Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أردوغان يتراجع في ليبيا... وأوروبا تتقدم

أي صيغة حل سياسي هي في مصلحة الجيش الذي بات يسيطر على 59 في المئة من البلاد

محاولة تركيا توسيع وجودها في البحر المتوسط سرع التقارب بين أوروبا وروسيا (أ. ف. ب)

تراجعت بشكل لافت حدة تصريحات الرئيس التركي أردوغان في الشأن الليبي، بعدما كانت متحفزة للانقضاض على ليبيا، البلد الذي مزقته الصراعات. فقد استغرب كثيرون تراجع أردوغان من التهديد بتدفق السلاح والقوات إلى ليبيا، إلى إعلانه من عاصمة بلده عن الدعوة إلى وقف القتال والقبول بالحل السياسي لإنقاذ شريكه في طرابلس قبل ساعات من سقوطه وتلاشيه.

ينطلق الصحافي حسين مفتاح من أن الواقع الميداني ليس لمصلحة تركيا وحلفائها، لافتاً إلى أن القيادة العامة للجيش الوطني وافقت على وقف إطلاق النار بعد تعرضها لضغوط دولية، خصوصاً أنه لم يعد يفصلها عن اكتساح العاصمة سوى بضعة كيلو مترات. ويعتبر أن مسارعة حكومة الوفاق في طرابلس إلى القبول بدعوات وقف إطلاق النار، إشارة إلى أن تركيا وجدت نفسها متورطة في نصرة حكومة لا تسيطر على شيء. أما تراجع رئيس الحكومة فايز السراج عن قبول وقف إطلاق النار، فهدفه هو إرجاع الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر إلى مواقعه السابقة، قبل 4 أبريل (نيسان) 2019، خصوصاً أن وحدات الجيش تحقق مكاسب مهمة، متقدمة على أكثر من محور في جنوب طرابلس وشرقها.

ويرصد مفتاح، في حديث مع "اندبندنت عربي" "التنازل التركي الذي بدأ تدريجاً منذ الأربعاء الماضي 8 يناير (كانون الثاني). فبعدما أجبرت ميليشيات طرابلس السراج على العودة من بلجيكا فوراً ومنعه من لقاء حفتر في العاصمة الإيطالية روما، يؤكد مفتاح أن قادة الميليشيات عادوا بفعل ضغط تركي إلى طلب اللقاء مع حفتر.

ماذا فعل الوفد الأميركي؟

وكانت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا قد كشفت، السبت 11 يناير، أن وفداً من كبار المسؤولين الأميركيين، التقى حفتر ووزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا في روما، يوم الجمعة.

لكن، في مجريات أحداث الساعات الأخيرة، يبدو أن الجهود الأوروبية تقاطعت مع الموقف الروسي الذي كانت أنقره تحاول صنع مقاربة معه لإحداث فرق في موازين القوى في ساحة المعركة عسكرياً وسياسياً. ويدل على ذلك إعلان المستشارة الألمانية انغيلا ميركل عن استضافة بلادها مؤتمر برلين من العاصمة الروسية موسكو وبعد لقائها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدقائق.

ويشير مفتاح إلى أن بروز تركيا في مشهد الأزمة الليبية وخصوصاً محاولتها توسيع وجودها في البحر المتوسط، يمس مصالح أوروبا وروسيا. ما سرّع التقارب بينهما.

هدف اتفاق تركيا وحكومة الوفاق

لكن الباحث في الشأن السياسي عبد القادر أمشالي، يرى أن اتفاق تركيا وحكومة الوفاق بهدف ترسيم الحدود الاقتصادية البحرية شرق المتوسط دفع روسيا إلى معارضته بشدة، وهي التي تحلم بالنفوذ في المياه الدافئة. ويرجّح أن تكون واشنطن منحت أنقرة ضوءاً أخضر لتحجيم مساعي موسكو. لكن ما حدث كان عكس المتوقع، إذ تقاربت روسيا وأوروبا وأصبحت تركيا في منفى مجريات الأحداث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرجح أمشالي، في حديث مع "اندبندنت عربية"، أن يكون التدخل التركي في ليبيا بوابة توحد الرأي الأوروبي، وهذا ظاهر في مؤشرات تقارب فرنسي إيطالي، بعدما كانت باريس وروما قطبين يتصارعان في الملف الليبي. ويتوقّع أمشالي أن يشكل مؤتمر برلين المنتظر موقفاً أوروبياً واضحاً للفصل بين المصالح الخارجية وسبل الحل الداخلي.

ولا يقرأ أمشالي في قبول القيادة العامة بهدنة لوقف إطلاق النار موقف ضعف. ويعتبر أن الجيش حقق أغلبية أهدافه باستنزاف الميليشيات في معركة مستمرة منذ تسعة أشهر وأفشل التدخل التركي الذي لم يجد أرضاً مناسبة لإرسال قواته، لا سيما أن الجغرافيا التي تسيطر عليها الميليشيات باتت محصورة في 400 كيلومتر مربع.

أوراق الجيش

ويعتقد أمشالي أن أي صيغة من صيغ الحل السياسي هي في مصلحة الجيش، الذي بات يسيطر على أكثر من 59 في المئة من البلاد، ويؤمن مصالح كبيرة للدول المتنافسة في الملف الليبي. ما يعني قوة أوراقه التفاوضية. ويذهب الباحث السياسي إلى ما هو أبعد من ذلك، متوقعاً أن يخرج مؤتمر برلين بإنتاج هياكل سياسية جديدة تأخذ البلاد إلى انتخابات عامة وتغيرات جديدة يكون فيها الجيش العامل الثابت الوحيد.

ويشير أمشالي إلى أن المجتمع الدولي يواجه حكومة الوفاق بصراحة ويطالبها بحل الميليشيات، مذكراً بإعلان السفارة الأميركية في ليبيا، عن وصول خبراء أمنيين أميركيين إلى طرابلس ولقائهم مع مسؤولين في الحكومة للمطالبة بتقويض سلطة الميليشيات. ويسأل "تقويض سلطة الميليشيات ألا يعني ضمناً فقدان الحكومة قواتها، وبالتالي زحزحتها من المشهد السياسي والبحث عن بديل في كواليس الإعداد لمؤتمر برلين؟".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط