Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توني بلير تحدث إلى حزب العمال بما يود سماعه

رأى أن خليفة جيريمي كوربين سيتوجب عليه إعادة تعريف كلمة "راديكالي"

انتقد الرئيس السابق للوزراء توني بلير (في يسار الصورة) جيريمي كوربين الرئيس الحالي لحزب العمال، واعتبره "راديكالياً" (زي جورنال.آي إي")

لقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً، لكنني أعتقد أن عدداً متزايداً من أعضاء ومؤيدي حزب العمال أصبحوا اليوم مهتمين بما يريد توني بلير قوله. ولا جدال في أن محاضرته في "كينغز كوليدج لندن" أخيراً، توجّهت إلى جمهور من أنصار بلير يشمل العائلة والأصدقاء وعدداً ممن سبق لهم العمل معه.

في المقابل، شهد المحاضرة أيضاً بعض الطلبة، ولاحظتُ خلالها كثيراً من إيماءات الموافقة الخفية والمتعاطفة أيضاً. وقد ذكرتني بأن فيليب غولد، منظّم الاستطلاعات الراحل لحزب العمال، اعتاد القول إن خطابات بلير ولقاءاته الصحافية تهدف إلى جعل الناس يشاهدون التلفزيون وأن "يومئوا برؤوسهم على سبيل الموافقة". لقد شكّل ذلك لفترة طويلة مهارة استثنائية لبلير الذي يردد أن حزب العمال يبلي بلاءً حسناً "عندما نكون صوت العقل الهادئ"، لكنه مر بفترة طويلة حينما كانت غالبية الحزب يتمنون لو أنه كفّ عن الكلام وغادر.

إلا أن الهزيمة الانتخابية في ديسمبر (كانون الأول) 2019 غيّرت ذلك. وعلى الرغم من أن كثيراً من أعضاء حزب العمال لا يرغبون في التخلي عن سياساتهم "الراديكالية"، إلا أنهم منفتحون على النقاش حول الأولويات وكيفية التعبير عنها.

واستطراداً، يفسر ذلك الأمر سبب اعتبار أن رسالة بلير العاجلة قد جاءت في الوقت المناسب. إذ لم تتمثّل حجته الرئيسية في وجوب أن يكون حزب العمال أكثر "اعتدالاً"، على الرغم من إشارته إلى أن ذلك قد يشكّل عنصراً مساعداً، بل في ضرورة إعادة تحديد معنى كلمة "راديكالي". وقد صرح أنه "نريد أن نعالج غياب المساواة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وإعادة توزيع السلطة والتعامل مع التغير المناخي، لكن لا يمكن ترك ذلك كله لسياسة الاحتجاج في الشارع".

وقد جادل بلير بأن ذلك يتطلّب من العمال تبنّي "عقلية حكومية"، وشكّل ذلك لحظة أولى من لحظات "الإيماء بالموافقة" خلال خطابه. وأضاف، "حزب العمال ليس منظمة غير حكومية، ولا جماعة ضغط، وهدفه ليس البروز على "تويتر" أو كسب تأييد المشاهير، وبالمناسبة، إن تلك الأمور تكون مؤقتة في الغالب".

ورأى بلير أن الحزب يحتاج أن يكون جاداً بشأن الخيارات الصعبة للحكومة، وكذلك هاجم بحدّة الأسطورة المطمئنة للعمال بأن سياساتهم تحظى بالشعبية. وفي هذا الصدد، ذكر أن "الناخبين لم تعجبهم سياساتنا"، وهاجم "مغالطة إجراء استطلاعات حول سياسات فردية مع التفكير بأنك تتعلم شيئاً ما".

وكذلك ذكر إن ثمة فارقاً بين "حوار من ثلاث ثوانٍ، و30 ثانية، و30 دقيقة". إذ يكون الحوار من ثلاث ثوانٍ هو "هل يجب تأميم سكك الحديد؟" وغالباً ما يكون جوابه "نعم". أما حوار 30 ثانية، فيدور حول من سيدفع ثمن التأميم وهل هناك سياسات أخرى أكثر إلحاحاً. وأما الحوار من 30 دقيقة، فيجب أن يتناول مستقبل السيارات من دون سائق ونظام النقل الخالي من الكربون، الذي تكون فيه مسألة امتلاك نوع من أنواع النقل في أدنى درجات الأولويات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شكّلت تلك الأمور جزءاً من مشكلة أوسع [لبلير] مع بيان الحزب، الذي ذكر أنه قرأه كاملاً. وأشار إلى أنه كلما قرأت مزيداً منه، تبيّن لك أنه أقل صدقية. ويبدو أن البيان  جُمِعَ بقول "نعم" لكل وزير في حكومة الظل "يطرق الباب ويقول ها هي خطة من 10 نقاط وأريد مليار جنيه". إذ يستطيع الناخبون الشعور بذلك. وعند تلك النقطة، ذكر أنه "إذا كنت تعيش حياة صعبة حقاً، ويعدُكَ شخص ما بامتلاك العالم بأسره، فسيبدو ذلك فاقداً للصدقية".

وكذلك عبّر بلير عن اعتقاده بصراحة أن حملة الزعامة الحالية قد فشلت في الانخراط في هذا النقاش. وبدا ممكناً الشعور بمدى الإحباط عندما ذكر أنه "أتعاطف كثيراً مع أولئك الذين خاضوا بشراسة حملة الزعامة". إذ يعرف كيف كانت تلك الحملة، وكذلك أَقَرّ أنه لم يقل خلال حملته لزعامة حزب العمال في 1994 مثلاً، أنه يرغب في التخلي عن الالتزام بالملكية العامة في البند 4 من ميثاق الحزب. "لكن، ما من أحد كان يشك في أن الحزب كان سيتغير إذا انتُخِبْتُ". 

ودبّت الحيوية فيه عندما سُئِل عن شعوره حاضراً مع سقوط المقعد النيابي في منطقة "سيدجفيلد" الذي شغله سابقاً، في يد حزب المحافظين، إذ قال "أشعر بالغضب عندما يرفض حزب العمال فعل ما يتوجب فعله للفوز".

وقفد رفض الإفصاح عن المرشح الذي يؤيده لزعامة الحزب، مشيراً إلى أنه لا يريد "الإضرار" بأحد. في المقابل، وجّه الانتقاد إلى كير ستارمر، من دون تسميته، عِبْرَ الحديث عن اختلافه مع "الأشخاص الذين يقولون "علينا أن نتحد"، على الرغم من أن أول شيء يتوجّب عليك فعله يتمثّل في حسم قرارك، وبعدها يمكنك التفكير في كيفية الاتحاد".

وفي السياق نفسه، تحدث عن اعتقاده بإن أعضاء الحزب الذين يبلغ عددهم نصف مليون شخص، سينقسمون. إذ رأى أن الغالبية ترغب في تغيير جوهري، ومنفتحة على كيفية تحقيقه. في المقابل، أشار إلى وجود "أقصى اليسار المتعصّب"، وذكر أنه ليس بوسع الحزب إلا انتظار مغادرتهم الحزب.

وعلى الرغم من اعتبار المحاضرة استعراضاً لـ120 عاماً من عمر حزب العمال منذ تأسيسه في فبراير (شباط) 1900، لم يركز بلير أبداً كعادته على التاريخ، إلا لتكرار الحجة المألوفة حول السعي إلى إعادة توحيد التقاليد العمالية مع الليبيرالية. لقد شكّل ذلك دوماً موقفاً وطموحاً، هدفه جعل الليبيراليين الأحرار زائدين عن الحاجة من خلال توسيع المساحة الانتخابية لحزب العمال بأكبر قدر ممكن، عوضاً عن الدعوة إلى اندماج الحزبين.

وعلى جاري عادته، بدا أن ما يهم بلير يتمثّل في السياسة الراهنة. إذ لا يمكنه مقاومة تحليلها واستشراف ما الشيء المقبل الذي تجسّده الثورة التكنولوجية التي يبدو أنها ستغير كل شيء. وكذلك عمل بلير على ذكر ما يتوجب على العمال النهوض به، مستخدماً  طرقاً تجعل الناس يومئون برؤوسهم تعبيراً عن قبولهم ما يذكره طيلة الوقت.

لكن اليوم وللمرة الأولى خلال عقد ونيف، أعتقد أن عديداً من أعضاء حزب العمال أصبحوا مستعدين للاستماع.

© The Independent

المزيد من آراء