تضرب الأحزمة الناسفة والعربات المفخخة مجدداً مناطق التوتر في سوريا، خصوصاً في الشمال السوري وفي ريف دير الزور، معاودةً نشاطها بكثافة، إذ أسفر انفجاران وقعا في مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد، وثالث في عفرين الخاضعة لسيطرة فصائل درع الفرات الموالية لتركيا، وتفجير آخر في مدينة جرابلس الواقعة في ريف حلب، عن مصرع العشرات.
في الغالب، المفخخات هي آليات صغيرة مفخخة يجري تفجيرها عن بعد أو بواسطة انتحاريين لاستهداف شخصيات بارزة أو قيادية، أو حتى تجمعات عسكرية. وهذا ما حدث في تفجير مدينة عفرين، شمال غربي سوريا، إذ استهدف التفجير عرضاً عسكرياً لقوات عملية غصن الزيتون، بالقرب من مشفى يدرسم، أدى إلى إصابة حوالي عشرة أشخاص، بينهم أطفال. أما التفجير الثاني فوقع في بلدة الشحيل، جنوب شرق محافظة دير الزور الواقعة بمحاذاة العراق، في منطقة خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية أسفر عنه مصرع 10 أشخاص وإصابة آخرين، بعدما استهدف الهجوم حافلة صغيرة تنقل عمالاً يعملون في منشأة نفطية.
لكن الجماعات المتطرفة، منها تنظيم "داعش"، كانت تُسيّر عربات ضخمة ومصفحة في الوقت نفسه، لاستهداف الخطوط الأمامية في المعارك، أو لتفجير تجمع عسكري أو مدني في المدن، بهدف فتح ثغرة تتمكن من خلالها من إشغال الخصم في الفوضى الناتجة من الانفجار وإسعاف المصابين، لتدفع مسلحيها إلى بدء اشتباك، وفق ما قال قيادي في وحدات حماية الشعب الكردية.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تعليقه على الحادث، أن 14 من عمال حقل العمر وستة من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لقوا مصرعهم في التفجير. واتهم عدنان عفرين، المتحدث باسم "قسد"، خلايا تتبع لـ"داعش" بالوقوف وراء العملية. في حين وقع الهجوم الثالث في بلدة كوربينكار، بمنطقة كوباني ـ عين العرب، واستهدف مقراً عسكرياً لوحدات حماية الشعب الكردية، وهذا ما أدى إلى تدميره، وفقدان خمسة أشخاص، من بينهم مدني، وفق وسائل إعلام كردية.
إلى الشرق، بالقرب من مدينة جرابلس، على الحدود مع تركيا، قالت مصادر إن ما لا يقل عن أربعة من جماعة عربية معارضة، مدعومة من تركيا، قُتلوا أثناء محاولتهم تفكيك سيارة ملغومة في قرية غندورة، لكن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن التفجير. وقالت مصادر محلية وناشطون في مدينة عفرين، إن سيارة مفخخة انفجرت بالقرب من مقر عسكري لفرقة السلطان مراد المدعومة من تركيا في ناحية شرا، قرب مدينة عفرين، فجُرح من جرائه ثلاثة من المسلحين.
في السياق ذاته، حدث انفجاران عنيفان هزا مدينة إدلب بفرق دقائق قليلة بينهما، الأول ناجم عن عبوة ناسفة موضوعة في سيارة، والثاني عبارة عن سيارة مفخخة ضربت منطقة القصور جنوبي مدينة إدلب. وكشفت مصادر أن الانفجارين وقعا بالقرب من أحد المقارّ الرئيسة التابعة لهيئة تحرير الشام، الواجهة الحالية لتنظيم جبهة النصرة، وقد قتل خلالهما 24 شخصاً، بينهم 11 مسلحاً من جنسيات أجنبية، بالإضافة إلى أكثر من 32 مصاباً غالبيتهم الساحقة بحالة خطرة، ونقل على إثرها زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني إلى مستشفى تركي في مدينة أنطاكيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا تقتصر حرب المفخخات على السيارات أو المصفحات الكبيرة، بل قد تكون أحزمة ناسفة أو آليات صغيرة مثل الدراجات النارية. إذ أدى انفجار دراجات نارية مفخخة في ريف حلب الشمالي إلى مقتل مدنيين وإصابة 18 بجروح.
بالطريقة نفسها، انفجرت دراجة نارية في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهذا ما أدى إلى مقتل طفل عمره سبع سنوات وجرح مدني آخر، في وسط مدينة الرقة.
كما استهدفت سيارة مفخخة مقراً للمخابرات الفرنسية على الأطراف الشمالية لمدينة الرقة في 11 فبراير (شباط)، في معمل سكر الرقة، الذي تتخذه الاستخبارات الفرنسية مقراً لعملياتها في المنطقة الغربية لشرق الفرات. وأشارت مصادر إلى مقتل عدد من عناصر الاستخبارات الفرنسية.
من جهتها، وبعيداً عن مناطق التوتر في الشمال السوري، استهدفت سيارة نقل مفخخة، من نوع "سوزوكي" ساحة عامة في مدينة اللاذقية شمال غربي سوريا، في 22 يناير (كانون الثاني)، نتج عنها مصرع سائقها الانتحاري وإصابة أربعة مدنيين مع تفكيك فرق الهندسة عبوة ناسفة ثانية قبل تفجيرها في المكان نفسه.
وبات مسلحو "داعش" قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة في سوريا مع فرارهم نحو العراق وتخوف مسؤولين أميركيين وعراقيين من عودتهم إلى زعزعة استقرار العراق بمئات من المسلحين. إذ يرجح أن يكون أكثر من ألف مسلح عبروا الحدود الصحراوية المفتوحة خلال الأشهر الستة الماضية، في تحدٍ واضحٍ لعملية عسكرية واسعة يشنها الأميركيون والأكراد وقوات متحالفة للقضاء بشكل كامل على ما تبقى من الجماعة المسلحة في شرق سوريا، وفق مسؤولين في الاستخبارات العراقية والأميركية.
وقد لجأ "داعش" على جبهات عدة إلى استخدام المدنيين دروعاً بشرية بهدف عرقلة تقدم خصومه لدى تضييقهم الخناق عليه. كما زرع خلفه الألغام والمفخخات لمنع المدنيين من الخروج وإيقاع خسائر في صفوف خصومه.