Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"عيد الغطاس"... معان روحية عن "الخطية" والحياة بقلب نقيّ

"القصب" يشير إلى ما ينبغي أن يكون عليه الشخص المؤمن... أن يكون صلبا شامخا أمام صعوبات الحياة وإغراءاتها ويحمل بالداخل قلبا نظيفا نقيا

احتفال الكنيسة المصرية بعيد الغطاس (حسام علي. اندبندنت عربية)

واصلت الكنيسة الأرثوذكسية في مصر وحول العالم احتفالات يناير (كانون الثاني)، التي بدأت بالاحتفال بعيد الميلاد في السابع من الشهر الحالي، ثم الاحتفال بـ"عيد الغطاس" في التاسع عشر من الشهر نفسه، إلا أنه في هذا العام فجاء يوم 20 يناير؛ لأنها سنة كبيسة. ويسمى بالأساس "عيد الظهور الإلهي" أو "الابيفانيا"، نسبة إلى تسميته بالإنجليزية "Epiphany". كما يسمى "عيد الدنح" لدى الكلدان في العراق أو الموارنة والسريان. و"الدِّنحُ" كلمة سريانية تعني الظهور والإشراق، وفي الضياع اللبنانية يسمونه "دايم دايم".

عيد الغطاس هو عيد ديني يعود إلى معمودية السيد المسيح في نهر الأردن على يد القديس يوحنا المعمدان، وهو جزء أساسي من الديانة المسيحية، حيث يُجرى تعميد الأطفال عند ولادتهم، إذ يقوم الكاهن بتغطيس الطفل في الماء فيما يسمى بـ"التنصير"، وكذلك أولئك الذين يدخلون إلى المسيحية، يلزم أن يقوموا بطقوس التعميد.

والأصل الروحي لـ"الغطاس" أو التعميد هو أن "ينال الإنسان الولادة من الماء والروح، وارتبط الماء بتجديد العالم حين حدث في الطوفان، الخلقة بدأت بالماء والروح لذلك جاء التجديد بالماء والخلقة الجديدة بالماء والروح".

 

بحسب موقع الأنبا تكلا التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، فإن "الماء هنا داخل كعنصر أساس، لذلك استخدم الماء لاستعلان المخلص والغسل من الخطية"، وبحسب التفسيرات فإن "المسيح اغتسل من أجلنا أو بالحري غسلنا نحن في جسده، لذا لاق بنا أن نسرع لغسل خطايانا، لقد طهر الماء الذي لم يعرف خطية لأن له سلطانا على التطهير، لذلك كل من يُدفن في الماء يترك خطاياه". كما "تعتبر المعمودية ولادة من فوق من الماء والروح، نوال الخلاص من الخطية وغفرانها بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس".

ويطلق على هذا العيد "عيد الظهور الإلهي" لأن "وقت عماد السيد المسيح حل عليه الروح القدس معلنا أنه المخلص الذي أتى ليحمل خطايا العالم، وتحدث الله قائلا: هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، بحسب إنجيل متى الإصحاح الثالث الآية السابعة.

القصب والقلقاس

لكن يتخذ الاحتفال بعيد الغطاس في مصر طابعا مختلفا، إذ تواظب العائلات على تناول القلقاس، كما تنتشر في الشوارع باعة القصب. ولهذه الأطعمة معنى روحي عميق، بحسب الكنيسة المصرية. ففي الأدبيات الكنسية يعد القلقاس رمزا للتطهر من سموم الخطية بالماء. ففي القلقاس "مادة سامة ومضرة بالحنجرة، وهي المادة الهلامية، إلا أنه عند غسل القلقاس واختلاط هذه المادة السامة بالماء تتحول إلى مادة نافعة مغذية، وهو ما يرمز إلى التطهر من سموم الخطية".

 

كما أن "طريقة زراعة القلقاس تحمل معنى من معاني المعمودية، فبينما ينمو نبات القلقاس مدفونا في الأرض، ثم ينتشل ليصير طعاما مفيدا، فإن المعمودية هي دفن أو موت وقيامة مع المسيح". وخلال صلوات عيد الغطاس دائما ما يردد الكاهن مقولة بولس الرسول في رسالته لأهل كورونثوس "مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أيضا بالنسبة إلى القصب، فطبيعته وطريقة زراعته تحمل أيضا رموزا روحية تشبه المعمودية ومعاني تشبه النضوج الروحي، فعقلات القصب التي تنمو تدريجيا تشير إلى الفضائل الروحية التي يكتسبها المؤمن في رحلة حياته، وفي شكله الخارجي الصلب وداخله اللين حلو المذاق، إشارة إلى ما ينبغي أن يكون عليه الشخص المؤمن الذي ينبغي أن يكون صلبا شامخا أمام صعوبات الحياة وإغراءاتها ويحمل بالداخل قلبا نظيفا نقيا.

تغير موعد العيد

بينما يحتفل الأرثوذكس بالعيد في 19 يناير (كانون الثاني) كل عام، لكن موعده يتغير كل أربع سنوات ليأتي يوم 20 يناير، وذلك تباعا لتغير موعد عيد الميلاد. يعود ذلك إلى اعتماد الكنيسة على التقويم القبطي للاحتفال باعتباره الأدق، ومن ثم يأتي عيد الميلاد كل عام في 29 من شهر كيهك، والذي يتوافق مع 7 يناير (كانون الثاني). لكن لأن هناك "سنة كبيسة" تتكرر كل أربع سنوات ميلادية، حيث يزيد شهر فبراير (شباط) يوما ليصبح 29 يوما، فبالتالي يتزامن 29 كيهك من السنة القبطية مع 8 يناير من السنة الميلادية، لكن على أي حال اعتادت الكنيسة خلال السنة الكبيسة على إقامة قداس العيد عشية 7 يناير مع امتداد الاحتفال بالعيد حتى 8 يناير.

 

وبالمثل، نظرا لحلول عيد الغطاس في يوم 11 من شهر "طوبة" القبطي، فإن عيد الغطاس يأتي في السنة الكبيسة يوم 20 يناير بدلا من يوم 19. ولأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اعتادت السير على التقويم القبطي في الأعياد يختلف أيضا موعد عيد الغطاس بين الكنيسة الشرقية والغربية التي تحتفل به في السادس من يناير (كانون الثاني).

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي