Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردنيون قلقون على مصير الضمان الاجتماعي

يعتبره الموظفون ملاذهم الأخير لكن الحكومة تقترض منه لحل مشكلاتها

يعتبر الضمان الاجتماعي من أهم مرتكزات منظومة الأمان الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الأردني (موقع المؤسسة)

ينظر الأردنيون إلى مدخراتهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي بمثابة الأمل الأخير و"تحويشة العمر"، وسط مخاوف لدى غالبيتهم من أن ينطوي ليل أحد الأيام على مفاجأة غير سارة، تشير إلى إفلاسها أو في أحسن الأحوال عدم قدرتها على دفع الرواتب التقاعدية.

ما عزز هذه المخاوف لدى الشارع الأردني جملة من المؤشرات من بينها لجوء الحكومة إلى الاقتراض من مدخراتهم وحل مشكلاتها على حسابهم أكثر من مرة، كان آخرها ما كشفته رئيسة صندوق استثمار الضمان الاجتماعي خلود السقاف، التي قالت في تصريحات صحافية إن إجمالي الاقتراض الحكومي من صندوق استثمار الضمان بلغ 8 مليار دولار لغاية الآن، منها 700 مليون دولار منذ بداية العام الحالي، على الرغم من أن موجودات الضمان لا تزيد بطبيعة الحال عن 15 مليار دولار.

أبرز المخاوف

يعتبر الضمان الاجتماعي من أهم مرتكزات منظومة الأمان الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الأردني. وفي عام 2003، أسست الحكومة الأردنية صندوق الاستثمار في الضمان الاجتماعي، بهدف تمكين المؤسسة من زيادة العوائد وتلبية مستلزماتها المستقبلية، خصوصاً في ما يتعلق بالاستمرار في دفع مستحقات المؤمنين من رواتب تقاعدية.

لكن اليوم ثمة هواجس وقلق كبير لدى الأردنيين على مدخراتهم وضمان شيخوختهم مع أزمة المديونية العالية التي تعاني منها البلاد، وتحكم صندوق النقد الدولي بكل مفاصل الوضع الاقتصادي، فضلاً عن دخول مؤسسة الضمان الاجتماعي في العديد من المشاريع الاستثمارية الفاشلة.

أبرز هذه الهواجس كان التخوف من اقتراب الضمان من نقطة التعادل بين الإيرادات والنفقات التأمينية، والوصول إلى مرحلة استنزاف العوائد والأصول الاستثمارية، وربط الراتب التقاعدي بالتضخم، فضلاً عن إقبال الأردنيين على التقاعد المبكر.

مشكلة عام 2038

في عام 2008، كان عمر الرزاز مديراً للضمان الاجتماعي وأطلق تصريحات تحذر من استفحال ظاهرة التقاعد المبكر، وأثر ذلك في قدرة المؤسسة على دفع رواتب تقاعدية خلال السنوات المقبلة.

اليوم وبعد 12 عاماً، ومع وصول الرزاز إلى "الدوار الرابع" كرئيس للحكومة تجسدت تحذيراته التي أطلقها على أرض الواقع، عبر إقرار تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي توجت بإلغاء التقاعد المبكر تماماً، بناءً على دراسة مقلقة تقول إن خزينة "الضمان" ستكون مفلسة بحلول عام 2038.

مواجهة كساد السوق

وفي محاولة منها لمواجهة ركود السوق وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين، فتحت الحكومة مؤخراً باب السحب من أرصدة رواتب التقاعد للأردنيين تحت بند "بدل التعطل"، الأمر الذي قوبل بالتشكيك والتدافع على البنوك في الوقت نفسه.

بحسب مراقبين، أرادت الحكومة عبر هذا الإجراء الذي كلفها حتى اللحظة نحو 281 مليون دولار تنشيط الأسواق وتعويض خسائر القطاع التجاري وضخ سيولة كبيرة من دون تحميل أي عبء للخزينة، غير أن تحفيز السوق يحتاج أيضاً إلى تخفيض الضرائب، بحسب ما يقول رئيس غرفة تجارة الأردن، نائل الكباريتي.

لكن هذا الإجراء اعتبر محاولة من الحكومة الأردنية لتحسين صورتها على حساب أموال الأردنيين، بالنسبة إلى كثيرين من بينهم الصحافي أسامة الرنتيسي.

ويقول الرنتيسي إن "هذا القرار قد يكون خفف عن آلاف العائلات الأردنية ضغوط الأوضاع المالية، وحرك الأسواق المنكمشة والراكدة، لكنه في المحصلة يعود سلباً على جدار الأردنيين الأخير، ويزيد القلق على أموال الضمان الاجتماعي التي تجرأت الحكومات في السنوات الأخيرة على مد يدها إليها، بعدما توسعت حكومات سابقة في دفع الضمان إلى الإسهام في شركات خاسرة، أو الاستثمار في مشروعات فاشلة".

ويضيف "مجنون أي مسؤول يفكر مجرد تفكير بالمساس بالجدار الأخير للأمن والأمان المستقبلي للأردنيين، وتحويشة عمر العمال والموظفين. فهو لا يلعب بالنار فحسب، بل يحرق ما تبقى من آمال الأردنيين".

الضمان في بطن الحكومة

بدوره، يقول الكاتب جميل النمري أن مديونية الدولة الأردنية تقترب من 42 مليار دولار، أكثر من نصفها ديون داخلية تقترب من 22 مليار دولار. 

ويوضح النمري أن الحكومة لا تطلب الاستدانة مباشرة من صندوق الضمان، بل يُقبل الصندوق على شراء السندات الحكومية المطروحة للمنافسة في السوق وهي كلها مكفولة من الدولة.

ويضيف "الاحتمال الوحيد لضياع الأموال أو تهديدها هو أن تعلن الدولة إفلاسها مثل الشركات التي تخضع للتصفية فيحصل الدائنون على حصة مما تبقى من موجودات الشركة".

يعتقد النمري أن أكبر خطر على أموال الضمان هو الاستثمارات الفاشلة، عبر شراء شركات متعثرة أو شراء أسهم في شركات تمويل يتم التلاعب بها والسطو على أموالها.

معضلة التقاعد المبكر

يذكر أن عدد مشتركي الضمان الاجتماعي يصل إلى مليون و163 ألف مشترك، من بينهم 596 ألفاً يعملون في القطاع الخاص.

وكان مجلس الأمة، بشقيه الأعيان والنواب، أقر تعديلات على قانون الضمان الاجتماعي والتي من أهمها رفع سن التقاعد المبكر للمشتركين الجُدد إلى 55 سنة للذكور و52 سنة للإناث.

وتقدر الفاتورة السنوية لرواتب متقاعدي الضمان الاجتماعي بحوالى 1.5 مليار دولار سنوياً ويستفيد منها حوالى 218 ألف متقاعد. وبلغ عدد المتقاعدين مبكراً من الضمان 113 ألفاً يشكلون 48 في المئة من العدد الإجمالي لجميع متقاعدي الضمان، البالغ عددهم 233 ألفاً.

ووفقاً للموازنة العامة للدولة، يبلغ إجمالي الرواتب والأجور والعلاوات لموظفي الدولة من وزارات ودوائر حكومية ووحدات مستقلة نحو 5.7 مليار دولار، بما يعادل 43.8 في المئة من إجمالي الموازنة المقدرة بنحو 13 مليار دولار.

المزيد من العالم العربي