Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمازيغ في تونس يجددون الحراك للإعتراف بثقافتهم دستورياً

يطالب الأمازيغ بضرورة تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس التونسية، لأن الثقافة الأمازيغية هي المكوّن الأساس للثقافة التونسية

عدد من أمازيغ تونس يرفعون علمهم (إندبندنت عربية)

بدأ الحراك الأمازيغي في تونس فعلياً في عام 2011، بعد تأسيس الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية، التي طالبت بضرورة تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس التونسية، والاعتراف بالثقافة الأمازيغية، التي يعتبرونها جزءاً لا يتجزأ من الثقافة التونسية.

 

تنوع ثقافي

يقول فتحي بن معمر، الباحث في الثقافة الأمازيغية، إن "التونسيين جميعهم من حيث الأصل أمازيغ، وإن تعرّبوا أو تَفَرْنَسُوا أو تجَلْببُوا بأي جلباب ثقافي وحضاري من الجلابيب الحضارية، التي كانت تتوالى على هذه الأرض من دون انقطاع".

تعني كلمة أمازيغ "الإنسان الحرّ". وقد أطلق الأمازيغ على شمال أفريقيا اسم "تامازغا"، أي الإطار الجغرافي الذي يعتقدون بأنّه احتضن منذ فجر التاريخ هويّتهم. وأقام الأمازيغ دولاً منذ أكثر من 30 قرناً، وتركوا آثاراً ذات طابع خاص في اللّغة والعمارة واللّباس والصّناعات التقليدية والطقوس والعادات وأشكال التنظيم الاجتماعي والفنون والآداب. كل هذه العناصر أسّست البنيان الحضاري لشمال أفريقيا، وفق تعريف بن معمر، الذي أضاف أن "وجود الأمازيغية في الساحة التونسية أمر مشروع، بل مستحسن في إطار تثمين الثقافة الوطنية وإبراز تنوّعها وثرائها". ويرى "ضرورة عدم الإقصاء أو رفض التداول في شأن هذا الأمر، بل لا بدّ من تثمينه والعمل على إبرازه في شكل يليق به ويخرجه من دائرة الفلكلور والسياحة، إلى دائرة البحث والأرشفة والإحياء وإعادة التوطين".

 

السياسة لا تعنينا

يبلغ عدد المنظمات الأمازيغية في تونس حالياً 15، أراد مؤسسوها أن تنشط في الحقل الثقافي وتتبنى خطاباً سلمياً ولا تتدخل في الشأن السياسي. يقول كيلاني بو شهوة، عضو الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية، إن "هدفنا الأساس هو الاعتراف بثقافتنا الأمازيغية المتجذّرة في تونس من الشمال إلى الجنوب"، مشدداً على أن "السياسة لا تعنينا، لأننا جزء من تونس وكل تونسي في أي موقع يمثلنا، وإن نشاطات كل الجمعيات الأمازيغية تدور في الفلك نفسه، وهي المطالبة بالحقوق الثقافية، أي الاعتراف بالهوية الأمازيغية كمكون أساس للهوية التونسية".

يضيف بو شهوة أن "الاعتراف بالأمازيغية في الدستور هدف مؤجل إلى أن تعترف الدولة التونسية بنا، كتدريس اللغة الأصلية لتونس وهي الأمازيغية"، موضحاً أن "الدولة ترفض تماماً هذا الموضوع، بل همّشت اللغة الأمازيغية أيضاً، وهذا ما جعلها مهدّدة بالانقراض، لأنّ نقل اللغة عبر العائلة لا يكفي للحفاظ عليها".

ووفق احصاءات رسمية، يبلغ عدد الأمازيغ في تونس حوالي 500 ألف، أي 5 في المئة من سكان تونس، ولا يتحدث اللغة الأمازيغية سوى 2 في المئة منهم، بينما يعيش معظمهم بين قبائل الجنوب التونسي، لا سيما في مناطق مطماطة وتمزرط وزراوة وتاجوت.

 

لسنا أقلية

ينفي بو شهوة عدد الأمازيغ المعلن عنه. ويرى أن الهدف هو إظهارهم أقليةً لا وزن لها. ويشير إلى أن الأمازيغ هم السكان الأصليون لتونس، وأن الأمازيغية ليست بالضرورة لغة ولو أن اللهجة التونسية تضمّ العديد من المفردات "الشلحة"، وهي لغة الأمازيغ. فالثقافة الأمازيغية هي المكوّن الأساس للتونسي من خلال اللباس التقليدي أو المطبخ التونسي، الذي يضم عدداً من الأطباق الأمازيغية، مثل الكسكسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف بو شهوة أنهم لم يحصلوا من الدولة التونسية على أي دعم مادي ولا معنوي، وأن الإدعاء بأن الحركة الأمازيغية في تونس مموّلة من الخارج من أجل التفرقة "لا أساس له من الصحة، بل هي محاولة يائسة لمحونا". إذ هناك من يرى في طرح القضية الأمازيغية ترفاً فكرياً ومحاولة لإقحام البلاد في مربّع التفرقة وضرب وحدة المجتمع التونسي.

ويعتبر الأمازيغ، أو إيمازيغن، سكان منطقة شمال أفريقيا الأصليين، التي تمتد من واحة سيوة المصرية شرقاً، إلى المحيط الأطلسي في المغرب غرباً.

وتعني كلمة "إيمازيغن" في اللغة الأمازيغية "الرجال الأحرار والنبلاء"، ومفردها "أمازيغ"، ومؤنثها "تمازيغت" وتُجمع بـ "تِمازيغين". ووفق مؤرخين، فإن الحضارة الأمازيغية من أقدم الحضارات، إذ يناهز عمرها 30 قرناً، وهذا ما يعني أننا بالنسبة إلى التقويم الأمازيغي نعيش في عام 2967، وتحل رأس السنة الأمازيغية في 13 يناير (كانون الثاني).

 

المكاسب آتية لا محالة

ترى الناشطة الأمازيغية مها الجويني أن ما وصلت إليه الحركة الأمازيغية يعتبر جيداً. فعلى الرغم من ضعف عدّة الناشطين وقلة الموارد التمويلية، وغياب الاعتراف الرسمي بحقوق الشعوب الأصيلة في تونس، فإن الوعي بالهوية التونسية في عمقها الأمازيغي ارتفع، وزاد نسقه مقارنة بعام 2011، بعد سبع سنوات من النضال والمناصرة والتأييد للتنوع الثقافي في تونس.

وترى الجويني أن "وتيرة الوعي متزايدة والمعوقات إلى زوال". وتضيف "أصبحنا الآن نسمي أطفالنا أسماءً أمازيغية، على الرغم من أن الفصل 62 من المشرّع التونسي ينص على اعتماد الأسماء العربية فحسب، لكن هناك من يستطيع منح ابنه أو ابنته اسماً أمازيغياً، وإن بعد صراع مع الإدارة".

وعن الاحتفالات الأمازيغية، تقول الجويني "أصبحنا نشهد ونتابع الاحتفالات على القناة الوطنية التونسية وبخطاب وطني بحت"، وتضيف "إعلامياً، خرجنا من مربع الأقلية التي تسكن الكهوف وتسمى البربر، إلى ما هو أوسع، وبدأ التعامل مع أهلنا الناطقين باللغة الأمازيغية باحترام واعتزاز، باعتبارهم ممثلين لأصالة البلاد".

وتختم "اليوم، يوجد هامش كبير من حرية التعبير والرأي وحق التجمع. هذه المكاسب أسهمت في تعزيز التنوع الثقافي في تونس وفي النهوض بالثقافة الأمازيغية. وعلى الرغم من بطء الحكومة في تفعيل سياسة وطنية للحفاظ على الإرث اللغوي للأمازيغية، فإنني على ثقة بأن هذه المكاسب آتية لا محالة".

وأكدت النائبة ورئيسة لجنة الحريات الفردية والمساواة بشرى بلحاج حميدة والمكلفة من قبل رئيس الجمهورية متابعة ملف حرية الاقليات أن الجمعيات التي تعنى بحريات الأمازيغ هي الوحيدة التي  لم تتصل باللجنة من أجل ضمان حقوقها قانونياً. واضافت حميدة أن اللجنة تعالج هذه المسألة وهي منكبة ومنذ 2018 على إعداد تقرير يتناول الحريات الفردية والمساواة من أجل عرضه على مجلس النواب.

المزيد من العالم العربي