Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الأمير الشبح"... وقائع قصة حب مع قاتل متسلسل

يعود هذا الكتاب الذي يسرد الذكريات المرعبة التي عاشتها إمرأة خلال علاقة ربطتها بـ تيد باندي لست سنوات، إلى رفوف المكتبات

غلاف كتاب "ذي فانتوم برينس" لـ إليزابيت كيندال ( عن الـ أف بي أي)

ذهبت إليزابيث كيندال في إحدى ليالي شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 1969 إلى حانة في سياتل مع صديقتها إنجي. كانت قد تلقت للتو مخالفة وقوف سيارة، الأمر الذي أزعجها، وهي السيدة المطلقة والأم العازبة. وفي خطوة غير بديهية، اقترح صديق الفتاة التي تسكن مع إنجي في نفس الغرفة، أن تخرج كيندال للاحتفال بالمخالفة بدلاً من الندب عليها.

في حانة ساندبيبر، دعا رجلان كيندال للرقص. كان أحدهما رجلاً غريباً "طويل القامة له شعر أشقر باهت"، بينما "تبين أن الآخر  كان مريباً". ولحسن حظها كما ظنت، بقي الرجل الأشقر الباهت موجوداً، ما أتاح لها مخرجاً مناسباً.

عادت إلى الطاولة التي كان يجلس إليها، واستفاضت معه بالدردشة، وسرعان ما تعجبت من التناغم "المذهل" بينهما. وكانت ستكتب لاحقاً "بينما كنت أراقب وجهه الوسيم عندما كان يتحدث عن الأماكن التي يمكن زيارتها والأشياء التي يمكن مشاهدتها، كنت سلفاً قد بدأت بالتخطيط لحفل الزفاف واختيار أسماء الأطفال.. كان يقول لي إنه يفتقد وجود مطبخ لأنه كان يحب الطبخ. ممتاز. إنه أميري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان اسم ذلك "الأمير" هو روبرت تيودور باندي.  وبعد سنوات، كان سيفتضح أمر الرجل الذي عرفته كيندال وكذلك الناس باسم تيد، كواحد من أشهر القتلة المتسلسلين في أميركا، إذ إنه قتل 30 امرأة وفتاة على الأقل في سبع ولايات.

ارتبطت كيندال بعلاقة معه لمدة ست سنوات عندما كان في أوج إجرامه، رغم أنها سرعان ما اشتبهت في أن صديقها ربما يكون على صلة بسلسلة جرائم القتل التي كانت تتكشف من حولهما. وقد بلّغت الشرطة عنه مرتين. لكن السلطات أخبرتها في المرتين أنه لا داع لقلقها. وبالتالي، استمر حبها له، وسمحت له بالتغلغل في حياتها وكذلك حياة ابنتها مولي، التي ساهم تيد في تربيتها.

كانت شكوكها في محلها. وبعد عامين من إدانة باندي بالقتل في فلوريدا، وقبل إعدامه بالصعق الكهربائي بثماني سنوات، أصدرت كيندال في 1981 كتاباً تحكي فيه الجزء المتعلق بها من قصة باندي، بعنوان "الأمير الشبح: حياتي مع تيد باندي".

نفدت الطبعة الأصلية من كتاب "الأمير الشبح" الصادر عن "دار مادرونا للنشر" ومقرها سياتل، منذ وقت طويل. وتحولت في موقع أمازون إلى سلعة مطلوبة بشدة، إذ يبدأ سعر بعض أرخص النسخ من 98.98 دولاراً، بينما بيع العديد منها بنحو 200 دولار. وهناك نسخة مكلفة للغاية إذ أنها معروضة للبيع بسعر 999.99  دولار ، ووصفت حالتها بالـ "مقبولة".

تتوفر النسخة الوحيدة من "الأمير الشبح" في مكتبة نيويورك العمومية، عند الطلب فقط. ولا يمكن أخذ الكتاب خارج المبنى كما لا تمكن قراءته إلا في غرفة مخصصة لذلك، حيث يُحتفظ  به لبضعة أيام فقط. ويحظر إدخال الحقائب والمعاطف بينما يسمح باستخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة والدفاتر والأقلام.

وقريباً، سيصبح الحصول على "الأمير الشبح" أكثر يسراً، إذ ستعيد "دار أبرامز بوكس للنشر" في مدينة نيويورك، طبع الكتاب في نسخة جديدة تضمّ  عناصر إضافية. قد يتساءل البعض عما إذا كان العالم يحتاج حقاً إلى تسليط الضوء من جديد على باندي، بعدما عُرض خلال عام 2019  فيلم "بارع للغاية وشرير وفظيع بشكل مريع" الذي أنتجته نيتفلكس ولعب فيه زاك إيفرون دور القاتل، كما صدرت سلسلة "محادثات مع قاتل: تسجيلات تيد باندي" الوثائقية عن جريمة حقيقية.

ومع ذلك، يبدو من الواضح  لدى قراءة كتاب "الأمير الشبح" من سطره الأول وحتى نهاية الفصل الأخير الذي كتبته مولي، وهو أحد الإضافات التي أدخلت على النسخة الجديدة من الكتاب، أنه من الضروري سماع صوت كيندال وكذلك صوت ابنتها.

من المفارقات، أن صيت القتلة المتسلسلين يزداد انتشاراً مع مرور الوقت في حين أن الرعب الحقيقي لجرائمهم يمكن أن يتلاشى من الوعي العام. قد نجد بعض المنطق في الهوس الحقيقي بالجريمة  الذي يهيمن على إنتاجنا الثقافي فقط من خلال إدراك الحقائق المتعلقة بحياة الأشخاص الذين قُتلوا أو تعرضت حياتهم للتشويه إلى الابد على أيدي المجرمين.

بالنسبة لمايكل ساند، وهو أحد الناشرين ونائب رئيس دار أبرامز، والذي حصل على حقوق طبع "الأمير الشبح"، تظل حكاية كيندال "مثيرة للقلق في يومنا هذا" مثلما كانت عندما نشرت لأول مرة قبل 40 عاماً تقريباً. وتشرح كيندال بنفسها في النسخة المحدّثة من مذكراتها أن العامل الذي أقنعها بأن الوقت قد حان لرواية قصتها مرة أخرى كان فيلم زاك إيفرون "بارع للغاية وشرير وفظيع بشكل مريع".

 وكتبت عن الفيلم تقول " كان جيداً من حيث الإخراج والتمثيل ... لقد شعرنا [كيندال وابنتها] بأن زاك إيفرون وليلي كولينز [التي لعبت شخصية كيندال] أتقنا العمل تماماً. ومع هذا، أدركنا خلال إنتاج الفيلم، أن تحويل قصة حقيقية إلى دراما يتطلب حذف بعض الأشياء أو تكثيفها أو دمجها لمساعدة القصة على التكيّف مع القيود التي تفرضها المدة المخصصة للعمل. لذلك، قررت أنا ومولي أنه من الضروري أن نروي قصتنا بكلماتنا الخاصة كما عشناها، ولهذا السبب قررنا إصدار هذه الطبعة الثانية من ’ الأمير الشبح’ ".

كتبت كيندال مقدمة وكلمة ختامية جديدة للكتاب، بينما ألفت مولي فصلاً كاملاً يوثّق علاقتها مع باندي.  وربما كان هذا الفصل، الذي تتحدث فيه مولي للمرة الأولى علنا ​​عن باندي، الجزء الأكثر إقناعاً والأشد تأثيراً في "الأمير الشبح". وتصف في هذا الفصل، كاتبته الموهوبة، على نحو مفعم بالحياة، الحب الذي شعرت به تجاه باندي عندما أصبح من أفراد عائلتها، ثم الألم الذي انتابها لاحقاً عند إدراك حقيقته.

تتذكر أنها عندما كانت فتاة، كانت تعتبره بطلاً، وهي نتيجة حتمية، لأن باندي كان يتمتع بقدرة غريبة على كسب ثقة الآخرين وإعجابهم وحبهم، وفقاً لكل من كيندال ومولي. وتستعيد بعد ذلك  تفاصيل اعتدائه عليها جنسياً في سن السابعة، في حادثة جعلتها بعد ذلك "لا تثق في أن تيد كان يتصرف بالشكل المناسب تجاهها". وتقول إن معرفتها بجرائم باندي، أفقدتها ثقتها بكل شيئ بما فيها البشر.

كتاب "الأمير الشبح" مليء بمشاهد سريالية. مثلاً، يروي باندي الكثير من النكات حول جرائمه لكيندال قبل أن تعلم أنه هو الذي ارتكبها في الحقيقة. ويبدو باندي قادراً على التقاط شيء سقط وراء ظهره من دون أن يلتفت إليه، "كما لو كان له عينان في الجهة الخلفية من رأسه". وهو يركض في إحدى المناسبات ليطارد رجلاً سرق لتوه محفظة امرأة من مركز تجاري. تقول مولي عن ذلك "أتعرفون لماذا تمكن من رؤية السرقة؟... لأنه كان يراقب المرأة. لا بد أنه كان يراقبها. مثلما يراقب الوحشُ الفريسة".

تتحدث الأم وابنتها بصراحة عن التنافر المعرفي الذي يفصل بين تجربتيهما مع باندي وبين هويته الحقيقية، والأذى الذي ألحقه هذا التناقض بحياتهما، لسنوات بعد إدانته بجرائمه. تتعافى كيندال من إدمانها الكحول بعد توقفها عن تناوله لعقود، في حين أن مولي، التي "حاولت إغراق [حزنها] من خلال تناول الكحول والمخدرات والتدخين وكافة أصناف السلوك المتهور" قد تخلصت من كل ذلك لمدة 13 عاماً.

تعترف كيندال في كلمتها الختامية الجديدة، بوجود أجزاء "مقززة"  في مذكراتها التي نُشرت عام 1981، قائلة إنها كانت لا تزال في حالة إنكار عند إصدارها. وتُقر في المقدمة الجديدة  "كان تيد لايزال يعني الكثير بالنسبة لي عندما وضعت الكتاب الأصلي.. استغرق الأمر سنوات من العمل بالنسبة لي لتقبل حقيقة شخصه وما فعله.. كنت لا أزال أشعر بالخجل من أنني أحببت تيد باندي. وعندما بدأت النساء بسرد ​​قصصهن عن العنف والاعتداء الجنسي كجزء من حركة #MeToo كان ذلك بمثابة الدواء الشافي بالنسبة لي. يمكنني أن أفهم التحفظ على التجارب طي الكتمان خوفاً من الأحكام".

يُذكر أن عملية إطلاق كتاب "الأمير الشبح" قد بدأت سلفاً  قبل شروع خدمة أمازون برايم ببث مسلسل جديد بعنوان "تيد باندي: الوقوع في غرام قاتل"، الذي تتحدث فيه كل من كيندال ومولي أمام الكاميرا. الفكرة وراء المشروع هي سرد ​​قصة باندي من منظور الثورة الجنسية التي شهدتها حقبة سبعينيات القرن الماضي، والتعريف بأن كرهه العميق للنساء هو الدافع لجرائمه. ربما كان هذا هو المحتوى الوحيد الذي مازال مطلوباً من حكاية باندي. سواء من خلال الكتابة أو التجسيد الشخصي، فقد حان الوقت لسماع أصوات النساء.

( كتاب: "الأمير الشبح: حياتي مع تيد باندي، الطبعة المحدثة والموسعة" لإليزابيث كيندال وبمساهمة من مولي كيندال، صدر في 7 يناير (كانون الثاني) عن دار أبرامز بريس، وتباع النسخة الواحدة بسعر 19.99 جنيهاً استرلينياً/ 17.50 دولاراً)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب