Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئاسيات الجزائر...احتجاجات الشارع تربك السلطة وتخلط حسابات المعارضة

أعلنت شخصيات معارضة عقب اجتماع مغلق احتضنته جبهة العدالة والتنمية الإسلامية تأييدها الاحتجاجات الشعبية السلمية محذّرة السلطات من مواجهة المواطنين في ممارسة حقهم الدستوريّ في التظاهر

اجتماع لشخصيات عدة وقادة أحزاب معارضة احتضنته جبهة العدالة والتنمية الإسلامية تأييداً للاحتجاجات الشعبية في الجزائر (اندبندنت عربية)

قرّرت أحزاب المعارضة في الجزائر، مواكبة الاحتجاجات التي تشهدها محافظات عدة ضد ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة في انتخابات 18 أبريل (نيسان) المقبل، بدلاً من الالتفاف حول مرشح توافقي. وأعلنت شخصيات عدة وقادة أحزاب معارضة عقب اجتماع مغلق احتضنته جبهة العدالة والتنمية الإسلامية، في مقرها في الجزائر العاصمة (دام أكثر من 4 ساعات) تأييدها الاحتجاجات الشعبية السلمية، محذّرة السلطات من مواجهة المواطنين في ممارسة حقهم الدستوريّ في التظاهر والتعبير عن رفضهم استمرارية الوضع الحالي. وقال المجتمعون في بيان ختامي توّج لقاءهم إن "الهبّة الشعبية الواسعة والمعممة في أرجاء الوطن تعبّر عن وعيٍ كبيرٍ وفرضت نفسها كأولوية في النقاش".

أول موقف رسمي للمعارضة حول الحراك

ويعتبر هذا أول موقف رسمي من أطياف المعارضة حول الحراك الشعبي، على اعتبار أن الاحتجاجات التي تشهدها محافظات جزائرية عدة، منذ إعلان الرئيس بوتفليقة (82 سنة) ترشحه لولاية خامسة في تاريخ 10 فبراير (شباط)، جاءت عفوية وغير منظمة من طرف حزبي، وإنما رفضاً للوضع القائم واعتراضاً على ترشح شخص يعاني من متاعب صحية تمنعه من قيادة البلاد وتسييرها، وفق المحتجين. وفي السياق، دافع رئيس الحكومة الأسبق، ورئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس "عن حق الجزائريين بالتظاهر سلمياً في الشارع رفضاً للأوضاع التي تشهدها البلاد"، وقال بن فليس لـ "اندبندنت عربية" "إذا كان التعبير عن الرأي من دون عنف، فأنا أدعمه وأسانده لأنه حق يكفله الدستور الجزائري، ولا بد للسلطة أن تحترمه". ويرتقب أن يفصل علي بن فليس في مسألة ترشحه لانتخابات الرئاسة الجزائرية، نهاية الشهر الحالي، وفي حال قرر المشاركة فستكون المرة الثالثة التي يدخل فيها رئيس الحكومة الأسبق، المعترك الرئاسي كمنافس للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، بعدما خاضها عامي 2004 و2014. وزير الاتصال والدبلوماسي الأسبق، عبد العزيز رحابي قال بدوره "المعارضة مجبرة على تأييد حراك الشارع لأنه ينمّ عن خطورة الأوضاع التي تشهدها البلاد" مؤكداً أن "المرشح التوافقي للمعارضة لم يعد أولوية في الوقت الراهن في ظل تسارع الأحداث"، ويرى رحابي الذي يعتبر من الشخصيات المعارضة للسلطة الحالية أن "ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة أحدث صدمة في المجتمع، وضاعف من حالة اليأس كما أنه مسّ بكبرياء المواطن الجزائري التوّاق للحرية على مدار مساره النضالي والتاريخي".

تطورات متسارعة

ولتسارع للاحتجاجات التي يشهدها الشارع، قرّرت السلطات العمومية، إقالة مسؤول محليّ، وهو رئيس بلدية خنشلة الواقعة على بعد 500 كلم جنوب شرق العاصمة الجزائرية، عقب منعه مرشحاً للانتخابات الرئاسية يدعى رشيد نكاز من دخول مقر البلدية، ما أدى إلى غضب أنصاره وتظاهرهم ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وكان نكاز أعلن عبر حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي أنه سيتوجه إلى البلدية لجمع وتوقيع اعتمادات ناخبين كما ينص القانون، غير أنه واجه عراقيل بسبب عدم منحه تواقيع اكتتابات الترشح لانتخابات الرئاسة المقررة في 18 أبريل المقبل.

 

دعوات إلى التظاهر

ومنذ بداية الاحتجاجات، تحرص السلطات الأمنية على التعامل مع المحتجين السلميين بكل احترافية، متحاشية الاحتكاك المباشر بهم، وذلك على خلفية تلقّيها تعليمات من القيادة بعدم اعتراض المحتجين، إلا في حال تسجيل عمليات تخريبية، غير أن مصالح الأمن الجزائرية، اعتقلت ثلاثة مناضلين في صفوفِ أقدمِ حزب معارض في الجزائر، حزب جبهة القوى الاشتراكية، وسط العاصمة، عندما كانوا يوزّعون منشورات تدعو إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة المقررة في 18 أبريل، وهو القرار الذي اتخذه الحزب. وندّد الحزب المعارض، بما وصفه بـ "التصرفات العنيفة والتسلطية" للنظام السياسي الذي هدد في وقت سابق على لسان رئيس الوزراء أحمد أويحيى بـ "اضطهاد المعارضة ومنعها من القيام بحملة لمقاطعة المهزلة الانتخابية"، معتبراً أنها "تشكل عائقاً فاضحاً أمام حرية التعبير والممارسة السياسية". في مقابل ذلك، سارعت المديرية العامة للأمن الوطني، إلى إصدار بيان توضيحي للرأي العام، أكدت فيه أن توقيف ثلاثة أشخاص حصل عقب محاولتهم الهروب على متن سيارة أمام مرأى أفراد الشرطة ورفضهم تفتيش حقائبهم، لذا اقتيدوا إلى مركز الشرطة الحضرية للتحقيق معهم، قبل أن يطلق سراحهم. وتتخوّف السلطات من دعوات أطلقها نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي إلى التظاهر، يومي الجمعة والأحد 22 و24 فبراير، الحالي، ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.

تحذير الجزائريين

ودعا رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة، مواطنيه في رسالة لمناسبة يوم "الشهيد"، المصادف في 18 فبراير إلى تغليب مصلحة الجزائر على تنوّع الأفكار، كلما تعلـق الأمر بالحفاظ على استقلالنا السياسي والاقتصاديّ والأمنيّ". في حين سارعت وزارة الدفاع الجزائرية، إلى تحذير الجزائريين من مغبة الانسياق وراء دعوات التظاهر، داعية المواطنين إلى "مزيد من اليقظة والإدراك العميق لحجم التحديات". ولفتت المؤسسة العسكرية في الجزائر إلى أن "الجيش لن يسمح بأي انزلاق للوضع نحو الفوضى والشغب"، كما هاجم وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، من وصفهم بمثيري البلبلة والساعين إلى زعزعة استقرار البلاد، على حد قوله، وأكد أن "الجزائر تخطط للسنوات المقبلة ومستقبلها يتعدى أن يكون رهينة موعد انتخابي" وأضاف "إننا أمام مسؤوليات عظام لصون هذا الحدث المهم وإحاطته بكل الظروف الجيدة، ليتسابق فيها الفرسان نحو قيادة البلاد، فلا نعرف شيئاً سوى الحياد والشفافية وسلطان القانون، فبلادنا ناضجة سياسياً وشعبها واع لتحديات المرحلة". في المقابل، وجّه رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى رسالة إلى كوادر حزبه التجمع الوطني الديمقراطي دعا فيها إلى "تجنيد قدراتها وطاقاتها كلها لدعم عبد العزيز بوتفليقة والإسهام في تحقيقه الفوز بعهدة رئاسية جديدة لضمان الاستمرارية في بناء الجزائر وتقدمها". غير أن رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية، عبد الرزاق مقري، دعا السلطة إلى التخلي عن ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة لأنها خطر على البلاد، واختيار شخصية أخرى تمثلها في انتخابات الرئاسة المقبلة. ويرى مقري "الجزائر ليست عاقراً ومن دون رجالات، حتى يجبر الشعب على القبول بحتمية ترشح بوتفليقة لرئاسة البلد"، وعقّب على الحراك الشعبي "نحن قررنا المشاركة في الانتخابات ومقاومة الولاية الخامسة ومن يرى طريقة تعبير أخرى كالاحتجاج فهو حر شرط تفادي اللجوء إلى الفوضى".

المزيد من العالم العربي