قد لا يكون أمراً مفاجئاً في عالم ترمب الخارق للمألوف أن يكتب الرئيس الأميركي وسط مداولات بشأن عزله، في صفحته على موقع "تويتر" شيئاً يمكن أن يؤدي إلى إضافة مادة اخرى تبرر عزله.
إذ تنفي التغريدة على "تويتر" زعم ترمب بأنه كان متجاهلاً لجلسات الاستماع التي سبق له أن أكد أنها لن توصل أي شيء. وكذلك هاجم في تلك التغريدة جلسات الاستماع، مستخدما عباراته المألوفة ضد التحقيقات حول تصرفه، مُطلقاً عليها تعابير "أسوأ مطاردة للساحرات" و"زائفة تماماً" وغير ذلك.
كذلك أظهرت التغريدة أن ما كان يبرز خلال جلسات الاستماع يصل إلى الرئيس، وبذلك استحضرت [التغريدة] عنصر الدراما الذي كانت الجلسات تفتقده قبل ذلك. في الوقت نفسه، شكّلتْ الحفاوة البالغة التي عبَّر بواسطتها الحاضرون الجالسون في الرواق المخصص للجمهور لماري يوفانوفيتش عن لحظة دعم تلقائية [مقدّمة إلى] سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى أوكرانيا، والتي سبق للرئيس الأميركي أن تقوّل عليها في جلسات رسمية.
من ناحية اخرى، لم يستطع الجمهوريون الأعضاء في اللجنة المعنية بمداولات العزل فعل الكثير في مواجهة شهادة يوفانوفيتش، أو الرد على كشف آدم تشيف، رئيس الديمقراطيين في اللجنة، عن تغريدة ترمب التي ظهرت على موقع "تويتر" أثناء شهادة السفيرة السابقة للولايات المتحدة لدى أوكرانيا، مع ملاحظة أن هذه التغريدة قد تصل إلى حد تخويف الشاهدة.
في المقابل، لم يتمكن الجمهوري الأقدم، ديفن نونيس، الذي تبلغ درجة تقديسه لترمب حداً جعل صحيفة محلية في كاليفورنيا تصفه بـ"ألعوبة ترمب"، قول أي شيء سوى أن شهادة يوفانوفيتش كانت "أكثر ملاءمة للجنة الفرعية المعنية بالموارد البشرية [المعنية بالتوظيفات] في لجنة الشؤون الخارجية".
بعيداً عن هذه الأحداث، ظهر انتقاد لجلسات الاستماع في كونها تفتقد إلى الإثارة. ويرجع ذلك جزئياً إلى ظهور مزاعم كثيرة ضد ترمب خلال فترة رئاسته، سواء أكانت سياسية أو مالية أو جنسية، ما جعل من غير الممكن حدوث دهشة من صدور أفعال غرائبية منه.
في المقابل، عِبْرَ طريقتها المنهجية الثابتة، ترسي جلسات الاستماع الأساس للقضية المثارة ضد ترمب وحاشيته ونشاطاته في أوكرانيا. وفي هذا السياق، ربط ويليام تايلور، السفير بالوكالة في الدولة السوفيتية السابقة [أوكرانيا] مع المسألة الجوهرية في إجراءات العزل. إذ وصف المكالمة الهاتفية التي ضغط الرئيس [ترمب] فيها على غوردون سوندلاند سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي، لتقديم تفاصيل عن التحقيق الذي يريد من أوكرانيا اجرائه حول نشاطات هنتر، ابن جو بايدن المرشح الديمقراطي لانتخابات 2020 الرئاسية.
وبعد الملاحظة التي شاع أن سوندلاند أوردها، ومفادها أن الرئيس لا يهتم بشيء في ما يخص السياسة المعنية بأوكرانيا أكثر من مساعدته في حملته لانتخابات الرئاسة القادمة ضد بايدن الأب.
وكذلك تكررت في شهادة تايلور مقولة أن تهديد ترمب بسحب مساعدته العسكرية المقررة إلى أوكرانيا، ما لم يُجرَ تحقيق في ملف بايدن، جاء [التهديد] في وقت كان الجنود الأوكرانيون يُقتَلون أثناء قتالهم الانفصاليين المدعومين من روسيا. إنها رسالة قوية ومؤثرة عاطفيّاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في سياق متصل، أيّد ديفيد هولمز، المستشار السياسي في السفارة الأميركية في كييف، رواية تايلور عن محادثة ترمب في الشهادة التي أدلى بها وراء الأبواب المغلقة، وقد حصلت قناة "سي أن أن" نسخة منها. كذلك أفيد بأن هولمز أكد رأي سوندلاند من أن "ترمب لا يبالي تماماً بأوكرانيا"، وهو يهتم أكثر "بما يفيد الرئيس".
ومن المستطاع القول إن كل هؤلاء الشهود موثوق بهم، ولديهم سجل متميز في مجال خدماتهم، والجمهوريون لم يهاجموهم شخصياً. وبدلا من ذلك، اشتكى [الجمهوريون] من كون تلك الشهادات مستندة على شهادات طرف ثالث (وليست مباشرة ضد ترمب).
إضافة ترهيبه شاهدة [يوفانوفيتش]، أعطى ترمب الديمقراطيين فرصة لتوجيه اتهام آخر ضده عبر دفاعه عن مكالمته الهاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وخلال حديثه مع الأخير طلب بشكل فاعل إجراء تحقيق بخصوص بايدن مقابل تقديم مساعدة عسكرية لهم. وإلى جانب ذلك، اتبعت أساليب اخرى مع الأوكرانيين عِبْرَ مبعوثين له مثل رودي جيولياني، لتحقيق ما يريده الرئيس ترمب.
وفي وقت سابق، وصف الرئيس ترمب المحادثة بأنها مثالية. ودفع ذلك رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، إلى الرد عليه بأن "ما أقرّ الرئيس به ووصفه بالمثالي، أراه تصرفاً خاطئاً. إنه رشوة". وتملك تلك الكلمة قدراً كبيراً من الأهمية، لأنها متضمنة في الدستور كسبب لإقصاء الرئيس عن منصبه.
من جهة اخرى، أعرب مسؤولون ديمقراطيون عن أملهم، بالأحرى توقعهم، أن يستمر الرئيس ترمب في إعطائهم هدايا عبر تغريداته على موقع "تويتر" وتصريحاته الاخرى. وفي الوقت نفسه، من المتوقع ظهور سبعة شهود آخرين يملك بعضهم أدلة قوية ضد الرئيس الأسبوع المقبل.
وتشمل قائمة [الشهود] جنيفر ويليامز، إحدى مساعدات نائب الرئيس مايك بينس، والمقدم ألكسندر فيندمان، المبعوث الخاص إلى أوكرانيا؛ وكيرت فولكر عضو مجلس الأمن القومي السابق، وتيم موريسون الذي يعمل مستشارا سياسياً، وسوندلاند، ولورا كوبر، المسؤولة في البنتاغون، وفيونا هيل العضو السابق في مجلس الأمن القومي والمدعومة من قبل جون بولتون.
وما زال غير واضح إذا كان بولتون مستشار الأمن القومي السابق سيستدعى أيضاً للإدلاء بشهادته. ووصلت رسالة من محاميه إلى مجلس النواب يذكر فيها إن بولتون شكّل "جزءاً من كثير من الاجتماعات والمحادثات ذات الصلة" بجلسات الاستماع الخاصة بالعزل، لكنه لن يظهر أمام اللجنة إلا أذا أمره قاضٍ بذلك.
وفي جلسة استماع وراء أبواب مغلقة، وصفت هيل ظهوراً سابقا لبولتون بأنه "تصلَّب فوراً" حين أفشى سوندلاند أنه "رتّبَ اتفاقاً يقضي بأن يدعى زيلينسكي إلى البيت الأبيض مقابل إجراء تحقيق بخصوص [إبن] بايدن".
وبحسب هيل، طلب بولتون لاحقاً منها أن توصل الرسالة إلى محاميّ البيت الأبيض مفادها "أني [بولتون] لست جزءاً من صفقة مخدرات يعقدها سوندلاند و(ورئيس موظفي البيت الأبيض بالوكالة ميك) مولفاني بإعدادها".
وقبل فترة قصيرة، صرح بولتون لي عند حضوره مؤتمراً في كييف، باعتقاده في أن احتراق الأفراد حول ترمب في تحقيقات متعددة، بدأ في الوصول إلى مرحلة الغليان، لكن ترمب نفسه سيجد وسيلة للهرب. وقد ساق ذلك قبل تعيينه ثم طرده لاحقاً، من منصبه في الإدارة الأميركية.
وكخلاصة، سننتظر ونرى إذا كان المستشار السابق للأمن القومي [بولتون] سيشهد ضد ترمب ويبرهن أنه كان على خطأ حول المناعة المفترضة في ذلك الرئيس.
© The Independent