Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البريطانيون يؤثرون الهواتف الذكية على التواصل مع الأقارب والجيران

ترى خبيرة في "الرفاه الاجتماعيّ" أن أبناء المملكة المتحدة يغمرهم الأمان في أحيائهم، ولكن في الآونة الأخيرة ما عاد كثيرون منهم يشعرون بأنّهم ينتمون إليها"

مستوى تفاعل البريطانيين مع جيرانهم أو آبائهم المتقدمين في السن ينخفض على نحو متزايد، في مقابل انصرافهم أكثر إلى هواتفهم المحمولة (ويكيبيديا.أورغ)

 ربما لن يكون ذلك خبراً مفاجئاً لكلّ شخص يعيش في بلدة أو مدينة بريطانيّة حديثة، غير أنّ مستوى تفاعل البريطانيين مع جيرانهم أو آبائهم الكبار في السن ينخفض على نحو متزايد، في مقابل انصرافهم أكثر إلى هواتفهم المحمولة.

ويشير تقرير مفصّل نُشر حديثاً، يسعى إلى تحديد الاتجاهات المتغيّرة في العلاقات الشخصيّة، ودعم الشبكة الاجتماعيّة، والمشاركة المدنيّة، والثقة... إلى نزعة فرديّة متنامية بين أبناء المملكة المتحدة.

ويستند ذلك التقرير الذي أعدّه "مكتب الإحصاءات الوطنيّة" (أو. أن. أس) في بريطانيا، بعنوان "رأس المال الاجتماعيّ في المملكة المتحدة: 2020"، إلى 25 مؤشراً جاءت في معظمها من بيانات استقصاء مبلّغ عنها ذاتياً. وقد وجد أنّ نسبة الذين يبوحون بشعورهم بالانتماء إلى أحيائهم انخفضت من 69 في المئة قبل أربع سنوات إلى 62 في المئة.

 وبلغت نسبة البريطانيِّين الذين يتوقّفون ويتحدّثون إلى جيرانهم بصورة متكرِّرة 62 في المئة، مقارنة مع 66 في المئة في عامي 2011 و2012، ما يشير إلى تدني مستوى الترابط في مجتمعات المملكة المتحدة.

كذلك، مقارنةً مع ثماني سنوات خلت، كان البريطانيِّون أقل إقبالاً على مدّ يد العون إلى الآخرين، من قبيل تقديم مساعدة خاصة للمرضى أو المسنين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، أو الإبقاء على روابط الأبوّة بعد مغادرة الأبناء منزل العائلة.

 وأفاد 36 في المئة من الراشدين في بريطانيا في عام 2018 عن تلقيهم بانتظام أو بشكل متكرِّر مساعدة من أولادهم الذين يبلغون من العمر 16 عاماً أو أكثر، ولا يعيشون معهم في المنزل نفسه، وهو رقم أقل بست نقاط مئويّة مقارنة بالنسبة المسجّلة في 2012.

شملت تلك المهام، قيام الأبناء بإقلال أهلهم في السيارة إلى المكان المطلوب، أو ابتياعهم المشتريات الخاصة بذويهم أو إعداد وجباتهم الغذائيّة، أو الاضطلاع بمهام غسل الملابس أو كيّها أو تنظيف البيت، بالإضافة إلى الاهتمام بإنجاز الشؤون الشخصيّة على غرار دفع الفواتير أو كتابة الرسائل، أو إجراء تعديلات على ديكور المنزل، أو القيام بأعمال البستنة أو الإصلاحات المنزليّة.

ولكن بينما تشير النتائج إلى مجتمع أكثر "تفتتاً"، ذكر "مكتب الإحصاءات الوطنيّة" إنّ الانخفاض في نسبة الأهل الذين يتلقون المساعدة من أولادهم الذين غادروا المنزل، يمكن أن يرتبط بزيادة في معدل الآباء والأبناء البالغين الذين يعيشون معاً.

في الواقع، كانت الأسر المتعدِّدة المكوّنة من عائلتين أو أكثر، أحد أسرع أشكال العائلات تزايداً في المملكة المتحدة على مدى السنوات العشر الماضية حتى عام 2019، وهي ربما تمثّل الأسر التي تعيش معاً بدافع الضرورة، على غرار تحمّل تكلفة السكن، أو مسؤوليات رعاية الأطفال، أو رعاية الأقارب الأكبر سناً، حسبما ذكر "مكتب الإحصاءات الوطنيّة".

ومع ذلك، كشفت الدراسة عن زيادة واضحة في أوساط البريطانيّين في استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ، إذ أقرّ 68 في المئة من الناس بأنّهم استخدموا الإنترنت من أجل استعمال تلك الشبكات الاجتماعيّة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مقارنة مع ما يربو قليلاً على النصف، 53 في المئة، منذ سبع سنوات.

وفي تطوِّر متصل، قالت إليانور ريس التي ترأس "فريق تحليل الرفاه الاجتماعيّ" في المكتب المذكور، إنّ النتائج بشأن رأس المال الاجتماعيّ التي نحن في صددها تُظهر أن تفاعلنا مع جيراننا يتناقص بينما نستخدم في المقابل وسائل التواصل الاجتماعيّ بشكل أكبر. صحيح أننا نشعر بأمان أكثر في أحيائنا عندما نمشي بمفردنا بعد حلول الظلام، لكن شهدت الآونة الأخيرة انخفاضاً في أعداد الذين يشعرون بأنهم ينتمون فعلاً إلى تلك الأحياء".

 وقال ساندر كاتوالا الذي يشغل منصب مدير "بريتش فيوتشر"، وهو مركز أبحاث مستقلّ انضمّ الشهر الماضي إلى دعوة تشهدها البلاد بعنوان "عقد من إعادة التواصل" إنّ التقرير شدّد على نقطة شعر بها كثير من الناس مدة من الزمن، وفقاً له، ألا وهي أنّنا "أصبحنا أقل تواصلاً مع إخواننا المواطنين. الانقسام الذي يعانيه مجتمعنا أكبر ممّا قد يقبل به أيّ منا".

وأضاف، "يرغب معظم الأشخاص في الشعور بأنّهم مرتبطين أكثر بجيرانهم والناس في مجتمعاتهم. لكنّ إعادة بناء مجتمع يتسم بترابط واسع بين أبنائه ستستلزم ارساء إجراءات على المستويات كافة، بدءاً بالحكومة والمؤسسات وصولاً إلى المجتمعات والأفراد أيضاً. وثمة ميل عام من جهتنا جميعاً إلى أداء دورنا في ضمان تغيير هذا الواقع".

وفي الوقت نفسه، انخفضت على مستوى المملكة المتحدة ككل ثقة الناس في حكومة البلاد من 21 في المئة إلى 11 نقطة مئويّة خلال السنة حتى خريف 2019. وتعكس هذه النتائج على الأرجح غضب الرأي العام المتزايد حيال إخفاق الحكومة والبرلمان في الاتفاق على صفقة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيّ (بريكست)، خلال 2017 ومعظم عام 2018 تقريباً.

© The Independent

المزيد من منوعات