Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أكشن" ويبدأ السحر... قصة "الكلاكيت" في السينما

أشهر العاملين بالمهنة في مصر يروي كواليس "حديث الصباح والمساء"... والخبرة كلمة السر

الـ"كلاكيت" قطعة مستطيلة ذات لونين أبيض وأسود بانطلاقها يبدأ التصوير (أ.ف.ب)

القطعة المستطيلة، ذات اللونين الأبيض والأسود، حيث صوت ارتطامها المحبب لا تخطئه الأذن. عندما يدق "الكلاكيت" معلنا انطلاق التصوير يسود الصمت ويبدأ السحر.

كلاكيت، هي تعود إلى أصول فرنسية تعني "الطرق"، وفي السينما تمثل بطاقة هوية كاملة التفاصيل لمشاهد العمل الفني، حيث تبدو الطريقة التي تقال بها العبارة التي تكشف رقم المشهد واللقطة، وعدد مرات الإعادة محفوظة عن ظهر قلب، ويدرك قيمتها كل من يعملون بالحقل الفني، فيما البعيدون عن المهنة يظلون يتساءلون عن جدوى تلك الطريقة التقليدية في التعريف بالمشهد المراد تصويره، وهل يستقيم الأمر بدونها، هل هي مهنة غير قابلة للانقراض؟!

 

 

وظيفة لا يمكن الاستغناء عنها

لوح الكلاكيت الشاهد على عصور من الفن، والعنصر الذي لا يمكن إهماله أبدا ومن دونه تتوه المشاهد وتضيع اللقطات ويتداخل ترتيب الصور، حيث يكتب على اللوحة اسم العمل ومخرجه ورقم اللقطة، وفور الطرق بالذراع على اللوحة تدور الكاميرات، وتبدأ تسجيل المشاهد مع سماع كلمة "أكشن"، حيث ظهر استخدام الكلاكيت للمرة الأولى قبل 100 عام في أستراليا، وكان اللوح ضخما، يدون عليه رقم المشهد، أي بعد اختراع السينما بأعوام طويلة، وكان وقتها يقوم شخص بالكتابة على اللوح وآخر يقوم بالطرق، وتطور شكله كثيرا على مدار تلك السنوات وكان خشبيا ثم أصبح زجاجيا خفيفا، واستخدمت فيه كثير من المواد، لكنه مازال يحمل أسرارا غامضة، ومازال كثيرون يتحيرون في وظيفته، ولماذا وجوده حيويا إلى هذا الحد.

أشهر نجوم "الكلاكيت" في مصر

من أشهر رجال الكلاكيت في مصر حسين عرعر، الذي تم تكريمه في مهرجان الإسكندرية قبل سنوات، ولا يزال هناك كثير من كبار نجوم الكلاكيت الذين يعتزون بمهنتهم، وعاصروا فنانين كثراً على مدار أجيال عديدة، ومن أبرز الأسماء "خيري فرج، وفاروق آغا، وكيلاني، وطارق عصفورة، والأخير تحدث باستفاضة عن كواليس مهنته التي يعشقها حاسما الأمر بأنها وظيفة لا يمكن لصناع الأعمال الفنية أبدا الاستغناء عنها.

 وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "المخرج قد يصور في اليوم 70 لقطة وهو عدد كبير، هنا يأتي دور الكلاكيت في  ترتيب اللقطات ليصنع المشهد الكامل، فيما أن المشهد الواحد قد يعاد مرارا، فقد نأخذ لقطة من الإعادة الأولى والخامسة مثلا وهكذا، فنقوم بتدوين المشاهد واللقطات والإعادات في أجندة ونقوم بتفريغها مع وصف المشهد بحركة الكاميرا وزاويتها واتجاهها وترتيب شريط الصوت".

يتابع طارق عصفورة، "لا يوجد من يعلم هذه المهنة، التي تعتبر من أهم المهن خلف الكاميرات، ولكن الجميع يتقنها بالخبرة، لافتا إلى أنه تعلم على يد (أسطواتها) السابقين، وبالطبع أبرزهم حسين عرعر عن طريق وجوده في كواليس تصويره للأعمال، وشدد على أن التكنيك والتصوير في السينما والتليفزيون بات واحدا الآن، ولكن شكل الكلاكيت لا يزال مختلفا اختلافا بسيطا، فيشير إلى أن في السينما نكتب رقم المشهد واللقطة ورقم الإعادة واسم المخرج، ولكن في المسلسلات نزيد عليها رقم الحلقة، وكثير من المخرجين المتميزين بدأوا عملهم في الكلاكيت، وبالتالي أصبح عملهم أكثر إتقانا"، وأشار إلى أنه "عمل مخرجا منفذا كثيرا من المرات".

 

 

المخرج الناجح كان في الأصل "كلاكيت"

طارق عصفورة لشدة اهتمامه بمهنته كان يعمل في مساعدة كبار المخرجين في أبرز الأعمال الفنية، ومن أهمها "حديث الصباح والمساء"، الذي ضم أكثر من 350 ممثلا، وعرض قبل 18 عاما، وأخرجه أحمد صقر عن قصة نجيب محفوظ، وسيناريو وحوار محسن زايد، حيث كان الكلاكيت الوحيد في هذا العمل الضخم، وشارك أيضا بالتمثيل في أكثر من دور بالمسلسل، ولعل المفاجأة التي أكدها أنه قام بدور "الشبح" الذي يظهر لجليلة "عبلة كامل" في المسلسل وهي شخصية كانت محركا رئيسا بالأحداث.

عالم طرائف الكلاكيت يمتد مع طارق عصفورة حيث يذكر الجمهور بالمسلسل "الشهير "أوبرا عايدة" عام 2000، فقد كان أيضا يعمل به، وكذلك تم الاستعانة به ليقوم بهز منزل أوبرا، إذ كان هناك مشهد متكرر، وهو اهتزاز البيت عندما يمر تورماي الإسكندرية، مؤكدا أنه تم بناء ديكور المنزل بطريقة تسهل عمله.

يتابع، "أحب مهنتي وأحاول أن أبدع فيها، فكنت من أوائل من قاموا بإدخال التعديل على لوح الكلاكيت في نفس العمل، حيث بدأنا نكتبه في التليفزيون بطريقة السينما بالقلم الفلوماستر، وليس الطباشير مع وجود سجل للمشاهد، وهذا أفضل لسير العمل".

 

 

يقول طارق عصفورة، الذي سبق وشارك بمهنته في أعمال مثل "مشوار امرأة"، و"الفجالة"، و"أبيض في أبيض"، ومسلسل "عمارة يعقوبيان"، و"آن الآوان"، و"الطارق"، أن الأمر لم يخل كذلك من صدمات، حيث كاد يتعرض للدغة عقرب في أثناء عمله بمسلسل "الطارق" الذي تم تصويره بسوريا عام 2004، إذ كانت طبيعة المكان قاسية، ووقتها هرع إليه الفنان الراحل ممدوح عبد العليم بطل العمل وتم إنقاذه".

طارق عصفورة تعلم المهنة وهو لا يزال صبيا، حيث لا يزال في العقد الخامس من عمره، بينما بلغ عمره في المجال أكثر من ثلاثين عاما، ويذكر أن سبب لقبه "عصفورة" أنه سقط وهو يحمل الكلاكيت في كواليس تصوير أحد مشاهد مسلسل "القلب يخطئ أحيانا" مع الفنان مصطفى فهمي عام 1998، ولكنه لم ينهض إلا بعد انتهاء المشهد فجرى إليه الفنان مصطفى فهمي ليطمئن عليه، فقام على الفور، وتمت معالجته، ووصفوه من وقتها بأنه استيقظ مثل العصفور.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون