Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تواجه أزمة إقتصادية مرتقبة مع تدني أسعار النفط

98 في المئة من مداخيل البلاد من عائدات المحروقات

منذ 60 سنة والنفط المصدر الأساسي للدخل الجزائري (رويترز)

تعيش الجزائر على وقع صدمة "السقوط الحر" لأسعار النفط التي قاربت 34 دولاراً للبرميل، وسط توقعات باستمرار الهبوط خلال الأيام والأسابيع القادمة إلى أقل من 30 دولاراً، ورغم تطمينات الرئيس عبد المجيد تبون السياسية، وتهدئة حكومة عبد العزيز جراد الاقتصادية والاجتماعية، فإن الخبراء يحذرون من أزمات مقلقة تقف على ابواب البلاد.

الجزائر أمام خيارين

بين استمرار انتشار فيروس كورونا، وفشل منظمة "اوبك" في تخفيض إنتاج النفط، وجدت الجزائر نفسها امام وضعية متأزمة لم تكن في الحسبان. وفي وقت يتجه الوضع السياسي للانفراج، ظهرت بوادر ازمات اقتصادية واجتماعية تهدد الاستقرار، ما فتح ابوب التساؤلات حول كيفية مواجهة هذه الوضعية وتسيير الأزمة.

ويعتقد الباحث الاقتصادي كريم عيساوي، أن أسعار النفط اليوم أصبحت تخضع لعاملين أساسيين، الأول يتعلق بمدى التحكم في انتشار فيروس كورونا عبر التوصل إلى لقاح، والثاني دخول أقوى المنتجين في معركة "تكسير العظام"، ما يؤدي إلى انتكاسة شبيهة لأزمة 2008، ويفتح بذلك عهداً جديداً من التعقيدات على مستوى العلاقات الدولية"، موضحاً أن الجزائر "أمام استحقاقين: خفض فاتورة الواردات، وفتح الاستثمارات الخارجية".

مصارحة الشعب

بالمقابل، يرى عبد الرحمان مبتول، أن تراجع طلب الدول المصنعة الكبيرة على غرار الصين على مواد الطاقة بفعل فيروس كورونا، أثّر بشكل كبير على أسعار النفط في السوق الدولية، وعلى الدول التي تعتمد في ميزانياتها السنوية على عائداتها النفطية، على غرار الجزائر وفنزويلا، معقباً أن "تهاوي أسعار النفط يمس بالأمن القومي، على اعتبار أن 98 بالمئة من مداخيل البلاد من عائدات المحروقات"، وداعياً الحكومة إلى فتح الأبواب أمام الاستثمار الأجنبي ومحاربة الفساد، وتقليص عدد الوزارات، ومصارحة الشعب بالوضع الاقتصادي الصعب وتجنيده للخروج منها في أقرب وقت، مع تغيير جذري للسياسة الاقتصادية للبلاد.

كورونا وصراع الأقوياء

وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن الطلب العالمي على النفط يتجه للانكماش في عام 2020 للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، في ظل تعثر النشاط الاقتصادي العالمي بسبب فيروس كورونا، وأوضحت أنها تتوقع أن يبلغ الطلب على النفط 99.9 مليون برميل يومياً في 2020، لتخفض بذلك توقعاتها السنوية بقرابة مليون برميل يومياً، وتشير إلى انكماش قدره 90 ألف برميل يومياً في أول تراجع للطلب منذ عام 2009، مشيرة الى أنه في حال فشل الحكومات في احتواء تفشي كورونا فإن الاستهلاك قد ينخفض إلى 730 ألف برميل يومياً.

وحذّر بنك "غولدمان ساكس" عملاءه من أن أسعار النفط من الممكن أن تتراجع أكثر إلى مستوى 20 دولاراً للبرميل، وقال في مذكرة ان انخفاض الأسعار سيبدأ في خلق ضغط مالي حاد وتراجع في إنتاج النفط الصخري، ومنتجين آخرين يتحملون تكلفة مرتفعة، وتابع أن احتمال السحب من المخزونات قد يساعد الأسعار على الانتعاش إلى 40 دولاراً للبرميل بحلول نهاية العام الجاري، وختم انه "نعتقد أن حرب أسعار قد بدأت بشكل قاطع في عطلة نهاية الأسبوع الماضي".

حكومة تبون في مأزق؟

في خضم المعطيات الحاصلة، تواجه حكومة الرئيس تبون تحدياً كبيراً على اعتبار ان السعر المرجعي المعتمد في قوانين المالية يقدر بـ50 دولاراً، حيث قال وزير الطاقة محمد عرقاب، إن تراجع أسعار البترول سيؤثر على مداخيل الاقتصاد الجزائري الذي يعتمد على 95 بالمئة من العائدات النفطية، مضيفاً "رغم هذا الانخفاض في أسعار النفط، إلا أن ذلك لن يثني "سوناطراك" عن مواصلة استثماراتها الإيجابية هذه السنة"، وتابع "حان الوقت لمباشرة انتقال في الطاقة حقيقي في ظل الظروف التي تعيشها السوق النفطية، وهذا الانتقال يجب أن لا يقتصر على إنتاج الكهرباء، بل لا بد أن يمس مختلف المجالات".

من جانبه، ابرز الرئيس المدير العام الأسبق لشركة المحروقات الحكومية "سوناطراك"، نزيم زويوش، إن سوق النفط ستحافظ على منحى الانخفاض هذا على الأقل إلى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، وشدد على أن الأسعار لن تتجاوز 60 دولاراً في أحسن وأفضل الحالات، موضحاً أن الجزائر "يجب أن تحفظ الدرس وتتجه الى تنويع اقتصادها، "لأنه من غير المعقول أن نبقى 60 سنة نعتمد على النفط، الذي هو هبة من الله، والأجدر كان الاستفادة من هذه النعمة وتطوير أمور أخرى بواسطتها، بينما حدث العكس، حيث بذَّرنا هذه الثروة من دون عائد".

المزيد من اقتصاد