Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران ترمم أخطاءها في الإقليم... بمزيد من الأخطاء

تصريحات قرباني عن دور حزب الله وتدمير إسرائيل أربكت وزارة الحارجية الإيرانية

علي خامنئي (رويترز)

يبدو إن النظام الإيراني مازال مشغولا في "تنظيف" الآثار السلبية للتصريحات التي أدلى بها مستشار قائد حرس الثورة اللواء مرتضى قرباني قبل أيام حول دور حزب الله وتبعيته لإيران، من خلال الحديث عن تولي هذا الحزب مسؤولية الرد على اسرائيل وتدميرها في حال تعرضت إيران لأي اعتداء اسرائيلي، وإن ايران لن تكون بحاجة إلى اطلاق صواريخ من أرضها للرد على مثل هذا الاعتداء.

إذ دخل على خط جهود ترميم التداعيات السلبية لهذه التصريحات، مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية ووزير الخارجية الاسبق علي ولايتي، الذي حاول تلطيف الأمور من دون التخلي عن التهديد الاستراتيجي، إلا أنه لم يقرن التدمير لهذا "الكيان" بالاعتداء على إيران أو شن حرب ضدها، ومهمة الحزب اللبناني في الرد عليه، بل ربط بين هذا التدمير وبين الاعتداء الاسرائيلي على لبنان وحزب الله، مؤكدا إن "حزب الله سيسوي اسرائيل بالتراب إذا هاجمت لبنان" مستبعدا قيام تل ابيب بأي اعتداء ضد ايران انطلاقا من أن "اسرائيل عاجزة ولا تجرؤ على تنفيذ تهديداتها ضد ايران وتصريحات مسؤوليها بهذا الشأن مجرد دعاية".

البحث عن مسوغات

الجهود لم تقتصر على الجانب الايراني لاستيعاب هذه التصريحات، إذ أجبر الحليف اللبناني وعلى لسان أمين عام حزب الله للدخول على خط التفتيش عن مسوغات لهذه التصريحات والتقليل من آثارها السلبية التي جاءت في مرحلة حرجة بالنسبة للحزب وقيادته في تعاطيه مع الساحة اللبنانية والتحديات التي سببتها الحراك الشعبي وما نتج عنه من خلخلة التركيبة السياسية والسلطوية واستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري. ويبدو إن الموقف الحرج الذي وجد أمين عام حزب الله نفسه فيه وصلت أصداءه سريعا إلى طهران التي سارعت إلى نفي صدور مثل هذه التصريحات والمواقف، نازعة في الوقت نفسه صفة "مستشار قائد الحرس" عن الجنرال باقري، ولاقت الرواية التي قدمها حسن نصرالله عن "تحريف" ما تحدث به هذا المسؤول الإيراني. على الرغم من أن نص التصريح الأصلي للجنرال لم يتم حذفه عن موقع وكالة أنباء "مشرق" المحافظة المتشددة التي نقلت ما قاله الجنرال عن وكالة "ميزان" الناطقة باسم السلطة القضائية.

الإصرار الإيراني على ترميم ما أحدثته هذه التصريحات لم يقف عند تصريحات ولايتي، بل يبدو إن الإجراءات العقابية بحق الجنرال باقري ذهبت إلى مستويات متقدمة، إذ يدور الحديث في الأروقة الإيرانية وتتناقله أوساط مقربة منها عن إجراء صدر عن مكتب المرشد الأعلى للنظام بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة قرار اقصاء اللواء مرتضى باقري من منصب المستشار الأعلى لقائد حرس الثورة، وإحالته إلى التقاعد على خلفية تصريحات حول تدمير إسرائيل من لبنان.

وتضيف هذه الأوساط إن هذا الإجراء جاء بعد أن تقدمت وزارة الخارجية الايرانية باستفسار حول هذه التصريحات من المجلس الأعلى للامن القومي لجهة إنها تضر بالمصالح الاستراتيجية والعليا لايران، وتكشف هذه الاوساط لم تقتنع بالتفسيرات التي قدمتها قيادة الحرس حول التحريف الذي وقع في ترجمة تصريحاته، وأصرت الخارجية على رفع الشكوى إلى المرشد الاعلى، وفي تأكيد على ضرورة أن يتخذ المرشد موقفا حاسما بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة قرارا يمنع الشخصيات العسكرية من الادلاء بتصريحات تقع في دائرة اختصاص السياسة الخارجية من دون التنسيق مع الوزارة المعنية ومع مكتب المرشد.

وتقول هذه الأوساط إن اعتراض الخارجية لم يتقصر على تصريحات قرباني حول لبنان، بل شمل أيضا التصريحات السابقة للسفير الايراني في العراق ايرج مسجدي الذي كان يشغل قبل توليه منصب السفير منصب كبير مستشاري قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني، وهي التصريحات التي قال فيها مسجدي إن ايران ستهاجم الوجود الأمريكي في العراق إذا تعرضت إيران لأي اعتداء، واعتبرت الخارجية أن هذه التصريحات لـ"مسجدي" كانت احد الأسباب التي ساهمت في تأجيج الانتفاضة الشعبية في العراق، خصوصا الشرائح الشيعية وموقفها من ايران، معتبرة ان كل ما تواجهه ايران من خسائر سياسية في دول المنطقة يعود لمثل هذه التصريحات.

إرباك كبير

هذه المواقف والإجراءات تشكف الإرباك الكبير الذي تواجهه إيران في التعامل مع المستجدات السياسية على الساحتين اللبناني والعراقية، وما تواجهه من تحد واضح من تل ابيب من خلال استمرار الاستهدافات التي تقوم بها الطائرات الحربية والصورايخ الاسرائيلية ضد مواقع وقواعد تمركز تابعة لحرس الثورة في سوريا خصوصا في محيط العاصمة دمشق. وهي تحديات تضاف إلى التحديات التي قد تكون ايران مجبرة على التعامل معها نتيجة ما يدور الحديث عنه يتعلق بمفاوضات غير مباشرة مع الإدارة الامريكية في بعض العواصم الاقليمية والدولية، والرهان الذي تعقده طهران على تقدم هذه المفاوضات وأن تثمر نتائج إيجابية تخفف عنها الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية نتيجة العقوبات القاسية والخانقة التي فرضتها الادارة الامريكية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 مواقف ولايتي الذي اراد منها تخفيف الحرج عن حزب الله بسبب تصريحات الجنرال قرباني، جاءت أكثر أرباكا لهذا الحزب، بحيث قد تساهم في تعقيد المشهد الذي يحاول الحزب التخفيف من الاثار السلبية لما حدث بعد اختيار وتسمية حسان دياب مكلفا برئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة على الرغم من الارادة العربية المعارضة لهذا الاختيار، وفي الوقت الذي يحاول حزب الله الانسحاب من المواجهة التي سبق أن فتحها مع السعودية نيابة عن ايران في المنطقة، أعاد ولايتي فتح معركة إيران ضد السعودية من الساحة اللبنانية وتوريط الحزب بها، بما يعني المساهمة في اشعال الساحة اللبنانية عندما وجه اتهاما مباشرا للرياض بتحريض التظاهرات التي تشهدها المدن اللنبانية بعد تكليف ذياب بتشكيل الحكومة الجديدة.

إحساس الغلبة على الساحة اللبنانية في معركة تعتبرها طهران في اطار مواجهتها للمؤامرة الامريكية ضد وجودها في المنطقة، هذا الاحساس يتراجع من "احترام اي قرار يتخذه الشعب" اللبناني فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، الى ان "االتطورات في العراق تتجه اليوم نحو تحقيق مطالب المتظاهرين"، مؤكدا  "اننا لا ندعم أي مرشح لرئاسة الحكومة العراقية بل ندعم كل من ينتخبه البرلمان العراقي ومن حق الشعب العراقي تعيين حكومته بنفسه، لم نجر أي مباحثات مع المسؤولين العراقيين لفرض أي مرشح لرئاسة الوزراء". إلا أنه ترك الباب مفتوحا لامكانية لعب دور في تحقيق هذا المسار من خلال حصر اختيار شخص رئيس الوزراء بـ"انتخاب البرلمان العراقي". ما يفهم منه بان تصريحات المسؤولين الايرانيين والتي عبر عنها ولايتي حول الازمات السياسية في لبنان والعراق لا توحي بوجود ارباك في قراءة المستجد السياسي على هاتين الساحتين، وان القراءة الواقعية وما فيها من ضرورة الاعتراف بالمتغير في المزاج الشعبي والسياسي مازالت مؤجلة لدى المسؤولين الايرانيين المعنيين، وهو ما قد يرفع الفاتورة التي قد تدفعها الدبلوماسية المفاوضة مع المجتمع الدولي حول كل الملفات الاقتصادية والسياسية والامنية والصاروخية والنووية في حال لم تستطع الجهات المكلفة بالساحة العراقية خاصة وقف المسار التراجعي للدور الايراني والتقليل من الخسائر التي تلحق بها وبلحفائها.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل