Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيدة من غزّة تحول الأنقاض إلى حجارة للبناء ونور الشمس إلى طاقة

يوفّر جهاز سنبوكس الطاقة المتجددة لعائلات كانت مضطرة للعيش على ثلاث ساعات من الكهرباء يومياً

الدراسة في غزة عادة ما تكون على ضوء الشموع (غيتي) 

بالنسبة لسمر، كان انقطاع التيار الكهربائي مرادف سعيها المذعور والمحموم لتوصل ابنها إلى أقرب مستشفى حتى لا تتوقف رئتاه عن العمل.

فهو يعاني من مرض في رئتيه يجعله معتمداً على آلة تنفّس. لكن الآلة تعتمد بدورها على الكهرباء- وهي خدمة شحيحة في غزّة.

ليست قصة سمر فريدة من نوعها إذ يضطرّ مليونا شخص يسكنون القطاع إلى أن يعيشوا على ثلاث ساعات من الكهرباء يومياً تقريباً منذ فرض إسرائيل الحصار عليه.

وتعتمد المستشفيات وغيرها من المباني على المولّدات التي تمدّها بالطاقة خلال انقطاع التيّار الكهربائي لكنّها مرتفعة الثمن وتشكّل رفاهية لم تقوَ سمر على تحمّل كلفتها سوى مؤخراً.

وهنا يبدأ دور مجد المشهراوي، رائدة الأعمال الحائزة على جوائز والرئيسة التنفيذية لشركة توفّر حلولاً جذرية بالنسبة لأزمة الطاقة في غزّة.

وتقول في حديث إلى الاندبندنت "أردت أن أجد حلولاً لمشكلتين أساسيتين يعاني منهما مجتمعي هما الكهرباء ومواد البناء".

فصمّمت سنبوكس، مولّد كهرباء يستخدم الطاقة الشمسية لتوفير التيار الكهربائي على الرغم من الحصار. ويتّصل الجهاز بألواح يمكن للسكان وضعها على أسطح منازلهم ويستطيع أن يولّد تياراً كهربائياً بسعة ألف كيلوواط ولا يحتاج سوى إلى 3 ساعات كي يُشحن بالكامل. وتشير مازحة إلى أنّ غزّة لن تنفذ من أشعة الشمس أبداً.

وتضيف سمر "ليس سنبوكس جهازاً يعمل على الطاقة الشمسية ويوفّر النور كي يتسنى لأولادي أن يدرسوا ويشاهدوا التلفاز فحسب بل هو جهاز غيّر حياتي عبر توفيره الطاقة الكهربائية لتشغيل الآلة الطبية التي يعتمد عليها ابني المريض".

"لم أعد مضطرة بعد اليوم أن أقلق يومياً بشأن قدرتي على الذهاب إلى المستشفى، ولست مضطرة للركض كي أصل في الوقت المناسب وأمدّه بالأكسيجين قبل أن يصيبه أي سوء".

وتوفّر سنبوكس بعض الدعم المالي للمولدات التي تجلب قطعها من الصين، لكن على الرغم من ذلك يُعد المولّد البالغ ثمنه 450 دولاراً أميركياً (348 جنيهاً استرلينياً) مكلفاً جداً بالنسبة للكثيرين من سكان القطاع. فوفقاَ لبيانات البنك الدولي يبلغ معدل البطالة في القطاع 47 في المئة وهو من أعلى المعدّلات في العالم.

وتتذكر مجد "كانت إحدى أولى الوحدات التي ركّبتها داخل مخيم للاجئين. وعدت في اليوم التالي إلى المخيم فرأيت الحي بأكمله يتابع مباراة لكرة القدم باستخدام جهازنا".

وتقول إن هذا ما جعلها تتوصّل للفكرة التالية: تستطيع عائلتان أن تتشاركان الوحدة مما يخفض كلفتها بالنسبة لسكان يعيشون أساساً في مجتمعات وثيقة الصلة ببعضها البعض. 

وتطلق على هذا النموذج اسم "المحبة في المشاركة". بداية، وفّرت الشركة الطاقة لـ15 عائلة ولكن هذا الرقم سرعان ما ارتفع ليصل إلى أكثر من 1000 مستخدم لمصدر الطاقة النظيفة خلال الربع الأول من العام 2019.

بالنسبة لعميلة أخرى اسمها منى، أتاح لها مصدر الطاقة أن تستمر بأعمال الخياطة من المنزل. وتقول إن عملها الصغير تأثّر بشدة بأزمة الكهرباء وإنها غالباً ما سهرت الليالي في انتظار عودة التيار الكهربائي.

وتشرح "لست مضطرة أن أقلق بشأن موعد نومي واستيقاظي بعد اليوم. لم أتخيلّ أنني ساقدر على التحكّم بمصدر الطاقة الخاص بي. وأشعر أنني مستقلة".

ليس سنبوكس مشروع مجد الأول الذي أوجد حلاً مبتكراً لإحدى أزمات غزّة.

 واستناداً الى بيانات الأمم المتحدة، أسفرت الحرب بين إسرائيل و"حماس" في العام 2014 عن تدمير أو الإضرار بـ 17 ألف منزل فيما أصبح 100 ألف شخص من دون مأوى.

خلّفت الحرب والدمار الناتج عنها أثراً عميقاً في نفس مجد التي تقول "بدأتُ أتساءل عمّا يمكنني أن أفعله لشعبي بصفتي مهندسة".

وكان من الضروري إعادة بناء المنازل لكن بسبب منع استيراد العديد من السلع، عجز الغزّاويون عن الحصول على الإسمنت والمواد اللازمة لصناعة الطوب.

وهكذا خرج مشروع مجد الأول من رحم الدمار وهو: "القالب الأخضر". أما حلّها فثوريّ: خلط الرماد والركام لإنتاج قطع طوب زهيدة الثمن ومتينة.

وأجرى الفريق عشرات التجارب قبل أن يتوصّل إلى النموذج الذي نجح في كافة اختبارات الصلابة والماء والنار. وجاء رد الفعل إيجابياً للغاية فطلب أول زبون من فريقها أن يصنع له حائطاً خارجياً باستخدام 1000 طوبة.

وتعتبر مجد أنّه " ليس حجر بناء فحسب بل هو يغير النظرة النمطيّة إلى المرأة في غزّة".

وترى مجد أنّ اختراعاتها طريقة أساسية لتحدي كل الأفكار المسبقة والمنمطة عن النساء في غزّة وتشقّ الطريق أمام غيرها من السيدات المقاولات.

غالباً ما يتفاجأ عملاء سنبوكس حين يكتشفون أنّ الرئيسة التنفيذية للشركة امرأة، وتتذكر أنّ نسبة الرجال للنساء في صفّ الهندسة في الجامعة الإسلامية بغزّة بلغت 6 رجال لكل سيدة.

وتزيدها هذه الأفكار المسبقة إصراراً وعزيمة "إن التعليم هو أقوى سلاح بالنسبة لنا نحن النساء في صراعنا من أجل اكتساب حريتنا وعيش حياة كريمة وبناء مستقبل". 

وتدرّب مجد حالياً خريّجين حديثين كي يعملوا مع شركتها وتركّز بشكل خاص على توظيف الفتيات. وهي معروفة في مجتمعها المحلي وتنتهج في مكتبها سياسة الباب المفتوح وتسدي النصائح لرواد الأعمال الشباب.

"أريد أن أُظهر أننا لسنا ضحايا فقط في غزة. وأنا  عينة لا يمكن أن تتجاهلها الاحصاءات".

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات