Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد تفاهمات الأكراد والروس... ما مصير "قسد" عقب الغزو التركي؟

موسكو طرحت دمج الجيش السوري بـ"القوات الديموقراطية"... والأخيرة تضع شروطها

سيهانوك ديبو عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديموقراطية (اندبندنت عربية)

أثارت التطورات المتلاحقة في شمال شرقي سوريا جدلا واسعا حول مصير الإدارة الذاتية "الكردية"، وفي القلب منها قوات سوريا الديموقراطية "قسد" ذات الأغلبية الكردية، خصوصا بعد أن سمحت التفاهمات بين الأكراد والروس على إثر قرار الانسحاب الأميركي، بانتشار الجيش السوري في بعض المناطق الحدودية مع تركيا، وهو ما دفع وزارة الدفاع السورية إلى دعوة "عناصر قسد" إلى "الانخراط في وحدات الجيش للتصدي للعدوان التركي الذي يهدد الأراضي السورية"، لتؤكد "قسد" تصميمها على ضرورة "التسوية السياسية" و"إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية" لضمان "وحدة الصفوف".

وقال دكتور عمرو الديب، أستاذ العلاقات الدولية ومدير مركز خبراء "رياليست" الروسي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "إن فكرة دمج قوات قسد مع الجيش السوري، ظهرت كنتيجة للهجوم التركي على شمالي سوريا، فكلا الطرفين يهمهما مواجهة الاحتلال التركي. ولذلك أولا تم السماح لقوات الجيش السوري بالوجود في مناطق كثيرة في شمال شرقي سوريا. لكن هذا الوجود العسكري السوري هدفه سياسي في الأساس من أجل الضغط على الموقف الأميركي والتركي".

وأشار "الديب" إلى "أن موسكو بصلاتها مع قوات "قسد" طرحت مجددا فكرة إدماجها بالجيش السوري، لكن هذه الفكرة غير قابلة للتطبيق العملي، فما زالت قوات "قسد" تحت التأثير الأميركي بشكل واضح، بالإضافة إلى جمود مواقف قسد ومواقف الإدارة السورية فيما يتعلق بآلية الاندماج. حيث إن قائد قوات "قسد" مظلوم عبدي يطالب بشرطين لانضمام قواته إلى تشكيلات الجيش السوري: الأول، أن تكون الإدارة القائمة حاليا جزءا من إدارة سوريا عامة ضمن الدستور. والثاني، أن تكون لـ"قوات سوريا الديموقراطية" كمؤسسة استقلالية، وخصوصية، فيما نرى الموقف الرسمي السوري ضد تنفيذ هذين الشرطين تماما. لذلك الأمور بالشكل الحالي في الشمال الشرقي السوري ستستمر كما هي عليه، انتظاراً لتغيير كبير في مواقف الطرفين والتغيير هنا ينبع من مواقف الثلاث قوى المتحكمة في الوضع في هذه المنطقة روسيا، تركيا و الولايات المتحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شروط "قسد" للانضمام إلى الجيش السوري

ترى قوات سوريا الديموقراطية أن دعوة وزارة الدفاع السورية تضمنت إنكارا لخصوصيتها وطبيعتها "كقوات شبه نظامية"، و"إجحافا" لدورها في محاربة تنظيم "داعش" ومقاومة الاعتداء التركي على الأراضي السورية، حيث أعلنت وزارة الدفاع السورية استعدادها "لاستقبال العناصر والوحدات الراغبين بالانضمام إليها من هذه المجموعات وتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية والمطلوبين أمنياً".

وقالت قسد في بيان ردا على الدعوة أن عناصرها "يستحقون الثناء والتكريم وليس تسوية أوضاع ومراسيم عفو من تلك التي تصدر بحق المجرمين والإرهابيين، كما نؤكد أن أفراد قوات سوريا الديموقراطية هم عسكريون بانضباط وتنظيم عسكري ذي هيكل مؤسساتي، ونرفض قطعا لغة الخطاب هذه الموجهة للأفراد بينما كان الأولى بوزارة الدفاع السورية أن توجه خطابها للقيادة العامة لقوات سوريا الديموقراطية بغية فتح باب حوار ينم عن رغبة صادقة لتوحيد الجهود وليس الالتفاف على الواقع للتنصل من مسؤولياتها".

 

 

وقال القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي، في مقابلة متلفزة يوم الأربعاء، أنه "حتى نتوصل مع الحكومة السورية إلى اتفاق، لنا شرطانِ أساسيان: الأول، أن تكون الإدارة القائمة حالياً جزءاً من إدارة سوريا عامّةً، ضمن الدستور. والثاني، أن تكون لقوات سوريا الديموقراطية، كمؤسسةٍ، استقلالية، أو يمكننا القول أن تكون لها خصوصيتها ضمن منظومة الحماية العامة لسوريا".

وأكد سيهانوك ديبو، عضو المجلس الرئاسي لمجلس سوريا الديموقراطية، "أن الوثيقة التأسيسية لقوات سوريا الديموقراطية منذ تأسيسها في 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2015، تقر بأنها جزء من الجيش السوري حين الوصول للحل السياسي"، معتبرا "أنه لا يمكن إعادة إنتاج الصيغة المركزية، التي كانت قائمة قبل عام 2011"، وأشار إلى "أن الصيغة التي تحدث بها النظام مع (قسد) كانت أقرب ما تكون لطريقة مخاطبة مجموعة مسلحة مارقة، وليس كقوة نظامية ينظر لها العالم كرمز في هزيمة الإرهاب"، وشدد على "أنه لا يمكن الحديث عن إدماج (قسد) في الجيش قبل الوصول لحل سياسي يضمن أن يتم الاعتراف دستوريا بالإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا.

وقال "ديبو"، "إن القوة التي تمكنت من هزيمة الإرهاب لم ينته دورها، بل قادرة أيضا على صناعة السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة وليس في سوريا فقط".

وشدد الباحث الكردي نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، على "أن مسألة انضمام قوات سوريا الديموقراطية للجيش السوري ترتبط بالأساس بالوصول إلى حل، وإذا وجد الحل السياسي وتم التوافق على شكل سوريا المستقبلي والعلاقة بين المركز والإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا سيكون ضم هذه القوات جزءاً من التسوية على أن تبقى المنطقة وقسد لها خصوصيتها، كما أكد ذلك مرارا وتكرارا قادة الإدارة الذاتية من العسكريين والسياسيين".

وحول طبيعة التفاهم بين قوات سوريا الديموقراطية والنظام السوري برعاية روسيا، قال، "حينما أعلن عن اللقاءات التي جرت قالت الإدارة الذاتية في شمال وشرقي سوريا أنه جرى التفاهم بنشر قوات الجيش النظامي على الحدود بين سوريا وتركيا، كمساهمة في الوقوف بوجه الغزو والعدوان التركي، والمسألة توقفت عند تلك النقطة". وتابع خليل، "إذا عدنا إلى برنامج عمل قوات سوريا الديموقراطية عند تأسيسها ستجدها تقول بكل وضوح نحن جزء من جيش سوريا المستقبلي، لكن بشرط أن تكون هناك رؤية وطريقة تعاطي جديدة، والرئيس السوري بشار الأسد تحدث منذ الغزو التركي عن اتفاق مع قوات سوريا الديموقراطية ومرة أخرى وجه الاتهامات لها، وفي مجمل حديثه لم يكن إيجابيا، وإذا لم تتمكن السلطات في دمشق أن تتجاوز العقلية القديمة التي أدت إلى تفجر الأوضاع وجرى ما جرى من أنهار الدماء خلال السنوات المنصرمة، لن يكون هناك حل سياسي، فقوات سوريا الديموقراطية ستكون جزءاً من تسوية سياسية لتغيير الدستور السوري ووضع خريطة طريق للخروج من الجحيم الذي تعيشه البلاد المتمثل في الاحتلال التركي والجماعات الإرهابية التي تحتل إدلب بحماية تركية وغيرهم، بالاضافة إلى الاحتلال التركي الموجود بالفعل في عفرين وإعزاز وجرابلس والباب".

وبدوره، أكد المحلل السياسي الكردي إبراهيم كابان، "أن مسألة انضمام قوات سوريا الديموقراطية إلى قوات النظام السوري تبدأ من حلحلة الوضع السياسي بين الطرفين، فهناك أمر واقع في شمال شرقي سوريا وهو الإدارة الذاتية التي توفر الحكم الذاتي للسوريين في هذه المنطقة ومن ضمنهم الأكراد، وهي منطقة مستقرة وآمنة منذ 7 أعوام وتدار من قبل إدارة ديموقراطية تم تشكيلها من هذه المنطقة من قبل الأكراد والعرب والسريان، وإن كانت الغالبية كردية في هذه المنطقة بحكم طبيعتها الديموغرافية، وفي اعتقادي أن طريق توحيد الجيشين أو القوتين يبدأ بالحل السياسي وإذا توفرت ظروف الحل السياسي في المنطقة سيكون هناك توحيد للقوات، والمسألة تتوقف عند الحكومة السورية وهي حتى هذه اللحظة غير جادة في الدخول إلى مفاوضات سياسية مع الأكراد السوريين، ولا طريق نحو انضمام قوات سوريا الديموقراطية للدولة السورية سوى الحل السياسي".

 

معضلة الموقف الأميركي

ساعدت الولايات المتحدة قوات سوريا الديموقراطية لسنوات من أجل القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، ومن خلال التسليح والتدريب وعدد من القواعد العسكرية، حارب الأكراد داعش جنبا إلى جنب مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة حيث وفر "التحالف" الغطاء الجوي الذي سهّل الانتصارات المتتالية لقوات سوريا الديموقراطية ضد معاقل "داعش" وكان آخرها معركة الباغوز في مارس (آذار) الماضي. وترى واشنطن أن اندماج قوات سوريا الديموقراطية في الجيش النظامي سيعني تحول حليفهم الأول في سوريا باتجاه المحور الروسي".

وعلى الرغم من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانسحاب العسكري من سوريا، الذي ترك قوات سوريا الديموقراطية بلا خيار سوى التفاهم مع الروس والنظام السوري لمواجهة الهجوم التركي، فإن واشنطن أبدت دائما رفضا قاطعا على التقارب بين قوات سوريا الديموقراطية والحكومة السورية في دمشق، وذلك خلال العديد من المحاولات السابقة للتفاهم بين الجانبين منذ أن أعلن ترمب هزيمة داعش و"انتهاء الخلافة" في ديسمبر (كانون الأول) 2018".

وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الأميركي أنه "لم يعد الأكراد بحمايتهم إلى الأبد"، فإنه قرر تحت ضغط من المؤسسة العسكرية والكونغرس الإبقاء على القوات لحماية حقول النفط السورية، ومواصلة دعم قوات سوريا الديموقراطية التي دعا قائدها العام الجنرال مظلوم عبدي إلى زيارة واشنطن خلال اتصال هاتفي أراد ترمب من خلاله محو تهمة "خيانة الأكراد"، بحسب مراقبين، لتعطي عملية قتل زعيم "داعش" أبوبكر البغدادي في غارة أميركية دفعة جديدة للعلاقة مع "قسد" بعدما اعترف البنتاغون بدور قوات سوريا الديموقراطية في الوصول إلى "المطلوب رقم 1" من خلال المعلومات الاستخباراتية التي وفرتها تلك القوات عبر اختراق الصف الأول لقيادة التنظيم.

ولعل الاتفاق "عبدي" الجديد مع واشنطن هو ما دفعه إلى إعلان استئناف العمل مع قوات "التحالف" بعد أن سبق وأعلنت "قسد" تجميد عملياتها ضد داعش نتيجة للغزو التركي، وقال مظلوم عبدي في تغريدة على "تويتر" مساء الأربعاء، "نتيجة لسلسلة اجتماعات مع قيادات قوات التحالف الدولي، تستأنف قوات سوريا الديموقراطية برنامج عملها المشترك مع التحالف لمكافحة (داعش) وتأمين البنى التحتية لمناطق شمال شرقي سوريا".

موسكو تطرح الوساطة

وبينما اتهمت موسكو الولايات المتحدة بعرقلة انضمام "قسد" للجيش السوري، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، يوم الثلاثاء، أن موسكو مستعدة لتسهيل عقد مفاوضات بين دمشق والأكراد حول انضمام قوات سوريا الديموقراطية "قسد" إلى الجيش الحكومي السوري، وذلك في الوقت الذي يتصاعد فيه التقارب بين "قسد" وموسكو بعد اتفاق "سوتشي" بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تبعه اجتماعا عبر "الفيديو" بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو والقائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي.

ومن جانبه، قال المحلل السياسي الكردي إبراهيم كابان، "إن واشنطن ترفض مبدئيا أن يكون هناك تقارب بين قوات سوريا الديموقراطية والنظام السوري برعاية روسية، ولكن بعد خيانة واشنطن والانسحاب الأميركي من المنطقة وترك قوات سوريا الديموقراطية في مواجهة الأتراك، أصبحت (قسد) خارج الخيارات الأميركية، وعليه فإن قوات سوريا الديموقراطية هي التي عليها أن تقرر إيجاد حل مع الحكومة السورية من أجل توحيد القوتين على أساس سياسي وحلحلة المسألة السورية بين الأكراد والنظام، ولم يعد هناك تأثير أميركي قوي على (قسد) من أجل منع انضمامها لقوات الجيش السوري، ولكن (قسد) لديها أيضا علاقات مع الولايات المتحدة التي لا تزال تحتفظ بإنتشار عسكري بين القامشي ودير الزور، هناك أكثر من 1500 جندي أميركي وقواعد أميركية موجودة بالفعل وأخرى يتم إنشاؤها في ثلاث مدن سورية حدودية في الدرباسية وعامودا وديريك".

وأوضح "كابان"، "أنه أصبحت هناك غرفة عمليات مشتركة بين القوات الروسية وقوات سوريا الديموقراطية، وانتشار للدوريات الروسية ولقوات النظام السوري على الشريط الحدودي"، مضيفا، "هذا الانتشار من جانب الجيش السوري على الحدود هو مسألة طبيعية، وقسد أكدت منذ عامين على ضرورة انتشاره لحماية الحدود، وأعتقد أن مسالة الحدود هي مسألة محسوبة بالنسبة لقوات سوريا الديموقراطية حتى قبل أن تكون هناك تهديدات تركية، كان هناك نداءات رسمية من قبل قوات سوريا الديموقراطية والإدارة الذاتية من أجل أن تأتي قوات النظام وتنتشر على الحدود السورية مع تركيا".

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة