Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفط للاطاحة بحكومة الوفاق الليبية

إقدام مئات المواطنين على قفل المصافي والموانئ منذ الأسبوع الماضي

تحتكر الحكومة في طرابلس قرار صرف عائدات النفط (غيتي)

على الرغم من أن مؤتمر برلين، أتاح لحكومة الوفاق المعترف بها دولياً فسحة لأن تتنفس الصعداء، إلا أنها بدت بعده في مواجهة أزمة من نوع آخر، وفي مستوى يبدو أنه أكثر وطأة عليها من العملية العسكرية التي أطلقها الجيش الوطني باتجاه طرابلس.

 ويكمن تحديد مستوى خطر تلك الأزمة، في كونها جاءت من المستوى الشعبي رغم محاولات مسؤوليها توجيه التهم الى القيادة العامة للجيش الليبي بالوقوف وراءها والدعوة لها.

وتتمثل تلك الأزمة الجديدة في إقدام مئات المواطنين على قفل منابع النفط والموانئ النفطية منذ الأسبوع الماضي، في مناطق عدة متوزعة بين وسط البلاد وجنوبها وشرقها، بعدما دعت مؤسسات المجتمع المدني ونشطاء هناك إلى إغلاق الموانئ النفطية، احتجاجا على التهميش الذي تعانيه مناطقهم، فيما تحتكر الحكومة في طرابلس قرار صرف عائدات النفط، في وقت حذرت فيه المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس من مغبة تنامي الأزمة بــ "تراجع معدلات انتاج النفط ما يهدد بهبوط التصدير الى الصفر".

المؤسسة الوطنية للنفط

وتعتبر المؤسسة الوطنية للنفط التي تتبع حكومة الوفاق وتتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها أهم المؤسسات السيادية التي تمتلك الحكومة قرارها، وكونها المؤسسة الوحيدة المعترف بها دولياً وتشكل ذراع الحكومة الطويلة التي تتجاوز طرابلس ليصل تأثيرها الى عواصم الدول الكبرى، وخصوصاً في أوروبا التي تعتبر أكبر المستفيدين من صادرات النفط الليبي، علاوة على كون حجم الصادرات الليبية مهم في موازنة مجمل الصادرات الدولي.

في المقابل، دعت السفارة الأميركية في ليبيا إلى ضرورة استئناف مؤسسة النفط بطرابلس عملياتها النفطية،  محذرة من "تفاقم حالة الطوارئ الإنسانية" كأحد آثار توقف الانتاج في البلاد.

وأوردت السفارة في تغريدة على "تويتر"، "نشعر بقلق بالغ من أن يؤدي إيقاف عمليات مؤسسة النفط الوطنية إلى تفاقم حالة الطوارئ الإنسانية في ليبيا والتسبب بمزيد من المعاناة غير الضرورية للشعب الليبي"، مشددة بالقول "يجب استئناف عمليات المؤسسة الوطنية للنفط على الفور".

وإثر اتهامات أطلقتها المؤسسة بطرابلس عن مسؤولية القيادة العامة للجيش عن الحراك الشعبي، وصف المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للجيش، أحمد المسماري، قرار إغلاق الموانئ النفطية بأنها "خطوة جبارة قام بها الشعب"، موضحاً أنه "عمل شعبي مدني"، مضيفا أن "الجيش استمع الى نداء الشعب الليبي، وبالتالي لن يتدخل في إرادته".

سبب الاعتراف الدولي

في سياق متصل، يؤكد الباحث السياسي عبد القادر امشالي أن ورقة النفط هي الورقة الوحيدة التي تبقت اليوم للحكومة، وسبب استمرار الاعتراف الدولي بها يكمن وراءه سيطرتها على قرار الانتاج والتصدير.

ويشرح امشالي في حديثه لـ "اندبندنت عربية" رأيه بالقول إن "الشركات النفطية الكبرى كانت وراء ضغط دولي كبير في ستينيات القرن الماضي لإلغاء الحكم الفيديرالي في ليبيا، لتتمكن من التعامل مع ادارة نفطية مركزية ولذا ليس من مصلحة تلك الدول انقسام مؤسستي النفط والبنك المركزي"، معتبراً أنه السبب الرئيسي في الابقاء على الحكومة في طرابلس لتمتلك قرار المؤسستين.

ويبدو عمق الأزمة التي تواجهها الحكومة في كون قرار قفل المواقع النفطية جاء بسبب غضب شعبي، وتحاول الحكومة مواجهة الأزمة بكل السبل، فبعد تجاهل المجتمع الدولي لاتهاماتها للقيادة العامة بالوقوف وراء قرار قفل الموانئ والحقول، أعلنت المؤسسة النفطية في طرابلس عن اعلان القوة القاهرة في المواقع المقفلة كسبيل لجذب موقف دولي كون قرارها يقضي بوقع الانتاج نهائياً ما سيؤثر بشكل كبير على الشركات العالمية العاملة في تلك الحقول.

وفي مقابل تحذير المؤسسة من تراجع الصادرات من 700 الف برميل يوميا الى "الصفر"، وأن الخسائر تبلغ 77 مليون دولار يوميا، يقلل الباحث في مجال الاقتصاد ابراهيم امنينه من أهمية تلك التحذيرات.

ويرجع امنينه بحديثه لـ" اندبندنت عربية" الى عام  2013 عندما أعلنت ميليشيا حرس المنشآت النفطي، التي أعلنت ولاءها في سنوات لاحقة لحكومة الوفاق، عن قفل الموانئ أمام حركة التصدير لأكثر من سنة، مؤكداً أن آثار القرار وقتها لم يصل الى حد التهويل الذي تنتهجه المؤسسة حالياَ.

حجم الخسائر

واذ يقر امنينه بحجم الخسائر الكبيرة لقرار عام 2013، إلا أنه يشير الى قدرة المؤسسات النفطية على التعافي سريعاً وعودة الصادرات الى مستويات قريبة من المستوى الطبيعي.

أما رئيس الجمعية الليبية للسياسات منصور سلامة فيعتبر أن التهويل الاعلامي الذي تسلكه الحكومة اليوم نابع من قناعتها بأنها تواجه خطراً حقيقياً.

 وقال "في يونيو (حزيران) من العام الماضي قررت القيادة العامة نقل صلاحيات التصدير والانتاج لمؤسسة النفط في بنغازي المشرعنة بقرار من مجلس النواب لكن المجتمع الدولي تدخل سريعاً وأوقف القرار"، متسائلا "لماذا لم يتدخل أي طرف دولي الآن وحتى واشنطن اكتفت ببيان تطالب فيه بعودة الانتاج والأكثر وضوحاً أنها توجهت بخطابها للمؤسسة".

ويوضح سلامة إن "توجيه الخطاب للمؤسسة يعني عدم قناعة المجتمع الدولي وواشنطن بأن القيادة العامة لا علاقة لها بوقف النفط من جانب، ومن جانب آخر يعني بيان السفارة الاميركية بأنها لم تجد مظلة أو واجهة للمواطنين المحتجين الذين اوقفوا النفط لتخاطبهم أو يجبرهم على الرجوع عن قرارهم".

المزيد من العالم العربي