Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخطيب يعلن من دار الفتوى تسمية الحريري لتشكيل الحكومة... وعودة يطلق صرخة بوجه "حكم السلاح"

رئاسة الجمهورية تؤجل الاستشارات النيابية الملزمة إلى الاثنين المقبل

بعد اعتذار سمير الخطيب، عن الاستمرار في مسار ترشيحه وصولاً إلى تكليفه برئاسة الحكومة العتيدة في لبنان، أعلنت رئاسة الجمهورية في وقت متأخر من ليل الأحد تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة حتى الإثنين المقبل.
وصدر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بيان جاء فيه، أنه "في ضؤ التطورات المستجدة في الشأن الحكومي، ولاسيما ما طرأ منها بعد ظهر اليوم (الأحد)، وبناءً على رغبة وطلب معظم الكتل النيابية الكبرى من مختلف الاتجاهات، وافساحاً في المجال امام مزيد من المشاورات والاتصالات بين الكتل النيابية المختلفة ومع الشخصيات المحتملة تكليفها تشكيل الحكومة الجديدة، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة التي كانت مقررة غدا الاثنين 9 ديسمبر/كانون الاول 2019 الى يوم الاثنين 16 ديسمبر/كانون الاول الجاري وفق التوقيت والبرنامج والمواعيد التي نُشرت سابقاً".

رحلة الاعتذار

وكان الخطيب زار دار الفتوى في بيروت على وقع استمرار الحراك الشعبي اللبناني الرافض لتسميته لتشكيل حكومة جديدة في الاستشارات النيابية المُلزمة التي كان دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال عون غداً الإثنين 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في محاولة للحصول على غطاء سني يحتاجه بشدة، إذ أن منصب رئيس الوزراء وبحسب العرف والدستور في لبنان يعود إلى الطائفة السنية. إلا أن الخطيب فاجأ الجميع بعد لقائه المفتي بردّ التكليف إلى الحريري، وقال "صاحب السماحة من داعمي سعد الحريري وعلمت من سماحته أنه نتيجة اللقاءات والمشاورات والاتصالات مع أبناء الطائفة الإسلامية تمّ التوافق على تسمية الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة، وبناءً عليه سأتوجه إلى بيت الوسط لإبلاغ الحريري بالأمر لأنه هو من سمّاني لتشكيل الحكومة الجديدة وأنا له شاكراً". وبعد لقائه الحريري في بيت الوسط، أعلن الخطيب اعتذاره عن "إكمال المشوار" الذي رشّح إليه. 
وفي وقت يراقب فيه الجميع مسار المفاوضات بين الفرقاء السياسيين، وفي مقدمهم موقف سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال وزعيم كتلة "تيار المستقبل"، شهد لبنان في اليوم الـ 53 للاحتجاجات، تحرّكات في عدد من المناطق من الشمال إلى الجنوب تأكيداً لرفض السيناريو الذي تحيكه السلطة لتشكيل الحكومة الجديدة.


عودة: البلد يُحكم من جماعة بالسلاح
 
في موازاة ذلك، أطلق متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة تصريحات نارية ضدّ الطبقة السياسية المتحكمة بالبلاد والعباد، قائلاً إن "هذا البلد يُحكم من شخص كلكم تعرفونه ومن جماعة تحكمنا بالسلاح... شخص يُرجع إليه ولا يُرجع إلى الأعلى منه"، في إشارة إلى حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله.
وفي قداس أقيم في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت بمناسبة مرور 14 سنة على اغتيال النائب الصحافي جبران تويني، استعاد المطران عودة كلام تويني متسائلاً "إلى متى الصفقات والعمولات وسياسة توزيع الحصص؟... هل نعيش في جمهورية أصنام أو جمهورية دمى؟". وأكد في المقابل أن "ولادة لبنان جديد يستحقه أبناؤه الذين طال عيشهم حال المخاض، اقتربت"، مضيفاً أن "اللبنانيين الموجودين في الساحات والطرقات اليوم يضحون بالكثير من أجل مستقبل انتظره آباؤهم وأجدادهم".
وسرعان ما أتى رد حزب الله على لسان رئيس كتلة الحزب في البرلمان (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد، الذي اعتبر أن كلام المطران عودة "ليس بريئاً". وقال رعد "هناك مَن يطلع ليقول إن البلد يُحكم من رجل واحد وبقوة السلاح. هذا الكلام يصدر عمَن يحاول أن يجهّل الأسباب الحقيقية للازمة ويحاول أن يغطي ويبرر استهداف المقاومة في لبنان وهذا الكلام ليس بريئاً ومَن يقوله ليس بريئاً".
 

استخدام العنف ضد المحتجين

وبعد انتهاء القداس في الكاتدرائية التي تبعد أمتاراً قليلة عن ساحة النجمة في وسط بيروت حيث مجلس النواب، حاول بعض الشبان التسلّل من خلف الكاتدرائية إلى الساحة التي أُقفلت جميع الطرقات المؤدية إليها، فواجهتهم قوى أمنية، قيل إنها من شرطة مجلس النواب، ومنعتهم من الدخول. وأظهر مقطع فيديو عناصر الأمن تتعرّض بالضرب للمحتجين، في وقت روى أحد هؤلاء أن القوى الأمنية انتزعت هواتف الشهود الذين صوّروا الحادثة ومحت كل الفيديوهات المصوّرة عنها. 
إلى ذلك، دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في عظة قداس الأحد، المسؤولين السياسيين إلى عدم الازدراء بالحراك المدني و"ثورة الشباب"، قائلاً "لا يوجد قوة أقوى من الشعب! فلا تهملوه ولا تخيبوا آماله، لئلا يعود إلى قطع الطرق، فتكونون أنتم لا هو المسؤولين عن خراب لبنان أمام المجتمع الدولي. ثورة الشعب كالمطر الجارف الذي شهدناه في الأسبوع المنصرم. فلا تقفوا في وجهه من أجل خيركم وسلامة لبنان". ودعا الراعي أيضاً إلى تشكيل حكومة "نظيفة لم يتلوث وزراؤها بالفساد وسرقة مال الدولة"، استجابةً لمطالب المحتجين.


ترقب وحذر

وفي حين يتوقّع البعض حصول مفاجأة تقضي بإعادة تسمية الرئيس سعد الحريري أو إمكان تأجيل الاستشارات في اللحظة الأخيرة، ربطاً بانعقاد اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان، المقرر الأربعاء 11 ديسمبر في العاصمة الفرنسية باريس.
ويشمل الترقّب أيضاً مواقف "تكتل لبنان القوي" و"التيار الوطني الحر"، خصوصاً بعد تصريح النائب آلان عون أن "هناك تبايناً في وجهات النظر في التكتل لجهة تسمية سمير الخطيب، والاتجاه هو ترك الحرية لكل نائب".
واستباقاً ليوم الاستشارات، أصدر الرئيس عون تعليماته إلى قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي بضرورة تأمين الطرقات لضمان وصول النواب إلى القصر الجمهوري في بعبدا، والمشاركة في الاستشارات وتسمية رئيس حكومة مكلف.
وكشف زوار عون أنه مطمئن للأجواء التي تسبق استشارات الاثنين لتكليف رئيس للحكومة. الموقف نفسه أكده زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري، ونقلوا عنه أن الاستشارات قائمة ولا رجوع عن ذلك، وأن الجيش اللبناني سيتولى أمن الطرقات.
وبدأت وحدات عسكريّة بالانتشار بشكلٍ كثيف في محيط القصر الجمهوري، كما قطعت بعض المداخل المؤديّة إلى القصر.
 

"استياء" الخطيب

وبرزت انتقادات قيادات سنية تشير إلى افتقار الخطيب إلى "الغطاء السني"، وأعلن الرئيسان تمام سلام ونجيب ميقاتي أنهما سيسميان الحريري، بينما اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة، أن "الخطيب غير ملائم للمرحلة الحالية".
وبعد تردّد معلومات حول استياء الخطيب من المواقف السياسية عموماً، لا سيما موقف رؤساء الحكومة السابقين، بالإضافة إلى التظاهرات التي تنظّم أمام منزله، والمواقف المتضاربة داخل الكتل النيابية، أوضحت وسائل إعلام لبنانية نقلاً عن أوساط الخطيب أن "كل ما يشاع غير صحيح، وهو يضعها في إطار تعدّد الآراء والحريات السياسية".
ونقلت مصادر مقربة عن مدير عام شركة "خطيب وعلمي" سمير الخطيب، أنه مستمرّ في ترشّحه لرئاسة الحكومة المقبلة، ومستعدّ لنهار الاثنين للتكليف ثم التأليف.
وكان الخطيب التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، على أن يلتقيه مجدداً اليوم الأحد 8 ديسمبر، قبل موعد الاستشارات النيابية الملزمة.
 

المحتجون متأهبون

الثابت المؤكّد أن المحتجين متأهبون لمواجهة ما تخطّط له السلطة، وهم وضعوا سيناريوهات عدة للتعامل مع تطوّرات يوم الاستشارات، يأتي في مقدّمها منع النواب من الوصول إلى قصر بعبدا.
ودعا الحراك اللبناني إلى تظاهرات حاشدة تشمل المناطق كافة، اعتراضاً على احتمال تسمية سمير الخطيب، الذي يعتبرونه "امتداداً للسلطة السياسية الحاكمة".
وفي بيروت، انطلق موكب سيارات من جسر الرينغ في اتجاه الحمرا ثم الأشرفية وتوجّه ختاماً إلى ساحة رياض الصلح، احتجاجاً على الاستشارات النيابية الاثنين.
وناشد الحراك في بيان مساء السبت الشعب اللبناني العودة إلى الساحات في ما سمّاه "أحد الغضب"، والضغط على النواب لإبعاد أي اسم قد يُعتبر امتداداً للأحزاب السياسية. وأكّد أن مطلب الناس لا يزال تشكيل حكومة مستقلة من خارج المنظومة الحاكمة وبعيداً من الأحزاب السياسية.
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استهزاء بالانتفاضة

وفي هذا الشأن، رأى عضو هيئة تنسيق الحراك عن العسكريين المتقاعدين العميد المتقاعد جورج نادر أن "ما فعلته السلطة الحاكمة على مستوى التكليف استهزاء بانتفاضة الشعب وبتعب الناس المرابطين منذ أكثر من شهر ونصف الشهر في الساحات والشوارع، لا بل هو تحالف السلطة مع حالة الجوع والفقر والبطالة التي غزت وتغزو البيوت والعائلات، وبالتالي إن لم تُعد السلطة قراءة الواقع وحساباتها بما يتجاوب ومطالب المحتجين، فإن رد فعل الحراك سيأتي هذه المرة مؤلماً للغاية ومفتوحاً على كل الاحتمالات، وليكن بعلم الجميع أن عقارب الساعة لن تعود إلى ما قبل 17 أكتوبر".
وقال نادر "نحن في قعر الهاوية ولا شيء سينقذ لبنان واللبنانيين إلا حكومة حيادية نظيفة، حكومة ثقة تتمتّع بالكفاءات العلمية والتقنية، حكومة منبثقة من الشعب ولا أحد غير الشعب، نحن لا نثق بأي من أحزاب السلطة، وسنذهب بالتالي إلى الحدّ الأقصى الممكن في مواجهة استنساخ حكومات المحاصصة وتوزيع المغانم تحت عنوان تضليلي مموّه ألا وهو حكومة تكنوسياسية".
 

المبادرة الفرنسية

هذا التخبّط المحليّ قابله إصرار دولي، فرنسي خصوصاً، على الوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته في الخروج من محنته بحكمة ووعي كبيرين نسبة إلى ما تتطلّبه المرحلة من معالجة دقيقة للأوضاع الراهنة.
ووجّهت الأمانة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية دعوة إلى مجموعة الدعم الدولية للبنان لعقد اجتماع في باريس في 11 ديسمبر للتشاور في المساعدة على صوغ الحلول الضرورية لإخراج لبنان من أزمته المالية والاقتصادية.
خطوة فرنسا لاقت ترحيباً محلياً، خصوصاً بعد طلب الحريري، من دول صديقة، مساعدة لبنان باعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمّن استمرار الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات.

المزيد من العالم العربي