يتلقى المصابون بفيروس كورونا في اثنين، على الأقل، من المستشفيات التابعة لـ "خدمة الصحة الوطنية" في بريطانياً، العلاج بعقار مضاد للملاريا حظي بإشادة مثيرة للجدل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في تجربة تعتبر الأسرع نمواً في تاريخ المملكة المتحدة الطبي.
هكذا يُقدم منذ أواخر مارس (آذار)، عقار هيدروكسيكلوروكين للمرضى في مستشفى "بارتس هيلث تراست" التابع لـ "خدمة الصحة الوطنية" (أن أتش أس) في لندن، وفي "رويال ديفون وإكستر" إلى جانب مستشفيات أخرى.
ويعد هذا واحداً من الأدوية التي يجري اختبارها في "تجربة التقييم العشوائي لعلاج كوفيد – 19" المعروفة اختصاراً باسم (ريكفري) في المملكة المتحدة، وهي أكبر تجربة سريرية عشوائية في العالم للعلاجات المحتملة للفيروس التاجي.
وشارك في تجربة "ريكفري"، التي يجري تنسيقها في جامعة أكسفورد، 1000 مريض من 132 مستشفى مختلفة خلال أول 15 يوماً بعد انطلاقتها، ويقال إنها تضم الآن حوالى 3000 متطوع.
وأثنى الرئيس الأميركي على دواء هيدروكسيكلوركين معتبراً أنه سيغير الأوضاع تغييراً جذرياً، على الرغم من تحذير كبير مستشاريه الدكتور أنتوني فوتشي من استخدامه على نطاق واسع كعلاج لفيروس كورونا لم يجرِ اختباره بعد.
وقال ترمب للأميركيين يوم السبت الماضي، "خذوا الدواء. هل لديكم شيء لتخسروه؟"، مما حمل المنظمات البارزة لأمراض القلب والأوعية على الإسراع بإصدار تحذيرات من أن الدواء يمكن أن يعطل إيقاع القلب بشكل خطير لدى بعض المرضى.
واقترحت دراستان صغيرتان لم تخضعا لمجموعات مراقبة مناسبة، في الصين وفرنسا، وباتت إحداهما عديمة الصدقية، أن الدواء قد يساعد مرضى الفيروس التاجي. كما أشارت البحوث المخبرية إلى أن الدواء قد يوقف بعض فيروسات كورونا والأنفلونزا التي تدخل إلى الخلايا المستزرعة، على الرغم من أن مثل ذلك الأثر لم يظهر في التجارب البشرية على مرضى الأنفلونزا.
وكذلك يُستخدم هذا الدواء، الذي صُنع قبل 75 عاماً، لعلاج الذئبة الحمامية والتهاب المفاصل الرثوي، وقد عززت قدرته على تهدئة النشاط المفرط للجهاز المناعي الآمال في أنه قد يساعد في مكافحة فيروس كورونا، الذي يمكن أن يتسبب في فرط استجابة الجسم للعدوى بدرجة خطيرة، أو ما يعرف بمتلازمة إفراز السيتوكين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقول إحدى أوائل مرضى فيروس كورونا الذين أُدخلوا مستشفى إكستر، وهي من المشاركين في تجربة "ريكفري"، إنه لا سبيل حتى الآن لمعرفة ما إذا كان الهيدروكسيكلوركين قد ساعد في شفائها أم لا.
وكانت كلير فولر، 56 سنة، قد نُقلت إلى مستشفى "رويال ديفون وإكستر" في 31 مارس (آذار)، عندما ضاق تنفسها بعد 10 أيام من الإصابة بسعال جاف. وقالت "كان من المخيف حقاً كيف تغير وضعي بشكل مفاجئ".
ودُعيت كلير، وهي والدة لطفلين من تيفرتن في مقاطعة ديفون، للمشاركة في الدراسة أثناء وجودها في قسم الطوارئ بالمستشفى. وقالت "لم أستغرق وقتاً طويلاً كي أوافق. كلما زاد عدد الأشخاص المشاركين بالتجربة، كان ذلك أفضل".
وذكرت السيدة فولر أنها أعطيت جرعة مكثّفة مكونة من ثمانية أقراص من هيدروكسيكلوروكين كبداية، وبعد ذلك جرعة ثقيلة أخرى، وفي الأيام الأربعة الأخرى التي قضتها في جناح علاج فيروس كورونا كانت تتناول قرصين من الدواء. وقالت ليس لديها أي فكرة عما إذا كانت بعض الأعراض التي عانت منها، ناجمة عن العدوى أو كانت آثاراً جانبية للدواء. كما لا تعرف ما إذا تعافت من المرض بسبب هذا العقار أم لا.
وأضافت "كنت أشعر بإحساس شبيه بالاحمرار الناجم عن التدفق السريع للدم، وشعور بوخز حار وحاد يمر عبر رئتي. لا أعرف ما إذا كان هذا استجابة للدواء أو أنه ناجم عن الفيروس. لن يتمكنوا من معرفة ذلك حتى يُخضعوا المزيد من الناس للتجربة. هذه هي الغاية من الدراسة".
وتابعت فولر موضحة أن الآثار الجانبية الوحيدة المحتملة الأخرى التي عانت منها كانت بعض المشكلات المعوية. لكنها تعتقد أنها ربما كانت ناتجة من الفيروس وليس الدواء، إذ كان هناك مريض آخر في قسم علاج فيروس كوفيد -19 نفسه الذي يضم أربعة أسرّة، يعاني من الأعراض ذاتها على الرغم من عدم مشاركته في التجربة.
وزادت "على كل حال، أعتقد أنني لو استجبت بطريقة سيئة للدواء، لكان ذلك قد ثبت".
وذكرت فولر أن الأطباء، مثلهم مثل مرضاهم، ليسوا متأكدين ما إذا كانت الأعراض الظاهرة ناتجة من الفيروس أو الدواء. وأوضحت "كان الأطباء يقولون إن جميع المرضى الذين يعانون من فيروس كورونا يظهرون أعراضاً مختلفة قليلاً. حرفياً، يتعلم الأطباء مع كل شخص يدخل المستشفى، يالهم من مساكين".
وفولر، التي تعمل مديرة عالمية لشركة بيطرية، تتعافى الآن في المنزل بعد خروجها من المستشفى قبل أسبوع. وفي حين أنها لا تعرف ما إذا كان الدواء قد ساعدها على التعافي، فقد شجعت أي شخص تُتاح له الفرصة على التسجيل في التجربة.
في غضون ذلك، يجري أيضاً اختبار ثلاثة أدوية أخرى ضمن تجربة "ريكفري". وهي لوبينافير- ريتونافير المستخدم لعلاج نقص المناعة البشرية (الإيدز)، ودواء ديكساميثازون الستيرويدي، ومضادات أزيثروميسين الحيوية شائعة الاستخدام.
يذكر أن "ريكفري" هي واحدة من بين ثلاث تجارب وطنية رئيسية في المملكة المتحدة، ثانيتها تحمل اسم "برينسبل" وتركز على المرضى الأكثر عرضة للخطر في الرعاية الأولية، أما الثالثة فهي "ريماب كاب" المعنية بالمرضى المصابين بالالتهاب الرئوي المكتسب من المجتمع وهم في حالة حرجة.
وفي بداية تجربة "ريكفري" قال البروفيسور بيتر هوربي، وهو كبير المحققين فيها، إن "هناك حاجة ملحة لأدلة موثوقة حول الرعاية الأفضل لمرضى كوفيد - 19... إن توفير علاجات جديدة محتملة من خلال تجربة سريرية مصممة بشكل جيد هي أفضل طريقة للحصول على هذه الأدلة".
وأضاف بروفيسور الأمراض المعدية المستجدة والصحة العالمية بجامعة أكسفورد "سيتلقى جميع المرضى الرعاية الطبية الكاملة القياسية بغض النظر عن مجموعة العلاج التي يخضعون لها".
( شاركت وكالة "برس أسوسييشن" في إعداد التقرير)
© The Independent