Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا... اتهامات متبادلة بشأن عواقب توقف عمليات إنتاج النفط

الشيء الوحيد الذي يشكل ضغطاً على "الوفاق" هو حاجتها لأموال أكثر لتغطية تكاليف مرتبات المرتزقة

مقر شركة النفط الوطنية الليبية في العاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

بعد مضي أسبوعين على قيام قبائل شرق ليبيا وجنوبها بإقفال حقول وموانئ النفط، احتجاجاً على التدخل التركي وإرسال دفعات من المرتزقة إلى عاصمتها طرابلس، بدأت نتائج هذه الخطوة تظهر على اقتصاد البلاد الريعي، والذي يعتمد بشكل شبه كلي على النفط في تغطية ميزانيته العامة.

وكانت القبائل الليبية أجمعت في بيانات منفصلة على أن لجوءها لإقفال الحقول والموانئ النفطية، جاء "احتجاجاً على استخدام وارداته من قبل حكومة فائز السراج، لجلب الاستعمار التركي ودعم المرتزقة السوريين وتمويلهم"، بحسب وصفها.

خصوصاً بعد الاعتراف الصريح لرئيس حكومة "الوفاق" في لقاء مع إحدى القنوات البريطانية، بوجود مرتزقة سوريين يقاتلون في صفوف قواته ضد الجيش الوطني الليبي، مؤكداً أنه لن يتردد في طلب مساعدة أي طرف لدحر ما أسماه "العدوان على طرابلس".

تحذيرات من كارثة إنسانية

ومع تمسك القبائل الليبية بموقفها باستمرار إغلاق حقول وموانئ النفط الليبية، أطلقت المؤسسة الوطنية للنفط ورئيسها مصطفى صنع الله سلسلة تحذيرات من أوضاع اقتصادية صعبة قد تواجه البلاد، إذا استمر الوضع الحالي، الذي شهد انخفاضاً في إنتاج النفط من مليون و300 ألف برميل يومياً إلى قرابة 270 ألف برميل حالياً.

من جانبه، قال محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، خلال مقابلة مع وكالة "رويترز"، إن "النفط يمثل ما بين 93 إلى 95 في المئة من إجمالي الإيرادات، ويغطي 70 في المئة من إجمالي الإنفاق. هذه رصاصة في الرأس، ستؤذي ليبيا والشعب الليبي، ويحدونا أمل كبير أن تحل الأزمة بأسرع وقت ممكن لأنها تضر بالجميع".

ارتفاع الدولار وتأخر المرتبات

وفور الإعلان عن إغلاق الحقول وإيقاف تصدير النفط، شهدت أسواق العملات الأجنبية في ليبيا وخصوصاً الدولار، ارتفاعاً سريعاً وملحوظاً، ليقفز من 3.60 دينار مقابل الدولار الواحد إلى قرابة 4.50 دينار، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على أسعار السلع الاستهلاكية المختلفة مع توقع بزيادة إضافية في أسعارها، مع استيراد بضائع جديدة بالسعر الجديد.

وكانت حالة مماثلة بإيقاف تصدير النفط الليبي في الفترة بين عامي 2012 و2014، دفعت سعر الدولار للوصول إلى مستويات قياسية، حين تجاوز لفترات عدة حاجز العشرة دنانير ليبية مقابل الدولار الواحد، ما خلق أزمة معيشية خانقة للمواطن وارتفاعاً جنونياً في أسعار كل شيء يباع ويشترى.

ويقول أحد المواطنين في بنغازي، "كانت تلك أياماً صعبة جداً نتمنى ألا تتكرر"، وتابع موضحاً "ظروف إغلاق النفط في المرتين مختلفة، الأولى كانت لغرض الابتزاز والسمسرة، ولكن هذه المرة هناك أسباب واقعية ومقنعة تجب مناقشتها بشكل جدي، فكيف تريد مني أن أحرس لك النفط لتبيعه بأمان، ثم تجلب لي بثمنه أجنبياً يقاتلني في بلادي، إنه الإجحاف والجنون".

صنع الله يحمل المسؤولية للمركزي

وزعم رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، أن "مؤسسته " لم تتوقف عن مطالبة المؤسسات المالية بالإفصاح والشفافية عن أوجه إنفاق عوائد النفط، حتى لا يُستغل ذلك بشكل سيء على مواقع التواصل الاجتماعي، وعد مراقبون هذا التصريح "رمياً للكرة بملعب المصرف المركزي ومحافظه، ومحاولة تبرئة مؤسسة النفط من تهم دعم الإرهاب وجلب المرتزقة".

وقال صنع الله في كلمة له عبر مقطع فيديو على صفحة "المؤسسة الوطنية للنفط"، "مؤسستي لا علاقة لها بأوجه الإنفاق، نحن فقط نحصل على أموال النفط والغاز والإتاوات وغيرها، ويجري إيداع هذه الأموال في المصرف المركزي، ولا علاقة لنا بأوجه الإنفاق، ولا نعرف كيف تُنفق هذه الأموال"، بحسب قوله.

وأضاف "منذ سنتين أعلن عن الإيرادات الشهرية، وأدعو المؤسسات الأخرى أن تأخذ المسار نفسه وتتبنى المزيد من الشفافية"، ووجه رسالة ضمنية للمصرف المركزي قال فيها "إذا كان موقفكم سليماً أخرجوا للناس وأعلموهم بأوجه إنفاق عوائد النفط، وما هو ذاهب منها للمرتبات وغيره، لأن الناس تُضلّل"، وفق تعبيره.

تزييف الحقائق

وردّت أوساط مقربة من الجيش على ادعاءات "المؤسسة الوطنية للنفط" ومصرف ليبيا المركزي ومن قبلهما حكومة "الوفاق"، حول الآثار الناجمة عن إقفال حقول النفط، واصفة إياها بـ"التضليل والتهويل وتزييف الحقائق".

وأكّد عضو مجلس النواب علي السعيدي أن "إغلاق الموانئ النفطية يعكس غضباً شعبياً من ممارسات الوفاق واتفاقها مع تركيا لاستجلاب مقاتلين مرتزقة ودفع رواتبهم من عائدات ثروة ليبيا النفطيّة".

وأوضح السعيدي في تصريحات صحافية أن "الشعب الليبي خصوصاً في المنطقة الشرقية والجنوبية، يعاني من تهميش في توزيع إيرادات النفط"، مشيراً إلى أن حكومة "الوفاق تمارس سياسات عقابيّة بسبب دعم تلك المناطق للجيش".

من جانبه، اعتبر الصحافي الليبي فرج الشطشاط أن حكومة "الوفاق" ومؤسساتها، تمارس تهويلاً ممنهجاً للضغط على الجيش ليجبر القبائل على فتح صمامات النفط، قائلاً لـ "اندبندنت عربية"، "لو كانت حكومة السراج تعاني ضائقة وأزمة مالية من تبعات إيقاف عمليات إنتاج النفط وتصديره، لما تمكنت قبل يومين من رصد مبلغ ضخم يقدر بمليار دينار ليبي لدعم عمليات التسليح لوزارة دفاعها".

وأضاف "في الحقيقة الشيء الوحيد الذي يشكل ضغطاً على الوفاق هو حاجتها لأموال أكثر لتغطية المصاريف الإضافية، التي فرضتها عليها تكاليف مرتبات المرتزقة التي تجلبهم لها تركيا. لذلك توقيت إيقاف العمليات النفطية توقيت سيء جداً بالنسبة لها".

من جانبه، دافع الصحافي الليبي محمود شمام عن موقف رئيس "المؤسسة الوطنية للنفط" مصطفى صنع الله، قائلاً "إذا كان صنع الله فاسداً أو مرتشياً فليكشفوا ما لديهم للرأي العام، أو ليتركوا الرجل يعمل، فالرصاص يتوجه هذه الأيام صوب الأقدام، وهنيئاً لمن اختار أن يغلق النفط ودرجة الحرارة في الجبل الأخضر تلامس الصفر".

مناشدات صنع الله

ووسّع رئيس "مؤسسة النفط الليبية" دائرة مناشدته داخل ليبيا وخارجها، لإعادة عجلة إنتاج النفط إلى سابق مستوياتها، بدءاً من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قائلاً "خاطبت المستشار عقيلة صالح، وأطلعته على كل شيء، ودعوته للتدخل لثني القبائل عن إغلاق النفط، وقلت له إذا كانت الناس تشعر بالظلم فهذا كلام صحيح، لكن الحل ليس بإغلاق النفط، لأن إغلاق الموانئ له ضرر كبير جداً جداً على الاقتصاد الليبي"، على حد قوله.

كما حذر صنع الله من لندن، من أن "السماح بالقيام بأنشطة غير قانونية مثل وقف إنتاج النفط الليبي يُعتبر سابقة أولى من نوعها". وتساءل "كيف سيرد المجتمع الدولي على إقفال النفط؟ من المهم جداً ألا يُكافأ هذا السلوك غير القانوني".

ضغط الشركات الأجنبية

ولم تقتصر التحذيرات من الآثار السلبية لإغلاق حقول النفط وإيقاف عمليات الإنتاج على الاقتصاد المحلي، بل امتدت لتشمل مصالح الشركات النفطية العاملة في ليبيا والخسائر التي تتكبدها جراء هذا التوقف.

وهو ما عبرت عنه "المؤسسة الوطنية للنفط"، في بيان مشترك مع شركة "إيني" الإيطالية، إحدى كبرى الشركات العاملة في النفط الليبي، قالتا فيه إن خسائرهما المشتركة من توقف الإنتاج، تقدر بحوالى 155 ألف برميل من النفط، و145 مليون قدم مكعبة من الغاز، مع خسارة في الإيرادات تقارب التسعة ملايين و400 ألف دولار أميركي يومياً".

وأكّدتا سوياً في البيان، ضرورة إعادة فتح الحقول لضمان استمرار العمليات بها، وأن تواصل توقفها سيتسبب في تآكل المعدات وتلفها، ناهيك عن الآثار السلبية على حجم الإنتاج، وما سيترتب عن ذلك من تكاليف مرتفعة لاستبدال المعدّات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي