Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رويترز: "هجوم أرامكو" انطلق من الأحواز بموافقة خامنئي بعد 5 اجتماعات لـ"الثوري"

الخطة كانت رداً على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وطهران جهزت لهجوم ثان

استهداف أرامكو جاء بعد موافقة مباشرة من المرشد الإيراني علي خامنئي (غيتي)

قبل أربعة أشهر من تعطيل سرب من الطائرات المسيرة والصواريخ أكبر منشأة في العالم لمعالجة النفط بالسعودية، اجتمع مسؤولون أمنيون إيرانيون في مقر شديد التحصين في طهران. وضم الاجتماع قيادات عليا في الحرس الثوري الذي يمثل فرع النخبة في المؤسسة العسكرية الإيرانية، وتشمل اختصاصاته تطوير الصواريخ والعمليات السرية.
الموضوع الرئيسي في ذلك اليوم من أيام شهر مايو (أيار) كان كيفية معاقبة الولايات المتحدة على انسحابها من اتفاق نووي تاريخي، وعودتها إلى فرض عقوبات اقتصادية على إيران وهما الخطوتان اللتان سددتا ضربة شديدة للجمهورية الإسلامية.
وفي حضور الجنرال حسين سلامي قائد الحرس الثوري وقف أحد كبار القادة يخاطب الحاضرين، وقال، بحسب أربعة مصادر مطلعة "آن أوان إشهار سيوفنا وتلقينهم درساً".
وتحدث أصحاب الآراء المتشددة في الاجتماع عن مهاجمة أهداف ذات قيمة عالية بما في ذلك القواعد العسكرية الأميركية.

استهداف أرامكو


ما تمخض عنه الاجتماع في النهاية تحول خطة "لا تصل إلى حد المواجهة الصريحة التي يمكن أن تسفر عن رد أميركي مدمر". واختارت إيران بدلاً من ذلك استهداف منشآت نفطية في السعودية حليفة الولايات المتحدة، وهو اقتراح ناقشه كبار المسؤولين العسكريين في ذلك الاجتماع في شهر مايو وفي أربعة اجتماعات على الأقل تلته.
تمثل هذه الرواية للأحداث كما وصفها لرويترز ثلاثة من المسؤولين المطلعين على الاجتماعات، ومسؤول رابع مطلع على عملية صنع القرار في إيران، أول وصف للدور الذي لعبته قيادات في التخطيط لشن هجوم في 14 سبتمبر (أيلول) على شركة أرامكو السعودية. وقال هؤلاء المسؤولين إن الزعيم الأعلى علي خامنئي وافق على العملية بشروط. ولم تستطع رويترز التأكد من هذه الرواية للأحداث من القيادة الإيرانية. وامتنع متحدث باسم الحرس الثوري عن التعليق. وسبق أن أصرت طهران على عدم تورطها في ذلك الهجوم.
ورفض علي رضا مير يوسفي المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك هذه الرواية للأحداث. وقال إن إيران "لم تلعب دوراً في الهجمات، ولم تنعقد أي اجتماعات لكبار المسؤولين الأمنيين لبحث مثل تلك العملية"، وإن خامنئي "لم يصدر تفويضاً بأي هجوم".
وأجاب مير يوسفي رداً على أسئلة تفصيلية من رويترز عن تلك الاجتماعات، وما قيل عن دور خامنئي، "لا، لا، لا، لا، لا، وكلا".
مسؤول كبير بإدارة ترمب اكتفى بالقول "إن مسلك طهران وتاريخها من الهجمات المدمرة على مدى عشرات السنين ودعم الإرهاب، هما السبب في الفوضى التي تضرب اقتصادها".
وسبق لجماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران أن أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على أرامكو. ورفض حينها مسؤولون أميركيون وسعوديون هذا الإعلان، وقالوا إن تعقيد العملية يشير إلى إيران.

الهدف

يذكر أن الهجوم على أرامكو والذي استغرق 17 دقيقة شنته 18 طائرة مسيرة، وثلاثة صواريخ تحلق على ارتفاعات منخفضة، تسبب بانخفاض إنتاج النفط السعودي إلى النصف بصفة مؤقتة، وعطّل خمسة في المئة من إمدادات النفط العالمية ما رفع لأيام الأسعار.
هذا الهجوم دفع بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى اتهام إيران بشن "عمل من أعمال الحرب". وتلا ذلك فرض عقوبات أميركية إضافية على طهران. وألمح مسؤولون أميركيون إلى هجمات إلكترونية شنتها الولايات المتحدة على طهران.

البحث عن أهداف


المسؤول المطلع على عملية صنع القرار في إيران قال إن الخطة التي وضعها القادة العسكريون الإيرانيون لضرب منشآت النفط السعودية تطورت على مدار أشهر عدة.
وأردف "نوقشت التفاصيل باستفاضة في خمسة اجتماعات على الأقل، وصدرت الموافقة النهائية" بحلول سبتمبر. وبحسب ثلاثة من المسؤولين "هذه الاجتماعات انعقدت في موقع مؤمّن داخل المجمع في جنوب طهران، وخامنئي حضر أحد هذه الاجتماعات في مقر إقامته الواقع أيضاً داخل المجمع". وأضافوا "من بين من حضر بعضاً من هذه الاجتماعات يحيى رحيم صفوي أكبر مستشاري خامنئي العسكريين، ونائب لقاسم سليماني الذي يقود العمليات العسكرية الخارجية والسرية للحرس الثوري". ولم يتسن الاتصال برحيم صفوي للتعليق، بحسب ما نقلت رويترز.
المسؤول المطلع على عملية صنع القرار قال إن "ميناءً بحرياً سعودياً كان من بين الأهداف المحتملة التي نوقشت في البداية"، ولم يشأ المصدر أن يذكر تفاصيل إضافية.
ثم استقرت الخطة على مهاجمة المنشأتين النفطيتين، لأنها يمكن أن تحتل عناوين الصحف وتلحق ضرراً اقتصادياً وتوصل في الوقت نفسه رسالة.
احد المسؤولين كشف أن استهداف أرامكو استحوذ على "الإجماع تقريباً، والفكرة كانت استعراض قدرة إيران العسكرية".
واستهداف أرامكو كان الهجوم الأسوأ على منشآت نفطية في الشرق الأوسط، منذ أضرم الرئيس العراقي صدام حسين النار في حقول نفط كويتية خلال أزمة الخليج في 1991 .
وقالت مارثا ماكسالي عضو مجلس الشيوخ الأميركي، "إن منفذي العملية كانوا يعرفون بدقة أين ينبغي أن يضربوا لإحداث أكبر ضرر ممكن".
ماكسالي من الحزب الجمهوري، وسبق أن عملت في القوات الجوية، وأطلعها مسؤولون أميركيون وسعوديون على الوضع، وزارت منشأة بقيق عقب الهجوم. وبرأي ماكسالي أن "المهاجم يفهم جيداً كيف تعمل منشأة مماثلة. وذكرت أن الطائرات المسيرة والصواريخ "جاءت من أرض إيرانية، ومن قاعدة إيرانية".

مصدر الهجوم


وقال مصدر شرق أوسطي أطلعته دولةٌ تحقق في الهجوم إن موقع انطلاق الهجوم كان قاعدة الأحواز الجوية في جنوب غرب إيران. ويماثل هذا التقييم ما قاله ثلاثة مسؤولين أميركيين، وشخصان آخران هما مسؤولان غربيان متخصصان بشؤون الشرق الأوسط، وأحدهما يعمل في الاستخبارات.
وقال هؤلاء "بدلاً من الطيران مباشرة من إيران إلى السعودية فوق الخليج، أخذت الصواريخ والطائرات المسيرة مسارات مختلفة غير مباشرة إلى المنشآت النفطية، في إطار مسعى إيران لإخفاء تورطها في الهجوم".
ووفقا لمصدر الاستخبارات الغربي فقد طارت بعض الطائرات المسيرة فوق العراق والكويت قبل أن تصل إلى السعودية، وهو ما منح إيران فرصة الإنكار المعقول لتورطها في الأمر.
وأضاف "كان الأمر سيختلف لو أن الصواريخ والطائرات المسيرة شوهدت أو سُمعت وهي تطير في طريقها للسعودية فوق الخليج من مسار طيران جنوب".
وأطّلع قادة بالحرس الثوري المرشد الأعلى خامنئي على العملية الناجحة بعد ساعات من الهجوم، وفقاً للمسؤول المقرب من دوائر صنع القرار الإيراني.
وسائل الإعلام في شتى أنحاء العالم كانت عرضت صور الحرائق المشتعلة في منشآت النفط، التي أدت الى انخفاض في سوق الأسهم السعودية، وارتفاع أسعار النفط العالمية 20 في المئة. واستطاع مسؤولو أرامكو التعامل مع الهجوم وآثاره، وعقدوا اجتماعات مكثفة في "غرفة إدارة الطوارئ" بمقر الشركة. وقال أحد المسؤولين الإيرانيين الذين تحدثوا مع رويترز إن نتيجة العملية أسعدت طهران حيث وجهت ضربة مؤلمة للسعودية وهزأت بالولايات المتحدة.

 تقييم إمكانيات ترمب


يرفع الحرس الثوري وفروع أخرى في الجيش الإيراني تقاريرهم إلى خامنئي بصفته المسؤول عنهم. واتسم رد فعل الزعيم الأعلى بالتحدي، لتخلي ترمب العام الماضي عن خطة العمل الشاملة المشتركة، أو ما يعرف بالاتفاق النووي مع إيران. وأدى ذلك الاتفاق مع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي: الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا، بالإضافة إلى ألمانيا إلى رفع عقوبات بمليارات الدولارات على إيران مقابل تقييد طهران برنامجها النووي.
ودفعت مطالبة ترمب باتفاق أفضل إلى شروع إيران في استراتيجية على مسارين، لتخفيف آثار إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها، تسببت في شل حركة صادراتها النفطية وعزلت إيران عن النظام المصرفي العالمي بالكامل تقريبا. وأبدى الرئيس الإيراني حسن روحاني استعداداً لمقابلة المسؤولين الأميركيين بشرط رفع كل العقوبات.

ضربة ثانية؟

وفي الأشهر الأخيرة أسقطت إيران طائرة استطلاع مسيرة أميركية، واحتجزت ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو 20 في المئة من حركة النفط العالمية. وأعلنت طهران عن تكوين مخزونات من اليورانيوم المخصب انتهاكاً للاتفاق النووي وذلك في إطار تعهدها باستئناف برنامج الأسلحة النووية.
هجمات أرامكو تزامنت مع سعي ترمب إلى تنفيذ هدفه المعلن منذ وقت طويل بسحب القوات الأميركية من الشرق الأوسط. وبعد أيام فقط من إعلان سحب مفاجئ للقوات الأميركية من شمال سوري، قالت إدارة ترمب في 11 أكتوبر (تشرين الأول) إنها سترسل مقاتلات وأسلحة للدفاع الصاروخي وقوات إضافية قوامها 2800 جندي إلى السعودية لتعزيز دفاعات المملكة.
وحذر وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر طهران في لقاء مع الصحفيين قائلا "لا تهاجموا دولة أخرى ذات سيادة ولا تهددوا المصالح الأميركية أو القوات الأميركية وإلا سنرد".
وقال علي واعظ مدير مشروع إيران بمجموعة الأزمات الدولية، وهي مجموعة لا تستهدف الربح تعمل على إنهاء الصراعات الدولية، "يبدو أن إيران وضعت حساباتها على أساس أن إدارة ترمب لن تخاطر بهجوم شامل قد يزعزع استقرار المنطقة من أجل حماية النفط السعودي".

"نمر من تويتر"


وأضاف واعظ أن المتشددين في إيران "أصبحوا يعتقدون أن ترمب مجرد "نمر على تويتر". وبالتالي فلا ثمن دبلوماسياً أو عسكرياً لأي ضغط من جانبهم".
ودحض مسؤول رفيع بإدارة ترمب فكرة أن عملية إيران عززت قدرتها في التوصل إلى اتفاق لتخفيف العقوبات الأميركية عليها، مضيفاً "إيران تعرف تماماً ما الذي يتعين عليها عمله لرفع العقوبات".
واشنطن تطالب طهران بإنهاء الدعم للجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط والخضوع لشروط أشد صرامة تقضي تماماً على طموحاتها النووية. بينما تنفي طهران أي روابط مع جماعات إرهابية.
وفي واحد من آخر الاجتماعات التي عقدت قبيل الهجوم على منشآت النفط السعودية، كان قائد آخر بالحرس الثوري الإيراني يتطلع إلى المستقبل بالفعل، وفقاً للمسؤول المقرب من دوائر صنع القرار الإيرانية، والذي جرى اطلاعه على ما دار في ذلك اللقاء، وقال هذا القائد لكبار المسؤولين الأمنيين "ثقوا أن الله سبحانه وتعالى سيكون معنا. وابدأوا التخطيط للهجوم التالي".

المزيد من العالم العربي