Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودان يطلب دعما "تقنيا" دوليا

يصف منتقدو القرار الإجراءات المتوقعة بـ "الاستعمار الجديد"

محتجون سودانيون في العاصمة الخرطوم (غيتي)

فجر طلب رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك من مجلس الأمن الدولي التفويض لإنشاء بعثة سياسية، لدعم عملية السلام في السودان بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، جدلاً واسعاً وسط القوى السياسية وخبراء القانون وعامة السودانيين. فالمدافعون عن هذه الخطوة رأوا أن وجود بعثة دولية من شأنه بناء وتعزيز السلام، فضلاً عن المساعدة في تحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030. بينما وصف المعارضون هذا التوجه بالاستعمار الجديد كونه يمثل وصاية دولية، وهو ما يعتبر انتهاكاً للسيادة الوطنية.

وتأتي هذه الخطوة على خلفية النقاشات بشأن ترتيبات ما بعد بعثة حفظ السلام الأممية في السودان، حيث تسعى الحكومة الانتقالية من خلال رسالتها للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن الدولي إلى الحصول على المساعدة الدولية في تحقيق وترسيخ السلام في السودان عبر بعثة سياسية محددة الأهداف والمهام.

مخاطر الانتقال

وأشار حمدوك في خطابه للأمين العام للأمم المتحدة إلى المخاطر التي تحيط بعملية الانتقال في بلاده، بما يستوجب على المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة التقدم الآن للمساعدة في القضايا المطروحة والمستعجلة، مؤكداً أن الحكومة على استعداد للترحيب بالبعثة في أقرب وقت ممكن.

وشدَّد على أن تكون البعثة ذات نهج مبتكر ومنسق ويتسم بالمرونة والسلاسة، داعياً إلى المساعدة في تعبئة المساعدات الاقتصادية الدولية للسودان، وتيسير المساعدة الإنسانية الفعالة في جميع أنحاء البلاد، وتقديم الدعم التقني في وضع الدستور والإصلاح القانوني والقضائي، وإصلاح الخدمة المدنية، وقطاع الأمن، فضلاً عن دعم إعادة النازحين داخلياً واللاجئين إلى أوطانهم وإعادة إدماجهم، وتحقيق المصالحة بين المجتمعات المحلية، وتحقيق مكاسب السلام والعدالة الانتقالية وحماية المدنيين، وبناء قدرات قوة الشرطة.

استعمار جديد

تمثلت انتقادات القوى السياسية طلب الرعاية الأممية، التي ضمت حزب الأمة القومي والاتحاد الديمقراطي والإسلاميين، في كون الإجراء يعتبر تجاوزاً للسلطات الدستورية ولن يخدم قضية السلام والأمن، بالإضافة إلى أنه يتنافى مع التفويض الشعبي للحكومة المتمثل في تحقيق مقاصد الثورة، وخرقاً للوثيقة الدستورية التي أشارت إلى بناء الدولة الوطنية ذات السيادة وفق مشروع نهضوي متكامل. 

كما وصف بالاستعمار الجديد وخسارة السيادة الوطنية، التي سبق أن رفضتها دولة جنوب السودان، إلى جانب أنه يجعل البلاد مرهونة للدول الأجنبية ولا تقبله دولة ذات سيادة، ناهيك عن عدم تحديد موعد قاطع لإنهاء عمل البعثة السياسية. فيما أشارت الانتقادات إلى فشل الرعاية الدولية في كثير من الدول بينها سيراليون وساحل العاج وكمبوديا، لأنه صممت أصلاً للنزاعات بين الدول وليس للمشكلات الداخلية.

حفظ السلام

لكن المؤيدين لهذه الخطوة يشددون على أن كل مناطق السودان تحتاج إلى الدعم الفني والسياسي، لأن الدولة الموروثة من نظام الرئيس عمر البشير منهارة، مشيرين إلى أن طلب الرعاية السياسية والفنية وفق البند السادس مرتبط بشروط يحددها السودان نفسه وفقاً للمواثيق الدولية. إذ إن بعثة يوناميد في دارفور، التي تنتشر منذ مطلع عام 2008، وتعد ثاني أكبر بعثة حفظ سلام أممية، وقوامها 20 ألفاً من قوات الأمن والموظفين، كانت مشروطة على الرغم من أنها جاءت بتفويض من مجلس الأمن الدولي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار قانونيون ودبلوماسيون، تحدثت إليهم "اندبندنت عربية"، إلى أن السودان دولة عضو في الأمم المتحدة، وميثاقها يحتم دعم الدول الأعضاء، خصوصاً تلك الخارجة من النزاعات، وأن خطوة رئيس الوزراء السوداني إيجابية وتهدف إلى حفظ السلام والأمن؟

ويؤكد هؤلاء أن هذا الطلب سيسهم في توفير حاجات السلام ودمج المقاتلين من الحركات المسلحة في القوات النظامية أو إخضاعهم لبرامج التسريح ونزع السلاح، وهو ما يحتاج إلى تمويل كبير.

الأول من نوعه

ويُعد الطلب، الذي يتوقع أن توافق عليه الأمم المتحدة قريباً، الأول من الحكومة السودانية.

وخضع السودان منذ عام 2005 للفصل السابع وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، الذي يجيز استخدام القوة العسكرية والعقوبات السياسية والاقتصادية ضد البلد المعني أو أي أفراد يهددون الأمن والسلم، حيث أنشأ مجلس الأمن الدولي بعثة عقب التوقيع على اتفاق السلام الشامل بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان، لمراقبة تنفيذ الاتفاق الذي انتهى بانفصال جنوب السودان عام 2011.

وفي عام 2007، ومع اضطراب الأوضاع الأمنية في إقليم دارفور، أسست بعثة ثانية مختلطة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الإقليم وحماية المدنيين، ولا يزال عملها مستمراً. ويتوقع إجلاء جميع عناصرها بنهاية العام الحالي، وسط معارضة من الحركات المتمردة في الإقليم.

كذلك أُنشئت في عام 2011 بعثة ثالثة، بقرار من مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، انتشرت في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان ودولة جنوب السودان.

ويمنح الفصل السادس إمكانية تكوين بعثة أممية خاصة لدعم السلام تشمل ولايتها كامل أراضي البلاد، من دون أن تشمل قوات عسكرية، وهو ما تطالب به الحكومة الانتقالية في السودان.

وكان حمدوك التقى بغوتيريش في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، على هامش قمة دول الاتحاد الأفريقي، وناقشا الانتقال السياسي الجاري في السودان وعملية السلام والانتقال من حفظ السلام إلى بنائه في دارفور. وتعهد غوتيريش بدعم جهود الحكومة الانتقالية الرامية لإجراء إصلاحات سياسية وتنموية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي