Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يُسرّع إنجاز الربط القاري مع إسبانيا

عاد مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا إلى الواجهة بعد إعلان الحكومة المغربية بدء إنجاز الدراسات التقنية

يشهد معبر جبل طارق مرور حوالي 20 في المئة من التجارة العالمية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة المغربية اقتراب إنجاز دراسات مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا، الذي طرح قبل عقود وواجه عدداً من الصعوبات. وقال نجيب بوليف، كاتب الدولة المغربي المكلف بالنقل، في تصريح صحافي، إن الخبراء منكبون حالياً على إنجاز الدراسات التقنية. وأضاف "تتم حالياً عملية مسح مضيق جبل طارق من أجل تحديد عمقه، وبناءً على ذلك ستحدد نوعية آلية الربط بين البلدين".

بداية الفكرة

طرحت فكرة الربط القاري للمرة الأولى خلال أول زيارة قام بها الملك الإسباني الأسبق خوان كارلوس إلى المغرب عام 1979، وقد تم توقيع اتفاقيتين لإنجاز دراسة مشتركة للمشروع. كما جرى تشكيل لجان مشتركة وشركتين، مغربية وإسبانية، خاصتين بإنجاز دراسات المشروع. ثم توالى العديد من الدراسات، التي تُخلّي عنها نظراً إلى الصعوبات التقنية والجيولوجية التي واجهتها.

صعوبات الإنجاز

في البداية، خُطط لإنشاء نفق حديدي، لكن الدراسات التقنية كشفت عن أن ضغط المياه في مضيق جبل طارق هائل جداً، وهذا ما أدى إلى إلغاء الفكرة. بعد ذلك، خُطط لبناء جسر معلق، لكن سرعان ما أُستبعدت الفكرة في عام 1995، بسبب عمق البحر في مضيق جبل طارق، الذي لا يتعدى 300 متر، في حين يتطلب تنفيذ هذا المخطط عمقاً يصل إلى 900 متر. ثم أنجزت دراسة أخرى، في عام 2006، بشأن إمكانية إنشاء نفق تحت الماء، لكن تنفيذه من الناحية التقنية واجه صعوبات.

تجاوز الصعوبات التقنية

قال الوزير المغربي إن "الاقتراحات التي كانت غير قابلة للإنجاز خلال الـ20 سنة الماضية أصبحت ممكنة الآن، لكن يجب مراعاة مسألة التكلفة وهاجس المخاطر المرتبطة بالبحر". وأضاف "لقد بدأ يتضح التوجه، إذ سنحاول إنهاء هذه الدراسة خلال هذه السنة أو السنتين المقبلتين، لتبدأ المرحلة الأهم، وهي البحث عن التمويل".

وكانت صحيفة "الكونفيدانسيال" الإسبانية قد نشرت تقريراً، نهاية العام الماضي، قالت فيه إن الخبراء خلصوا بعد 37 عاماً من الدراسات إلى كون الآلية المثلى للربط بين البلدين هي نفق بحري للسكك الحديدية، شبيه بنفق "المانش"، الذي يربط بين فرنسا وإنجلترا.

وأضافت الصحيفة أنه سبق لهذه الفكرة أن طُرحت في ثمانينيات القرن الماضي، لكن العوائق الجيولوجية لمضيق جبل طارق أدت إلى استبعادها آنذاك، لكن التقنيات التكنولوجية الحالية في مجال بناء الأنفاق يمكنها التغلب على هذه العوائق.

تطوير التعاون

يرى محللون أنه على الرغم من الصعوبات التقنية والتمويلية التي يواجهها المشروع، فإنه سيحمل منافع اقتصادية كبيرة في حال إنجازه. وقالت مريم شرقاوي، أستاذة الاقتصاد في جامعة ابن طفيل بمدينة القنيطرة المغربية، إنه "أياً كانت الصعوبات، الثابتة منها أو المتغيرة، فإن المؤكد هو أن هذا المشروع لا يمكنه إلا أن يسهم في نمو الاقتصاد العالمي من خلال تشجيع مرور السلع في منطقة معبر جبل طارق، الذي يشهد وفق الإحصاءات مرور حوالي 20 في المئة من التجارة العالمية".

أما عما سيجنيه المغرب من هذا المشروع، فتقول شرقاوي إن المشروع "من شأنه أن يعزز دور المغرب الاستراتيجي في شمال أفريقيا، ويعزز تطور بنيته التحتية، خصوصاً أن مضيق جبل طارق يعتبر الطريق الثانية الأكثر استخداماً في العالم، بعد قناة المانش".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف "سيتيح هذا المشروع للمغرب فرصة تعزيز العلاقات التجارية مع الجارة الإسبانية، والاستفادة من خبرتها المهمة في خلق الثروة الاقتصادية والتنمية المستدامة، باعتبار أن الناتج المحلي الإجمالي الإسباني أكثر بـ 10 مرات من نظيره المغربي".

ويقول المحلل السياسي محمد بودن إن "هذا المشروع سيجعل من المغرب بوابة إلى أفريقيا عملياً، إذ إنه سيربط بين جهة طنجة- تطوان- الحسيمة وأطونومية- أندلسيا في إسبانيا، لكن يجب التفكير في بناء مشاريع محيطة بقناة أو جسر الربط القاري لضمان استدامة الربط. كما يفترض أن تشارك في إنجازه حكومتا البلدين والقطاع الخاص فيهما. أضف أن هذا المشروع قد يكون الوصفة الناجعة لدعم ملف ترشح المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2030".

وتشير شرقاوي إلى أن "المشروع قد يعزز فرص استثمار الشركات الأوروبية الكبرى في القارة الأفريقية، وكذلك الشركات الصينية، باعتبار أن عملية الربط القاري هي آلية لتفعيل استراتيجية طريق الحرير وحزام الحرير الخاصة بالصين، التي تسعى إلى إنشاء البنى التحتية التي من شأنها تسهيل تصدير سلعها إلى دول العالم الأخرى".

تجاوز الخلافات السياسية؟

تشهد العلاقات السياسية المغربية الإسبانية مداً وجزراً، نظراً إلى تشعب المشكلات ذات البعد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والمرتبطة بملفات الهجرة السرية والإرهاب وتهريب المخدرات والصيد البحري. كما تؤثر التوجهات الأيديولوجية للحكومات المتعاقبة على هذه العلاقات.

لكن بودن يعتبر أن مشروع الربط القاري سيعزز العمل السياسي المشترك بين الطرفين، وسيحظى بدعم أوروبي وأفريقي، في حين يمكن مناقشة الخلافات بين البلدين عبر قنوات أخرى. ويضيف "يعتبر المشروع فرصة واعدة يجب استثمارها لتحسين العلاقات بين المغرب وإسبانيا خصوصاً، والعلاقات المغربية الأوروبية عموماً".

يذكر أن تكلفة المشروع تقدر بخمسة مليار يورو (حوالي 5.6 مليار دولار أميركي)، سيتحملها البلدان، بالإضافة إلى جهات أخرى لم تحدد بعد.

المزيد من العالم العربي