Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سعودية وسائق كويتي"... العنوان جذاب والقصة عادية

بدا الكاتب السعودي الشاب علي المطيري ذكياً في اختيار عنوان مجموعته القصصية "سعودية وسائق كويتي" (الدار العربية للعلوم – ناشرون)، فمثل هذا العنوان يثير حماسة القراء وقد يدفعهم إلى اقتناء الكتاب من دون مواربة. فماذا يعني أن يعمل رجل كويتي سائقاً لدى سيدة سعودية، والمعروف دوماً أن السائق يكون آسيوياً أو غريباً وفق التقاليد الاجتماعية؟ إلا أن من يقرأ هذه القصة يدرك للفور أن الكاتب ينصب ما يشبه الشباك كي يوقع القراء فيه ويفاجئهم، فالقصة عادية جداً وتقوم على مفارقة واهية وغير مقنعة لا تفي العنوان فرادته. فالقصة تسرج حكاية سعودية في سيارتها التي يقودها سائق آسيوي يدعى "بهارات" فتتعطل السيارة في الطريق الصحراوي الخالي ويعجز السائق عن معالجة العطل، ونتيجة لحال الخوف والتوتر تختلف السيدة مع السائق وتلومه فيتركها في وسط الليل وحيدة ويغادر مشياً في الصحراء. إلا أن الحظ سرعان ما يبتسم لها، فيصدف أن سيارة تمرّ في هذا الطريق يقودها شاب كويتي يزور السعودية، فيتوقف ويعرض مساعدته على السيدة. يكشف على العطل في السيارة ويدرك أنه بسيط. ويقترح عليها أن يوصلها إلى بيتها في سيارته، فتطلب منه أن يقود سيارتها لأجل ذلك، ويترك سيارته مكانها على أن يستعيدها غداً. يعجب الشاب بالشابة ويظنها عزباء، لكنه يفاجأ عندما يصل إلى بيتها بأنها متزوجة، فيأسف لأنه أعجب بها كثيراً. طبعاً القصة عادية، ولا أحداث فيها ولا عناصر سردية مهمة، حتى اللغة لا تخلو من الركاكة. إلا أن المجموعة حملت على غلافها كلمة ملأى بالمديح وجاء فيها:" يجعل العنوان من مادته فضاء لاحتمالات تأويلية كثيرة ممكنة ومحتملة. إذ كيف يمكن لشاب كويتي أن يكون سائقاً عند سيدة سعودية، ولكن، ما إن نتجاوز عتبة العنوان وندخل في متن النص السردي ونتصفح خطراته حتى ندرك أنها مفارقة رمزية، تحمل حكاية ومعنى ورسالة قيمية تتحوّل معها القصة برموزها، الخفيفة الظل، إلى رومنطيقية واضحة بألغازها، بعيدة من الغوص في الغريب المعقَّد".

من خلال العديد من الصور القصصية التي أنتجها علي المطيري، يقوم الكاتب بتمثيل مواقف حياتية، يقتسم أفرادها فضاء الألفة ذاته، في محاولة لكشف جوانب خفية من المجتمعات الخليجية، وفي ترسيخ لوعيٍ متوازنٍ عن تلك الذوات القصصية وتفاصيل تجاربها الحياتية الخاصة، التي توضح مجتمعة صورة مختلفة عن مجتمعاتها.

تضم المجموعة تسع عشرة قصة، ونصوصاً مدرجة في "باب ما جاء بالأحلام"، ومن القصص: ومضة، الظنّ، شعور، عذاب، زعفران، البرّ، قناعة، السرقة، ورقة في خبزة التميس، وغيرها. ويعتبر الناشر أن الخصائص المحلية في هذه القصص نابعة من مكوّنات البيئة المكانية، وهو ما ركّز عليه القاص الذي حاول اللعب على خصوصية المكان وخصوصية ذواته بعاداتها وثقافاتها.

يبدو المكان في قصص المجموعة هو البطل الأساسي والخيط الناظم لكل الوقائع، فالقاص يستقي من هذا المكان أغلب حكاياته وشخصياته.

يقول علي المطيري في تقديمه لمجموعته القصصية هذه: "في هذه المجموعة بقايا لأشياء كثيرة. إما جروحٌ أو أحزانٌ أو عاداتٌ وتقاليد بالية وقاسية أو تجارب كثيرة، قد تشبهك أنت أو من هم حولك، كما أقدم بعض الأشياء التي في الحياة، حصلت لك أو تعرضت لها أو عايشتها مع غيرك".

ويضيف المطيري: "عموماً هي مجموعة قصصية قصيرة وبسيطة خفيفة لا أدّعي أنها شيقة. أنت قد تشعر بتشويقها عن غيرك، ولا أدّعي أيضاً أنها مفيدة. فقد تستفيد من أشياء عديدة بنفسك ليس لي مقصد بتوضيحها، ولكن بنفسك من بين الأشياء وجدتها واكتشفتها ولم تكن عندي بالبال أو وضعتها بالحسبان".

علي المطيري ممثل وكاتب سعودي شاب، اشتهر بكتاباته التي تناقش القضايا الاجتماعية، وهو ما يرسخه في مجموعته القصصية الجديدة التي جعل منها قصصاً كاشفة لخفايا اجتماعية وفردية في المجتمع السعودي والمجتمعات الخليجية ككل. لكن لغته تحتاج إلى المزيد من السبك فهي تعاني الكثير من الهنّات التركيبية والتعبيرية، حتى أنها تمزج بين الفصحى والعامية.

المزيد من ثقافة