Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوسع قوة الشباب أن تمنع تنفيذ "بريكست قاسٍ"

نحو 1.3 مليون شخص لا تزيد أعمارهم على الـ34 عاماً سجّلوا أسماءهم في لوائح الناخبين خلال الأشهر الأربعة الماضية

جينا ميلر (رويترز)

بعد تولّيه منصب الرئاسة الأميركية أعلن جون ف. كينيدي أنّ الشعلة انتقلت إلى جيل جديد، لقيت جملته تجاوباً واسعاً في أنحاء العالم، إذ شكّلت بالنسبة إلى الكثيرين أملاً ببداية جديدة.

أمّا في المعترك السياسي البريطاني، فيشعر الشباب حالياً بالعجز عن انتزاع الشعلة من أيدي الكبار، وفي سياق تنقلاتي في أرجاء البلاد ألتقي الشباب ويحدثونني عن مشاعر اليأس وانعدام الثقة والإقصاء والإحباط المتزايد الذي ينتابهم إزاء قلّة تمثيلهم وتجاهلهم في نظامنا الديموقراطي القائم على الأكثرية على أساس دورة انتخابية واحدة.

لكن ما يبعث كثيراً من الأمل في نفسي هو أنّ الشباب يمدّون بعضهم بعضاً بالطاقة، وهذا اعترافٌ بقوة صوت الجماعة والعمل الجماعي، أي أنه في الاتحاد قوة وفي التفرّق هزيمة.

هكذا شهدنا في الأشهر الـ12 الأخيرة مشاركة الشباب في حركة (التمرد ضد الانقراض)، كما رأينا مئات الآلاف منهم يمشون في مسيرات (استفتاء القول الفصل)، وينشرون العرائض على الإنترنت، عبر منصتي فيسبوك وواتساب، من أجل التصدي إلى مختلف القضايا.

وتصبح مشاركة المنشورات والتعليقات من خلال قصص الإنستغرام أكثر شيوعاً بين الشباب، لا سيما أولئك الذين يتابعون الشؤون السياسية والحقوقية والقانونية والأخبار الدولية، ويتفاعلون بشكل مبتكر وخلاّق مع متابعيهم، ويرفعون درجة الوعي بالقضايا ويعبّرون عن آرائهم. وأصبح رواج القضايا المهمة "موجة سائدة"، وبذلك انتشر مثلاً وضع الصورة الزرقاء مكان الصورة الشخصية على نطاق واسع، في إشارة إلى أزمة السودان.

يقلّل المعلّقون من أهمية التزام الشباب بالتغيير بالنسبة إلى موضوع (بريكست)  والانتخابات التي ستُجرى خلال شهر ديسمبر المقبل (كانون الأول)، لكن نحو 1.3 مليون شخص لا تزيد أعمارهم  على الـ34 سنة سجّلوا أسماءهم في لوائح الناخبين خلال الأشهر الأربعة الماضية كي يتسنّى لهم الاقتراع، ويشكّل هذا الرقم ارتفاعاً بنسبة 50% في التسجيل مقارنة بالفترة نفسها التي سبقت الإعلان عن عقد الانتخابات العامة في العام 2017.

ولا أرى أن هناك سبباً ما يبرر توقّف هذا التفاعل مع اقترابنا من المهلة النهائية للاقتراع عبر البريد يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني).

كما بلغ عدد الأشخاص الذين سجّلوا أسماءهم للاقتراع عبر الإنترنت مستويات غير مسبوقة خلال هذا الوقت من العام، وهي فترة تشهد عادة ارتفاعاً في التسجيلات بسبب تدوين الطلاب الجدد، ومن يعاودون الدراسة عناوينهم الجديدة. وخلال الأيام الأربعة التي تلت الدعوة إلى الانتخابات العامة، زاد تسجيل المقترعين كثيراً مع تقديم 516 ألف طلب، بينهم نحو 166 ألفاً  تقل أعمارهم عن الـ25 عاماً.

أشعرُ بحدوث تغيير ما، تتحوّل الهمسة إلى صرخة مدوّية، فيما يعبّر الناخبون الشباب عن توقهم لرفع صوتهم في هذا الوقت الحاسم من تاريخ بلادنا ومستقبلهم، ويجري تأسيس منظمات شبابية عظيمة مثل "حياتي، قولي" (ماي لايف ماي ساي) في كل أرجاء البلاد، من أجل تمكين الشباب للمساهمة في الديموقراطية.

لكن ما زالت بعض الأمور تقلقهم، ومنها هُوية المرشّح الذي سيختارونه وطريقة إيصال أصواتهم، وسُبل ضمان عدم وضع السلطة أبداً في يد حكومة هدّامة أغلبها من المحافظين، يقودها بوريس جونسون وزملاؤه من المحافظين المتشددين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ظلّ نظام "الأغلبية البسيطة" الانتخابي الذي يخضع لقاعدة الأكثرية، وهو نظام منقوص وغير عادل، ولا يمثّل الناخبين بطريقة صحيحة، لم تتبقّ سوى طريقة واحدة وفرصة أخيرة لإيقاف "بريكست قاسٍ" بموجب اتفاق الانسحاب ووثائق الإعلان السياسي الذي توصّل إليه جونسون، وهذه الطريقة هي توجّه الشباب نحو الانتخاب الاستراتيجي.

إنّ الناس من كل الأعمار يخشون الأضرار الاقتصادية والاجتماعية، وتلك المتعلقة بسمعة البلاد، والتي يلحقها بريكست سلفاً ببلادنا، وسيزيد الأمر سوءاً إذا أُتيح لبوريس جونسون أن ينفّذ خطته المتهورة، لكن أكبر المعارضين لخطته هم الناخبون الشباب.

وكشف أحد استطلاعات الرأي عن تصويت 73%  من الأفراد من الفئة العمرية 18 إلى 24 عاماً لخيار البقاء في الاتحاد الأوروبي، مقارنة بـ62% ممّن تبلغ أعمارهم 25 إلى 34 عاماً، و52% ممن تتراوح أعمارهم بين 35 و44 عاماً، وهذا الأمر ليس مدهشاً بما أنّ فرص الشباب في الحياة ستتقلّص بشدّة.

هل عمد جونسون إلى اختيار يوم الاقتراع كي يتزامن وإقفال الجامعات أبوابها لمناسبة عيد الميلاد بهدف إسكات الأصوات الشابة؟ يدفعني طبعي الساخر أن أُجيب عن هذا السؤال بنعم، لكنني على ثقة أنّ الشباب لن يبقوا بعيدين. على الشباب أن يواصلوا تنظيم صفوفهم، وأن يفكّروا بطريقة استراتيجية، ويغلبوا الكبار في لعبتهم.

أطلقتُ، بمساندة فريق من أكثر الأشخاص خبرة ومهارة ممّن استطعت جمعهم، موقعاً إلكترونياً مكرّساً للتصويت الاستراتيجي بعنوان (RemainUnited.org) يساعد كل من يسعى إلى الاقتراع استراتيجياً لإيقاف بوريس جونسون، اخترت يوم العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) لإطلاق الموقع، لأنه صادف يوم "أحد الذكرى"، ونهاية الحرب العالمية الأولى.

في خضّم الجدال الكبير حول (بريكست)، نسي الجميع أن الاتحاد الأوروبي مشروع سلام، أمّا فكرة اضطرار الأجيال الجديدة إلى خوض حرب أخرى فيجب أن تبعث الخوف في نفوس الجميع، "كي لا ننسى".

امتلأت قلوبنا بالحماس حين لمسنا ردود فعل الشباب، لكن ما زال علينا أن نبذل الكثير، وأهم رسالة علينا نشرها هي أنه من أجل منع فوز المحافظين بأغلبية المقاعد، عليكم أن تُصوتوا للحزب الوحيد المؤيد البقاء داخل الاتحاد الأوروبي الذي يتمتّع بأكبر فرص الفوز.

تكلّم نايثان لويد أحد شبان ليفربول، بالنيابة عن كثير من الشباب العظيمين عندما أخبرنا أنّ وطنيّته هي ما دفعه إلى التصويت لخيار البقاء في الاتحاد الأوروبي، وأدّى إلى دعمه الحماسي للقضية بعد ذلك.

وقال "لم يكن ارتباطنا بأوروبا يوماً حادثاً أو خيانة. بل جزء لا يتجزّأ من قصة وطننا للمساهمة في مؤسسة تتخطى حدود التاريخ والقبليّة، وتضمن السلام في قارة ابتُليت يوماً بحلقة مفرغة من إراقة الدماء والدمار بدت كأنها لا متناهية".

أنا أدعم كل مبادرات إشراك الشباب بشكل أكبر في المعترك السياسي، ومن أفضل الأمثال على هذا "منتدى المستقبل المشترك"، الذي يسعى إلى إلهام الشباب والمواطنين ممن تعرضوا للإقصاء اجتماعياً، وتمكينهم وتشبيكهم كي يقفوا في طليعة حركات التغيير.

إذا فاز بوريس جونسون وعصبة الشباب والفتيات المتنمّرين والمتنمّرات التابعة إليه بأغلبية المقاعد في الحكومة يوم 13 ديسمبر (كانون الأول)، سيشكّل فوزهم بداية النهاية بالنسبة إلى بلدنا المتسامح والمستقرّ والسعيد. إن المستقبل في أيدي شبابنا، لكن فقط إذا كانوا مستعدّين للقتال من أجله، نحن بحاجة إلى الفوز والأداة الوحيدة التي نملكها هي (التصويت الاستراتيجي) يوم 12 ديسمبر (كانون الأول).

جينا ميلر مؤسسة ريماين يونايتد (ظلوا متّحدين)، وهي منظمة تروّج للانتخاب الاستراتيجي يوم 12 ديسمبر.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء