Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة الليبية تمنح تبون شرعية خارجيا وتخفف عنه الضغط داخليا

لا حديث في البلاد سوى عن مأزق الجارة الشرقية على حساب الحراك الشعبي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المنتخب في 12 ديسمبر 2019 (رويترز)

بقدر ما كانت تخوّفات الجزائر كبيرة من تفاقم الأزمة الليبية، باتت تُعتبر نعمة قد يستغلها الرئيس الجديد عبد المجيد تبون لرفع أسهمه في الداخل وتجاوز ضغط "الحراك" ومشاكل المواطنين الاجتماعية، بعدما احتلت مساحات النقاش سواء شعبياً أو سياسياً أو إعلامياً.

أزمة ليبيا تخفّف وهج الحراك

بعد 11 شهراً من حراك شعبي شغل الرأي العام الداخلي والخارجي وأحدث "زلزالاً" داخل النظام الجزائري، أثمر رحيل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بعد 20 سنة من الحكم وسجن "العصابة"، ممثلةً بالمقرّبين منه بقيادة شقيقه سعيد، ومع استمرار التحرّكات الاحتجاجية على الرغم من انتخاب تبون رئيساً للبلاد في استحقاق 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، جاءت الأزمة الليبية لتخفّف من وهج التظاهرات والمطالب المرفوعة فيها، وغلبت على الانشغالات الداخلية التي كانت تهدّد الرئيس وحكومته الجديدة.

ولم يعد أي ملف يعلو فوق مشاهد الاقتتال وصوت الرصاص والتهديدات المتبادلة التي تعيشها الجارة الشرقية ليبيا، "النافذة" التي سمحت للسلطة الجديدة في الجزائر بالتنفّس طبيعياً، بعد تخوّفات من ضغط الشارع الذي يعيش أزمات على جميع المستويات، معظمها لا تقبل التأجيل. وفي وقت لا يحتمل الوضع الليبي أيضاً بقاء الجزائر في وضعية المتفرّج أو التزام الحياد، بدا تبون مستعداً جيداً لأزمة البلد المجاور، بدليل تمكنّه في فترة قصيرة جداً من جعل بلاده "قبلة" للدبلوماسيين الغربيين والعرب، ما طمأن وأسعد الجزائريين الذين رأوا في الرئيس القدرة على إعادة بلادهم إلى الساحة الإقليمية.

ارتفاع أسهم تبون

اعتبر الناشط السياسي أمين صندوق أن الجزائر بصدد استعادة دورها الإقليمي، بعدما تجمّد لما يقارب 20 سنة. وقال إن حكومة تبون تسير بخطوات ثابتة لاستعادة مكانتها الإقليمية، وليس ما يحصل من زيارات لمسؤولين غربيين وعرب سوى دليل على أنها في الخط الصحيح.

ورأى أن أي خطر من الخارج يعيد التعاضد الجزائري عموماً، ويجعل أبناء البلد يؤجّلون خلافاتهم، و"حالياً لا حديث في البلاد إلاّ عن المأزق الليبي، مع تراجع حدّة الحراك". ومع توافد الدبلوماسيين إلى الجزائر، ارتفعت أسهم تبون الذي أسكت الأصوات التي كانت تروّج لعدم شرعيته بعد حصوله على شرعية دولية، ما خفّف عنه الضغط الداخلي، بحسب صندوق.

تحذير من انتهاء مفعول مسكنات الأزمة الليبية

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، من المتوقّع أن تخرج المشاكل الموروثة عن نظام بوتفليقة إلى العلن في أي لحظة. ومع انتهاء مفعول مسكّنات الأزمة الليبية، بدأت الرمال تتحرّك من تحت أقدام تبون ورئيس حكومته عبد العزيز جراد، إثر تهديد أساتذة التعليم الابتدائي بتنفيذ إضراب مفتوح، ما يكشف عن "غليان" في قطاع التعليم دفع وزير التربية الجديد محمد أوجاوت إلى الإسراع في تحديد موعد للاجتماع بمختلف نقابات قطاعه الثلاثاء المقبل. كما عادت الوقفات الاحتجاجية للظهور من حين إلى آخر في مختلف مناطق البلاد وفي عددٍ كبيرٍ من القطاعات، مع بروز مشاكل كثيرة تعهّد الرئيس الجديد النظر فيها وإيجاد حلول لها.

الاستفادة من الهدوء الداخلي... بإجراءات اجتماعية

ورأى أستاذ العلوم السياسية كمال ولد علي، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن تبون استغلّ الأزمة الليبية وتعامل معها بحنكة فرضت على المجموعة الدولية احترامه والاستماع إلى مقترحاته وآرائه، مضيفاً أنه حقّق في أقل من شهر على انتخابه ما لم يحققه بوتفليقة في 20 سنة، إذ "فرض احترام الجزائر على الجميع". وأوضح أن ذلك ساعده في استعادة باقي شرعيته داخلياً، وسمح له بتخفيف ضغط المشاكل التي تعاني منها البلاد.

غير أن الهدوء الداخلي مؤقت وقد تتحرّك الأمور في القريب العاجل على اعتبار أن ظهور بوادر حل  للأزمة الليبية يعيد الاهتمام إلى الداخل، وفق ولد علي الذي أشار إلى بدء التهديدات العمالية بالإضراب وتوسّع دائرة الاحتجاجات. واعتبر في هذا الصدد أنه بات من الضروري الاستفادة من الاستقرار الداخلي من أجل فتح الملفات العالقة والاستماع إلى انشغالات المواطنين واتخاذ إجراءات وقرارات اجتماعية بغية ضمان استمرار الهدوء.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي