Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذوق العام المصري في مرمى "أغاني المهرجانات"

تحوّلت إلى حلبة مصارعة بين فرق متنازعة وجماهير متناحرة وأيديولوجيات متناثرة

أثارت أغاني المهرجانات كثيراً من الجدل بالشارع المصري ما بين مؤيد ومعارض (مواقع التوصل الاجتماعي)

على الرغم من أنّها قديمة قدم التاريخ، وسمة مثل سمات الجغرافيا والتضاريس، وأيقونة لفئات وطبقات وأذواق كغيرها من الأيقونات، فإن الصخب الحالي الرهيب، والصياح المتعالي المتتالي، ووصم الفرق المتناحرة بعضها بعضاً بالطبقية والعنصرية حيناً، أو الانحطاط وتدني الذوق حيناً، أو عدم الفهم وضياع البوصلة وتشتت الفكرة أحياناً.

أحياناً، يخبرنا التأريخ بما لا يمكن طرحه في أوقات تأجج المشاعر واحتقان الأزمات، وهذا ما يفعله موقع "الهيئة العامة للاستعلامات المصرية" لمن يرغب في إلقاء نظرة على "الأغنية الشعبية في مصر". فهي من أهم أنواع الأدب الشعبي، لما تحمله من خبرة السلف إلى الخلف، تلك الخبرة التي تمثل البؤرة لكل ما يهم الإنسان، إذ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بدورة حياته من الميلاد إلى الممات.

وتشير الهيئة، إلى أن الأغنية الشعبية في كل زمان تنقل لنا بصدق "إحساس الشعب الذي يفرزها في كل مناسباته السعيدة وغير السعيدة"، وهذا هو سبب انتشارها وتناقلها.

إحساس الشعب
لكن، حين أفرز إحساس الشعب طوفان أغنيات المهرجانات انقلب التأريخ رأساً على عقب، وجنّ جنون البعض من المثقفين والملتزمين آداب الأغنية الشعبية في انطلاقاتها في زمن الأصالة.

وهاج أبناء الطبقات المقهورة ثقافياً، نظراً إلى انقراضها، والمحبطة فكرياً وسلوكياً نظراً إلى هيمنة فكر الغالبية القادمة من قاعدة الهرم الطبقي، وتمدد سلوك العشوائيات الفائض عبر مئات العشوائيات السكنية التي نمت وتمددت، وتوغلت بطول مصر وعرضها على مدار نحو أربعة عقود.

 

عقود طويلة والعشوائيات متروكة تنمو وتتمدد، أستاذ النظرية الاجتماعية في جامعة عين شمس علي ليلة يشير في كتابه "النظرية الاجتماعية وقضايا المجتمع: صراع الحضارات على ساحة المرأة والشباب"، إلى أن "العشوائيات ظاهرة حضرية بالأساس تضم في داخلها نسبة عالية من السكّان المهمشين اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً وسياسياً".

وأضاف، "من الناحية الاجتماعية يسكن العشوائيات الأفراد الذين انتقلوا حديثاً نسبياً من الريف إلى المدينة، وما زال الكثيرون منهم يعيش حالة من التحوّل الكامل، فهم لن يتخلوا عن الثقافة الريفية التقليدية تماماً، ولم يكتسبوا الثقافة الحضرية بعد. وتظل الثقافة والقيم الاجتماعية والسياسية التي تشكّل مرجعية سلوكياتهم ضعيفة، لذلك تجد سلوكياتهم الاجتماعية والسياسية مضطربة، وفي أحيان كثيرة منحرفة".

انحراف العشوائيات
انحراف العشوائيات وما فيها عن السياق المجتمع القيمي والأخلاقي والثقافي والفني اجتهد الخبراء والعلماء والمراقبون في تشخيص وتحليل والتحذير والتنبؤ بما يمكن أن يؤدي إليه، وذلك في حال تركت العشوائيات تنمو نمواً شيطانياً عبر تجاهل الأسباب والعوامل التي أدّت إلى الظاهرة من الأصل.

فبين فقر وتهميش وجهل وإلهاء الناس عبر كثرة الإنجاب من دون هوادة أو توعية، وتجاهل تنمية الريف، وتحجّر التعليم، وإهمال ملفات الصحة والثقافة والتنوير، تطور الوضع لتتحول العشوائيات من جيوب سكنية متخمة ببشر على هامش الحياة إلى "قنابل متفجرة" تتطاير شظاياها، وتنتشر نيرانها لتصبح صاحبة اليد العليا، والسطوة الكبرى في الشارع المصري سلوكاً وأخلاقاً، وكذلك ثقافة وفن.

فن "المهرجانات" تحوّل هذه الأيام إلى حلبة مصارعة حامية الوطيس بين فرق متنازعة، وجماهير متناحرة، وأيديولوجيات متناثرة، وبقايا تعلق بتلابيب أزمنة دابرة، وإرادات فولاذية ترتكز على الأغلبية، وتتكئ على الشبكة العنكبوتية يتراشق جميعهم بالقول والتدوين والتغريد وإعادة تدوير ما يناسب الهوى.

قمة "ساوند كلاود"
وعلى الهواء مباشرة، وعلى ثلاث قنوات تلفزيونية مصرية تحظى بنسب مشاهدة عالية كان "نجوم" أغاني المهرجانات المُتنازع عليها ضيوفاً على برامجها المسائية الذائعة الصيت.

الاستضافة جاءت عقب جرعة مكثفة من النقاش المجتمعي المتأجج، والموقف الرسمي المتحرج، والتحرك النقابي المتردد في شأن "بنت الجيران".

"بنت الجيران" الأغنية التي حققت حتى ليل الاثنين الـ17 من فبراير (شباط) الحالي مئة مليون مشاهدة، وتبوّأت مكانة الصدارة عالمياً للأسبوع الثاني على التوالي بقائمة (ساوند كلاود) للأغنيات الأكثر تشغيلاً حوّلت الشارع المصري إلى كتلة نقاش وجدال، وصب لعنات تارة على الأغنية وما تمثله، وأخرى على من يرفضون الأغنية وما تمثله.

 

"بنت الجيران" التي حققت في طرحها الأول في الـ5 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2019 نحو 102 مليون مشاهدة، وفي طرحها الثاني بعد تغيير عبارة "أشرب خمور وحشيش" المتنازع عليها، وفي خلال 24 ساعة فقط مئة مليون مشاهدة.

المشاهدات بالطبع ليست كلها بغرض الطرب والسلطنة، بل جانب غير قليل منها سببه حب الاستطلاع الناجم عن المعركة المُحتدمة.

الذوق العام المتدني
المجتمع المنتفض غضباً بدا وكأنه استيقظ من نومه فجأة ذات صباح في عام 2020 ليجد الذوق العام متدنياً، والفن الشعبي إباحياً، وأغنيات المهرجانات خطراً دامغاً.

آلاف التدوينات على "فيسبوك" وأضعافها تغريدات على "تويتر" تصبّ الغضب، وتنصب المقاصل لقطع رقاب من تجرؤوا على تشويه الذوق وتقبيح السلوك وتلويث الآذان.

هذا الفريق نسى أو تناسى أن أغنيات المهرجانات ليست وليدة أمس أو أول من أمس، بل إنها دخلت عقدها الثاني بخُطى ثابتة وقاعدة متابعين ومشجعين ومحبين ومدافعين راسخة تفوق الممتنعين عدداً، وتتفوق عليهم إصراراً في متابعة "الفن" النابع منهم وإليهم وعنهم.

الأغنية الشعبية
وعودة إلى مقال الهيئة العامة للاستعلامات، وتوصيف الأغنية الشعبية حيث "الأغنية الشعبية تتنوّع بتنوع المناسبات المختلفة، من ميلاد وختان وزواج وحج وعمل ووفاة".

صحيحٌ، أن المقال لم يتطرق إلى مناسبات، مثل تناول الخمور، أو تعاطي المخدرات، أو التغزّل في مفاتن بنت الجيران، أو التعبير عن الرغبة الجنسية وغيرها من موضوعات الأغنيات الحالية، إلا أنه استعرض كلمات الأغنيات الشعبية القديمة التي تتطرق إلى عقد القران والزواج والعمل والحج والوفاة، معتبراً إياها "تعبيراً حقيقياً وواقعياً لا ريب فيه عن البيئة النابعة منها".

البيئة التي أفرزت حسن شاكوش وأحمد لبط وأوكا وأورتيجا وعمرو حاحا وعلاء فيفتي وإسلام شيبسي، إضافة إلى الفرق مثل "مافيا العظماء" و"المدفعجية" و"الدخلوية" "8 في المئة" وغيرها الآلاف من "المواهب" المتفجّرة من داخل شقق وعشش مناطق عشوائية رأساً نحو قمة الـ"ساوند كلاود" وجدت نفسها في خانة الاتهام الطبقي القادم من أعلى.

وعلى الرغم من اتفاق أبناء هذه الطبقات الأعلى، لا سيما من غادروا مرحلة الشباب المبكر، على ضرورة الحجب وحتمية المنع، حماية للذوق وإنقاذاً للأخلاق ووقاية للمجتمع، فإن هناك بين هذه الطبقات من انبرى يدافع عن حرية الاستماع والحق في الاستمتاع من دون فرض آراء أو سطوة توجهات.

قنبلة فالنتاين
هذه التوجهات المنفجرة في وجوه الجميع تعارضاً تارة، وتنافراً تارة أخرى سببها حفل الـ"فالنتاين" الذي أقيم في استاد القاهرة، وكان نجمها حسن شاكوش.

وعلى الرغم من أن "قنبلة" شاكوش "بنت الجيران" تعود إلى أشهر مضت، فإنها ظلّت حبيسة العالم الافتراضي، وبتفجُّرها على أرض الاستاد، تفجّرت معها الاحتقانات المجتمعية والاحتكاكات الطبقية التي تموج بها مصر على مدار سنوات طويلة، لكنها خرجت إلى السطح في سنوات ما بعد أحداث 2011.

ازدراء شاكوش
شاكوش ابن حي "بولاق الدكرور"، أحد أكثر أحياء القاهرة الكبرى شعبية والمتحوّل إلى عشوائية في العقود الماضية، وجد نفسه ضمن قائمة تضم ثماني أغنيات هي "الأسخن" بالعالم على "ساوند كلاود" نشرها ملك التكنولوجيا ومؤسس مجموعة "تسلا موتورز" وشركة "سبايس إكس" الفضائية إيلون ماسك على حسابه على "تويتر".

 

شاكوش القافز من حواري بولاق إلى أثير العنكبوت واهتمام أغنى وأشهر وأهم أقطاب العالم وجد نفسه محط ازدراء قطاع من المصريين، عدد من رموز كرة القدم غرّدوا ودوّنوا اعتراضات على تصدّر شاكوش الذي يغني لـ"الخمر والحشيش" و"العيل السيس" و"شقيق إبليس" وغيرها من المفاهيم والقيم، وعدد من الفنانين والفنانات عدّوه دخيلاً على المجال ومرفوضاً على الساحة، ومواطنون عاديون من شتّى مناحي الحياة أخذوا على عاتقهم صب الغضب وتصويب الحنق تجاه المهرجانات، ومن يطلقونها، ومن يستمعون إليها، وأعدادهم تقدّر بعشرات الملايين.

أزمة الاستاد
ومنذ أزمة الاستاد والآلاف التي توافدت وتهافتت على حضور حفل شاكوش والساحة المصرية مليئة بقدر هائل من المناقشات والمجادلات حول "شاكوش"، ورغم أن موضوع النقاش هو "شاكوش" وعبارة "أشرب خمور وحشيش" الواردة في قنبلته "بنت الجيران"، فإن الحجة والبرهان يؤكدان أن "بنت الجيران" لم تكن إلا الشرارة التي أشعلت فتيل الاحتقان الطبقي المضطرم تحت السطح منذ فترة.

الفترة التي أثنى فيها نقيب الموسيقيين المُلقب بـ"أمير الغناء العربي" إعلامياً الفنان هاني شاكر على "زميله" حسن شاكوش انتهت، إذ أكد شاكر أن المطرب الشعبي حسن شاكوش اجتاز اختبارات نقابة الموسيقيين.

وأثنى عليه قائلاً "شاكوش مطرب شعبي صوته حلو"، وأنه قدّم "عدداً كبيراً من الأغنيات أمام لجنة الاستماع في النقابة أثناء الاختبار، ونال إعجاب أعضاء اللجنة، فكان حصوله على (شارة النجاح) مستحقاً"، مضيفاً "يجب احتواء هؤلاء الشباب (مطربي المهرجانات)، لكن مع وجود ضوابط".

كان هذا يوم الـ11 من فبراير (شباط) الحالي. بعدها بأربعة أيام، خرج شاكر ليؤكد أن دخول شاكوش اختبارات النقابة لا يعني أبداً حصوله على العضوية، وأنه (شاكوش) لم يحصل على بطاقة الاعتماد بعد.

ونوه شاكر إلى أن شاكوش كان "وعده بتغيير الجملة التي وردت فيها كلمتا (خمور وحشيش)، لكنه لم يفعل".

خدش الحياء
خمور شاكوش وحشيشه تحوّلا إلى صراع أيديولوجي حامي الوطيس ما زالت رحاه تدور حتى اللحظة، ولا يمر يومٌ من دون أن تصدر الصحف اليومية، والبرامج الفضائية وهي تحوي قدراً هائلاً من الهبد الإيجابي أو الرزع السلبي، أو كليهما في ما يختص بشاكوش.

فريق مؤيد من الكتّاب والمذيعين والضيوف يرى أن ما يقدّمه شاكوش وأقرانه "فن"، بغض النظر عن التقييمات الشخصية والأذواق الفردية. وبين هؤلاء من يرى أن أغنيات المهرجانات ابنة بيئتها وشهرتها صنعها محبوها ومتابعوها الذين تقدر أعدادهم بالملايين، وأن التدخل لتغيير دفة الذوق ومسار الاستماع والاستمتاع لا يتحقق بمنع عضوية أو وقف حفلات.

وبينهم أيضاً من يعارض وينتقد بشدة قرارات الحجب والمنع، لأن المحجوب مرغوب، والممنوع موجود في عصر الإنترنت، حيث لا الحجب وارد، ولا المنع ممكن.

تيار الفتح
إمكانية التغيير والتعديل كما ترد بين المنتمين إلى تيار الفتح تحدث عن طريق الاحتضان والتثقيف، والرعاية والتوجيه، والتقدير مع التصويب، المُثير أن أصوات المحاسبة الذاتية تتعالى، حيث اعتراف وإقرار بأن الساحات الفنية والثقافية والفكرية المتروكة أرضاً فضاء وخواء من دون امتلاء يملؤها من يأتي أولاً.

 

الكاتب عبد المنعم سعيد رأى في مقال له أن "المئة مليون نسمة (تعداد المصريين) يصبحون حقيقة أخرى تماماً عندما يتزاوجون مع التنمية، والتكنولوجيات الرقمية الحديثة. ولم تكن هناك صدفة أن مواليد المناطق الشعبية في مصر هم أصحاب الموجة الجديدة من الغناء، وهم طليعة من الطلائع العديدة لقوة مصر الناعمة في واحد من جوانبها المهمة. الصين والهند مثالان سابقان على الحالة المصرية، وكلاهما يتعدى المليار نسمة، والآن قوتهما الناعمة في الغناء والسينما تصل إلى الدنيا كلها من خلال أدوات العولمة: (نتفليكس، وأمازون، وغوغل، وآي تون)، ومؤسسات أخرى كثيرة".

الصحافي عماد الدين حسين هو الآخر يرى أن السؤال الأساس يجب أن يكون: "هل نلوم شاكوش وحمو بيكا وشطة وغيرهم من مطربي المهرجانات أم نلوم البيئة التي شجّعتهم وأنتجتهم؟"، وقال "إنهم يعبرون عن ذوق عام موجود في الشارع المصري".

تسمع كما تتنفس
الشارع المصري الذي تسمع قطاعاته الأكبر عدداً أغنيات المهرجانات كما تتنفس لا يتوقف عند مظهر مطربيها الذي ينم عن بيئة العشوائيات، أو التعطّل عند موسيقاها المعتمدة على التقنيات الرقمية لا المواهب الفطرية أو الدراسات الموسيقية، أو التدبر قبل تكرار كلماتها التي يحمل كثيرٌ منها قدراً فائقاً من الجنس الصريح، والعنف المباشر، ناهيك بهرم قيمي مقلوب.

هرم قيمي مقلوب
الهرم القيمي المقلوب يزعج آخرين، ومنهم مواطنون عاديون اعتبروا أنفسهم طرفاً رئيساً في الأزمة الدائرة. الملاحظ أن كثيرين ممن يؤمنون بالحريات الشخصية ويدرؤون أخطار الوصاية الفكرية والسلطوية الأيديولوجية انقلبوا على أنفسهم، ويملؤون الأثير تهليلاً للمنع وتبجيلاً للحجب.

حماية الأخلاق، وصون المجتمع، وتنظيف الآذان، وتطهير الفن وغيرها قيم عدّها أنصار تيار المنع عائدة إلى الشارع المصري لا محالة بمجرد صدور قرار حجب أغنيات المهرجانات، ومنع مطربيها من أداء الحفلات.

الأدهى من ذلك أن هذا الفريق تداول نظرية مؤامرة إسقاط المجتمع، وتفتيت الدولة، وإلهاء الرأي العام، وتدمير ما تبقّى من ذوق عام، لأن عدداً من القنوات الفضائية المعروفة استضاف نجوم المهرجانات.

لكن، نجوم المهرجانات وما يمثلونه من فن نابع من تربة الغالبية العددية في مصر وجدوا من يحنو عليهم من مواطنين أيضاً ينتمون إلى الطبقة نفسها.

"سونيا.ب". أخذت على عاتقها مهمة جمع الأغنيات الشعبية المصرية القديمة، التي يحفل بها التراث والتاريخ بشقيه القديم والحديث، التي تحمل كلمات وإيحاءات لا تقل "خروجاً عن الآداب العامة" التي تزعج المنتمين إلى تيار الممانعة.

من "الطشت قالي" إلى "على سرير النوم" إلى "السح الدح إمبو" إلى "كداب يا خيشة" وغيرها، للدلالة على أن ما ننظر إليه اليوم باعتباره تراثاً وفناً أصيلاً يحوي كثيراً مما نعدّه أيضاً خروجاً عن القيم وخرقاً للأخلاق والقواعد.

المدينة الفاضلة
القواعد في مصر تشير إلى أن السخرية سلاح أصيل وخارق، كم مذهل من الصور يُجرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي تصوّر مصر المتحولة إلى المدينة الفاضلة عقب قرار منع المهرجانات وحجب شاكوش وأقرانه، أو تتساءل عن الكم الكبير من مشاهد تعاطي المخدرات والخمور في الأفلام والمسلسلات، التي تعد فناً هادفاً، أو تسخر من نظرية عودة الأخلاق التي وقف شاكوش حائلاً أمامها. حتى عبارة الفنانة هند صبري الشهيرة في فيلم "أحلى الأوقات" والمطالبة زوجها ببعض الرومانسية عبر مطلب "عايزه ورد يا إبراهيم" تحوّلت هذه الأيام إلى "عايزه خمور وحشيش يا إبراهيم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سيول التغريدات والتدوينات الساخرة دخلت كذلك لاعباً مهماً على الخط، أحدهم يقترح أن ينجو شاكوش بنفسه، ويستبدل عبارة "أشرب خمور وحشيش" التي خدشت حياء الشارع إلى "أشرب تمور وحليب".

آخر يحذّر من أن المنع لا يكفي، بل حذف الـ70 مليوناً الذين سمعوا شاكوش من بطاقات التموين، ثالث يحذّر من ينوي المرور من ميدان التحرير إلى ضرورة حذف الـ"بلاي ليست" لو متضمنة أغنيات شاكوش من على الهاتف المحمول تحسباً لحملات التوقيف والتفتيش الأمنية.

اللافت هو أن التفتيش الأمني شيء، والتفتيش الفني شيء آخر، وما صنعته "رقمنة الموسيقى"، وشهرته "يوتيوب"، ونجمه "ساوند كلاود" لا يحجبه نقيب أو يمنعه تيار ممانع أو تقهره تمور وحليب.

شاكوش، الذي أصبح ملء سمع وأبصار مئة مليون مشاهد وملايين المؤيدين والمعارضين من المتعلقين بتلابيبه إنقاذاً لطبقتهم المتآكلة، وغيرهم من المعتبرين إياه نموذجاً وقدوة، دخل ومعه "بنت الجيران" التاريخ من أوسع أبوابه، ووجد نفسه من دون أن يدري حاملاً عبء احتقان طبقي تدور رحاه في مصر على مدار ما يزيد على أربعة عقود.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات