Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيلم "جنين – جنين" الفلسطيني في أروقة المحاكم منذ 17 عاماً

جنود إسرائيليون يطالبون المخرج محمد بكري بدفع تعويضات مالية تصل إلى 700 ألف دولار

مشهد من فيلم "جنين -جنين" للمخرج والممثل الفلسطيني محمد بكري (اندبندنت عربية)

بدأت قصة المخرج والممثل الفلسطيني محمد بكري قبل 17 عاماً، وبالتحديد بعد فيلمه "جنين -جنين"، الذي تحدّث فيه عن اجتياح الجيش الإسرائيلي مخيم جنين بالضفة الغربية عام 2002، في عملية سُمّيت آنذاك "السور الواقي"، وفيه يوثق الجرائم التي ارتكبها الجيش بحق المواطنين الفلسطينيين من قتل وتنكيل وغيرهما، ويضم شهادات لسكان المخيم من كل الفئات العمرية، الذين رووا ما رأوه وتعرضوا له في أبريل (نيسان) ذلك العام، إضافة إلى مشاعرهم آنذاك.

أمَّا عن تصوير الفيلم فكانت الفكرة، حسب بكري، بعدما شارك في تظاهرة شرق جنين للمطالبة بوقف التصعيد، ومرّ جندي إسرائيلي وفتح النار على المتظاهرين، فأصيبت الفنانة فلنتينا أبو عقصة، وبقيت بالمستشفى فترة طويلة.

الرقابة تمنع العرض لأنه "أحادي الجانب"

بعد إنجاز الفيلم في السنة نفسها، قررت الرقابة الإسرائيلية منع عرض الفيلم، لأنه "أحادي الجانب، ويربك المشاهد، ويوهمه بأن الجيش الإسرائيلي ارتكب مجازر بحق الفلسطينيين"، حسب ما ورد في القرار آنذاك.

لكن المخرج بكري قدَّم التماساً للمحكمة العليا الإسرائيلية لعرضه، وتمت الموافقة عليه بعد عامين من قِبل المحكمة، التي نوهت إلى "أن لا أحد يحتكر الحقيقة".

وبعد السماح بعرض الفيلم عام 2004، قدَّم خمسة جنود إسرائيليين شكوى قضائية ضد بكري، مطالبين بتعويض مالي يبلغ مليونين و700 ألف شيكل (نحو 778 ألف دولار)، لأنّ هذا الفيلم فيه قذف وتشهير بهم وجرح لمشاعرهم، خصوصاً أنهم كانوا ممن شارك في عملية السور الواقي. لكن بكري قال إنه "لا يعرف هؤلاء الجنود، ولم يظهروا في الفيلم لا بالاسم ولا الصورة".

وعلى أساس ذلك، أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قراراً قبل سنوات ترفض فيه دعوى الجنود، لعدم وجود صور لهم في الفيلم، لكنّهم عادوا وقدَّموا التماساً للمحكمة، فرجعت القضية إلى أروقة المحاكم.

لاحقاً قررت الرقابة الإسرائيلية منع عرض فيلم "جنين - جنين" مرة أخرى، لكن المحكمة سمحت بعرضه عام 2010، لاغية بذلك قرار الرقابة، وكان من أبرز من شارك في حملة منع الفيلم هو المستشار القضائي للحكومة الياكيم روبنشطاين.

في المقابل، كان هناك احتجاج على تدخل الرقابة، ليس من الفلسطينيين ونواب الكنيست العرب فحسب، بل طالب مثقفون إسرائيليون بإلغاء الرقابة المفروضة والسماح بالعرض.

دعوى جديدة ضد بكري

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، قدَّم العقيد نيسيم مغناجي شكوى ضد بكري، وطالب بتعويضات بقيمة مليونين و600 ألف شيكل (نحو 750 ألف دولار)، ومنع عرض الفيلم الوثائقي، بحجة أنّه يظهر في الفيلم، وهذا يؤثر في سمعته، ويؤدي إلى التشهير به.

وتدخل المستشار القضائي الإسرائيلي أفيخاي مندلبليت في القضية داعماً لمغناجي، وهي خطوة وُصفت بالنادرة، لأن مندلبليت يتعامل عادة مع القضايا الجنائية لا المدنية.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، عقدت المحكمة المركزية جلسة باللد للنظر في القضية التي رفعها مغناجي ضد بكري، وحينها تم سماع بعض الشهود، وتأجيل البقية إلى جلسات أخرى.

وقبل أيامٍ كانت آخر جلسة تُعقد هذا العام بشأن القضية نفسها، وتم الاستماع إلى الشهود، وتعيين جلسة لتلخيص القضية في 6 فبراير (شباط) 2020، التي من الممكن أن يصدر فيها القرار النهائي حسب ما أعلنت قاضية محكمة اللد المركزية.

النواب العرب: هذه محاكمة سياسية

النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي الذين حضروا جلسة المحكمة الأخيرة، ونظّموا فعاليات تضامنية مع بكري، مثل رئيس القائمة العربية المشتركة أيمن عودة وعوفر كسيف وأسامة السعدي وجابر عساقلة، أصدروا بياناً اعتبروا فيه أن انضمام نواب إسرائيليين إلى ما وصفوها بموجة التحريض ضد بكري أمثال عضو الكنيست اليميني آفي دختر (رئيس الشاباك الإسرائيلي سابقاً)، الذي كرّس خطابه في الكنيست الأسبوع الماضي للتحريض عليه، والنائب اليميني يوعز هندل، يُظهر أن المحاكمة التي تتم هي سياسية تماماً، وتندرج ضمن انتهاك حرية التعبير عن الرأي، وتقييد الأعمال الفنية.

وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها بكري المحاكمات أو الدعوات لمحاكمته، إذ سبق أن طالبت وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف المستشار القضائي أفيخاي مندلبليت، بفتح تحقيق ضده بدعوى التحريض خلال زيارته لبنان ضيفاً في مهرجان "أيام فلسطينية" الثقافي، الذي تعده ريغيف دولة معادية لإسرائيل، وتحرض دائماً ضدها.

الولد المشاكس

في ثمانينيات القرن الماضي حرم الفنان الفلسطيني من المشاركة في كثيرٍ من الأفلام، لأنه كان يعرف بـ"الولد المشاكس" لتدخله المستمر في النصوص، والجدل الذي يجري بينه وبين المنتجين والمخرجين حول نهايات الأفلام والحوار فيها، وكان ذلك واضحاً في السجال الذي دار بينه وبين مخرج فيلم "وراء القضبان"، واهتمام وسائل الإعلام به.

وعن هذا يقول بكري، إن لديه مبدأ واحداً، وهو الدفاع عن حقوق الإنسان لا معاداة اليهود، فهو شارك في عدة أفلام تتسم بالدفاع عن الحقوق كالفيلم الذي يتحدّث عن مذبحة الأرمن عام 1914، للإخوة تافياني، وآخر عن "الهولوكوست" التي ارتكبها النازيون بحق اليهود في الحرب العالمية الثانية، ومذبحة الأكراد ومسرحيات عن الأبرتهايد في جنوب أفريقيا.

المزيد من فنون