Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة الرئيس التونسي... بين حلم إبعاد "النهضة" وأطماع سعيد

"تعيين شخصية من محيطه له عليها سلطة مباشرة وليست شخصية من الأحزاب"

بعد شهرين من الانتظار والتشويق، انتهاءً بسقوط حكومة الحبيب الجملي، يترقب التونسيون انطلاقاً من اليوم الخميس 16 يناير (كانون الثاني)، شوطاً ثالثاً من المشاورات لتصعيد حكومة جديدة. ويتابع الرأي العام الوطني والشارع هذه المفاوضات بعين مختلفة وقلوب الكثيرين متوجسة، إذ هناك هذه المرة خوف وخشية من حل البرلمان والعودة إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس تشريعي جديد.

شبح حل البرلمان قد يدفع قوى سياسية عدة ممثلة في المجلس النيابي، إلى التخلي عن شروطها وتغليب لغة التوافق، وترك الكرة في مرمى الرئيس قيس سعيّد لاختيار الشخصية "الأقدر" لقيادة البلاد في إحدى أسوأ مراحلها منذ عقود.

ويعطي الفصل 89 من الدستور لرئيس الجمهورية الحق في اختيار شخصية وطنية بعد التشاور مع الأحزاب السياسية لتشكيل حكومة خلال شهر، قبل عرضها على البرلمان لنيل ثقته .

جدل وخوف

ويثير تطبيق هذا النص جدلاً في التأويل، إذ يرى البعض أنه ينص على أن الرئيس يجب أن يستشير الأحزاب وأن يختار بالتشاور معها لاحقاً، مرشحاً لرئاسة الحكومة يكون الأقدر، في حين يؤكد آخرون أن الرئيس يتشاور مع الأحزاب التزاماً بما ينصه الدستور، ولكن له صلاحية اختيار مطلقة لمن سيكون مرشحه، ما يعني أن الرئيس يختار وفق تقديره الخاص شخصية يراها الأنسب، وقد لا يشترط فيها أن تحظى بالدعم الحزبي من قبل الجميع.

وتحاول الأحزاب من خلال تصريحاتها، استرضاء رئيس الجمهورية والتأكيد على ثقتها فيه، كفقيه في القانون الدستوري وأيضاً كرئيس للجمهورية، في تكليف شخصية وطنية تحظى بموافقة واسعة من الطيف السياسي والمنظمات الوطنية.

هذا الموقف تقوده حركة "النهضة"، التي فقدت حقها الدستوري في التكليف، والتي تخشى أن تجد نفسها خارج الفريق الحاكم الجديد، على الرغم من أنها تمتلك أكبر كتلة في البرلمان.

ضمان تمرير الحكومة

ومن هذا المنطلق، يسعى راشد الغنوشي الذي انهالت عليه أسهم النقد من إخوانه وخصومه، إلى خلق تحالف سياسي قوي مع الكتل الكبرى، ليضمن تمرير الحكومة وبقاءه على رأس البرلمان، على الرغم من تعالي الأصوات المطالبة بتنحيته منه.

ومن خلال لقاءاته بقادة التيار و"قلب تونس" و"حركة الشعب"، يسعى الغنوشي إلى التوافق معها حول شخصية لا اعتراض عليها، وتجنب تكرر سيناريو يوم الجمعة، ليلة سقوط حكومة الجملي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تصريح لـ "اندبندنت عربية"، قال القيادي في "النهضة" عبد اللطيف المكي، بعد ظهر الأربعاء 15 يناير، إن "الحركة تريد حكومة سياسية بالتوافق مع الأحزاب الكبرى، وإنها لم تحدد بعد اسم الشخصية التي ستقترحها على رئيس الجمهورية".

في المقابل، قال عبد الكريم الهاروني رئيس "شورى النهضة"، إن "الحركة ستقترح عدداً من الشخصيات التوافقية لمنصب رئيس الحكومة"، معتبراً أن "دخول رئيس الجمهورية في هذه العملية هو ضمان إضافي لنجاح الحكومة".

إبعاد "النهضة"؟

وإذا كانت "النهضة" تريد الحفاظ على دورها كلاعب أساسي في المشهد السياسي، فإن هناك أطرافاً تتمنى خروجها من الحكم، أو على الأقل إبعادها من اختيار شخصية تكون قريبة منها.

هذا الرأي أشار إليه باحتشام سليم العزابي، الأمين العام لحزب "تحيا تونس"، الذي أكد أن إمكانية تقديم ترشيحات مشتركة إلى رئيس الدولة حول الشخصية الأقدر على تكوين الحكومة، تبقى واردة، كاشفاً عن وجود اتصالات مع "قلب تونس" و"التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب" في هذا الخصوص.

إقصاء "النهضة" يبدو مُستبعداً لحد الآن، وهو ما تؤكده تصريحات نبيل القروي رئيس حزب "قلب تونس"، الذي دعا إلى "ضرورة التجميع والقطع مع منطق الإقصاء"، لافتاً إلى أنه يتوجب على كل الأطراف التعامل بوضوح بعيداً من التكتيك السياسي الذي لا تحتاجه البلاد".

وأكد القروي أن حزبه "على استعداد تام للتحاور والتشاور مع مختلف الأحزاب السياسية من أجل تكوين حزام سياسي واسع للحكومة المقبلة، كي تكون حكومة كل التونسيين وتسّهل مأمورية رئيس جمهورية بعيداً عن الحسابات الضيقة". 

أما زهير المغزاوي الأمين العام لـ"حركة الشعب"، أكثر وأول الأحزاب التي دعت إلى تأسيس حكومة الرئيس، فأكد أن حزبه "لا يدعو إلى إقصاء حركة النهضة من الحكم باعتبارها مكوناً أساسياً من مكونات البلاد، لكن من دون أن تحاول أن تنفرد بقيادة البلاد وتتغوّل في السلطة".

هل يستفيد الرئيس وحده؟

إذا كان أغلب السياسيين والمراقبين يعتقدون أن رئيس الجمهورية سيعمل مع الأحزاب لاختيار شخصية تكون محل توافق وقادرة على كسب غالبية داخل البرلمان ونيل ثقته، فإن بعض الأصوات تتوقع أن يقلب قيس سعيّد الأوضاع لمصلحته، مستغلاً تناحر القوى السياسية.

وفي هذا الاتجاه، كتب النائب السابق الصحبي بن فرج، الذي كان من مؤسسي حزب "تحيا تونس"، تدوينة على "فيسبوك" جاء فيها، "كل الأوراق الآن بيد رئيس الجمهورية، النهضة أولاً وبقية الأحزاب فرّطت في ورقة هامة وسلّمتها إلى قيس سعيد، الذي لن يرفض الهدية وسيوظفها لفائدته ولفائدة مشروعه السياسي ولا عزاء للهواة".

مشروعه الشخصي هو أن يحافظ على شعبيته التي بدأت تتدهور نتيجة غياب رؤية واضحة وحلول عملية يقدمها لناخبيه، وأيضاً نتيجة صلاحياته التنفيذية المعدومة أو المحدودة.

وهذا يعني أنه سيعين شخصية من محيطه، له عليها سلطة مباشرة وليست شخصية من الأحزاب، التي تتوهم أنه بإمكانها فرض مرشحها على الرئيس (هذا إذا اتفق بعضها على اسم).

ويرى النائب السابق أن "المنطق يفترض أن الشخصية التي سيعينها الرئيس من محيطه يجب أن تكون الأقدر على السير في الطريق التي يختارها قيس سعيد، لتنفيذ برنامجه السياسي: إما في طريق الدفع باتجاه الانتخابات المبكرة، وإما مراكمة الإنجازات والمكاسب ليدخل بها الانتخابات المقبلة بعد مدة يُحدد توقيتها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي