نجومية متوهجة منذ 35 عاماً ولم تبهت يوماً. موجات فنية هبّت على الساحة الفنية وأخرى رحلت، وهو لا يزال متربعاً على عرشه بين نجوم الصف الأول في العالم العربي، والسرّ كما يقول راغب علامة "خلطة من كل شيء" أبرز مكوّناتها الشغف بالفن. راغب علامة الناشط سياسياً، لا يريد السياسة، لأن الفن هو هدفه الوحيد، ولكن صداقته بالسياسيين جعلته محط انتقاد بعضهم، الذين يعتبرون أنه يصادق من ينتقدهم ويتهمهم بالفساد وخراب لبنان، وهو يقول إن الصلة الشخصية لا علاقة لها بالأداء، ويضيف أن الكلام الذي يردده على مسامع السياسيين أكثر قساوة بكثير مما يقوله في الإعلام. بداية تحدّث راغب علامة عن السبب الذي جعله يعيد طرح أغنيتين من أعماله القديمة، قائلاً "طرحت الأغنيتين على موقع "إنستغرام" لكي أذكّر الناس بهما لا أكثر ولا أقل". وعمّا إذا كان هذا الأمر له علاقة، في شكل أو آخر، بكونهما لم تنالا حقهما وقتها لأنها صدرت ضمن ألبوم كامل، أجاب "نحن كنا نطرح أغاني أجمل بكثير من تلك التي كانت تُصوّر، لكن الجمهور لم يكن يلتفت إلا إلى الأغنية المصوّرة في الألبوم. لا شك في أن طرح الأغنية على "إنستغرام" يساعدها على أن تنال حقها، حتى أن بعض الناس يعتقدون بأنها جديدة". وهل يفكّر علامة في الاستمرار باعتماد هذه الإستراتيجية خلال الفترة المقبلة، يوضح "أي فكرة جديدة تخطر على بالي وأجد أنها مناسبة يمكن أن أبادر إلى تنفيذها". راغب علامة الذي كان سبّاقاً بالأفكار الجديدة، عندما استعان بفكرة كليب أغنية "ردّلي كلماتي" من إحدى المعجبات، أكد أهمية التواصل بينه وبين الجيل الجديد، مضيفاً "من المهم أن يشارك الجمهور في أعمالنا، لأننا نقدمها له. دائماً تُطرح علينا أفكار حلوة وجيدة من الناس وهم يعطون من قلبهم".
"طار البلد"
عن موقفه من الأزمة التي أحدثتها أغنية "طار البلد"، قال "هي لم تسبب أزمة بل "فشة خلق"، ولكن على قول المثل اللبناني "من توجد مسلة تحت إبطه تنعره" لا أكثر ولا أقل". ونفى علامة أن يكون عنوان الأغنية قاسياً جداً كما اعتبره بعضهم، وأضاف "بل أنا كنت ليّناً جداً. ولو أنني أردت قول كل ما كان يفترض أن أقوله، لقلت أكثر بكثير". وأشار علامة إلى أنه لا يفكر بتصوير هذه الأغنية، مبرّراً ذلك بقوله "اليوم توجد حكومة في لبنان، وأعتقد بأنهم يشعرون بالخطر. الاستياء الكبير الذي عبّر عنه الناس بعد طرح الأغنية، جعل السياسيين يشعرون بأنهم سوف يطيرون إذا لم يقوموا بعملهم وأن أحداً لن يرحمهم. كل حرف في الأغنية أصاب الوضع اللبناني في شكل دقيق، بل حتى أنه كان متساهلاً". ولا يبدو علامة متفائلاً بالحكومة الجديدة، ويوضح السبب قائلاً " الوجوه نفسها والأسلوب الذي ورّط البلد بـ 80 مليار دولار ديْناً، وبدّد 120 مليار دولار. الأسماء تغيّرت لكنّ المرجعية واحدة. لا توجد رقابة، يفسّرون الحرية على هواهم، يفرضون الضرائب كما يحلو لهم، وحتى الآن لم يُحاسب أي فاسد. يمكن أن أتفاءل عندما تبدأ المحاسبة، وعندما تفتح أبواب السجون للصوص، وعندما يطبّق قانون من أين لك هذا؟! بمفعول رجعي. في لبنان الدولة تطارد الشرفاء وتترك اللصوص، الذين يلعبون على نطاق واسع ولا أحد يقترب منهم".
الصداقة مع السياسيين
رداً على من يعترضون على صداقته بعض السياسيين، من منطلق أنه ينتقدهم ويصادقهم، سأل علامة "هل انتقادي مثلاً أشخاصاً يعملون في مكتبي يعني أنني لست على علاقة جيدة بهم، وهل مطلوب مني أن أشهر المسدس في وجه السياسيين! السياسيون أصدقائي والكلام الذي أقوله بوجودهم أقسى من الكلام الذي أقوله بعيداً منهم، ولكن كل منهم يرمي المسؤولية على الآخر، وهذا لا يعني أنني يجب أن أخاصمهم. توجد صداقة بيني وبين عدد من السياسيين، ونحن "ننكّت" أو نتناول طعام الغداء أو العشاء أو نلعب "تنس" معاً. الصلة الشخصية لا علاقة لها بالأداء". حتى لو كانوا فاسدين؟ يجيب "الفاسد هو النظام، لذلك فإن كل من يعمل فيه هو فاسد أيضاً. لو كان هناك عدل وقانون، لشعر الفاسد بالخوف وارتدع، ولكن للأسف لا توجد محاسبة". علامة الذي أكد أنه مقرّب من عدد كبير من السياسيين، أضاف "الأقرب إليّ من بينهم، هو الرئيس سعد الحريري. وعندما نكون معاً نتناقش في أمور كثيرة وأردّد على مسامعه كلاماً أكثر قسوة بكثير من الذي أقوله في الإعلام، لكن المجالس بالأمانات. هو يوافقني الرأي ولا ينكر أبداً أن هناك فساداً، وأنا أشجعه لأن يكون عنواناً لمحاربته. أعرف جيداً أنه أتى من "بيت شبعان وملعقة الماس في فمه"، ولا أحاول التبرير مطلقاً. لكنّ النظام فاسد والسياسيين مرتاحون معه، لأنه يسمح لهم بتغطية فساد جماعتهم". راغب علامة، الناشط سياسياً وبيئياً واجتماعياً هل يلمس صدى إيجابياً لتحركاته على أرض الواقع، يؤكد "بقوة. مثلاً، أسعار بطاقات الحفلات التي أحييها لمصلحة مركز سرطان الأطفال تكون مرتفعة جداً، هذا عدا التبرعات التي تقدم للمساعدة في علاج الأطفال".
أنزعج عندما يحاكم "الحرامي" الشريف
هل يرى علامة أن الرسالة الإنسانية التي يحملها كفنان، متعبة ومرهقة؟ يجيب "بل أنا أتعب عندما أشاهد جائعاً أو فقيراً أو برداناً أو مظلوماً، وأنزعج عندما يحاكم "الحرامي" الشريف ويتهم بالسرقة، أو عندما يتجنّى حاجز للشرطة على أناس بسطاء، أو عندما يقفل مدير عام بابه أمام الناس لأنه يعتبر أن هذا المنصب لمصلحة جيبه وأولاده وعائلته وأصدقائه، ولأن تعب الشعب اللبناني يؤكل من دون محاسبة. أنا أعبّر عن رأيي وأكشف الحقائق للناس، ولست شخصاً ينظم تظاهرات أو يشارك فيها ولو كنت كذلك لما تركت الشارع. أنا مقرّب من السياسيين وصديق لهم وأقول الحقيقة للناس ولا "أمسح جوخ". وعن السبب الذي يحول دون دخوله المعترك السياسي كمعارض، لكونه مؤثراً بين الناس، أشار "هذا ليس هدفي، هدفي الأساس هو عملي في الفن. أنا لا أتكلم بالسياسة طمعاً بمنصب، بل لأننا شعب مظلوم ومنهوب. هم يسرقون تعبنا ويتقاسمونه ويصرفونه على أنفسهم". فنياً، أكد علامة وجود غربلة على الساحة الفنية كما كان يحصل دائماً وأضاف "الغربال "شغال" دائماً، وفي كل الأوقات، هناك من يقع وهناك من يستمر، وموجات تأتي وأخرى ترحل. خلال 35 سنة من وجودي على الساحة "تغربل" الكثيرون".
هذا سرّ تألقي ونجوميتي
وفرّق علامة بين النجومية الحقيقية ونجومية "السوشيال ميديا"، نافياً أن تكون لمواقع التواصل الاجتماعي من هذه الناحية، انعكاسات سلبية على الفن، وموضحاً "لطالما كان الوضع كذلك. في السابق كانت هناك صحافة تشيد وتمجّد بالفنانين الفاشلين الذين كانوا يدفعون المال، واليوم انتقلت الموضة إلى السوشيال ميديا". وكشف علامة عن سرّ تألقه ونجوميته واستمرار نجاحه في شكل تصاعدي، قائلاً "هو خلطة من كل شيء. ادارة جيدة، فكر، رؤية، فريق عمل، حب وعشق وشغف بالفن". وتحدّث علامة عن سبب غياب المنافسة بينه وبين عمرو دياب كما كان يحصل سابقاً "هي لم تكن موجودة في الأساس. كل شيء مختلف بيننا، اللون الغنائي ونوعية الجمهور والموسيقى. لكن الإعلام كان في حاجة إلى مادة فأوجد هذه المعادلة"، وأضاف "تلك المنافسة لم تضرّ كما أنها لم تخدم، وهي كانت مجرد مادة إعلامية يفرح بها الإعلاميون".
هناك فنانون لا يستحقون
كيف ينظر علامة إلى تجارب النجوم كحكّام في "برامج الهواة"، وهل يعتبر أنها ألحقت الضرر بصورة بعض منهم، يوضح "هناك فنانون لا يستحقون أبداً تقييم الأصوات والتربع على كرسي التحكيم. وهذا ما جعلني أصرّ على انسحابي من برنامج "آراب أيدول"، مع أن عقدي كان لمدة أربعة مواسم، وعلى الرغم من العطل والضرر الذي كان يمكن أن يلحق بي بسبب تمسكي بالمغادرة، لكنني لم أهتمّ وقلت لهم "لا يهمني الثمن، بل أريد المغادرة"، لأنني شعرت أن الجلوس على كرسيّ التحكيم يقلّل من قيمتي".
لو أن أولادي قرّروا دخول المجال الفني لوقفت إلى جانبهم
كيف يفسر عدم استمرار برنامج "إكس فاكتور" الذي شارك فيه كعضو لجنة تحكيم إلى جانب الفنانتين إليسا ودنيا سمير غانم بمواسم إضافية؟ يجيب "هذا السؤال يجب أن يوجه إلى إدارة "MBC"، علماً أن البرنامج حقّق نجاحاً كبيراً وكان الناس ينتظرونه من أسبوع إلى آخر". وعمّا إذا كان يشجّع أولاده على دخول المجال الفني، مع انتشار موضة دخول أولاد الفنانين إلى الساحة، يقول علامة "الفنان يدعم أولاده في المجال الذين يحققون أنفسهم فيه، ولا يوجد تشابه بين حالة وأخرى. لو أن أولادي قرروا دخول المجال الفني، لوقفت إلى جانبهم ودعمتهم وسخّرت كل إمكاناتي لمساعدتهم على النجاح، لكن أولادي لم يقرّروا ولا يهتمون بالموضوع ولا يحبونه. بالنسبة إليهم والدهم هو النجم، وهم قرّروا التوجه الى مجالات أخرى يحبونها".