثّ الـ "آر سي أم" الآن قادة "خدمة الصحة الوطنية" (أن أتش أس) على حماية خدمات الأمومة لمنع حدوث المزيد من الشواغر.

وتعاني النساء المصابات باضطرابات عقلية سابقة بشكل خاص من هذه التغييرات ومن حالة عدم اليقين السائدة. هكذا تقول ميغان "أُلغيت المواعيد مع القابلة القانونية في اللحظة الأخيرة... إنني أشعر بالخوف الشديد من أن أكون وحيدة من دون أي دعم بسبب القيود التي باتت قواعد لا بد من تطبيقها  في المستشفى، إذ يمكن أن يُسمح لشريكي فقط بحضور الولادة ولا يُسمح له بالزيارة أو حضور أي مواعيد. حتى أنني فكرت في الولادة من دون مساعدة لأنني أخشى أن أكون وحيدة".

بدورها تحذّر جوليان بوطالب، وهي استشارية علم النفس في فترة ما قبل الولادة، أسست عيادة "بيرنتهود إن مايند" العلاجية، من السماح لـ "القصص المخيفة" في أن تثير القلق. وتشير إلى أن الـ "آر سي أم" ما زالت تقول إنه "لا يمكن على الإطلاق للسيدات أن يلدن بمفردهن، ولا بد من وجود شريك معهن". وتوصي بوطالب بأن تستمر النساء الحوامل في التأكد من قابلاتهن بخصوص الموقف الراهن المتغير، وأن يبدأن أيضاً بالاستفادة من أسلوب الولادة التقليدية، لتهدئة المخاوف بشأن ما سيحدث لاحقاً. وتوضح أن "الأمر يتعلق بوجود خطة بديلة أولى، وربما ثانية وحتى ثالثة أيضاً، في حال مرض شريكك أو لم يكن لديك شريك بالفعل".

وتضيف الطبيبة النفسية الاستشارية أنه في حال لم يعد شريكك الأصلي قادراً على مرافقتك أثناء الولادة، سيحين الوقت للبدء في "التفكير بمن يمكنها ذلك، ومن هي بصحة جيدة، ويمكنها أن تنوب عن الشريك إذا لزم الأمر. والبدء في الحديث مع الناس حول سيناريوهات من هذا القبيل".

وفي حين أن فكرة كون المرأة وحيدة خلال المراجعات الطبية وأيضاً الولادة تسبب القلق، فإن بعض الأمهات الحوامل يعانين من الوحدة والعزلة طوال فترة حملهن. على سبيل المثال، السيدة التي سنسميها فيونا، 36 سنة، من منطقة فايف في اسكتلندا وفي منتصف الشهر الخامس من حملها، تشعر بأنها تمر بهذه التجربة وحدها بسبب انهيار علاقتها بشريكها وتواجد جميع أفراد أسرتها في الخارج. وتقول "ليس لدي أي أصدقاء هنا. أقربهم يعيش على بعد ساعتين بالسيارة". ونظراً لعدم وجود ترتيبات لشريك يحضر الولادة، والعجز عن رؤية الأصدقاء والعائلة، وإلغاء وتغيير المواعيد الطبية وفحوصات التشوهات الخلقية، باتت فيونا تشعر وكأنها "مهملة تماماً وفي حالة عجز تام"، على حدّ تعبيرها. وتضيف "لكنني مقتنعة بأن كل شيء سيسير على ما يرام في النهاية، حتى لو كان ذلك يعني أنني سأبقي والدتي على الهاتف لغاية ولادة الطفل".

بالعودة إلى الاستشارية النفسية بوطالب، فهي تقول إن حضور "حلقة الدعم" الخاصة بك من الأشخاص خلال الحمل والولادة "له تأثيرات نفسية واجتماعية حقيقية، إضافة إلى التأثيرات العصبية الحقيقية". تستخدم بعض النساء المجوهرات أو أشياء مهمة أخرى كوسيلة للشعور وكأن أحباءهن بجوارهن، في حين سجّلت والدة إحدى النساء اللواتي على وشك الولادة مسبقاً رسائل صوتية لدعمها. وتشرح بوطالب أن "صوت أمك أو شخص مهم بالنسبة لك يمكن أن يكون مهدئاً حقاً وحده تماماً". وتوصي أيضاً بالوصول إلى مصادر للمعلومات مثل موقعي "ذا بيرث كوليكتيف" و "ذا ريل بيرث بروجكت" للحصول على نصائح عملية مجانية أو منخفضة التكلفة، حول تعلم تقنيات تخفيف الألم مثلاً.

تتسبب العوامل الصحية والجسدية بالنسبة لبعض النساء في أكبر قدر من القلق، مع أنه لا يبدو أن النساء الحوامل أكثر عرضة من غيرهن للإصابة بفيروس كوفيد - 19 ولا يوجد دليل حتى الآن على أن الفيروس يمكن أن ينتقل من الأم إلى الطفل أثناء الحمل. ناتالي، 28 سنة، من إدنبره وهي في الأسبوع الخامس عشر من حملها الثاني بعدما فقدت جنيناً بسبب حدوث حمل خارج الرحم العام الماضي، تقول "كدت أطير من الفرح عندما اكتشفت أنني حامل مرة أخرى، ولكن سعادتي الآن تتضاءل، وخوفي يتزايد". صارت حالات النزف والمخاوف بشأن ضربات قلب الجنين، وكل المشكلات التي كان من الممكن شرحها خلال أحد المواعيد الطبية، حالياً أكثر تعقيداً. وتقول ناتالي "إن أكبر مخاوفي هو أن هذا الوباء لن ينتهي بحلول سبتمبر(أيلول) أو أن مشكلة ما قد تحدث خلال فترة الحمل ولن أحصل على الرعاية اللازمة... أحاول أن أبقى إيجابية، لكن الأمر صعب".

من ناحيتها، توصي القابلة القانونية ليزلي جيلكرايست، وهي المديرة السريرية لموقع إلكتروني متخصص بمستلزمات النظافة اسمه "ماي إكسبرت ميدوايف"، باستخدام الوسائل الإلكترونية للعناية بالصحة البدنية والتي بدورها ستساعد على تهدئة القلق. وترى أن "الحفاظ على النشاط البدني أثناء الحمل قد يساعد على التحكم في التوتر والقلق، وهناك أدلة تؤكد أن أسلوب الحياة الأكثر نشاطاً يمكن أن يعين على التعامل مع الحمل، إذ إنه يهيئك جيداً للمخاض والولادة وسيساعدك على التعافي بشكل أسرع في فترة ما بعد الولادة... إذا لم تكوني معتادة على مزاولة الرياضة، فابدئي من خلال ممارسة بعض التمارين برفق وزيدي مدة نشاطك البدني المفضل وشدته بشكل تدريجي".

وتتعرض الحوامل أيضاً إلى نوع آخر من الضغط بسبب موازنة المخاوف المالية مع المخاوف الصحية. تواجه صوفي، 31 سنة، وتعمل في مجال دعم الأطفال ذوي الإعاقة السمعية، وفي الأسبوع السادس والعشرين من حملها بطفلها الأول، صعوبات من هذا النوع. فالسيدة، من بلدة هاليفاكس، متزوجة من سائق شاحنة لا يمكنه العمل من المنزل. وتقول "إنه ليس في وضع جيد... عليه أن يعرض نفسه للخطر بسبب وظيفته. كما أنه منقسم بين التأكد من أن أمورنا المالية على ما يرام والحفاظ أيضاً على سلامتي وصحتي الجيدة". سيواصل العديد من النساء الحوامل العمل بأنفسهن، وتختلف النصائح اعتماداً على مرحلة الحمل.

تسعى سيان إليوت، وهي المسؤولة عن سياسة المساواة للمرأة في "مؤتمر نقابات العمال" العام، للضغط من أجل دعم أرباب العمل للنساء بشكل صحيح. وتقول "هذا الأمر يحول الأزمة الصحية إلى أزمة اجتماعية واقتصادية للحوامل. لا ينبغي لأحد أن يختار بين صحته وسبل معيشته. إذا حُددت المخاطر ولم يكن ممكناً إزالتها أو منعها، فيجب على أصحاب العمل تعديل ظروف العمل بشكل مؤقت، من خلال تقديم فرصة العمل من المنزل على سبيل المثال. وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فيجب عليهم توفير عمل بديل، بعيداً من الخطر وبالأجر نفسه. وإن لم يكن هناك عمل بديل مناسب، فإن القانون ينص على وجود تجميد العامل مؤقتاً بأجر كامل".

إلى ذلك، تشير جوليان بوطالب إلى مشروع بعنوان "اجعلوا الولادة أفضل"، باعتباره مفيداً لجميع النساء الحوامل في هذه الأوقات غير المستقرة. وتشرح أن المشروع يضم "قصصاً إيجابية للنساء عن الولادة الآن والطرق التي ساعدتهن في التغلب على صعوباتها. وهذا كله يوجه رسائل إيجابية... صحيح أن هذا أمر غير عادي، وصحيح أنه قد يكون مخيفاً، وصحيح أن هذه لم تكن الطريقة التي تخيلتها... لكن وباستخدام بعض الطرق الخلاّقة لدعم نفسك، يجب أن تكوني قادرة على تجاوز ذلك".

يمكن لأي امرأة تعاني من مشكلات في الصحة العقلية قبل الولادة أو بعدها التماس المساعدة من مؤسسة "بانداس" الخيرية، وينبغي على النساء اللواتي يحتجن إلى دعم بسبب التجارب المؤلمة في حالات الحمل السابقة التواصل مع "جمعية صدمات الولادة".

© The Independent

المزيد من صحة